الجمعة، 31 ديسمبر 2010

دارفور .. سلام


                      الى اين تمضى بنا ازمة دارفور ؟
                      سؤال تجيب عليه المطالب التى توقفت عندها مفاوضات الدوحة ، وهذه المطالب انحصرت فى منصب نائب الرئيس واعتبار دارفور اقليما واحدا بدلا من ثلاثة اقاليم ورفع حجم التعويضات للمتضررين من الحرب الى 500 مليون دولار ، اى ان كل المأساة التى لحقت بأهل دافور واثارت الدنيا شرقا وغربا مرشحة للاستمرار بسبب منصب نائب رئيس وان يكون الاقليم واحدا بدلا من ثلاثة اقاليم وعدم رفع التعويضات الى 500 مليون دولار.

                      و هذه المطالب  تبدو مجرد عناوين لكتاب مثير ، هل تذكرون ( الكتاب الاسود ) بأحصائياته ووقائعه وتواريخه التى ظلت تتجلى علانية  فى طرح هنا تارة وخفية  فى مطالب هناك تارة اخرى ؟

                       لمن لا يذكره ، انه الحق الذى اريد به باطلا ، ويجب ألا يفهم من هذا القول رفضا لمطلب انبنى على احدى حقائقه او لرأى اتفق مع ما جاء فيه ولكنه كان تحريضا مكشوفا للتغيير ،و يعلم واضعوا هذا الكتاب ان شروط هذا التغيير الذاتية والموضوعية لم تتوفر بعد لمن خاطبهم ولن تتوفر لهم على الاقل فى المدى القريب ، وان الزج بهم فى معاركه المبتغاة  استهدف ضمن ما استهدف ليس الوقوف فى وجه النظام القائم فحسب وانما فى مواجهة مكوّن رئيس من مكونات هذا الوطن .. فى مواجهة تأريخ طويل من التضحيات الجسام التى حفظت التعايش فى هذا الوطن بين مختلف اعراقه واديانه وثقافاته لأكثر من قرنين من الزمان ، ويبدو ان بعض اهل دارفور لم ينتبهوا بعد لمآلات  استمرار صراعهم  التى من شأنها ان تخرج الاقليم من ارض الوطن ليواجه بعدها ذات السيناريو الذى يديرون فيه الآن ، فثمة مثلثات ومربعات ومسبعات اخذت خرائطها تتجلى سافرة للعيان وحساب خروجها لا يتم كما عهده الناس من قبل وفقا لرابطة الدم والدين والتأريخ والجغرافيا وانما يتم بحساب التكلفة التى تترتب على ادارة تلك الارض فى تلك الخريطة والناتج منها ، وما نتج من دارفور وما ظل ينتج منها من تكلفة يوما بعد آخر وثقل هذا الناتج ليس على من بيدهم الامر هنا فحسب وانما على العالم الذى يتحمّل جزءا من التكلفة ، لا يجعلنى اشك فى ان مصير الاقليم يسعى حثيثا ليس للاستقلال كما يحسب بعض ابنائه وانما الى قسمة ضيزى بين ايادى الطامعين الوالغة فى  اعمق اعماق صراعاتهم القائمة والقادمة ، ولن يتركوا لابنائه المنقسمين على بعضهم البعض سوى حمى القتال حتى الفناء او حتى اللجوء او حتى الخضوع .

                     ان اخطر الصراعات التى شهدتها البشرية ، هى الصراعات العرقية التى يحمل خطاب بعض ابناء دارفور كثيرا من سماتها ، وهى صراعات لم تنتج على مر التاريخ سوى مجازر لم تزل تفوح من اقدمها رائحة الدماء ، ولن تورث سوى احقاد وكراهية تظل الاجيال تنوء بحملها جيلا بعد جيل حتى تصبح هوية لها :-

                   ( الهوية هى ما نورث لا ما نرث .. ما نخترع لا ما نتذكر . الهوية هى فساد المرآة التى يجب ان نكسرها كلما اعجبتنا الصورة )

                   فلنكسر مرايا هذا الوطن التى لا تجمّل صورة صاحبها الا وفى يده بندقية . ولدارفور سلام

الثلاثاء، 28 ديسمبر 2010

خم الرماد


                     ( خم الرماد ) هو مصطلح العاصين بالسودان ، و يتم تداوله بكثرة كلما تبقى لشهر رمضان الفضيل يومان على الاكثر ، وبتفصيل ادق ، هو اليوم الذى يختم فيه العاصون آخر معاصيهم بشراهة غير معتادة لينخرطوا بعدها فى الصيام والقيام بصرامة تجعل المرء يظن انهم قد تركوا متاع الدنيا مرة والى الابد ، وليس هذا مقصدى هنا ، ولكن المصطلح بدا لى مناسبا مع نهاية ميزانية العام 2010 ، آخر ميزانية من المرجح ان يشهدها السودان الموحد ، ويخيّل الىّ ان ثمّة خم رماد سينتظر خزائنها قبل ان يودع العام المالى آخر بقراته الحلوب لينخرط فى السنة القادمة فى صيام من ذلك النوع الذى تصوم فيه وتفطر على فول حاف ، وليس هذا مقصدى هنا ايضا .

                     ما اقصده هنا ان حكومة المؤتمر الوطنى المحمومة بما صنعته يداها و بما صنعته غيرها من الايادى فى حق هذا الوطن ، تبدو فى ختام عامها المالى غارقة فى خم رماد من النوع الذى لا يجدى بعده صيام او قيام فى ازالة معاصيه ، واهم هذه المعاصى الذى سيظل  حبلا من خزى وندامة معلقا على جيدها فى الدنيا والآخرة ، هو انتهاكها المريع لحقوق المفصولين .

                    واكثر ما يدعو للأسف والاسى ، ان القوى السياسية بما فى ذلك الحركة الشعبية قبل نزوعها الاخير للانفصال كانت قد تبنت قضية المفصولين ضمن اولوياتها فى مطالباتها مع حكومات المؤتمر الوطنى للدرجة التى دفعت المؤتمر الوطنى نفسه ان يتبناها كقضية من ضمن القضايا التى تستوجب الحل والمعالجة ، ألا ان هذا التبنى كان ( هو السراب .. دليل الحائرين الى الماء البعيد ) فقد جاء تنصل الجميع منها اعلانا فاضحا بأن المتاجرة بحقوق الناس فى هذا الوطن صارت اكثر الكروت ربحا فى لعبة السياسة .

                     العدل هو اساس الحكم ولكن يبدو ومن خلال مسيرة هذه القضية الطويلة ان العدل كما قال محمود درويش ( هو ما يتبقى من كرم القوة ) ويبدو ان بلادنا قد فقدت القوة والكرم ولم يبق للمفصولين سوى خم رماد حقيقى عسى ولعل يعثرون فى طياته على وميض نار تشعل فى ضمير القابضين على السلطة شيئا من حياة ومن حياء . 

الاثنين، 27 ديسمبر 2010

قوة الكاكاو

الحسن اوتارا



                       ساحل العاج اكبر الدول المصدرة للكاكاو ، تعيش الميديا العالمية هذه الايام على موائدها الدسمة التى انتجتها الانتخابات الاخيرة ، فما بين الحسن وتارا وغباغبو المتنازعين على نتائجها ، تبدو اسواق الكاكاو فى هذه الازمة الاكثر سرعة فى التدخل و محاصرة وعزلة احد اطرافها بشكل مدهش ، فالامم المتحدة والاتحاد الافريقى ومجموعة دول غرب افريقيا التى تبدو على اهبة الاستعداد للتدخل عسكريا اضافة لأمريكا وفرنسا وبريطانيا اى الاتحاد الاوروبى ، جميعهم يطالبون غباغبو بالتنحى وتسليم السلطة للحسن وتارا الذى اعترف به فائزا فى الانتخابات الاخيرة ، ولم يبق لغباغبو مع هذا الحصار المحكم سوى التسليم او خوض مغامرة قاتلة نتائجها تبدو محسومة سلفا ، او الفضفضة ، فقد قال ان سفيرى امريكا وفرنسا اخذا رئيس لجنة الانتخابات المستقلة الى فندق الغولف حيث مقر خصمه اوتارا ليعلن التلفزيون فوز اوتارا فى الوقت الذى كان فيه المجلس الدستورى يعمل لأعلان فوزه هو بعد استبعاد البطاقات التى اعتبرت مزورة  .


                    لا ادرى ما الذى فعلته سياسات غباغيو بالكاكاو حتى ينقلب هذا المحصول عليه ، ولكن المؤكد انه لم يستفد منه  فللمحاصيل قوتها السياسية القادرة على ان تطغى فوق الحق والعدل والخلافات السياسية ، فالصمغ العربى استطاع ان يطغى على صانعى العقوبات الامريكية على السودان ويخرج من شباكها ليبقى شبكة المصالح قائمة على حالها التى كانت عليه قبل الاختلافات السياسية بين البلدين وربما الفول السودانى ايضا ، لكن المؤكد ان محصول الدبلوماسية الامريكية التى برزت ثمرته  الموعودة بالكثير فى اتفاقية نيفاشا ( الاستفتاء ) كان له الاثر الاكبر لتأجيل مثل سيناريو فندق الغولف فى السودان ايام الانتخابات الاخيرة ، المهم ان غباغبو لم يعد له من خيار سوى التسليم او ان يقود البلاد الى حرب اهلية ستحسم نتيجتها عاجلا لمصلحة اوتارا او ربما لمصلحة راغبة فى تقسيم جديد فى ساحل العاج وما اكثر الزرائع التى توفرها صراعات القارة لتقسيمها بلدا بلدا بلا استثناء .

                    الفرصة الوحيدة التى تبدو مواتية امام غباغبو هى التسليم لأرادة المجتمع الدولى فلن تكون هذه آخر انتخابات فى بلده وليأخذ العبرة من قادة الاحذاب السياسية السودانية التى لم يغب عن وعيها مثل هذا السيناريو وما كان يمكن ان يحدثه نزاعها حول الانتخابات من انقسام خطير يضيف عواقبا وخيمة على الوضع فى السودان اهونها انقسام الشمال على نفسه ليسهل بعد ذلك ابتلاع الوطن بأكمله ، فلم يعد يهم هنا من هو الاحق بالفوز بينهما وانما الاهم هو ان ينعم ساحل العاج بالاستقرار والسلام ، فتعصبه حتى وان كان على حق سيقود الى الدماء والخراب والدمار وسيعود فى خاتمة الامر للتفاوض من هذه النقطة التى يسعى الجميع لتجاوزها الان بسلام ، فليبدأ تعاونه الآن ويستعد لجولة انتخابية قادمة .
                   

الخميس، 23 ديسمبر 2010

عصر التسّييس


                     يمر عالمنا اليوم بتغييرات كثيرة واخطرها هذا التغيير الذى طرأ على الامم المتحدة ومنظماتها ونال من قدراتها التى بدت عليها عقب الحرب العالمية الثانية فقد كانت حارسة امينة على المبادىء والعهود والمواثيق والاتفاقيات التى استهدفت ان تكون الحياة فى كوكبنا اكثر امنا وسلاما وكرامة وتطورا ، الا ان هذه المبادىء والمواثيق والعهود والاتفاقيات التى تواضعت عليها الدول الاعضاء بالمنظمة اصبح الحفاظ عليها والعمل بموجبها رهين بمدى توافقها مع سياسة الخمسة الكبار فى مجلس الامن ، اما المنظمة فقد بدا عجزها عن توفير الحماية لمخيم لاجئين لا يتعدى عدد افراده من رجال ونساء واطفال الاربعة آلاف نسمة كمخيم اشرف امرا بقدر ما يدعو للمخاوف والاسف فهو يدعو الشعوب الى اعادة النظر فى النهج الذى ظلت تدير به صراعاتها مع بعضها البعض.
                     
                     فبعض حكومات المنطقة بلغ بها الاستبداد فى ادارة صراعات الداخل حدا اصبحت معه اكبر متعهد امداد للمنافى والملاجىء بمواطنيها المفترض ان يكونوا تحت رعايتها وحمايتها ، حتى صار امر ادارة الدولة فى ظل هذه الصراعات لايعنى سوى تداول دورى للتصفية والاقصاء ، واصبحت بعض مكونات شعوب المنطقة تبعا لذلك تتخذ من المنافى والملاجىء مراكزا لأستهداف حكومات اوطانها او بالأحرى مراكزا للمحافظة على استمرارية تلك الدورة الخبيثة التى تدفع فيها الشعوب ارواحها ودماءها هدرا ،وسواء ارادت ام لم ترد ستجد ان منافيها وملاجئها قد تحولّت الى سوق دولى زاخر بأوراق الضغط السياسى للراغبين فى تمرير اجندتهم داخل تلك البلدان المنتجة للجوء والمنافىء .

                    وما يدعو للحزن والألم هنا ان شعوب هذه البلدان نتيجة لهذه الاوضاع الشاذة التى تأباها الفطرة الانسانية السليمة وترفضها كل الاديان والثقافات ويعجز العقل الذى ميّز حياة الانسان عن حياة الغاب عن تقبلها، تعيش تحت مطرقة حكوماتها وسندان معارضاتها مكتوفة الايدى ، بلا أمل يلوح فى آفاقها ، فلا الداخل الذى ينضح بكراهية الآخر ولا الخارج الذى يسعى لأبتلاعهما معا يمكن ان يخلص هذه الشعوب من عذاباتها ، فحين يغيب عقل ابن الوطن خلف مصالحه الضيقة ويحتمى بعرقه تارة وبدينه تارة اخرى وبجبله اخيرا لن تستطيع ارقى الآليات التى ابتدعها الانسان لجعل التعايش فى الوطن الواحد ممكنا بين بنيه بمختلف اعراقهم واديانهم وثقافاتهم لن تستطيع ان تفعل شيئا فى محيطه ، فحتى الديمقراطية اصبحت مدعاة للمجازر والازمات ، فأى عقل هذا ؟

                    ان عالمنا قد طرأ عليه تغيير كبير ، فلم تعد اغانى ( تؤخذ الدنيا غلابا ) قادرة على طرب من بيده القوة والسلطة ،  فالفيران لم تعجز عن هدم ( سد مأرب ) ، ولم تعد قرابين الدم والارواح فى الاناشيد قادرة على تحرير وبناء وطن مصيره فى الختام سيكون معلّقا بين يدى مؤسسات دولية قانونها الوحيد الأخذ والعطاء بمقادير تتوقف نسبها على مواقف سياسية ، حتى كرة القدم اصبحت تتحكم فى مجرياتها المواقف السياسية ، فاذا عجزت مواقفك السياسية عن تأمين الداخل من الصراعات العنيفة تكون قد سلّمت الخارج مفاتيحا ليدخل بها الوطن متى شاء ومن اى باب شاء ، كل شىء اصبح خاضعا للسياسة بدءا من كوب الماء الذى نشربه وانتهاءا بالمحكمة الجنائية الدولية التى لم تتوقف مساوماتها السياسية ، لا فى السودان ولا فى لبنان ولا قريبا فى ساحل العاج وعلى المكشوف.

                   نحن الآن نعيش عصر طوفان السياسة ولا عاصم منه سوى اتساع دائرة الرضا والقبول بين ابناء الشعب الواحد . 

الاثنين، 20 ديسمبر 2010

من يعبث بالفيسبوك


                      ليس غريبا ان يتعرض موقع ما لعملية قرصنة او اختراق، فقد اصبحت ظاهرة متكررة ، ولكن ان تتعرض احدى صفحات الفيسبوك لمثل هذه القرصنة والانتهاك امر يدعو مستخدمى هذا الموقع لأتخاذ اعلى درجات الحيطة والحذر خاصة فى مراجعة العلاقات الزائفة التى تربطك بها قائمة الاصدقاء ، فقد يتسلل الى هذه القائمة محترفون فى الانترنت يكون هدفهم الاساسى حرمانك للدخول الى هذا الموقع خاصة اذا كنت صاحب رأى يتعارض مع ارآئهم او يشكل تهديدا لمصالحهم ، اقول هذا القول من واقع تجربة حقيقية ، فقد اصبح دخولى لصفحتى بالفيسبوك امرا مستحيلا رغم محاولاتى المتكررة ، ولأنى الآن ادرك وبشكل يبدو مؤكدا الافراد الذين وقفوا وراء هذه الفعلة أامل من ادارة الفيسبوك ان تتحرى حول هذا الامر وان تتخذ الاجراءات اللازمة التى تمكننى من الدخول الى صفحتى ثانية ، واعتزر الى الذين يتابعونى على هذه المدونة لأقحام هذا الامر الشخصى .

الأحد، 19 ديسمبر 2010

حسرات


                      ايام قلائل ويبدأ العالم احتفالاته بأعياد الميلاد المجيدة .. ميلاد سيدنا عيسى عليه وعلى امه مريم البتول السلام ، وتجىء احتفالات هذا العام والعالم المسيحى لم تعد صورته كما كانت عليه بعد منتصف الألفية الثانية ، حينما انشغل بكلياته فى اعادة بناء عالمنا ليكن اكثر امانا وسلاما .. وليكن اكثر احتراما لحقوق انسانه .. وليكن اكثر ابداعا وابتكارا من اجل تقدم وازدهار الحياة فى هذا الكوكب ، وبرزت رموزه فى سماء البشرية مثل ملائكة للرحمة والعطف والمحبة ، يتسابقون لفعل الخيرات حتى كاد ان يكون فعل الخير وقفا عليهم وحدهم ، ونحن على اعتاب الاحتفال بميلاد السيد المسيح فى نهاية العقد الاول من الالفية الثالثة ، تجبرنا هذه الذكرى العظيمة ان نسكت عن الفظاعات الكبيرة التى خرجت من  العالم المسيحى ونشاطر السيد المسيح آلامه بما حلّ بعالمه هذا .

                     فيما مضى وعندما تحل ازمة دولية عاصفة ، وقبل ان تتقلب انظار البشرية بين السماء والارض بحثا عن خلاص ، يبادر الفاتيكان بتصريح للبابا يحيطها بردا وسلاما وينشل العالم من قلقه ومخاوفه، اما فى واقعنا الراهن فأن البابا بذات نفسه يبادر بتصريحات تعيد للعالم اجواء الحروب الصليبية للدرجة التى يحتاج الفاتيكان معها الى جهد خلّاق ومحاورة تقنية عالية مع اللغة حتى يزيل آثار تلك التصريحات ، وبينما العالم تعصف به الازمات شرقا وغربا نجده مستغرقا فى فضائح القساوسة الجنسية للدرجة التى كادت ان تجعل العائلات المسيحية الزام صبيانهم بأرتداء احزمة عفة قبل دخولهم الكنائس ، فيا حسرة ، نشاطرك الآلام  سيدى المسيح.
الام تيريزا
البابا بنكت السادس

                    ويا حسرة على الفقراء والمشردين والمرضى والجوعى .. فقد رحلت الام تريزا وقلبها مثقل بمعاناتهم التى كرّست حياتها من اجلهم  ومن اجل اخراجهم من هذه البؤر المخزية للانسانية ، وبقدر ما اذهلت العالم بجهدها الخلاق الممتد فى كل ارجائه .. امرأة مقاومة بعزيمة لا تفتر هذه الآفات القاتلة ، بقدر ما اذهله الآن هذا الغياب الطويل عن حضور تيريزا اخرى حتى ظن الكثيرون انها لم تكن سوى ملاك جاء فى ارسالية لتعليم البشرية معنى الأخاء والرحمة والمحبة والتكافل ، فيا حسرة على هذا الفقد ، نشاطرك الآلام سيدى المسيح .

                 ايام قلائل وتقرع الاجراس ايذانا بأحتفال العالم بمولد السيد المسيح عليه السلام ، فيوم مولده هو يوم السلام مثل يوم يموت ويوم  يبعث حيا ، فالسلام ملازمه فى المحيا والممات والبعث ، فلنجعل السلام فى احتفال هذا العام ، ملازمنا فى صحونا ومنشطنا .. فى صبحنا و نهارنا وليلنا .. فى يقظتنا ومنامنا واحلامنا .. ليكن السلام فعل عامنا القادم .

                     


                     
                    

الجمعة، 17 ديسمبر 2010

ظلال المتاهة


الرئيس الفلسطينى محمود عباس
عمرو موسى
الوسيط الامريكى جون ميتشل
                       خرجت الحرب السرية بين امريكا والاتحاد الاوروبى من خبائها البارد لتتجلى سافرة فى ملفات المنطقة الساخنة ، و اخذ كل طرف يسعى جاهدا لسحب البساط من تحت قدمى الآخر حتى لو ادى ذلك لأنزلاق الآخر الى هاوية بلا قرار ، فبعد ان اعلنت امريكا فشلها فى اقناع اسرائيل لتجميد الاستيطان واصبح استئناف المفاوضات تبعا لذلك امرا مستحيلا ، اعلن الاتحاد الاوروبى عزمه على الاعتراف بالدولة الفلسطينية فى حدود 67 مما يعنى عمليا ذهاب الملف الى الامم المتحدة ليصبح رهينة  لفيتو امريكى من شأنه ان يجعل مصالح امريكا بالمنطقة العربية والاسلامية فى كف عفريت وقيام الدولة الفلسطينية فى كف العفريت الاخرى ، والعقل السياسى الامريكى الذى يدرك بدقة نتائج خطواته السياسية ، اعاد مبعوثه ميتشل الى الضفة الغربية خالى الوفاض من اى مقترحات او افكار جديدة بشأن الاستيطان عدا التركيز على ضرورة استئناف المفاوضات بمعزل عنها ، وهى خطوة تبدو استجابة السلطة الفلسطينية لها قفزة نحو حرقها فى الشارع الفلسطينى ، وتبدو عدم الاستجابة لها خطوة تضعها معلقة فى رقبة ذاك العفريت جنبا الى جنب مع الجهود الامريكية الطويلة التى احكمت قبضتها على هذا الملف ، ونظرا لأن السلطة الفلسطينية كانت قد باشرت مفاوضاتها بموافقة الجامعة العربية مما يعنى ان ثمة موقف منتظر من الجامعة العربية هنا للخروج من هذا المأزق ، الا ان الجامعة العربية فيما يبدو لى اضحت بذلك امام ذات الموقف الذى واجهته الدول العربية عند قرار التقسيم ، يعنى لا خيارات امامها سوى الوقوف بشدة مع السلطة الفلسطينية وهى تدرك تماما ما يترتب على هذا الموقف مع قلة حيلتها واما الاستجابة لرجاءات الجهود الامريكية بحث السلطة الفلسطينية العودة للمفاوضات بغض النظر عن مسألة الاستيطان ، لتضع نفسها بذلك على بعد خطوة من حرقها فى الشارع العربى والاسلامى اذا فشلت الجهود الامريكية فى التوصل الى تسوية نهائية ، فلجأت للخروج من هذا المأزق الى مطالبة امريكا بضمانات موثوقة بأعترافها بالدولة الفلسطينية ، فجاءها الرد موثقا من الكونجرس الامريكى يفيد بأن اعتراف امريكا بالدولة الفلسطينية رهين بأعتراف اسرائيل بها ، واعتراف اسرائيل بالدولة الفلسطينية لن يتم الا عبر المفاوضات المباشرة وفى ظل استمرار سياسة الاستيطان حسبما اشترطت ، مما يعنى ان ثمة رحلة مفاوضات طويلة فى انتظار السلطة الفلسطينية حينما تصل لنهايتها تكون اسرائيل قد اكملت مشروعها الاستيطانى الذى سيتعذر معه اقامة دولة على حدود 1967 او بالاحرى ستضيع معه معالم حدود 1967 .

                    قد يبدو توجه الاتحاد الاوروبى فى الاعتراف بالدولة الفلسطينية بارقة امل من شأنها ان تنقذ فرص حل القضية من الموت البطىء الذى ينتظرها ، ولكنه لن يعدو ان يكون فى احسن احواله سوى جرعة تقود الى موت رحيم طالما ان مصيره معلق فى خاتمة الامر على فيتو امريكى ، وان التعلق به رغم مبادرات نبيلة من دول حرة ابدت اعترافها بالدولة الفلسطينية طوعا واختيارا يبدو لى عبارة عن تعلق بظلال المتاهة التى دخلتها القضية منذ قرار التقسيم ولم تخرج منها حتى يومنا هذا .

                  لمزيد من التفاصيل ارجو الرجوع الى موضوعى بهذه المدونة ( ظل لا يموت ).

الخميس، 16 ديسمبر 2010

مجددون

                  
                                               ( اطفال الشارع فهرس للمدن التهرس جوفك بالأسمنت )
واطفال الشوارع اصبحوا علامات مميزة لمعظم شوارع مدننا ، تثير فينا ذات الأسئلة التى تثيرها فينا نشأة العمارات الشاهقة التى قامت هنا وهناك او كما يسميها البعض.. غابات الأسمنت ، فالاولى ظاهرة يجمع الكثيرون ان منشأها الحروب التى جرت وتجرى فى ارض بلادنا والثانية ظاهرة منشأها الكثير المثير الخطر ولا تخرج الحروب من دائرة مصادرها ، وما يهمنى هنا ، هؤلاء الاطفال المشردون على الشوارع والذين تتابعهم الاعين بقلق تارة وبخوف تارة اخرى وبغصة تطعن فى الحلق والقلب احيانا كثيرة ، ولا تلبث ان  تطاردك الأسئلة ، والاسئلة طرحتها منظمة مجددون ضمن مشروعها (two for one ) الذى يعنى بالاطفال فاقدى الرعاية و الحماية الاسرية ( اطفال الشوارع ) وفكرة المشروع تقوم على عقد صداقة بين اثنين من المتطوعين وطفل مشرد واحد وذلك بغرض تأهيله ولم شمله مع اسرته وارجاعه الى التعليم واعادة دمجه فى المجتمع ليكون عضوا ايجابيا ، فما اسهله من مشروع لا يكلف المرء سوى  قليلا من وقته وقلبلا من الكلام الطيب ليدخل عالم هذا الطفل لتذليل عودته الى  البيت .. الى الاسرة .. الى الوالدين والاخوة والاخوات .

              
                  
                  
                        ان هذه الخطوة من الذين يقفون وراء هذه المنظمة تعيد الى القلب الطمأنينة بأن الوطن ما زال بخير وان ثمة اناس بضمائرهم الحية ونظرهم الثاقب ادركوا المخاطر التى يمكن ان تنتجها هذه الظاهرة ، واكثر الاخطار التى يمكن ان تنتجها هذه الظاهرة ان يصبح هؤلاء الاطفال تحت سيطرة اياد شريرة تقوم بصياغتهم وفقا لأجندة رأينا بعض مظاهرها فى بشاعة التفجيرات التى وقعت بالعراق وكيف ان اناسا بلا دين وبلا اخلاق وبلا رحمة التقطوا هؤلاء المشردين الذين افرزتهم الحرب الجائرة على العراق ونفذوا بهم جرائمهم ، ولا ندرى ما ينتظرنا فى ظل غياب الرعاية وعدم الالتفات لحال هؤلاء المشردين ، فثمة شكوك لا يخطئها من يمعن النظر ان  مخاطرا حقيقية تواجه هؤلاء الاطفال ، تدفعهم ليلا للنوم ارضا متدثرين بالخرق البالية قرب نقاط الشرطة ، خاصة فى الاسواق التى تحتضن اكبر تجمعاتهم بما توفره لهم من فتات المطاعم والكافتيريات ، وتبدو هذه المخاطر ناتجة من تحرشات مشردين اكبر سنا او قد تكون صادرة من جهات ذات عقليات اجرامية تسعى لأستغلالهم خدمة لأهدافها ، وفى الحالتين يقتضى الامر ولأسباب امنية واخلاقية ان تجد هذه الشريحة المهملة من المجتمع اهتماما خاصا.
                     
                      ونظرا لأن أعداد المشردين فى ازدياد مضطرد وليس فى الافق ما يبشر بجهد رسمى يمكن ان يضع نهاية لمصيرهم المجهول ، يأتى دور العمل التطوعى ضرورة انسانية واخلاقية ودينية فى المقام الاول ( وان تخالطوهم فأخوانكم ) وهو الشعار الذى اتخذته منظمة متحدون  ،مبادرة هذه المنظمة عمل يستحق التحية والتقدير ومد يد العون ، صفحتها على الفيسبوك بعنوان (لا لتشريد الاطفال ) فلنكن ايجابيين ولنشارك معهم ولو بالتشجيع .
                       

الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

فضائح بالمزاد


                           كثيرة هى  المهن التى تقتضى اخلاقياتها صون اسرار الناس ، كمهنة القضاة و  رجال الشرطة ، فحاجة الناس اليهم حاجة مستمرة تستوجب ان تكون تفاصيل العلاقة بينهما فى مأمن ، وديننا وقيمنا واخلاقنا كمسلمين تمنعنا من تناول سيرة الناس بالسوء احياءا كانوا او امواتا وان كان هذا السوء حقيقة دامغة ، ( فكلكم خطاء وخير الخطائيين التوابون) ( ومن كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر ) وكل ذلك حماية للأسر والمجتمعات من ان تصاب بشروخ قاتلة نتيجة لنشر تفاصيل واقعة او حكم خاص بشخص ما يدفع ثمنها ضمنا ابرياء بحكم صلاتهم به.
                           فقد فاجأ السيد والى الخرطوم الكثيرين بخروجه الفظ عن هذه القيم والتقاليد بنشر وقائع محاكمات سابقة لفتاة الجلد - وهو الاسم الذى شاع فى الميديا العالمية عقب بث الشريط الذى تعفف منه موقع اليوتيوب وقام بأزالته بسبب محتوياته المسببة للصدمة والتقزز- فقد افاد بأن هذه الفتاة سبق محاكمتها فى بلاغات خاصة بالدعارة ، وهى افادة قد تبدو محتملة من سياسى هاله تأثير الشريط على صورة سلطته الحاكمة التى اضحت مدعاة للصدمة والتقزز واراد بذلك ان يخفف من آثاره ، ولكنه لم ينتبه لتداعيات هذه الافادة على صورته كراع مسئول عن رعيته ، المتقين منهم  والفاجرين ، فخلفاؤنا الراشدون كانوا يخافون من مسئولية ان تعثر بغلة فى اطراف دولتهم دع عنك جلد امرأة دفعت صرخة استغاثة احداهن الخليفة المعتصم ان يشن حربا ضروسا فوا معتصماه .
                           ومع ذلك تبدو افادة السيد الوالى على سوئها اخفّ وطأة على النفس من وصول وقائع هذه المحاكمات السابقة اليه ،فالجهة التى امدته بها ارتكبت فعلا اشد خطرا على امن المجتمع من تجاوزات وانتهاكات شرطة امن المجتمع ، فالوالى فى نهاية الامر مواطن سودانى مكلف بأدارة شئون المواطنين فى هذه الولاية ولا يعطيه وضعه هذا الحق فى الاضطلاع على اسرار الناس ، والا اصبحت هذه الاسرار سلعة تباع فى مزاد علنى يمكن ان يتحصل عليها من ارادها اما بقوة موقعه الرسمى واما بقوة ماله اوبغيرذلك وما اكثر الاسرار التى تحتويها ملفات الدولة ، قضائية كانت او غيرها ، وما اسهل استغلالها فى ابتزاز الناس سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ، وبحكم خبرتى المتواضعة بقوة الشرطة اعلم ما يمكن ان تشعله مثل هذه الملفات من نيران ولاشك ان معظم ضباط هذه القوة الذين احيلوا الى التقاعد بموجب الصالح العام يعرفون الكثير المثير الخطر ولكن التزامهم بأخلاقيات المهنة منعهم من اقامة مثل هذا المزاد العلنى للفضائح رغم قهر الظروف التى يعيشون فيها .
                           يبدو ان تداعيات شريط (فتاة الجلد) لا نهاية له ، واصبح اشبه بفايروس فاتك كلما قفلت عليه بابا فتح عليك ابوابا من مخاطر جديدة لا تدرى الى اى هاوية تقودك.


السبت، 11 ديسمبر 2010

فى رحاب الشيخ حمد النيل


قبة الشيخ حمد النيل
                      مذهلة جدا طبيعة الانسان وما تختزنه من محبة قادرة على ان تجعل مقابره ارضا تموج بالحركة والحياة ومكانا جميلا للذكر والذكرى والفرح ، مكانا يأتيه الناس من كل فج عميق ومن كل دين وعرق ، شيبا وشبابا واطفالا ونساء ، جمهرة تذكرك بأيام الاعياد والاعراس ، لكنها فى هذا المكان تبدو محتشدة بسر انسانى عظيم ممتد من عصور سحيقة فى التاريخ ، رآه من قبل  اب التاريخ هيرودت  وقال فيه  ( عالم اقل تعقيدا واكثر نقاءا ، غير ملوث بتعقيدات العالم الحديث واحباطاته ) و القول كان فى روعة مملكتنا النوبية القديمة الا انه ظل حيا ولائقا على هذا المقام .. على هذا الضريح الذى يحتضن داخله احد اسرار هذه الارض الطيبة . واحد اسرار هذه الارض الطيبة ، انها ارض الاولياء والصالحين ، بشهادة موثقة من التاريخ والجغرافيا ، حملتها الجبال والمدن اسما ومعنى ، والطيب صالح كان يرى ان جبل البركل الذى صار عند غزو الليبيين لمصر مقرا لكهنة طيبة ، هو الجبل الذى ناجى فيه سيدنا ابراهيم ربه ، وكلّم فيه سيدنا موسى الله تكليما ، اما جبل اولياء فقد اكتفى بحمل الاسم الى حين ان نكتشف ما وراءه من اسرار ، وصالحة مدينة تعود بذات الاسم الى ازمان سحيقة فى التاريخ واحسب على ذلك ما شئت  من المدن القائمة على هذه الارض الطيبة .

                     الجمعة الفائتة كنا فى حضرة الشيخ حمد النيل احتفالا بختان انجال صديق عزيز ، وبصحبتنا الام والعمات وبنات العمات والجارات وشيخ ربطتنا الصداقة به قبل ان يصير شيخا ، وكاتب صحفى جميل يجمعنا معا حب مشترك لوردى ولأشياء جميلة اخرى كثيرة ، عند وصولنا وقف بجانبنا فتى وفتاة من استراليا ، تناولنا حديثا مقتضبا عن امدرمان حين اتى الزحام بسويدى يرتدى جلابية سودانية بجانبى يحمل فى يده كبقية الاجانب كاميرا فيديو ومذكرة يسجل فيها ملاحظات ما ، وعلى الجانب الآخر من الحلقة مجموعة اخرى من الاجانب نساءا ورجالا تملكتهم حالة من الوجد فاخذوا يرددوا مع الذاكرين ( الله  الله  الله ) طاف بذهنى فيلم (جوليا روبرت) الذى شغل الميديا فى الفترة السابقة ( eat .. love .. pray ) عن فتاة قادها خواؤها الى معابد بوذا بحثا عن غذاء روحى ، فرأيت سعة الموائد التى تقدمها هذه الحلقة لهؤلاء الاجانب ، وعرفت قليلا من سر انجذابهم اليها متى وطأت اقدامهم ارض السودان .

                    المشهد برمته يخفى وراءه سرا غامضا تبدو بداياته  من قبل الميلاد  عند (هومر) الذى كان النوبيون فى رؤيته رجالا مستقيمين ومحبوبين من قبل الآلهة ، فهذه الاستقامة وهذا الحب الالهى ارث سودانى اصيل دفع (هيرودوت) ان يفاخر به حتى آلهتهم فى ذاك الزمان حين قال ( ان اسمى المقيمين فى الاولمب يرتحلون اليهم ويشاركون فى ولائمهم ، وقرابينهم هى الاغلب تقبلا من كل تلك الضحايا التى يستطيع البشر تقديمها لهم ) وقد بلغت معرفة العالم القديم بأستقامة السودانيين وحب الآلهة لهم انه فى طور سيادة عبادة ايزيس كانوا يحبذون حضور اى من اولياء السودان لطقوس تلك العبادة ليصبغوا عليها الكمال ، وهكذا ظلّ حال هذه الارض قرنا بعد قرن ودينا بعد دين الى ان جاء المبعوث رحمة للعالمين ليتجلى لنا فى رحابه اولياء صالحون ما انفكت سيرهم تلوح على  سماوات كثير من الامكنة على مر الزمان .

                    الشيخ حمد النيل سر من هذه الاسرار الدفينة التى تزخر بها ارضنا ، وطريق للباحثين عن الخلاص .
                    
                      

الخميس، 9 ديسمبر 2010

لمن هذه البشاعة ?


                     مشهد شريط الفيديو الخاص بجلد فتاة سودانية- تنفيذا لحكم كما يبدو من تفاصيله -بكل بشاعته وانتهاكه المريع لكرامة الانسان ، وما خلّفه من صدمة شديدة الوطء على وجدان المجتمع السودانى ، يبعث على التسآؤل عن مغزى توقيته الذى تزامن مع عشية احتفال العالم بذكرى الاعلان العالمى لحقوق الانسان ، وتزامن مع انتهاء اجراءات التسجيل الخاصة بالاستفتاء على حق تقرير المصير للاخوة الجنوبيين ، ولست هنا بصدد البحث فى صحة مشاهد هذا الفيديو من عدمها بقدر ما يهمنى هنا البحث فى مضمون الرسائل التى ارادت توصيلها للداخل السودانى وللخارج المترصد به .

                     لا شك ان حكومات الانقاذ حافلة بسجل مثقل  بالاتهامات التى طالتها فى العديد من الانتهاكات التى وقعت على الانسان السودانى بمختلف اعراقه واديانه وثقافاته شمالا وجنوبا وشرقا وغربا ، وما عاد مثل هذا المشهد على وحشيته ان يضيف جديدا على هذا السجل ، فهذه رسالة تبدو مجرد نافلة ولكنها مع ذلك تضيف شيئا جديدا على رتل الاتهامات التى طالت بعض مؤسسات الدولة ومسئوليها فى العديد من القضايا التى شغلت الرأى العام المحلى والعالمى ، وهذا الجديد الذى اضافته هو جهاز الشرطة الذى ظل ولعقود طويلة بمنأى عن الاتهامات التى طالت حكومات الانقاذ المتعاقبة ، وظل الى وقت قريب ملاذا آمنا للمواطنين ، فهذه رسالة تبدو ذات مضمون شديد الخطر على صورة هذا الجهاز ، وترمى القائمين عليه  بعبء ثقيل لترميم ما احدثه المشهد من تشوهات لا يغيب عليهم مدى تأثيرها على صعيد السلام الاجتماعى والطمأنينة العامة ، وهذا هو الشريط الثانى الذى تم تداوله على نطاق واسع ، واثارعلى الشرطة كراهية بقدر انتشاره فى اوساط مشاهديه ، فثمة رسالة هنا ان الشرطة اصبحت هدفا فى الصراع الدائر فى السودان مما يعنى ان المجتمع السودانى على موعد يسعى لتجريده من احد ملاذاته الآمنة ، وهى مسئولية تقع على عاتق قياداته الرسمية والمدنية التى يجب ان تسرع فى اتخاذ الاجراءات الكفيلة بتدارك هذا الصدع الذى لحق بأحد اهم اجهزته .

                   اما الرسالة الثانية التى تبدو لى هى المقصودة على وجه التحديد بنشر هذا الفيديو فى هذا التوقيت ، سواء ان صحت محتوياته ام لم تصح ، هى رسالة موجهة للانسان الجنوبى الذى اكمل للتو عملية التسجيل الخاصة بالأستفتاء ، ولا يخفى على احد مضمونها الناسف لأى امل فى ان يصوت هذا الجنوبى لوحدة تحمل بناته للتلوى والألم تحت وقع السياط ، ولا شك انها رسالة  اشد تأثيرا على الانسان الجنوبى من كل بشاعات الحرب التى جرت بين الشمال والجنوب طيلة العقدين الماضيين ، وتبدو لى صادرة من جهات انفصالية قد تكون شمالية وقد تكون جنوبية وقد تكون اجنبية بذلت ما فى وسعها لآخراج هذا المشهد الكريه تذكيرا للجنوبيين بأن هذا ما ينتظر بناتكم فى ظل سودان موحد .

                   الرسالة الثالثة التى حملها هذا الفيديو ، تبدو لمن يهمه امن هذا الوطن ويهمه سلامه الاجتماعى وتهمه طمأنينة مواطنيه انذارا عاجلا بأن يتدارك قوانينه ووسائل واساليب تطبيقها ، او يبقى  على موعد مع سيناريوهات لفوضى الله وحده يعلم مداها .

                   كرهت ان الطّخ صفحات هذه المدونة بمشاهد هذا الفيديو الكريهه .

الأحد، 5 ديسمبر 2010

تجارة كونية


                   


                     كثيرة هى القصص التى تناولت عالم  المخلوقات الفضائية عالية الذكاء ، وكثيرة هى الآراء التى ربطت  آثار الحضارات القديمة كالاهرامات وغيرها و التى تعود الى ما قبل الميلاد بهذا العالم ،  و ترى بعض هذه الآراء ان قيام حضارات بذاك التطور فى ذاك الزمان وفى تلك المناطق التى تحيطها شعوب بدائية يعزى لزيارات قامت بها مخلوقات فضائية تركت هذه الآثار تذكارا او اثباتا لأسهاماتها فى تلك الزيارات ويمضى اكثرهذه الآراء يقينا بهذه النظرية الى وجود مطارات او قواعد جوية قائمة من قبل الميلاد كقمة احد جبال البيرو ، وهناك الكثير من هذه القصص الجاذبة لكل الاعمار والاعراق والثقافات وتبدو الاكثر انتشارا من بين كل قصص البشرية ، وكنت من الذين وقفوا كثيرا عند نص الآية ( وفضلناه على كثير ممن خلقنا ) حيث بدا لى القليل الذى فضّل علينا  ما هو سوى هؤلاء الفضائيين وهو تفسير اتى متخما بتأثير هذه القصص.

                      يقول عالم الفلك الامريكى د كارل سيغان ( فى مجرتنا درب التبانة هناك كوكبا واحدا من كل 2000 كوكبا يحتوى على اوكسجين وسماء وجاذبية مشابهة للتى عندنا فى الارض وهذا يعنى ان هناك على الاقل 3000 حضارة قد تكون بعضها ذات مستوى ذكاء قد يفوق مستوى ذكاء حضارتنا الارضية ) .
             
تقاعد المواكيك الأمريكية يعني توقف مصادر إمدادات رئيسية للمحطة الدولية
مكوك فضاء امريكى
                     لست هنا بصدد تأكيد هذه الفرضية او نفيها فليست لدى المعرفة اللازمة او غيرها لفعل ذلك ولكننى بصدد الأخذ بهذا القول بحذافيره مأخوذا بتأثير كل قصص الفضاء والفضائيين وبتأثير رحلات ( ناسا ) الغامضة التى تطلقها للفضاء مرة الى القمر ومرة الى المريخ ومرة فى مدارات لا ندرى شيئا عنها ولا عن  جدوى وعائدات تلك الرحلات وان كانت تكلفتها التى تفوق مليارات الدولارات تزيد انتباهنا تركيزا وفضولا لما يجرى داخل هذه الوكالة الفضائية ونظيراتها فى روسيا واوروبا وباقى الدول المشاركة فى المختبر العلمى الفضائى ( المحطة الفضائية ) والبالغ عددهم 15 دولة .
أمضت المركبة 7 أشهر في رحلتها الغامضة
مركبة الفضاء الامريكية الغامضة
                    واكثر ما اثار الفضول هنا الخبر الذى نشرته السى ان ان العربية وغاب فى زحمة الاثارة التى بثها موقع ويكيليكس ، فقد جاء فى الخبر ان مركبة فضاء امريكية غامضة ( بدون طيار ) تنهى رحلة سرية منذ انطلاقها فى ابريل 2010 - عادت الى قاعدتها يوم الجمعة 3\12\2010 - وابدى المسئولون عن هذا البرنامج سعادتهم من انه انجز جميع الاهداف فى المدار لأول بعثة ، وان استعدادات تجرى لأطلاق رحلة ثانية لهذه المركبة فى ربيع 2011 القادم ، ورغم ان الخبر تضمن وجودا عسكريا مرتبطا ارتباطا وثيقا بهذا المشروع مما يوحى بعلاقة ما مع سباق تسلح جديد الا ان ثمة شكوك تدفع المرء للنظر لهذه الرحلة فى اطار قصص الفضاء والفضائيين ، فالمركبة فى حد ذاتها ورحلتها الغامضة تبدو شبيهة بقصص الاطباق الطائرة ورحلاتهم الغامضة لكوكبنا ، فهذه الرحلات فى ظل قصص الفضاء تبدو فى منظورى رحلات تبادلية لمواد وعلوم ومعارف ، بمعنى آخر ان ثمة تواصل ظل قائما على مر العصور بين انسان كوكبنا ومخلوقات من كواكب اخرى نطلق عليهم فضائيين وان هذا التواصل بمثلما انجز فى السابق آثارا عبّرت عن حضارات لم تصل ابحاثنا ودراساتنا  بعد الى معرفة كثير من طلاسمها وبمثلما شكلت تلك الحضارات بآثارها العجيبة تناقضا غريبا حين نتناولها فى ظل واقع تلك العصور فأن التطور التقنى الذى مكّن دول الفضاء من الوصول الى عدة كواكب ومدارات فى ظل واقعنا الراهن الذى يعانى فيه ملايين من الجوع والمرض والجهل يبدو طلسما نحتاج الى عصور لمعرفة اسراره اللّهم الا اذا كان هذا التطور الذى حدث فى عصور ما قبل الميلاد والقائم الآن  تقف خلفه مخلوقات من كواكب اخرى تفوقنا ذكاءا وقدرة .
               
اهراماتنا
                    لا الوم من يعتبر هذا الطرح مجرد هذيان محموم فثمة حقائق حين نتعمق فى النظر اليها تأخذنا مباشرة الى موطن الحمى والهذيان ، من هذه الحقائق وجود المحطة الفضائية او المختبر الفضائى الذى شاركت فى مشروعه 15 دولة استحقت لقب دول الفضاء عن جدارة ، وهذا المختبر تشير الاخبار الى اسهامه الكبير فى مجال العلوم والطب وتقنية البيئة وان 600 تجربة علمية اجريت على متنه ساعدت على وضع استراتيجيات جديدة لأنتاج عقاقير لعلاج السرطان وتطوير اللقاحات وان هذا المختبر الذى يبلغ حجمه حجم ملعب كرة قدم ويقع فى مدار على ارتفاع 400 كيلومتر عن الارض يقيم فيه اربعة رواد فضاء فقط يجرى استبدالهم كل ستة اشهر ، اى ان هؤلاء الرواد تبدو مهمتهم مقتصرة على ادارة وجود المختبر ولا علاقة لهم بتلك التجارب التى بلغ عددها 600 تجربة عملية وقد وافقت ال 15 دولة المشاركة فى مشروع هذا المختبر الفضائى على استمرار تشغيله لعقد آخر وبما ان الولايات المتحدة قررت احالة طواقم مواكيك الفضاء التابعة لها للتقاعد  بعد رحلتين ما يعنى وقف خط امداد رئيسى يضفى على المحطة  تحديات الى مهمتها كما يقول بعض رواد الفضاء  فمن المتوقع ان تقوم سفن فضاء روسية ومذودين تجاريين تحمل عبء تشغيل المحطة للعشرة اعوام القادمة .
 
                    دعونى الآن افسح المجال قليلا لحمى وهذيان الاسئلة :
                    ما الذى كانت تنقله هذه المواكيك لمحطة يبلغ حجمها ملعب كرة قدم يقيم فيها اربعة رواد فضاء فقط تبدو مهمتهم قاصرة على ادارة وجود المحطة ولا علاقة لهم بتلك العمليات ال600 التى تم اجراءها فى داخله ؟
                    لماذا ظل غذاؤهم عبارة عن كبسولات تكفى جيوبهم لتخزين حاجتهم منها لمدة ستة اشهر ؟
                   ما الذى يجعل استغلال مساحات هذه المحطة من الاهمية بمكان يبدو معه مخزون اغذية عادية تكفى لستة اشهر امرا من شأنه ان يكلف كثيرا ؟
                   لماذا احالت امريكا هذه المواكيك للتقاعد ووجهت اهتمامها لمركبتها الغامضة ؟ وهل هذه المركبة الغامضة التى اختبرت بدون طيار فى رحلة هى الاولى من نوعهامركبة من صنع امريكى خالص ام اعادة تشغيل لأحد الاطباق الفضائية التى سقطت بأرضها ؟ وما هى الاهداف التى حققتها بنجاح على مدار يستقبل لأول مرة قادم من الارض ودفع امريكا لأحالة مواكيكها للتقاعد ؟
                   من كان يجرى هذه ال 600 تجربة عملية علمية داخل المحطة وما هو المقابل الذى كان يجرى بموجبه هذه التجارب ؟
                   لا شك ان ملايين البشر قد تابعوا قبل فترة رحلة المليونير الامريكى الى هذه المحطة بسفينة فضاء روسية ، ولا شك ان اغلب هؤلاء الملايين اعتبروه ابرز مغامر فى العالم ولكنه فى تقديرى يبدو ابرز المزودين للمحطة فى العشرة اعوام القادمة ، فما هى الادلة التى لمسها هذا المزود من رحلته تلك حتى تسنوجب منه اولا عناء ومخاطر الرحلة وتستوجب ثانيا عبء التمويل وتستوجب ثالثا الشروع فى عملية الامداد ؟
                   لست فى حاجة الى اجابات ولكنى فى حاجة الى تذكير مجموعة ال15 الفضائية ان ثمة شعوب هنا انشأت اولى حضارات الدنيا واعنى بها الحضارة النوبية لها كامل الحق فى نصيب من عائدات كافة المشاريع الفضائية بحكم اهتمامها القديم بالفضاء الذى اقامت له مبنى خاصا لرصده حسب الاكتشافات التى تمت بمروى اخيرا وبحكم ان كهنة هذه المملكة كانوا من قبل الميلاد يعلمون وقت شروق الشمس وطلوع الهلال بدقة تضاهى دقة الساعات السويسرية .

                      

                   

الجمعة، 3 ديسمبر 2010

على مشارف الفوضى


بركان متفجر
                    

    
                      الصورة التى يبدو عليها عالمنا اليوم تدعو لمخاوف كبيرة من فوضى قادمة ، تمسك من جهة بأحدى خيوطها الطبيعة بكل عنفها المعلوم والمتوقع والمباغت ويمسك بأحدى خيوطها من جهة ثانية  الاجسام الكائنة والحائمة فى الفضاء والتى يدرك مخاطرها الاتحاد الفلكى الدولى ووكالات الفضاء فى امريكا واوروبا وروسيا والراسخون فى العلم الذين يقفون طويلا عند قوله تعالى ( والنجم اذا هوى ) و ( السماء والطارق )  و ( حاصب من السماء ) وآيات اخرى عديدة ، ويمسك باحدى خيوطها من جهة ثالثة الانسان وهو اكثر شىء جدلا .
                      للطبيعة لغة ورسائل ولكن معارفنا لم تدرك من لغتها و رسائلها سوى قراءة حالة الطقس واحتمالات وقوع الزلازل والبراكين وكانت هذه المعرفة الى وقت قريب كافية لمنح الانسان القدرة على التكيّف مع تقلباتها المنتظمة والمتوقعة والمباغتة الى ان اطلّ الاحتباس الحرارى فى النصف الثانى من الالفية الثانية خطرا من شأنه ان يزيل  من خريطة العالم العديد من الجزر فضلا عن مساحات واسعة من السواحل المطلة على المحيطات والبحار ، ويقدر بعض العلماء ان اكثر من اثنين مليار من سكان هذه الجزر والسواحل سيجدون انفسهم مضطرين للرحيل الى داخل القارات فتصور قدر الفوضى التى يمكن ان تحدثها حركة السكان هذه ، لندع الله ان يوفق المجتمعين فى ( كونكان ) بالمكسيك للوصول الى حلول من شأنها ان تقلل من آثار هذه الفوضى القادمة .

صورة لنيزك
                     تنقل لنا الاخبار بين الحين والحين الاخطار التى تبثها بعض وكالات الفضاء وتلك التى يصرح بها بعض علماء الفلك من احتمال اصطدام اجرام سماوية بكوكبنا الارضى تفوق الطاقة التدميرية لأخفها ثقلا مئات المرات للطاقة التدميرية التى احدثنها قنبلتى هيروشيما ونجازاكى وسيؤدى الى تدمير الحضارة الانسانية مثلما ادى فى السابق الى فناء الديناصورات ، ولأن آيات عديدة فى القران الكريم قد نبهتنا لهذا الخطر قبل اكثر من 1400 سنة ولأننا فى السودان قد استقبلنا هذا الخطر فى يوم الاربعاء 7 اكتوبر 2008 فى الصحراء النوبية بالقرب من منطقة عكاشة وأن لطف الله وحده ورحمته قد نجى المنطقة من الفوضى التى كان من الممكن ان يحدثها ما عرف بنيزك حلفا ، ونظرا لبروز ظواهر فلكية  كظهور اقمار جديدة وانفجار نجوم فيبدو ان موعدنا مع حواصب السماء قد ازف ، وليس امامنا ما نتحاشى به دمارها سوى الابتهال الى الله .

هتلر
                     كل هذه المخاطر التى تحيط بنا والمنذرة بفوضى عارمة سواء تلك القادمة من عنف الطبيعة او تلك القادمة من السماء نستطيع ان نتخطى  مخاوفها بفضل الدين الذى بموجبه علمنا ان لهذا الكون خالق يتدبر الامر فى الارض وفى السماء وما بينهما وهو لطيف رؤوف عطوف و رحيم بعباده ولكن ماذا نفعل مع الانسان ؟ ماذا نفعل بهذا الذى تقوده فكرة مجنونة الى تكبيد البشرية ملايين الارواح ؟ ماذا نفعل مع هؤلاء الحكام الذين تقود بعضهم احلام قيصر التى انتهت على حد خنجر مسموم ؟ وتقود بعضهم احلام هتلر التى جعلت اوروبا وكثيرا من بلدان العالم خرائبا يتعفف البوم من النعيق فيها ؟ ماذا نفعل مع اولئك الذين يقفون عقبة كأداء دون تحقيق عدل العمرين ابن الخطاب وابن عبد العزيز ومن شابههما ؟ ان الفوضى القادمة يمسك بخيوطها المدمرة انسان ، فقد كان اكثر شىء جدلا .

الاثنين، 29 نوفمبر 2010

القمة الافريقية الاوروبية



                       يبدو موقف الدول الاوروبية المشاركة فى هذه القمة والذى حال دون مشاركة الرئيس عمر البشير فيها قرارا مبكرا من قرارات هذه القمة المتوقع اختتامها غدا الثلاثاء ، يفيد بأن السودان لم يعد ضمن دائرة المصالح الاوروبية او على الاقل فى ظل حكومته القائمة او على وجه الخصوص فى ظل رئاسة الرئيس عمر البشير ، متزرعين فى ذلك بقرار المحكمة الجنائية الدولية ، اى ان هذا الموقف الاوروبى اتخذ من انعقاد هذه القمة سانحة لدعم المحكمة الجنائية الدولية و جاء موقفها هذا مصحوبا بزخم كبير اضفى على انعقادها اهتماما زائدا ولكنه جاء فى احد جوانبه ايضا رسالة قوية موجهة للرؤساء الافارقة المشاركين فى هذه القمة عربا كانوا ام افارقة بأن القبول بالمحكمة الجنائية وقراراتها شرطا اساسيا لتطبيق توصيات ومقررات القمة .
                      ويبدو ان الاوروبيين نجحوا فى تمرير احد اهم اجندتهم التى يعوّلون عليها كثيرا قبل بدء فعاليات هذه القمة الا وهو سلطة المحكمة الجنائية الدولية ، فرد فعل الدول الافريقية كان مستجيبا الى حد ان السودان اكبر الدول الافريقية حتى الآن والمثقل بمشكلات كبيرة لا زالت تشغل حيزا كبيرا فى المحافل الدولية والاقليمية ولا زالت تشغل الميديا الدولية لم يدرج ضمن اجندة هذه القمة .
                      وما يهمنى هنا ان السودان امام مأزق  يبدو فى احد وجوهه خاتمة الحصار الذى ظلّت تواجهه حكومات الانقاذ طوال عقدين من الزمان ، فمن جهة يجىء خروجها من دائرة المصالح الاوروبية فى ذات الوقت الذى تحاول فيه الخروج من دائرة العقوبات الامريكية ولا يغيب عن وعى اى انسان ما يعنبه ثقل النفوذ الذى تحظى به الدائرتان الامريكية والاوروبية ، ويجىء من جهة ثانية فى وقت اصبحت مساحة الحركة فيه اكثر ضيقا لتستوعب مناورة هنا او هناك تجاه مشكلاتها الداخلية العالقة والمهددة بخروج اجزاء عزيزة من ارض الوطن يتسابق عليها الآن معظم حلفائنا الاشقاء للحصول على موطىء قدم فى ارضها الموعودة بالكثير دع عنك المجتهدون فى فصلها منذ زمان بعيد ، ويجىء والداخل الشمالى لا يزال محتقنا بسياسات حكومات الانقاذ التى خلّفت فيه من المرارات ما خلّفت وعجزت حتى الآن عن معالجة اكثرها بساطة ، ويجىء فى زمن تمكنت فيه الازمة المالية العالمية بخناق دول تفوقنا تقدما وثروات .
                     انه مأزق من النوع الذى يجعل صاحبه يتلفت يمينا ويسارا ويزرع الآفاق طولا وعرضا بحثا عن خلاص ، ويجعل منافسيه فى وجل من مآلات النهاية التى اتمنى ان تكون بردا وسلاما على كل ابناء الشعب السودانى العظيم .

الجمعة، 26 نوفمبر 2010

حواسيب اوباما


http://www.nation.co.ke/image/view/-/599482/highRes/78625/-/maxw/600/-/vs7abh/-/PIX+11.jpg                      قرار الرئيس اوباما الخاص باستثناء الحواسيب من قائمة العقوبات المفروضة على السودان لتيسير عملية الاستفتاء يبدو فى احد وجوهه قرارا خاصا بالجهات الرسمية والمعنية بعملية الاستفتاء لذا لم يحظ بردود فعل فى اوساط عامة المواطنين السودانيين الذين تشغلهم هموم ليس من بين قائمتها هذه الحواسيب تماما مثلما لم تحظ هذه العقوبة بأى تأثير على حياتهم ، ولكن هنالك فئة قليلة مرتبطة بعالم الانترنت تأثرت من هذه العقوبات بحرمانها من المنتجات المتعلقة بنشاطها كأصحاب المواقع والمدونات الذين افتقدوا العديد من الميزات الضرورية لنشاطهم والتى توفرها هذه المنتجات المحظورة على السودانيين ، ولقد كان من المدهش حقا ان يأتى هذا الاستثناء عاريا من تلك الميزات التى تبدو معها هذه الحواسيب صما بكما عميا و يبدو معها القرار اشبه بعملية عرض تسويقية .



                      وما يدعو للدهشة هنا ان تجد هذه الفئة القليلة من السودانيين المرتبطين بعالم الانترنت ان العقوبات التى فرضتها الادارة الامريكية على السودان نتيجة لسياسة حكومته القائمة تستثنى من بعضها ذات الحكومة بينما يظل بعضها الآخرساريا على مواطنيها الامر الذى يدعو الى التسآؤل عما اذا كانت الادارة الامريكية فى عداء مع الشعب السودانى ام حكومته ام الاثنين معا؟
                       

الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010

اغتيال رئيس

                        مرت يوم امس 22\11\2010 الذكرى السابعة والاربعون لأغتيال الرئيس جون كينيدى الرئيس رقم 35 للولايات المتحدة الامريكية بمدينة دالاس بولاية تكساس ، الاغتيال الذى هز مشاعر العالم وخلّف اسئلة صعبة عجزت معها عشرات الكتب التى تناولت مختلف جوانب هذا الحدث المأساوى ان تصل الى اجابات تطمئن الداخل الامريكى والعالم الذى اصيب بصدمة ظلت آثارها تتجدد عاما بعد عام ويحتاج معها ان يطمئن الى أن اللعبة السياسية فى عصر الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الانسان وسيادة حكم القانون والتداول السلمى للسلطة ما زالت حصينة ، وليس فى امكان يد مثل يد ( بروتس ) ان تعاود مد خنجرها المسموم الى صدور حكام اتى بهم للسلطة حب واحترام شعوبهم لهم ولبرامجهم التى استهدفت الارتقاء بحياتهم .
                  وتأتى هذه الذكرى وذاكرة العالم ترتجف من فرط الحالات التى اقتفت اثر هذا الاغتيال الشنيع ، سواء تلك التى طالت حكاما او زعامات او قيادات او روادا فى مختلف مجالات النشاط الانسانى ، ولأن قائمة هؤلاء الضحايا آخذة فى الازدياد عاما بعد عام وحينا بعد حين فأن ذكرى اغتيال الرئيس جون كينيدى تستحق ان يقف العالم عندها طويلا ، وتستحق ان يقف الامريكان عندها كثيرا ،فثمة تبعات ثقيلة ظلت اداراتهم المتعاقبة تتحمل عبئها خاصة فيما يتعلق بمشاعر الحكومات والشعوب الوجلة  تجاه علاقاتها بأمريكا وخوفهم من ان تكون هذه العلاقات مدخلا لأعادة انتاج ذلك المشهد المأساوى فى بلادهم علما بأن بعض الاغتيالات التى وقعت بالمنطقة العربية والاسلامية وبعض البلدان الافريقية يتم تداولها دائما مرتبطة بعلاقة ما بأمريكا ،من هنا فأن قدرا من هذه المخاوف والكراهية الموجهة لأمريكا يبدو متناسلا من هذا الاغتيال الذى صمتت حتى الآن عن كشف حقائقه .

              
http://thebsreport.files.wordpress.com/2009/12/john_f_kennedy1963.jpg
الرئيس الراحل جون كينيدى

                 
                 لا يملك المرء فى هذه الذكرى الحزينة سوى ان يعزى عائلات كل الضحايا الذين سقطوا بيد الغدر الآثمة وان يدعو المجتمع الدولى ان يجعل من هذه الذكرى يوما عالميا لنبش حقائق من وقف ويقف خلف اؤلئك القتلة وان نستعيد فيه ذكرى جميع القادة والزعماء والرواد الذين راحو ضحايا لهذا الاسلوب الاجرامى .     

الأحد، 21 نوفمبر 2010

الاستفتاء


                        تصاعد حدة الاتهامات بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية حول حرية ونزاهة وشفافية الاستفتاء امر بقدر ما يعكس ازمة الثقة المستفحلة بين الطرفين فهو يعكس احدى علل اتفاقية نيفاشا التى بدت معها ترتيبات هذا الاستفتاء وما صاحبها من تعقيدات اشبه بترتيبات لحرب جديدة ، وما يدعو للغرابة هنا ان تصبح الاتفاقية برمتها رهينة لأحد بنودها كأنما نجاحها الكبير فى وقف نزيف الدم وحفظ الارواح واتساع دائرة الحريات لا يستحق ان يحظى بوقت اضافى يسمح لللاعبى الطرفين استعادة انفاسهم من عراكهم الذى استمر لخمس سنوات حتى تأتى خاتمتها محظية برضا وقبول جميع الاطراف ، فلماذا الاصرار على قيام الاستفتاء فى مواعيده رغم ان اكثر القضايا حساسية ما زالت عالقة وتلوح فوق سماء الوطن قنابلا موقوتة ؟ ما الذى تخشاه الاطراف المعنية بهذه الاتفاقية من ( مواعيده ) هذه؟

                 
                       الحركة الشعبية فى تقديرى ترى فى قيام الاستفتاء فى مواعيده فرصة تأريخية لفصل الجنوب والانفراد بحكم دولته البترولية الوليدة لعقود طويلة قادمة بعد ان عجزت فى حراكها الطويل مع المؤتمر الوطنى والقوى السياسية الشمالية فى الوصول الى حل لمعضلة حقوق المواطنة المتصادمة مع القوانين الاسلامية فى الشمال ، بمعنى آخر ان فشلها فى مقايضة الوحدة بالقوانين الاسلامية كان بمثابة تعبئة  مباشرة للانسان الجنوبى بأن حقه كمواطن فى ظل هذه القوانين سيجعله كما قال سلفا كير مواطنا درجة ثانية وبالتالى اصبح الانفصال خياره الوحيد الذى يريده فى اسرع وقت ، لذا يجىء تمسكها بهذا الموعد امرا مقدسا يشجعها فى هذا الموقف اطراف خارجية تفتحت شهيتها لهذا البترول البكر الغزير .
                     اما المؤتمر الوطنى فقد وجد نفسه مع هذه المواعيد امام مأزق اشد واقوى من ذلك الذى واجهته الحكومات الديمقراطية بعد انتفاضة ابريل ، فأذا كانت تلك الحكومات قد اختارت سلطتها بديلا لمواجهة القوانين الاسلامية للخروج من مأزقها بعد ان قالت فى تلك القوانين ما لم يقله مالك فى الخمر فأن المؤتمر الوطنى ظل امام مأزق شديد الصعوبة فى الاختيار بين القوانين الاسلامية ووحدة الوطن ، بين سلطته ووحدة الوطن ، وبمثلما اختارت القوى الديمقراطية الحاكمة آنذاك  القوانين الاسلامية للحفاظ على سلطتها فلم يستطع المؤتمر الوطنى الخروج عن هذا الاختيار ولكنه فى ذات الوقت لن يستطيع الحفاظ على وحدة الوطن وهى مسئولية تأريخية تضعه امام مواجهات داخلية واقليمية شديدة الخطر ليس على سلطته فحسب بل على ما يتبقى من الوطن .من هنا يبدو الاصرار على هذه المواعيد خاصة من قبل المجتمع الدولى بمثابة نقطة الحسم الاخيرة لصراع طويل لم تستطع اتفاقية نيفاشا وضع نهاية له ، او بالاحرى نقطة تقرير المصير لكلا الطرفين .
                  الآن فأن الشعب السودانى بكل مكوناته فى شماله وجنوبه امام اختبار قاسى لا سبيل معه لتفادى المخاطر الناتجة عنه سوى التعاون على اخراج الاستفتاء وفقا للمعايير المطلوبة واحترام نتائجه ايا كانت ، وان تبدأ فى ترتيبات ما بعد الانفصال ليس على صعيد الدولتين فحسب كما لا نتمنى وانما على صعيد الداخل الشمالى و بذات القدر على صعيد الداخل الجنوبى حتى لا تكون الفوضى والدماء حصادنا الاخير من هذا الصراع الطويل .   
                  

الجمعة، 19 نوفمبر 2010

استثمارات فى شعائر الدين

                     فى هذا الوطن العظيم كانت معايير الارتقاء الاجتماعى لأهله تتجسد فى منجزاتهم الخيرية على صعيد البنية التحتية للخدمات كالتعليم والصحة ودور العبادة ، فقد شهدت عدة مدن واحياء قيام مدارس ومستشفيات ومراكز صحية ومساجد على نفقة خاصة لمحسنين ما زالت اسماؤهم تطغى على حكاياتنا نرددها بكل الحب والتقدير والامتنان ، ثم تدرج عطاء الناس فى هذا الاتجاه ليشمل خدمات الطريق ، فأقاموا المظلات فى مواقف المواصلات وجهزوا بعضها بمياه الشرب واكتفى البعض بالمرور سرا على المستشفيات والمدارس وبيوت الفقراء لتلبية احتياجاتهم ، وأخرون لم يكتفوا بما قدموا من اعمال الخير فأوقفوا العقارات والاموال صدقة جارية تشهد عليها ملفات رسمية محفوظة فى اضابير الدولة و مطابقة لما هى محفوظة فى ذاكرة ابناء هذا الوطن الاوفياء .
                      وما يدعو للغرابة ان تبرز فى وطن هذه اخلاقه وتقاليده ظاهرات لا تمت الى قيمه وتأريخه ومع ذلك تبدو دائرتها آخذة فى الاتساع شيئا فشيئا واعنى بها هذا الاستثمار الشيطانى فى شعائر الدين والذى بدأ تحت زريعة تنظيم الحج فحوّلوه تحت هذه الزريعة الى درجات ومنازل .. حج فاخر وحج درجة اولى وحج عادى ، ولكل نوع من هذا الحج رسوم ما انزل الله بها من سلطان مع العلم ان المملكة العربية السعودية تتعفف عن اخذ رسوم على تأشيرة الحج  وتقوم بمنحها مجانا تفاديا لشبهة المتاجرة فى ركن من اركان الاسلام ، ومع ذلك يبدو هذا الاستثمار على ما فيه اخف وطأة من ظاهرة الاستثمار فى شعيرة الصلاة ، فقد اصبح من المألوف ان تجد اعدادا من اباريق المياه امام المساجد والزوايا فى الاسواق معروضة للبيع للمصلين الحريصين على صلاة الجماعة فى وقتها تفاديا للزحام المألوف حول اماكن الوضوء داخل المساجد وما يدعو للقلق والمخاوف من هذه الظاهرة انها بدأت استثمارها فى هذه الشعيرة بأولى خطواتها وهى الوضوء وقد تزحف رويدا رويدا الى تأجير المصلاة  لتنتهى الى حد المطالبة برسم دخول المسجد.

                     ولكن هذه الظاهرات الدخيلة على التأريخ العربى والاسلامى ليست وقفا علينا فقد برزت بعضها فى مصر مع الحج و برزت ايضا بمكة حيث البيت الحرام فقد شرع البعض هناك فى الاستثمار فى ظلال الاشجار للحجيج حسب ما تناولته بعض اجهزة الاعلام ويبدو  هذا الاستثمار الشيطانى الذى اخذ ينتهك فى شعائرنا الدينية بسهولة هو فى احد وجوهه مقدمة لعمل كبير قادم سيقضى على قيمنا وتقاليدنا واخلاقنا وسيجعل حياتنا رهينة للفساد وسفك الدماء.

تأجير ظلال الأشجار..أحدث تقليعات الحج !
الصورة مأخوذة من موقع دنيا الوطن فى ذات الموضوع



الأربعاء، 17 نوفمبر 2010

آخر قصة حب

                        الجزء الاخير من الليل اغنية غامضة .. عباد يتهجدون .. يأخذهم شغفهم بتلك اللقيا الى ذكر الله كثيرا ، فتعاف جوانبهم المضاجع .. ولصوص مغامرون تأخذهم العزة بالأثم لسرقة اموال الناس .. ومتآمرون لا يخافون الله ولا يخشون عباده يخططون لألحاق الأذى بأفراد وجماعات وشعوب .. وعشاق يناجون انجما بعيدة يزيّنها قمر صامت ، فى هذا الجزء من الليل كان المحلّق يرى تاجوج تلوح من نجمة الى اخرى من ذات النجوم التى لاحت منها فى زمن مضى ليلى لقيس وبثينة لجميل .. ولاحت منها ملايين اخرى من النساء لا نعرفهن لملايين اخرى من الرجال لا نعرفهم .. تعرفهم تلك النجمات التى امست منازل للعاشقين .. فى هذه النجمات اقام فتى سودانى  مملكة اصيلة للحب ، يحيط بها الجمال من كل جانب ، وتزخر بحياة مفعمة بالأمل والعزم والقوة ، حين يأتيها المساء تلوح فى السماء وهجا وضياءا ينادى : هنا وطن العاشقين فتعالوا ايها الأحبة ، ثم جاءه اجمل الأحبة .. وردى حمل (الود) و ( الحزن القديم ) على راحتيه وغنى هنا ( وطنى ) و(بناديها ) فحملنا معه الود وحملنا هذا الوطن فى حدقات العيون ونادينا معه ( يا وطن يا بيتنا ) وحمد الريّح لم تثنه مياه النيلين التى جرت بين يديه واحاطت جزيرته الوارفة  من الحضور فجاء مزهوا ب ( الساقية ) غرف منها حتى اصابنا بعطش مزمن اليها  اما الكابلى فقد ادهشته ( سعاد ) ..امنية  انتظرها ذاك الفتى طويلا مثل نورس جريح فى بحر شديد الظلمة والهياج، فلم تأت الا بعد رحيله ، لكنها حين اتت .. اتت مكللة بوفاء نسجه كابلى من وجع الرحيل .
                        ( سعاد ) آخر قصة حب عرفتها اغنياتنا .. وسيرة متأخرة لعمر الطيب الدوش حملته الى حيث مراقد قيس وجميل وآخرين بثّوا مشاعرهم عطرا ضمّخ وجدان الناس على مر الزمان ، الفيديو اعلاه استعصى على التحميل حزنا او حدادا او احتجابا او لأسباب فنية فوق معرفتى .

السبت، 13 نوفمبر 2010

اضحية درجة اولى

                       يبدو ان تجار الخراف قد تأثروا بسياسة تنظيم الحج الجديدة والتى بموجبها اصبح الحجيج درجات ، حاج درجة اولى وحاج عادى ، يعنى آخر ما تفتقت عنه عقلية القابضين على الامور هو استثمار الشعائر الدينية ، وقد بدأوا بالحج لأن شرط الاستطاعة الوارد فيه يبدو مخرجا مأمونا لأصحاب هذا الاستثمار ، بأعتبار ان الاحتجاج هنا مردود بشرط الاستطاعة ، من هنا تماشى تجار الخراف هذا العام مع هذه السياسة واصبح المواطن امام ثلاثة خيارات اما ان يكون من اصحاب اضحية درجة اولى او اضحية عادية (قشاشية) او من المنتظرين فرج الله فى العام القادم ، فأسعار الخراف الاولية تبدو فى احد وجوهها دعوة صريحة لغالبية  اصحاب الدخل المحدود ان لم يكن مجملهم لهجر هذه السنة وهذه السنة  بجانب كونها تتيح لأعداد غفيرة من المحرومين من طعم اللحوم فرصة التمتع بها طوال ايام العيد فأن قصة الذبح المذكورة فى القرآن الكريم اذا اتيح للمهووسين بجمع المال ادراك معانيها ومغازيها ومقاصدها لأبتعدوا عن استغلالها واعتصار جيوب المتمسكين بها لآخر مليم ، فتصوّروا ان يتدخل الله بعزته وجلاله ليفدى نبيا من ذبح ابيه النبى حينما رأى فى المنام انه يذبحه قربانا لرب العالمين فالله عزّ وجلّ بلغ تكريمه للانسان هذا الحد فى حين ان المهووسين من البشر بجمع المال استغلوا  المتمسكين بها سنة تذكرهم بحرمة ذبح الانسان برفع اسعار الاضاحى الى حدود تبدو معها هجر هذه السنة امرا كبير الاحتمال فى ظل الاوضاع الاقتصادية والمالية التى يعيشها معظمنا ، فهل اراد هؤلاء العودة بنا الى عصور الذبح ؟
                      للمتنطعين والمهووسين بالمظاهر حتى فيما يخص شعائرنا الدينية والحالمين من شذاذ الآفاق بترقية مراتبهم الاجتماعية على حساب هذه الشعائر ارفق لكم صورة خروف فاخر ارجو ان تتمكنوا من الوصول الى اسواقه وعرضه امام ابواب منازلكم فترة قبل الذبح ليمنحكم شهادة تقول صاحب هذا البيت من المضحين بخروف درجة اولى .صورة خروف المستقبل

الأربعاء، 10 نوفمبر 2010

سبعة شروط حسوما

http://cache.daylife.com/imageserve/0cEZ9H47hF1c0/610x.jpg
سلفا كير رئيس حكومة الجنوب
الرئيس عمر البشير

الرئيس اوباما
                       الشروط التى طرحتها ادارة الرئيس اوباما لتطبيع العلاقات الامريكية مع السودان   ببنودها السبعة والمنشورة بصحيفة الصحافة الصادرة فى 8\11\2010 لم تخرج فى مضمونها ولا فى تطلعاتها عما ظل ينادى به طرفا الاتفاقية ، فهذه الشروط فى حد ذاتها ليست مشكلة ولكن كيفية تطبيقها على ارض الواقع هى المشكلة التى جعلت من اتفاقية نيفاشا اتفاقية لهدنة حرب اكثر منها اتفاقية لبناء سلام مستدام ، والادارة الامريكية بحكم تواجدها المستمر والطويل على مائدة المفاوضات بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية قبل وبعد نيفاشا ادرى بطبيعة العقبات التى وقفت امام التطبيق ، وما يهمنى هنا ( ابيّى ) العقبة الرئيسة او الكؤود التى من شأنها ان تنسف كل جهود عمليات السلام التى انجزت حتى الآن ، ولأنها كذلك فأن الضرورة تقتضى مواقفا مرنة من قبل الادارة الامريكية تبتعد عن فرض الشروط وتنزع فى مخاطبتها بذات الروح التى طغت على خطاب الرئيس اوباما بالقاهرة فى يونيو 2009 وخطابه الذى بثّته اذاعة  (سوا) صبيحة اليوم 9\11\2010 من اندونيسيا  واللذّين تحدث فيهما عن سياسة اليد الممدودة للمسلمين ، فهذه الشروط الحاسمة فى نبرتها قد تجعل هذه اليد الممدودة فى نظر المعنيين بمشكلة ( ابيّى ) يدا ممدودة للأخذ اكثر منها يدا ممدودة للأخذ والعطاء وتدفع بالتالى الاوضاع بين الشمال والجنوب شيئا فشيئا الى مربع الحرب من جديد .  من جانب آخر تبدو هذه الشروط السبعة فى احد وجوهها آخر ما فى جعبة الادارة الامريكية من افكار لتطبيع علاقاتها و للحيلولة دون انفجار الاوضاع فى السودان ، ومع تقديرى لأهتمامها الكبير بقضايا بلادى ولجهودها المقدرة التى بذلت لوقف الحرب وجهودها الحثيثة الجارية لمنع وقوعها مرة اخرى الا ان كل هذه الجهود والافكار لم تستطع ان تؤثر فى المواقف المتباعدة بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية القابضين على مقاليد الامور بالبلاد شمالا وجنوبا وبالتالى لا يغيب عن وعى اى انسان وجود خلل هنا ، اما فى الافكار المطروحة واما فى الاطراف المخاطبة بها ولا سبيل لتخطى مثل هذا الوضع الا بطرح افكار جديدة او البحث عن اطراف اخرى او توسيع اطر الاطراف الحاكمة بأطراف اخرى  لم تتح لها الفرصة لطرح افكارها والتى من الممكن ان تنجح فى معالجة القضايا العالقة ومن ضمنها قضية ( ابيّى ) وهو حق يبدو اصيلا طالما ان التبعات المترتبة على فشل هذه الشروط فى تحقيق اهدافها ستطال الجميع .

                    اما اذا كانت هذه الشروط موجهة بالأساس الى اطراف اقليمية ودولية ضالعة فى الشأن السودانى بطريق مباشر او غير مباشر فما علينا كسودانيين فى الشمال والجنوب سوى الحيلولة دون ان نكون اوراق ضغط فى يد اطراف دولية واقليمية متصارعة حول مصالح قد يكون السودان ضمن دائرتها وقد يكون مجرد سانحة تتيح استغلاله لتحقيق مكاسب فى بقاع اخرى من الارض ، فثمة مسئولية وطنية واخلاقية هنا لن يغفرها التأريخ اذا انزلقت قيادات هذا الوطن الى مثل هذه الصراعات ، فليحمل كل منها خلافاته على ظهره وينتظم فى صف وطنى واحد نجنب به بلادنا ان تكون ميدانا لحروب الآخرين .

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...