الثلاثاء، 30 أكتوبر 2012

لأمريكا حسن العزاء


               
                      منذ الازل ، ظلّت الطبيعة فى صراع مدمر مع البشر لم يتوقف الى يومنا هذا ، واستحقت بذلك ان نطلق عليها (العدو الازلى) ، عدو شديد الغضب وشديد القسوة ، لا يميّز ابدا بين ضحاياه ، يأخذهم هكذا اما بغتة واما بأنذار يعلمه من افسح للعلم ما يحتاجه من كل شىْ ، وفى كلا الحالتين ، يظل غضبها غضبا قويّا ومدمرا ، فحتى الآن لم نؤت من العلم الا قليلا ، وهذا القليل لم يمكننا بعد من مواجهة كوارثها .

                     والاعصار (ساندى) الذى يضرب فى (نيو يورك) هذه اللحظات ، يستوجب منا جميعا التضامن معها ، فثمة بشر هنالك يواجهون اقدم رعب عرفه التأريخ البشرى ، اطفال ونساء وشيوخ يواجهون ماردا جبارا يضرب فى بيوتهم بالريح الصرصر وبالماء من البحر والجو ، انها اسوأ لحظات رعب يواجهها البشر ، فلا مجال لمشاعر يمكن ان تخفف حالة الرعب والخوف التى تتملكهم سوى مشاعر المواساة والمؤازرة والدعاء بأن يشملهم الله برعايته ، فلو كانت حربا فأن الشعور بالكراهية والحقد والتفكير بالانتقام يمكن ان يوازى تلك الحالة ، لكنها الطبيعة ، لا تستطيع ان تمسك بجيوشها الجبارة المدمرة ، لا تستطيع ان توجه اليها رصاصة او صاروخا ، لا تستطيع سوى ان تهرب منها او ان تنتظر امر الله .

                      اوباما اعلن حالة الكارثة الكبرى بنيويورك ، امريكا بكل عظمتها وبكل علمها لم تستطع ان تدرأ هذه الكارثة عن مدنها ومواطنيها ، ولن تستطيع غيرها من الدول ان تفعل شيئا اكثر مما فعلته ، فهذه اعلى سقوف قدرتها وقدرة عالمنا رغم العلم الذى ذهب بنا الى اغوار الفضاء اللامتناهى ، وحين تعلن حالة كارثة كبرى لا تحتاج من امثالنا سوى شيئا من العزاء .

                      للشعب الامريكى خالص العزاء فى فقده ، وما لحق به من خسارة .
                     

لم يعد بحيرة سلام


سفن حربية ايرانية ترسو في ميناء سوداني


                  البحر الاحمر من اهم الممرات المائية التى تربط الشرق بالغرب هذا معلوم ، ولكن فى الفترة السابقة شهد مهددات امنية ابرزها نشاط القرصنة الصومالية الذى ادى الى حشد من سفن حربية متعددة الجنسيات لحماية الملاحة فيه خاصة تلك الناقلة للنفط ، وكان من الغرابة بمكان ، ان الدول التى شكّلت هذا الحشد البحرى الحربى -سواء على البحر الاحمر او فى مدخله على المحيط الهندى- بحجة مكافحة القرصنة ، كان من الغرابة بمكان ان تتخذ من البحر ميدانا لمكافحتها القرصنة بينما الجميع يعلم ان اساسها قائم على الارض الصومالية ، بمعنى آخر ان القرصنة لم تكن سوى زريعة للحشد الذى يبدو عملا استباقيا استهدف تأسّيس قاعدة بحرية انتظارا لمعارك قادمة .

                 وفى اليومين الفائتين انشغلت الميديا العالمية برسو قطع بحرية حربية ايرانية ببورتسودان وعبور قطع حربية اسرائيلية لقناة السويس تحت حراسة مشددة فى طريقها الى البحر الاحمر ، وهذا الحراك الحربى البحرى بين ايران واسرائيل يجىء عقب الغارة الاسرائيلية على مصنع اليرموك الذى تتدعى اسرائيل ارتباطه الوثيق بمنظومة الصواريخ الايرانية ومشاريع تطويرها ، ولأن هذه الصواريخ عطّلت حتى الآن مشروع العدوان الاسرائيلى على المنشئات النووية الايرانية ، فقد اصبحت تشكل تهديدا امنيا لم تعرفه اسرائيل من قبل ، خاصة مع التقدم الذى احرزته ايران فى مجال صناعة الطاقة النووية ، ولكن هذه الصواريخ وتوابعها من الاسلحة والذخائر والمقذوفات الايرانية قد عرّضت مجالنا الجوى لأختراقات متكررة من الطيران الحربى الاسرائيى الذى لم يتوان فى كافة هذه الاختراقات من قصف اهدافا سودانية وغيرها على الارض السودانية ، كان آخرها مصنع اليرموك .
                 فالبحر الاحمر والذى ظلّ لأزمان طويلة بمناى عن الحروب ، ورغم الجهود التى بذلت من الدول المطلة عليه ومنذ سبعينات القرن الماضى ليكون بحيرة سلام ، دخل الآن بسبب الملف النووى الآيرانى دائرة حروب الشرق الاوسط والخليج ، واصبح السودان بحكم علاقاته مع ايران ضمن دول المواجهة فى هذه الحروب ، ولست هنا بصدد الحكم على هذه العلاقة وتكاليفها ، فأيران دولة مسلمة تستحق ان تحظى بعلاقات طيبة مع كافة الدول الاسلامية ، ولكن البحر الاحمر هو رئتنا الوحيدة التى نتنفس من خلالها ، واى معارك هنا لا تعنى سوى حصارا خانقا تبدو خسائره اكبر واعظم من الخسائر التى تنتج عن حرب الاستنزاف التى شهدنا بعض ملامحها فى ضربة مصنع اليرموك ، اما الاخطر من ذلك هو ان يخرج شرقنا الحبيب مع هذه المعارك مرة والى الأبد من الخارطة خاصة وان مشروع تقسيم هذا الوطن والقائم منذ امد بعيد فى مخيلات داخلية و اقليمية ودولية يبدو فى اوج نشاطه .

                  البحر الاحمر لم يعد بحيرة سلام ، ولم تعد فى يد العرب حيلة او سلاح ، ومصر الشقيقة يعربد الطيران الحربى فى سمائها حينا بعد حين ، وارجو ان يكون فى الوقت متسع يتيح لهذا الوطن الحبيب خروجا آمنا من هذه المآزق التى تتراءى فى يقظتنا كوابيسا مرعبة تدفع المرء اما الى مواطن المهارب واما الى مواطن التهوّر ، ذالك التهوّر الذى دفع يوما احد وزرائنا الأجلاء حين اصاب العالم رعب كبير من ازمة خليج الخنازير بين امريكا والاتحاد السوفييتى ان يقول ( اللهم اجعلها حربا لا تبقى ولا تزر ) وحمى الله السودان من كل شر .
                 

                  

                 

                 

الأحد، 28 أكتوبر 2012

الهدف التالى


                  الزرائع والحجج التى حفلت بها عدد من المواقع لتبرير العدوان على مصنع اليرموك ، والتى ربطت انتاج المصنع بملف القضية الفلسطينية بأعتبار ان نشاط بعض الفصائل الفلسطينية يشكل انتاج المصنع من الذخيرة والمقذوفات والصواريخ العنصر الهام فى تسليحها ، كما ان ربطه بالملف النووى الايرانى بأعتبار ان المصنع يشكل احتياطى استراتيجى لمخزون ايران من صواريخها بعيدة المدى وقاعدة لتطويرها وتأثير ذلك على الصراع الدائر حول الملف النووى الايرانى الذى تتزعمه اسرائيل وتعد لتوجيه ضربة عسكرية اليه ، هذه الزرائع والحجج كأنما تعطى اسرائيل الحق الدائم فى توجيه ضرباتها الجوية الى اى اهداف عسكرية سودانية ، بعد ان طالت فى السابق الأفراد والجهات الضالعة فى تجارة وتهريب الاسلحة بشرقنا الحبيب .

                   وما يدعو للغرابة هنا ، هذا السكوت الجماعى عن هذا العدوان الذى يتصادم مع القانون الدولى بأنتهاكه لسيادة دولة مع سبق الاصرار والترصد ، رغم اعوجاج المنطق الذى انبنى عليه ، فأذا سلّمنا جدلا ان اطرافا سودانية تقوم بأمداد بعض الفصائل الفلسطينية بأسلحة وذخائر ومقذوفات تم تصنيعها بمصنع اليرموك ، فأن كثيرا من الفصائل التى تحارب انظمتها القائمة تتلقى السلاح بذات الكيفية من العديد من مخازن ومصانع السلاح شرقا وغربا بما فى ذلك من اسرائيل نفسها ، والامثلة كثيرة اقربها الى لحظتنا الراهنة ما يجرى فى سوريا الآن ، دع عنك ان تلك الفصائل تدافع عن ارضها ، اما ما يقال عن التعاون العسكرى القائم بين السودان وايران فأن الغارة الأسرائيلية نفسها ما كان لها ان تتم بهذا النجاح لولا الامداد المتواصل من مصانع الاسلحة الامريكية وغيرها والتى دخل بعضها فى شراكة فعلية مع اسرائيل فى تطوير تلك الصناعة العسكرية التى تعتمد اسرائيل عليها اعتمادا كليا فى اعتدائها على الدول العربية ، فهذا المنطق الذى اعطى اسرائيل مشروعية لعمليتها هذه هو ذات المنطق الذى يعطى الجماعات العربية والاسلامية المدعوة بالمتطرفة مشروعية لعملياتها فى الدول التى تمد اسرائيل بالأسلحة والعتاد - مع الفارق بالطبع بين الدول والتنظيمات - ولكن بين الدول ثمة قانون دولى يتعامل مع مثل هذه الحالات حتى لا تتعامل الدول كالجماعات والتنظيمات المدعوة ارهابية .

                    كل هذا لا يهمنى هنا بقدر ما يهمنى ان الوضع الراهن بالسودان بتعقيدات ازماته المحيطة بمركز الحكم ، يستحيل معه مواجهة مثل هذه الاستهدافات ، فالضربة فى احد ابعادها الامنية القريبة للعقل وفى ظل الحظر و الحصار المفروض على توريدات الاسلحة من قبل الامم المتحدة وامريكا ، تبدو ممهدا اوليا لأجتياح قادم يتطلب تجفيف القوات المسلحة من حاجتها للاسلحة والذخائر والمقذوفات ، وتبدو فى بعد آخر محاولة لمعادلة ميزان القوة بين السلطة القائمة والحركات المسلحة -التى تبدو الآن فى حالة حصار بعد اتفاق اديس ابابا الاخير- وذلك لفرض حلول عجز الطرفان للوصول اليها سلميا، لكنها تبدو فى احد ابعادها فرصة اخيرة لقوى المجتمع السودانى الحاكمة والمحكومة ان تلجأ بقوة الى العقل لترتيب اوضاعها السياسية دون تكابر قبل ان يقوم آخرون بترتيبها .

                     وما يهمنى هنا اكثر ، انه اذا سكت المجتمع الدولى طويلا عن هذا العدوان فلن يعنى ذلك سوى ان ثمة ضربة قادمة ، فلنلحق انفسنا قبل ان تلحق ايادى العدوان الهدف التالى .

                   
                    

الأربعاء، 24 أكتوبر 2012

نوم العوافى


                   لفت انتباهى وانا اتابع قناة امدرمان مساء الامس ، خبر مفاده ان السيد محمد عثمان الميرغنى قد قابل رئيس الجمهورية ببيت الضيافة وتناول اللقاء اوضاع البلاد الراهنة دون اى تفاصيل ، و انتابنى شىء من القلق والخوف ، فالسيّد محمد عثمان الميرغنى بما يمثله من ثقل دينى له امتداداته الاقليمية داخل القارة وخارجها ، وبحكم علاقاته الاقليمية والدولية المميزة ، وبحكم حضوره الطويل فى قلب اللعبة السياسية بالسودان بثنائية تقلباتها ما بين نظام عسكرى ونظام ديمقراطى ، يبدو مؤسسة قائمة بذاتها ، مؤسسة تعادل دولة ، لا اشك فى وعيه السياسى وتقديراته الصائبة لأوضاع البلد ، وان يقوم دون مقدمات بمقابلة رئيس الجمهورية  يعنى ان ثمة امر جلل قد وقع او على وشك الوقوع وهذا بالضبط ما انتج قدرا كبيرا من  القلق والخوف  .وكغالبية من السودانيين الذين اعتادوا ان يرمون القلق والمخاوف خلف ظهرهم وينامون نوم العوافى ،  استيقظت صباح اليوم على قصة انفجارات مصنع اليرموك وامتداداتها بما فى ذلك ما اضافته المخيلة السودانية بحبكاتها المتقنة ، وبعيدا عن اى اضافات جديدة لهذه القصة سواء تلك المستقاة من تصريحات سابقة لمسئولين حملت من المحاذير ما حملت او تلك المستقاة من وقائع قريبة وغريبة والتى شكّلت فى مناخ الوطن الملبد بالغيوم الداكنة لوحة مرعبة ومنذرة بالمثير الخطر ، بعيدا عن كل هذا ، فأن الوطن بما يعتمل من قضايا لا تخفى مخاطرها على احد ، لم يعد مكانا للحالمين او المغامرين او المغيبين او الذين اخذتهم العزة بالاثم ، الوطن الآن اصبح حقيقة عارية فيها من الألم مقدار ما فيها من الرعب ، وفيها من الأمل مقدار ما فيها من يأس ، فيها الشىء ونقيضه ، فالوطن الان امام اختيار صعب ، اما ان يكون وطننا الذى الفناه بجماله وجمال عقلائه على مختلف مشاربهم واما ان يكون وطنا متماهيا مع جنون المنطقة التى انتجت ولا زالت تنتج من البشاعات ما ادمى الضمير الانسانى .

    وما حدث بالأمس سواء اكان بفعل فاعل كما اشارت بعض الروايات او كان نتيجة لخلل فنى او اهمال او غيره كما تميل بعض الروايات الرسمية ، يبدو فى احد وجوهه رسالة عنيفة يكفى مشهدها الذى نقل ذالك الجزء من الخرطوم الى احد احياء دمشق الغارقة فى الجحيم ، فالحذر الحذر من الانزلاق الى تلك المهاوى التى تفتح ذراعيها دون تمييز لأحد ، فلا الحاكم ولا المحكوم سيسلم منها ، لا الطامحون فى السلطة ولا المستميتون فيها سيسلمون ولا السلطة نفسها ستسلم ، الكل سيكون فى قاع عبارة عن مخاضة فى الدماء ، ما حدث بالأمس ايا كان مصدره ، صرخة فى اذن النائمين نوم العوافى ان استيقظوا قبل ان يأخذكم طوفان العنف الذى يحوم حول المنطقة بأثرها ، فلسنا بمعزل عن مساره طالما ان قدر القضايا المعلّقة تمتد على جانبى طريقه صفوفا يدفعها الظلم المتراكم و الغبن المتراكم شوقا لأستقباله .

                    ايها السودانيين ، استيقظوا واستمعوا لصوت عقلائكم ، حمى الله السودان من كل شر .



              
                   

الأحد، 21 أكتوبر 2012

اكتوبر : عبقرية شعب


 .ثورة أكتوبر السودانية


                    تجىء اليوم ذكرى ثورة 21 اكتوبر 1964 وبلادنا تعتمل بقضايا اى واحدة منها تساوى اضعاف اضعاف القضايا التى فجّرت ثورة اكتوبر المجيدة ، وفاقتها خطرا واضرارا بجسم هذا الوطن الحبيب وانسانه ، وعلى مدى ما يقارب نصف قرن من الزمان ظلّت ذكرى هذه الثورة فى الوجدان السودانى حيّة ونابضة ، تتوهج مثل ليلة عرس كلما ضاق الشارع بضغوط الحياة وخطل السياسة ، بل ظلّت فى الوجدان السودانى مثل اغنية قديمة حبيبة متى لامست انغامها وترا عميقا فى النفس ايقظت كل فوران العشق والشوق ، عشق لأيام كان فيها الوطن فوق كل امنية وفوق كل فكرة وفوق كل مصلحة ، وكانت لياليه لباسا للفرح وليس محابسا مع الهم والكرب والاحباط ، هى بالضبط استقرت فى وجدان هذا الشعب العظيم نداءا مقدسا متى دعى الداعى تجده قد صدح فى كل بيت وكل حى وكل مدينة بنشيد يحرك حنينهم الى الشوارع والساحات .

                   يا له من شعب عظيم ، وفريد فى عظمته ، فمن بين كل ثورات الشعوب لم نشهد انتصارا كالذى حققه فى 21 اكتوبر 1964 ، وبشهداء لم يتجاوز عددهم اصابع اليد الواحدة ، وشوارع نظيفة الا من متاريس او شعارات على الجدران ، وحين اقارنها الآن بمهرجانات القتل والمجازر والدمارالتى اقامها تتار الالفية الجديدة على ضفتى بحر الجنون الذى يطوّق بعض دول المنطقة الآن ،
اصرخ بكل الخيلاء التى عرفها الانسان يوما ، احبك يا شعبى .
                    لقد علّمتنى ان الوعى هو سيّد الانتصار ، لا السلاح ولا الكراهية ولا الانتقام سيحقق لى نصرا ، وعلّمتنى ان العنف والقمع والسجون ليست بقادرة ان تقف فى طريقك حين تمسك بتلك اللحظة الحاسمة التى تعبر بك الى التغيير الذى تنشده آمنا سالما ، 
علمتنى ان السلام حين يكون رفيقك فى درب الثورة سيكون رفيق خصمك فى اتجاهه المعاكس لك ، والغلبة حينها لمن معه الحق لا القوة ، لمن معه الوطن بأهله اجمعين لا المؤسسات ، لمن معه الله هاديا ومرشدا لا لمن معه حاكم جائر .

                    اكتوبر لا يزال حيّا فى وعى هذا الشعب العظيم ، ومتى حانت تلك اللحظة المناسبة سنجده متكئا على كل شارع وكل ساحة وهو ينشد نشيده المقدس عن الحق والحرية ، عن العدل والسلام .

                    كل سنة وانت بألف  ألف خير ايها الوطن الحبيب ، وكل سنة وانت بألف ألف خير ايها الشعب العظيم .

                    

السبت، 20 أكتوبر 2012

اضحى الابراهيمى للسلام


                    اعظم دلالات قصة الذبح فى سيرة سيدنا ابراهيم عليه السلام ، ان الله بعزته وجلاله تدخل لينقذ بشرا نبيا من الذبح ، وان الاحتفال به كل عام متزامنا مع شعائر الحج هو فى حقيقته تذكير لهذه الامة عن حرمة ذبح الانسان ، عن سمو قيمة حياة الانسان عند رب العالمين ، وكيف ان هدم الكعبة -بيته الحرام- اهون عنده من قتل النفس ، وان يختار الاخضر الابراهيمى هذه المناسبة لوقف القتال المتوحش الدائر فى سوريا ، يعنى ان الرجل استدعى اعظم ما فى تأريخ هذه الامة من تراث واعظم ما فى عقيدتها من تكريم للأنسان الزم كل مسلم بصون حقه فى الحياة ، لقد تجلى سيّد الاسم فى حامله والهمه هذا المقترح الذى يقبله كل صاحب دين وكل صاحب اخلاق .

                    وليس غريبا ان يحظى مقترحه هذا بتأييد سريع من الدول التى على علاقة مع الازمة السورية من ايران الى تركيا وما بينهما من دول مستترة او سافرة فى علاقتها بالازمة والتى لم يألو الابراهيمى جهدا فى بلوغها ، وتداعت الى هذا التأييد قوى المجتمع الدولى بما فى ذلك امريكا بكل ما تمثله من ثقل فى المنطقة التى تمسك بكثير من مفاتيحها ، ليس غريبا ان يحظى هذا المقترح بكل هذا التأييد ، فالمخاطر المحيطة بوضع سوريا المتفجر معلومة للقريب والبعيد وليس من مصلحة الحياة فى هذا الكوكب ان يشهد حرائقا جديدة طالما ان الامل فى اطفائها فى مهدها لا يزال قائما ، وطالما ان اطراف القتال الدائر فى سوريا من سوريين وغيرهم يعلمون ما يعنيه التمادى فى تحدى ارادة رب العالمين  وارادة هذه القوى المؤيدة لوقف القتال ، ولا مناص لهذه الاطراف من ان تستجيب وان تضع السلاح ارضا حتى تعود ارض سوريا من جديد قابلة للحياة فيها .

صورة معبرة عن الموضوع الأخضر الإبراهيمي                    ثمة امل كبير اخذ يلوح فى الافق بأن انسان سوريا على موعد مع السلام ، وان المنطقة على موعد مع رحيل المخاوف التى احاطت بها مع اول طلقة اخترقت جسد الابرياء هناك ، وان العالم على موعد مع علاقة جديدة ملتحمة بقدرة الحوار والتفاوض على صنع السلام اذا احسن الواقفون خلفه اختيار من يقوم به ، فالابراهيمى من المتشبعين بثقافة الاطراف المتقاتلة ، ولا يغيب عليه ان ثقافة المنطقة التى تحتفل هذه الايام بمجىء عيد الاضحى المبارك ، تعلم ان هذا الاحتفال ما كان له ان يتم لولا ان رب العزة والجلالة فدى نبى الله وسيدنا اسماعيل بذبح عظيم ، فمتى توقفت هذه العمليات المجنونة لا بد من فداء عظيم قادر على ان يسكت السلاح فى سوريا للأبد ، ولا يهم ان كان هذا الفداء حكومة انتقالية او مجلس انتقالى او ليسمه السوريون ما شاءوا له من تسمية ، المهم ان يكون معبرا عن اطيافها السياسية والاجتماعية وينال رضا جميع مكوناتها وقبولهم .

                   التحية والتقدير للأخضر الابراهيمى الذى خاض فى مستحيل هذه الازمة وهو يبارز فى اليأس شرقا وغربا حتى تمكن من فتح هذه النافذة الثمينة المطلة على الامل فى سلام ممكن يقتضى ان تلتف حوله قوى سوريا على اختلاف مشاربها وقوى المنطقة وقوى المجتمع الدولى ، فالسلام يستحق ذلك .

الجمعة، 19 أكتوبر 2012

مصيدة ميدان التحرير


                 احتفل اليوم الاخوان المسلمون فى مصر بأنتخاب رئيس جديد لذراعهم السياسى حذب الحرية و العدالة  ، فى ذات الوقت الذى تحشد فيه عدد من الاحذاب جماهيرها بميدان التحرير تعبيرا على معارضتها لحكم الاخوان ، والمشهد بصورتيه المتناقضتين يعكس مناخ الديمقراطية الذى يظلل سماء مصر هذه الايام ، ولكنه يعكس من جانب آخر غربة عدد من القوى السياسية عن هذا المناخ ، واعنى بها تلك القوى التى اتخذت من ميدان التحرير وسيلتها الوحيدة لمعارضة حكم الاخوان المسلمين الممثل فى ذراعه السياسى حذب الحرية والعدالة ، متغافلة ان ثمة نظام ديمقراطى قائم فى مصر له ميادينه للمعارضة وابداء الرأى وله ادواته المجربة فى احباط السياسات المرفوضة دون ان تشكل تلك الميادين حجرا على رواد ميدان التحرير من منظمات المجتمع المدنى .

                 ولكن ان تكون حذبا سياسيا قائما فى مصر وتوقف نشاطك على ميدان التحرير ، يعنى اول ما يعنى ، اغترابك عن المجتمع المصرى وزهدك فى مؤسسات الديمقراطية وما يمكن ان تحققه من مكاسب يقف على رأسها مناخ الحرية الذى افتقدته مصر زمنا طويلا ، ويعنى انك قد تنازلت طوعا واختيارا لخصمك او خصومك للأنفراد بمصادر الشرعية التى تحظى بأحترام العالم .

انتخابات رئاسة حزب الحرية والعدالة : سعد الكتاتني ورامي لكح                 ويجىء احتفال حذب الحرية و العدالة اليوم بأنتخاب رئيس جديد ، رسالة قوية للعالم بأن ثمة حذب هنا رغم كل ما قيل عنه يؤمن ايمانا قاطعا بالديمقراطية ، وهاهو يطبقها داخله فى ظل منافسة مثيرة تحمل فى داخلها رسالة قوية للداخل المصرى ، تقول ان صندوق الاقتراع هو خياره الوحيد فى حسم المنافسة مع الآخرين ، ولكنها رسالة تحوى ضمن ما تحوى فى ظل الاستقطاب الحاد المضاد لحكم الاخوان المسلمين ، ان حكمهم  حسب ما جاء فى قول رئيس الحذب الجديد سعد الكتاتنى يعنى ان الخاسر مكانه المعارضة ، اى ان القوى المعارضة لحكم الاخوان لا مكان لها فى حكومتهم .

                احتفال اليوم يشير بوضوح الى ان الاخوان فى مصر ممثلين فى حذب الحرية و العدالة ، يدركون جيدا ما تعنيه المؤسسات فى ظل النظام الديمقراطى ، ويحضّرون جيدا لخوض المنافسة للفوز بها ، بينما عدد من القوى السياسية فى مصر لا زالت تعوّل على ميدان التحريرفى صراعها مع الاخوان المسلمين بينما للديمقراطية ميادينها الخاصة للصراع ، وحدث ان سبقهم الاخوان اليها واحرزوا اغلبية فى البرلمان المنحل ، ويبدو ان ذات السيناريو سيتكرر مرة اخرى بعد ان اختارت القوى المعارضة ميدان التحرير ارضا للصراع .

                  ميدان التحرير يبدو الآن مصيدة الاخوان الذهبية التى تتيح لهم حبس انشط القوى فى مصر ، ولكنه يبدو من وجه آخر مدعاة لفوضى قاتلة للديمقراطية ، وليحمى الله مصر من الفوضى .

الخميس، 18 أكتوبر 2012

كف العفريت


                    حذر سلفا كير رئيس دولة جنوب السودان جيشه من الانقلاب ضده ، مبينا انه سيفتقد للشرعية لأستحالة حصوله على أعتراف اقليمى ودولى ، اى سيكون  انقلابا فى كف عفريت ، سيتلاعب به يسارا ويمينا وشمالا وجنوبا ثم ينكفىء به على ارضه حربا ضروسا لن تلبث نيرانها ان تمتد فى كل الاتجاهات متجاوزة كل الحدود ، ولقد صدق سلفا كير فى تحذيره حتى وان كانت دواعى الانقلاب دوافعا حقيقية يفرضها واقع دولة الجنوب المزدحم بقضايا ثقيلة على دولة وليدة ، فلقد ظلّت القوى الاقليمية بدءا من الايقاد مرورا بالاتحاد الافريقى وانتهاءا بالامم المتحدة وما بينها من قوى دولية ، تبذل فى جهود جبارة لأيقاف الحرب وابعاد شبحها بين الدولتين حتى تكللت مساعيها بأتفاق اديس ابابا الاخير والذى فتح ابوابا للأمل فى ان يقود مستقبلا علاقات البلدين الى وضعها الطبيعى .

                  فالأنقلاب فى هذا الوقت يعنى تحديا لأرادة هذه القوى مجتمعة ، ويعنى رفضا لأتفاق ابعد حربا كانت وشيكة ويعنى نتيجة لذلك اتجاها لأعادة شبح الحرب ليخيّم ثانية بين البلدين ، فهذه اسباب كفيلة بأن تثنى اى مغامر من التفكير فى الاستيلاء على السلطة بقوة السلاح ، فضلا عن ان السلطة فى حاضرنا الراهن لم تعد تستقيم وتستديم الا فى ظل نظام ديمقراطى له ادواته العادلة والنزيهة المفضية اليها ، كما ان السلاح الذى يأتى بالسلطة يمكن ان ينتزعها ايضا ولكن بتكلفة عالية .

                   ومع ذلك فأن التحذير وحده لا يكفى لردع من يقفون وراء التخطيط للأنقلابات ، وانما يجب ان يتسلّح الحاكم الديمقراطى بقوى شعبه بأعتبارها السلاح الامضى فى مواجهة الانقلاب ، وقوى الشعب اى شعب لن ترضى ان تكون سلاحا فى يد حاكم لا يحترم حقوقها فى الحريات العامة والعدالة الاجتماعية وادارة مواردها بعدالة وشفافية ، فهذه هى الملفات التى تحتاج اى حكومة ان تديرها بالحق والعدل لتضمن رضا شعبها ووقوفه الى جانبها .

                    اتمنى ان تتخطى حكومة الجنوب ازماتها الحالية ، وتتفرغ لخلق حياة كريمة وآمنة لأنسانها الذى رزح تحت ويلات الحروب والقهر والجوع والمرض والجهل عقودا طويلة لم يسلم من تبعاتها انسان الشمال طوال تلك العقود فاصابه منها نصيب جعله يحتل موقعه بجدارة فى كف عفريت الانقلابات الذى يتهددكم الآن .

الاثنين، 15 أكتوبر 2012

من فى التاسعة ليست عائشة


                 يقول الامام الغزالى ( غباء المسلم خطيئة ) ، ويا لها من خطايا تلك التى انتجها بعض اطراف الفكر السلفى الصاعد هذه الايام فى مصر واخذت تنتشر نارا فى هشيم العالم الاسلامى ، واكبر هذه الخطايا محاولاته الدؤوبة بين الحين والآخر فى خلق مواجهات صادمة بين المسلم وثراثه الاسلامى ، للحد الذى يؤدى بالبعض الى قطيعة تامة مع تراثه ويزج بالبعض الآخر فى ماضى هذا التراث مغيبا تماما عن حاضره ومستقبله ، والآمثلة عديدة آخرها سعيه الهادف لتقنين سن الزواج لتكون التاسعة هى سن الزواج بالنسبة للبنت .

                  ولا شك ان كثيرا من المسلمين قد انتبهوا الى هذا المكر السىء الذى ظنّ ان رفض هذا الهدف المتنافى مع الواقع الاجتماعى لحاضرنا سيقود صاحبه الى مواجهة مع رسولنا الكريم عليه افضل الصلاة والسلام بأعتبار انه دخل على السيدة عائشة رضى الله عنها وهى فى سن التاسعة ، وسيقوده ثانية الى الاصطدام بالنص القرآنى الذى يأمرنا بالاقتداء برسولنا الكريم .

                   لست فقيها فى الدين ولكنى اعلم فيه ما تقتضيه الضرورة على كل مسلم ، واول ما علّمنى دينى من الضروريات ، ان اتدبر وافكر واعقل الامور ، واول الامور التى عقلناه على الصعيد الاجتماعى فى سيرته ، ان زواجه عليه افضل الصلاة والسلام كان لأمر رسالى وبلغ عدد زوجاته اثنى عشر زوجة ، من ضمنهم السيدة سؤدة بنت زمعة وكانت عند زواجه بها قد بلغت سن الخامسة والستين فلماذا يقفون دائما عند زواج السيدة عائشة (رض) وهى التى قالت فيه ( كان خلقه القرآن ) ؟

                   ولأن خير الكلام ما قلّ ودلّ ، فأنه ليست كل من بلغت التاسعة هى السيدة عائشة ، وليس كل من اراد الدخول ببنت فى سن التاسعة رسول من عند الله .

الجمعة، 12 أكتوبر 2012

نوبل للكبار فقط


                  تقاسمت هذا العام كل من امريكا وبريطانيا وفرنسا والصين واليابان جائزة نوبل بالأشتراك فى الطب والفيزياء والكيمياء ، بينما انفرد الاتحاد الاوروبى بجائزة السلام والروائى الصينى مو يان بجائزة الادب ، اى ان الجائزة هذا العام ذهبت الى الكبار فى المنظومة الدولية ، اربعة فى العضوية الدائمة بمجلس الامن والخامسة اليابان من مجموعة الثمانية الكبار , وبذلك اصبحت جائزة نوبل هذا العام للكبار فقط .

                   وبمعزل عن تأريخ بعض دول الاتحاد الاوروبى وتأثير هذا التأريخ على القضايا الشائكة التى تعيشها دول العالم العربى والاسلامى والافريقى ، وبمعزل عن سياسات بعض دوله فى القضايا الآنية التى يعانى منها الامن والسلم الدوليين ، فأن ما حققه الاتحاد الاوروبى من انجازات على صعيد توحيد اوروبا وعلى صعيد نشر الديمقراطية ومبادىء حقوق الانسان فى مختلف الدول الاوروبية كما جاء فى حيثيات اللجنة المانحة للجائزة ، كانت كافية ليستحق عليها هذه الجائزة عن جدارة .

                   فالأنجاز يعد بكل المقاييس انجازا عظيما وملهما ليس للدول المتقاربة ثقافيا فحسب كما شهدنا ذلك فى عدة تجمعات اقليمية على مستوى العالم ، وانما اصبح املا لشعوب العالم المغلوب على امرها و التى تعانى من وطأة الانظمة الشمولية القامعة ومن مخاطر الأنقسامات والأنفصال التى تحيط بالعديد منها ومن قهر الفقر الذى استوطنها اجيالا وراء اجيال ، والامل هنا هو ان تحظى يوما بقادة مثل اولئك لذين فكروا وخططوا ونفذوا لأجل حاضر ومستقبل نجح فى ان يلبى لأوروبا احتياجات وتطلعات شعوبها فى العيش الآمن الكريم وفى الرفاهية التى تطغى على صورة العديد من دولها .


                   التهنئة للأتحاد الاوروبى بهذه الجائزة المستحقة ، وكل الامانى لشعوب العالم التى تحلم بوضع مماثل ، ان يصبح حلمها حقيقة . .

الاثنين، 8 أكتوبر 2012

فقه البراءة


                    فى مؤتمر الحركة الاسلامية الثامن بولاية الخرطوم تبرأت الحركة من اى ظلم وقع على الناس فى هذا البلد ، وهو اعلان يبدو فى احد وجوهه ، منتهى الجرأة ومنتهى الشجاعة ، ويطمئن الناس ان ثمة تنظيم هنا يأبى الظلم ويتبرأ منه ، وهو امر جدير بالاحترام والتقدير والمؤازرة ، فلا احد يرضى لنفسه الظلم او يرضاه لغيره ، ولكن هذه البراءة عسيرة الهضم على العقل السودانى حين تطلق هكذا بدون مستحقاتها خاصة وان الحركة الاسلامية بالسودان ومنذ 30 يونيو 1989 لم تألوا جهدا فى الامساك بمفاصل الدولة لتحقيق مشروعها المعلن والمعروف ( بالتمكين ) وهو مشروع تمّ تنفيذه بأقتدار بعد احلال كوادرها محل عشرات الآلاف من العاملين الذين فصلوا من الخدمة  ، هكذا تراءت الصورة بجلاء للكثيرين وستظل هذه الصورة راسخة مالم تأتى براءة الحركة المعلنة اخيرا بجديد يهدم هذه القناعة التى صاحبت رؤيتنا لها منذ تسعينات القرن الماضى .

                    ليس هناك ما يدفع ايا من المفصولين لدحض اعلان البراءة هذا وتعزيز الاتهامات المزمنة التى احاطت بهذه الحركة ،واخص المفصولين لأنهم اول ضحايا مشروع التمكين ولأن معظمهم كانت الدولة بالنسبة لهم العائل الوحيد والضامن القوى بعد الله ، ولأن الدولة فى تأريخ هذا الوطن كانت تعنى حامى الحقوق ، ثم جاءت حملة الفصل الجماعى فى اوج سطوة الاسلاميين لتهدم صورة الدولة فى وجدان المفصولين حتى صار الوطن فى نظرهم مجرد حنين عابر ، ورغم المرارات التى خلفتها هذه الحملة الجائرة فليس هناك ما يدفع ايّا من المفصولين لدحض هذه البراءة التى تستوجب بالمقابل ان تكشف لنا الحركة الاسلامية عن القوة التى نفذت هذه الحملة التى غيّرت شكل وجوهر الخدمة العامة فى السودان للدرجة التى دفعت رأس الدولة فى لقاء قبل فترة قريبة ان يعلن مبشرا الخريجين الذين ذاقوا مرارة العطالة عن انتهاء فترة التمكين ؟

                    لست هنا بصدد ربط اعلان البراءة هذا بأى ظل صراع سياسى رغم كثرة الروابط ، ولكنى احمل هذه البراءة مجردة كموقف اخلاقى يقتضى ان يكمل مسار شجاعته بتوضيح ما خفى علينا طوال هذه السنوات حتى لا نفهم اعلان البراءة هذا مجرد اجتهاد جديد يدعى فقه البراءة .

الأربعاء، 3 أكتوبر 2012

تعبير السلاح


                  (هل تظنون الاسلحة - البندقية والقنبلة والصاروخ - مجرد ادوات صماء لا تميل للتعبير عما تختزنه فى داخلها ؟ اذا كانت آلة العود فى بيتك تثير فى نفسك الرغبة فى العزف فلم لا يفعل ذلك المدفع ؟ ) 

           كأنى بالشاعر اللبنانى حسن العبد الله يرد بشاعرية على القلق والمخاوف والتهديدات التى تناولت موضوع الاسلحة الكيماوية والبيولوجية فى ترسانة سوريا العسكرية ، وينذر القلقين والخائفين والمهددين بأن احتمال استخدامها وارد تماما كما يظنون ، فالسلاح موجود والرغبة موجودة منذ امتلاكه او تصنيعه والاثارة تغطى ارض سوريا فى كل الاتجاهات ، ولم يبق على وقت بدء التعبير بالسلاح سوى الوقت الذى تبدأ فيه الدول والمؤسسات الدولية قطيعتها التامة مع النظام القائم فى سوريا او عداءها المكشوف له .

                 فأذا كان المجتمع السورى بكافة مكوناته - النظام ومعارضاته - الوالغة فى عنف متوحش يصدم يوميا فى الضمير الانسانى دون ان تكلف نفسها بأن تعطى الحوار فرصة ، واذا كان المجتمع الاقليمى الذى لم تنفك اكثر دوله تأثيرا ونشاطا فى الشأن السورى تجاهر بعدائها للنظام وشكلت فى خاتمة المطاف اداة دعم لعمليات القتل والدمار الجارية هناك ، واذا كان المجتمع الدولى الذى يقف عاجزا عن تقديم اى دعم لمحاولات الامم المتحدة التى سعت لوقف هذه البشاعات التى تجرى فى سوريا وادى موقفه هذا الى فشل مهمة كوفى عنان ويشى بفشل مهمة الاخضر الابراهيمى ، اذا كان هذا هو المناخ الذى يحيط بسوريا الآن فأننا بلا شك على موعد قريب مع تعبير جديد لسلاح جديد لن يتوانى النظام فى ظل الضغوط العالية التى يتعرض لها او من يمثلونه او قطاعات فى داخله من استخدامه ، فلا يوجد مكان آمن الآن فى سوريا لتأمين هذه الاسلحة الفتاكة ، فالعمليات العسكرية تجتاح البلاد من اقصاها الى اقصاها ، واخشى ان تكون عمليات القصف المتبادل على حدوده التركية اولى النذر التى ستمتد حتما لحدود اخرى يمسك النظام السورى بأوراق مؤثرة داخلها .

                 لا خيار يلوح فى الافق لوقف القيامة القادمة على المنطقة سوى ان يستمر الاخضر الابراهيمى فى مهمته حتى وان اصطدمت بالمستحيل ، فأستمرارها يعنى ان ثمة شرعية فى هذا الخضم الدامى من شأنها ان تكف عن المنطقة دمارا شاملا الله وحده يعلم مآلاته .

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...