منذ الازل ، ظلّت الطبيعة فى صراع مدمر مع البشر لم يتوقف الى يومنا هذا ، واستحقت بذلك ان نطلق عليها (العدو الازلى) ، عدو شديد الغضب وشديد القسوة ، لا يميّز ابدا بين ضحاياه ، يأخذهم هكذا اما بغتة واما بأنذار يعلمه من افسح للعلم ما يحتاجه من كل شىْ ، وفى كلا الحالتين ، يظل غضبها غضبا قويّا ومدمرا ، فحتى الآن لم نؤت من العلم الا قليلا ، وهذا القليل لم يمكننا بعد من مواجهة كوارثها .
والاعصار (ساندى) الذى يضرب فى (نيو يورك) هذه اللحظات ، يستوجب منا جميعا التضامن معها ، فثمة بشر هنالك يواجهون اقدم رعب عرفه التأريخ البشرى ، اطفال ونساء وشيوخ يواجهون ماردا جبارا يضرب فى بيوتهم بالريح الصرصر وبالماء من البحر والجو ، انها اسوأ لحظات رعب يواجهها البشر ، فلا مجال لمشاعر يمكن ان تخفف حالة الرعب والخوف التى تتملكهم سوى مشاعر المواساة والمؤازرة والدعاء بأن يشملهم الله برعايته ، فلو كانت حربا فأن الشعور بالكراهية والحقد والتفكير بالانتقام يمكن ان يوازى تلك الحالة ، لكنها الطبيعة ، لا تستطيع ان تمسك بجيوشها الجبارة المدمرة ، لا تستطيع ان توجه اليها رصاصة او صاروخا ، لا تستطيع سوى ان تهرب منها او ان تنتظر امر الله .
اوباما اعلن حالة الكارثة الكبرى بنيويورك ، امريكا بكل عظمتها وبكل علمها لم تستطع ان تدرأ هذه الكارثة عن مدنها ومواطنيها ، ولن تستطيع غيرها من الدول ان تفعل شيئا اكثر مما فعلته ، فهذه اعلى سقوف قدرتها وقدرة عالمنا رغم العلم الذى ذهب بنا الى اغوار الفضاء اللامتناهى ، وحين تعلن حالة كارثة كبرى لا تحتاج من امثالنا سوى شيئا من العزاء .
للشعب الامريكى خالص العزاء فى فقده ، وما لحق به من خسارة .