السبت، 26 فبراير 2011

سر الخيمة


                     من الظواهر التى حيّرت الكثيرين حول العالم ، لجوء القذافى فى سنوات حكمه الاخيره على نصب خيمة صارت رمزا رئاسيا ، ومحلا لأستقبال كبار ضيوفه ، واخذ فى الآونة الاخيرة يصحبها معه فى ترحاله داخل وخارج ليبيا ، وبكامل اكسسواراتها بما فى ذلك ناقة لا تقل فى الهامها للشعر عن المرأة التى تقف دائما خلفه ، وقد يبدو تصرفه هذا استجابة طبيعية لبيئته العربية الصحراوية البارزة فى مختلف نواحى ليبيا ، ولكن المشهد يشى من زاوية اخرى بعقدة تبدو ذات صلة مباشرة بكراهيته لملوك وامراء الخليج .

                    فتقدم جماهير الثورة الليبية الذى اخذ يضيّق الخناق عليه يوما بعد يوم ، كشف استهانته بكل المبادىء والقيم والاهداف التى حملتها مشاريعه ، الاشتراكية منها والجماهيرية ، والتى اتخذت من تقدم ورفاهية الشعب غاية اهتماماتها ، واول ما كشفته ضغوطات الثورة عليه ، انه خرج فى مواجهة احداثها لا بمؤسسات دولة لها حضورها فى مسيرة تاريخ ليبيا ، وانما بتاريخه هو فى هذه المسيرة ، وبصوته وصوت اولاده ، وعنفه وعنفهم ، كأنما اربعة عقود من تاريخ هذا النظام لا يقف وراءها سوى عائلة القذافى ، ولا صوت يحكى عنها سوى صوتها ، ولا صوت بالطبع يبكى عليها سوى صوتها ، فالثورة التى  خلّفت فى كل بلد جرحا ، وشغلت بسياساتها الدنيا شرقا وغربا ، لم تكن سوى عائلة صارت محط اهتمام المنظمات الاممية والميديا العالمية .

                   هذا الغياب لرموز النظام الليبى فى هذا المنعطف الاخير من تاريخه ، كشف حقيقة المشروع الباطنى للقذافى ، والذى تجلّت فصوله الاخيرة عند تنصيبه ملكا لملوك افريقيا ، بمعنى آخر ان  ( ثورة الفاتح من سبتمبر ) بكل الزخم الذى صاحبها ، انتجت فى خاتمة مطافها ملك ملوك من طينة عصور الظلام ، لا يتورع ان يشرب بجماجم ابناء شعبه ، ولايتورع ان يقاتل شعبه بمليشيات من المرتزقة فى مشهد اعاد السيرة البشعة لتاريخ الملوك الطغاة ، بمعنى آخر ان ليبيا بصحرائها وبترولها وبحرها ليست اقل من نظيراتها فى الجزيرة العربية الا بغياب الملك والامارة ، فبدأ مشواره الى ذلك بخيمة .

الخميس، 24 فبراير 2011

انا واولادى


                     ولا يزال القذافى يمضى فى طريق من سبقوه من الطغاة ، يمضى الى ذات النهايات التى يحفظها التاريخ عن ظهر قلب وترددها الاجيال جيلا بعد جيل ، النهايات التى يراها الآن كل ذى بصر وبصيرة الا هو وزمرته وشركات النفط التى ترى فى التغيير مهددا كبيرا لعقودها ، والمؤسف هنا ، ان تأتى مواقف الدول الغربية مستجيبة لهذه الرؤية بتباطئها وتسترها حول اجراءات شكلية فى منظمات تعلم كل الشعوب ان قرارها فى يدها ،  وبتوقفها عند مخاوف يبثها النظام الليبى ، هى الادرى بخطلها ، حتى صار تدفق النفط فى منظورها اعلى قيمة من تدفق دماء ابرياء الشعب الليبى .

                    هذه الثورة ورغم بشاعة وبطش زمر القذافى ، تمضى صامدة نحو هدفها ، وتكسب يوما بعد يوم ارضا وقوى جديدة ، ويخسر نظامه كل يوم ارضا وينفض من حوله رجال نافذون ،و كلما انفض منهم نفر ، انهدّ حائط من حصنه ، وقريبا جدا سيجد نفسه يصيح ( لم يبق للثورة غيرى واولادى ) وحينها ستتسآل شعوب المنطقة عن الفرق بين الطغاة والقاعدة والغرب .

                      للذين لم يدركوا بعد ، ان المشهد الليبى الآن ، تبدو شركات النفط المحرك الرئيس لمجازره ، ولم يعد خافيا على البلاد المنتجة للنفط قدرة هذه الشركات على صنع القرار فى اروقة حكوماتها ، فحتى فى اتون هذا الحريق شهدنا كيف استنجدت بعض حكومات الغرب بهذه الشركات لأجلاء رعاياها ، فكادرهذه الشركات لا تقل مسئولياته فى نزيف الدم الليبى عن مليشيات المرتزقة .

                      والمحاولات الساعية لتطبيق السيناريو الذى اشار اليه سيف الاسلام القذافى والقاضى بتقسيم ليبيا استجابة للمصالح النفطية ، سيدفع شعوب المنطقة بل سيدفع الشعوب فى انحاء العالم ان تعيد النظر فى سياساتها تجاه هذه الصناعة التى ستبدو فى ظل هذا السيناريو تهديدا لوحدة اراضيها ومدعاة لحروب اهلية اصبحت علامة مميزة لبلاد النفط .

الاثنين، 21 فبراير 2011

طوق النهايات


                     خطاب سيف الاسلام القذافى ليل امس ، لا يختلف فى مضمونه وتوقيته عن خطابات سابقيه فى تونس ومصر ، فالسمة الغالبة عليها ، انها لم تدرك حقيقة تهاوى انظمتهم الا فى لحظات السقوط الاخيرة ، وحتى فى هذه اللحظات ظلّ هم الحفاظ على السلطة عند ثلاثتهم مقدما على الوطن والمواطنين ، و لا يفضح موقفهم هذا نواياهم المتصادمة مع فكرة التداول السلمى للسلطة فحسب وانما نظرتهم المتعالية للآخر الوطنى والتى تجرده حتى من حق الرأى و المشاركة والاسهام فى بناء وطنه ، وهو موقف يكرّس وفى كثير من الصلف مبدأ الوصاية على الشعب ، ويشدد من جانب آخر طوق العزلة علي هؤلاء الحكام .

                    وما يدعو للغرابة ، هذه المكابرة والاصرار على اعتبار الحالة التونسية امرا مغايرا لما يجرى فى بلادهم رغم ان ما انتهت اليه الثورة فى مصر اثبتت خطل نكران اركان النظام المصرى آنذاك لصحة الآراء التى اكدت وحدة المصير على الاقل بين حسنى مبارك وزين العابدين بن على ، ولم يشفع للرجلين تاريخ طويل من المواقف والانجازات الماثلة للعيان ولا المخاوف التى ساقوها  لمنع الرحيل ، تماما كما لن تشفع للقذافى انجازاته التى عددها نجله سيف الاسلام والمخاوف التى ساقها  من ايقاف حتمية الرحيل ، انها فى مجملها تمثل طوق النهايات.

سيف الاسلام القذافى
                    انه سيناريو يبدو فى احد وجوهه اشبه بمسرحية لشكسبير نصها ثابت ومسارحها متعددة والاختلاف الوحيد يتجلى فى الاخراج وادواته وان كانت ادوات الاخراج فى المشهد التونسى والمصرى واحدة ولن تختلف عنها فى ليبيا التى حذت خطى سابقتيها النعل بالنعل ، فحكومات هذه البلدان الثلاثة ، تحوّلت مع اول شرارة لمواطنيها  الى حكومات شبيهة بحكومات الاحتلال ، التفتت الى ادوات القمع قبل ان تلتفت الى مطالب مواطنيها والنظر فيها بمسئولية تمليها عليها حقوق الوطن والمواطنة بأعتبارها راعية لكل مواطنيها وليس لمنسوبى احذابها الحاكمة فقط ، من هنا يبدو تصرف هذه الحكومات مع ثورات شعوبها ايا كانت المبررات التى ساقوها تصرفا منافيا للوطنية ، وكان من الطبيعى ان تستعدى عليها الجيش ، القوى الفاعلة فى العالم الثالث والتى تقوم عقيدته على حماية المواطنين والوطن ، وليس حماية  سلطة انتجت سياساتها وضعا شديد الخطورة على ليبيا وهذا وحده يكفى مبررا للجيش كى يتدخل ليزيل مسببات هذا الوضع .

                   سيف الاسلام القذافى عقل ليبى عصرى تخطته الاحداث ، وقلب ممتلىء بحب وطنه والخوف على وحدته ولكن وحدة ليبيا ستحميها ارادة شعبها ووعى عقلائها الذين تزخر بهم مكونات الشعب الليبى .

الجمعة، 18 فبراير 2011

ليبيا الى اين ؟


                   ليبيا امام محك حقيقى ، فرياح الثورة هبت عليها من الغرب والشرق وحركت داخلها غضب جماهيرى يبدو فى منظور المشهد العربى الراهن ، مستصغر الشرر الذى يؤدى الى النار الكبيرة ، والمحك هنا ، كيفية تعامل  السلطات الليبية بعقيدتها الجماهيرية مع الجماهير الغاضبة او الثائرة ؟

                  ما رشح منها حتى الآن يشير الى ان الجماهيرية بدأت قتالها مع الجماهير ، وايا كان تصنيفها لهذه الجماهير الغاضبة ، فلن ينفى ذلك ان ثمة مواطنين ليبيين خارج منظومات النظام الليبى اخذت تنادى بحقوق ومطالب لا توفرها اطره القائمة ، فلماذا لجأت السلطات الليبية من اول صرخة لهذه الجماهير الى اتخاذ موقف مدافع عن السلطة مثلها فى ذلك مثل سابقاتها فى تونس ومصر ، وهى التى بشّرت بعصر الجماهير ؟ ما الذى منعها من التواصل مع هذه الفئة من الجماهير الليبية التى خرجت طوعا او كرها او غير ذلك ، واهدت للنظام مساوئه ؟
                 
                يبدو ان الانظمة العربية على اختلاف طيفها السياسى والفكرى والعقائدى ، متوحدة تماما فى نظرتها المتعالية نحو جماهيرها ، ومتوحدة تماما فى اساليب تعاملها معها فى حالة السلم التى تؤدى الى ثورتها ،  ومتوحدة تماما ايضا فى اتباع النهج المؤدى وبشكل حتمى الى سقوطها عاجلا او آجلا فى حالة الثورة ، كأن عقل السلطة العربى  فى تعاطيه مع مطالب الجماهير وبحكم طبيعته المركزية القابضة لا تتسع مداركه الا لرضوخ الجماهير لحكمه ، ولا بديل له سوى مقاتلتها حتى لو ادى ذلك الى انقسام شعبه وانزلاقه الى حرب اهلية تطيح  بالدولة قبل سلطته .

               فالى اين تتجه ليبيا مع هذه الشرارات التى اشتعلت فى بعض مدنها ؟ هل ستتجه فى خطها الجماهيرى وتفتح ابوابه لتتسع لأطياف شعبها الاخرى ام تمضى فى خط شمولى يفضى بها الى الحريق ؟  
               


الخميس، 17 فبراير 2011

هذه الذاكرة


                      الذاكرة سر مخيف ، تعيدك حينا الى اقسى لحظات الألم التى عشتها وتعيدك حينا آخر الى اجمل لحظات العمر ثم يعيدها الى مكمنها حاضر ممتلىء بالهموم والمشاغل والآمال ، و ليس هذا مكمن السر المخيف ، فهذا حال الانسان على مر الزمان ، ولكن الخوف حين تغشاك حالة تتحوّل فيها الى كتلة حيّة من لحم ودم وعظم وليس امامك سوى الفراغ ، فراغ لا تعرف فيه المكان ولا الزمان ولا الأشياء و لانفسك ومن تكون وماذا تريد وبماذا تشعر ، لا شىء يصلك بما حولك ، لا الرغبة ولا الخوف ولا الألم ولا الجوع ولا المرض ، حىّ كميّت ، وهذا ايضا لن يكون مبعثا لخوفك وانما للآخرين الذين يعرفونك ويخشون على نفسهم وذكرياتهم من هذه الحالة ، ولكن الخوف الحقيقى هو ان تصحى يوما وتجد ان ذاكرتك قد اقفلت ادراكك ومعرفتك بأقرب واحب الناس اليك فى قبو داخل مغارة فى غابة مظلمة محاطة بألف متاهة ومتاهة .

                       ( the note book ) فيلم يحكى هذه الحالة ، تشاهده لمرة وتتمنى مشاهدته لالف مرة ، ويبدو لى انه الفيلم الاول فى تاريخ السينما العالمية الذى تناول الحب فى اسمى معانيه ، تناوله فى قصة واقعية زاخرة بكل اشكال ومعانى الحياة .. الحياة فى خيرها وشرها .. فى حربها وسلمها .. فى ثرائها وفقرها .. فى تعاليها وتواضعها .. فى اعتدادها وطموحها وفى قدرة الحب على جعلها قيمة سامية تستحق ان تعيشها لآخر نفس لديك .

                       تصور ان الانسانة التى الهمتك يوما المعنى الحقيقى للحياة ، وملّكتك مفاتيح النجاح فيها ، وهدمت من اجلك انت العامل البسيط اسوار طبقة بأكملها كى تكون معك لتعيشا سويا فى مملكة محاطة بالحب والجمال ، حلمتما بها فى زمن شاب لم تلوث مشاعركما فيه امراض المجتمعات وعداواتها المستفحلة تجاه كل ما هو انسانى وتجاه كل ما هو صادق ونقى ، ثم تمضيا معا فى رحلة حياة خلّفت بنينا وبناتا واحفادا وفجأة يغيب كل هذا التاريخ من ذاكرتها ، تغيب كلك من ذاكرتها ، تغيب عائلة  خرجت من قلبيكما وامتدت لثلاثة اجيال من ذاكرتها .

                        ماذا كنت ستفعل اذا واجهتك هذه المأساة يوما ؟ 
لقطة من الفلم
سأمسك يخيوط هذا الحب خيطا خيطا ، واتنسم خطاه خطوة خطوة ، ولن افوّت مليمترا واحدا من مشاويره التى قطعها ، وسأحفظ كل شاردة وواردة فى رحلة هذا الحب الطويل واسجلها فى كتاب اقرأه لها على مدار اليوم صفحة صفحة وسطرا سطرا فحتما ستيقظ فى ذاكرتها لحظات حبيبة قادرة ان تستعيدها من غيابها المخيف .

                        هذا بالضبط حكاية الفيلم ( the note book ) توكل على الحب و قرأ كتابه بقلبه العاشق فاستعادها دقائق معدودات لكنه استعاد معها فى هذه الدقائق حياة طويلة مفعمة بالمشاعر ، فالحب مثلما صنع حياتهما صنع معجزة عودنها ثانية الى قلبه العاشق والى قلبها العاشق ورحيلهما معا الى رب رحيم يكفى لديه حبهما لبعضهما البعض شفيعا لهما .

الأحد، 13 فبراير 2011

ادخلوا مصر آمنين


                     الان  لا شىء يخشى منه  فى مصر ولا شىء يخشى منه على مصر ، فهى فى ايد امينة ، هى الآن على قول الشيخ البرعى ( مصر المؤمنة ) ، وما اروعها من قصة ، فتية آمنوا بوطنهم وبحقهم فيه .. حملوا راية الثورة مستندين على طهرهم ونقائهم وثباتهم ، فزادهم الله هدى وعددا ومددا وجيشا وفيا لشعبه ، مشوار الراية من يد فتى مصرى نضير الى يد جندى مصرى وفىّ ، اسقطت ثلاثة عقود مظلمة من سماء مصر واعادتها الى سيرتها الاولى .. شقيقة كبرى وقبلة للاحرار وللسواح .

                     الآن يمكنها ان تنام آمنة مطمئنة فحراسها رجال اوفياء ، فبحل مجلسى الشعب والشورى وتعطيل الدستور اصبح الطريق الى الديمقراطية والحريات والعدالة على بعد خطوات قصيرة ، خطوات تحتاجها حكومتهم الحالية لأنجاز المطالب التى رفعتها الثورة و اصبحت مهام المرحلة القادمة لصناع الثورة ، كيفية تحقيق مطلوباتها ، واهم هذه المطلوبات ، الحرص على ان تدرك ايادى الشعب المصرى التى ستحمل تلك الورقة المصيرية الى صندوق الاقتراع و التى ستحدد دستور البلاد وبرلمان البلاد ، ان حسن اختيارها سيحدد حسن حياتها وحياة اجيالها القادمة ، وان تدرك من قبل ومن بعد ان تظل حالة الثورة حيّة ومتقدة ليس على الشوارع والساحات وانما على صعيد النهوض بالمجتمع المصرى ليواكب النقلة الكبيرة التى ستنتظره فى مقبل الايام .

                    والآن يمكن القول لكل العالم ادخلوا مصر آمنين .

الجمعة، 11 فبراير 2011

شعبك يا مصر


                        شعبك يا مصر سيّد رياح الثورة ، حين يهب تملأ  كل اشرعة الشعوب المقهورة ، فتبحر سفنها الى ارض الحرية والانعتاق ،فهذا هو وسمه ووسامته على مر التاريخ ، من عرابى الى ميدان التحرير ، دائما ما يهب ليستعيد لهذه الامة كرامتها وكبرياءها وحقوقها المنتهكة والمغتصبة من عصابات الداخل واطماع الخارج ، ومثلما تظلل رايات النصر سماءكم فأن ظلالها تمتد مع رفرفتها الى سماوات عالمنا الذى انهكته نخب فاسدة  ظلت تتداول مقاليد الحكم فيه جيلا بعد جيل مصحوبة بالفقر والجهل والمرض والمظالم .

                       ولكن فى غمرة هذه الفرحة بأنتصار الثورة على تحقيق هدفها الاول برحيل الطغاة ، يجب الا يغيب عليها تحقيق هدفها الاسمى بأزالة كافة بنياتهم ، ولن يتأتى لكم ذلكم الا بأعلاء مبدأ سيادة حكم القانون وكفالة الحريات العامة وضمان حقوق الانسان ، فهى وحدها تكفل للشعوب العدالة فى شتى سبل حياتهم .

                      وللقوات المسلحة المصرية العظيمة ، التى اهدت لهذه الامة نصرها الثانى الذى لا يقل عظمة عن نصر اكتوبر ، بموقفها الشجاع الذى آزر جموع الثائرين على امتداد ارض مصر حتى تحقق نصرهم الكبير ، ان تكمل مشوارها بأن تضمن انجاز التحول الديمقراطى على اسس متينة لا تحوجهم يوما لتحمل اعباء اضافية فوق اعباء وظيفتهم النبيلة القاصرة على حماية مصر من الاعداء .
                      ولنا شعوب هذا الجزء من العالم ان نعى من هذه الثورة ، انه ليس بالعنف وحده تنتصر الشعوب ، وانما بالحراك السلمى على الشوارع وعلى منابر الحوار وفى رحاب القانون . والتهنئة الحارة لشعب مصر ولنا جميعا ودامت الثورات سندا لشعوبها .
                     

الخميس، 10 فبراير 2011

خدعة ثورة


                      خطابات الرئيس مبارك ونائبه تثير اسئلة حيرى حول سر هذا التباطؤ الذى لازمها فى مخاطبة الثائرين بميادين وشوارع مصر ، فمعظم المراقبين ان لم يكن اجمعهم قد لاحظ انها لو جاءت فى وقتها لأحدثت اثرها الكبير فى جموع الثائرين ، ولكن توقيت بثها احدث اثرا عكسيا اجج نيران الثورة اكثر ورفع سقوف مطالباتها الى حدود منذرة بحريق لا يعلم مداه الا الله ، فما هو سر هذا التباطؤ الذى لازم هذا النظام فى تعامله مع هذه الثورة ؟
                       تبدو الاجابة فى غاية الصعوبة ، ولكنها من المؤكد قابعة بجلاء فى اروقة مطابخ قرارات النظام المصرى الخاصة ، ولأن قراءة هذه الخطابات بمعزل عن تطورات الاحداث تعكس بجلاء عمق ادراك النظام بطبيعة الازمة وصواب تعاطيه معها ولكن تأخر اعلان هذا التعاطى يدفع بكل الاسئلة والشكوك والريب باتجاه قنوات التوصيل والبث والتى تبدو فى ظل الحشود البشرية الثائرة والعسكرية التى امتلكت نواصى شوارع وميادين مصر الرئيسية ، تبدو هذه القنوات خارج سيطرة النظام ، وبالتالى فأن المتحكم فيها استطاع ان يحدث فرقا كبيرا فى الوقت جاءت معه خطابات الرئيس ونائبه وتصريحات وزرائهم متأخرة عن الاحداث بالقدر الذى احالها عند بثها الى مواقف استفزازية ومحفزة للمزيد من الفوران و الثورة .
                      مصر بما تمثله من ثقل اقليمى ودولى ، مرتبطة بأشكال وثيقة مع قوى اقليمية ودولية فضلا عن ارتباط النظام بقوى داخلية تتصارع جميعها فى السيطرة على سلطة دولة تبدو فى حالة سيولة تامة ، الا ان المشهد المصرى القائم الآن قابل لأستيعاب كل السيناريوهات والملفت فيه ان ثمة تقنية جديدة اخذت تمشى على الارض تبدو احيانا خاصة بأدارة الثورات وتبدو احيانا مقدمة مشاريع ولكنها تقنية جديدة لا قدرة للمنطقة بالتعامل معها .

الأربعاء، 9 فبراير 2011

اعلان الهزيمة


                     تصريحات نائب الرئيس المصرى عمر سليمان ووزير الخارجية احمد ابو الغيط والملوحة بتدخل الجيش لدواعى الحفاظ على امن مصر القومى ، تبدو اعلانا مباشرا بأنهيار جهود الحكومة الجديدة فى احتواء الثورة ، او بالاحرى فى الحفاظ على النظام المصرى ، ليس لتصادمها مع مطالب الثورة فحسب وانما لتحديها لأرادة المجتمع الدولى وعلى رأسه امريكا الداعم الاكبر للنظام .
                    من جانب آخر تعكس هذه التصريحات بؤس الحالة التى اصبح عليها النظام المصرى وجعلته يرى فى الجيش خلاصه الآمن من هذه الثورة التى صنع كل شروط قيامها بسوء ادارته لشئون مصر والمصريين ، بينما غاب عليه ان يرى ان الجيش اى جيش حين ينوى التدخل لأستلام السلطة اى سلطة ، يبحث قبل تحركه اولا عن حليف او حلفاء بين مكونات الشعب  ، ويبحث بعد ذلك عن سند اقليمى ودولى يتيح له اكتساب الشرعية اللازمة ، وفى الحالة المصرية الراهنة يستحيل ان يفكر جيش فى مستوى الجيش المصرى فى نظام يتهاوى من كل جانب كحليف له ، ففى الداخل لا يوجد سوى الثائرين على ميادين وشوارع مصر ، اما على الصعيد الخارجى فأن المجتمع الدولى وعلى رأسه امريكا الممول الاكبر لهذا الجيش يبدو حليفا مؤكدا فى حالة تحركه ، بمعنى آخر ان تدخل الجيش المصرى لن يكون بأى حال من الاحوال سوى الضربة القاضية التى ستطيح بالنظام .
                     الآن تبدو الثورة المصرية على بعد خطوة من اعلان انتصارها ولم يبق للنظام القائم سوى اعلان الهزيمة والبحث على ضوئها عن مخرج آمن يجنب مصر مزيدا من الخسائر .

الثلاثاء، 8 فبراير 2011

بعد الرحيل


   
                     ليلة الامس كانت صدمة قاسية لشمال السودان ، فبعد اكثرمن نصف قرن من الزمان ، اتضح ان حصيلته فى الوجدان الجنوبى وفى العقل الجنوبى وفى مصالح الجنوبى ، اقل من 2% ، كل هذا الشمال الكبير برغم روابط الجغرافيا و صلات اللحم والدم ، لم يستطع ان يحرز فى نتيجة استفتاء حر ونزيه وشفاف سوى اقل من 2% ، ان تكون شماليا ولا تسوى فى نظر من شاركك السكن فى هذه الارض ردحا طويلا من الزمن سوى 2% فما عليك سوى ان تقبل هذه النتيجة القاسية بصدر رحب وبعقل ملؤه التقدير والاحترام للأنسان الجنوبى الذى تحمّل هذا العبء عقودا طويلة .
                      نتيجة قاسية بلا شك ، ولكن ما هو اقسى منها ان تعلم ذات مساء ان حدود عطائك تجاه جزء عزيز من ارض الوطن لم تصل حتى الى نسبة 2%  ، ونكتشف فجأة اننا خلال هذا التاريخ الطويل من التعايش  لم نحفظ حتى الآن اغنية جنوبية و لم نعرف حتى الآن كيف نؤدى رقصة جنوبية ولم نعرف من نجوم الجنوب المبدعين سوى قلة . وقلة من اهل الشمال يعرفون كثيرا عن اهل الجنوب اما البقية الغالبة فرغم اتفاقيتى اديس ابابا ونيفاشا فلم يستطيعوا ان يقيموا على الصعيد الاجتماعى علاقات تدعو فى هذه الايام الى الم الفراق ، لهذا ايضا أتى الانفصال نتيجة حتمية .
                      مرايا هذا الوطن خادعة ، وصورتنا جميعا عليها ليست حقيقية ، فلننظر الى البعد المخفى من الصورة ، ونعيد النظر كرتين وثلاثة واربعة حتى لا نفاجا بنتائج مماثلة فى المستقبل القريب ، فثمة نوايا كامنة خلف هذه الصورة تبدو متصادمة تماما مع وحدة مظهرها ، ونوايا اخرى خارج اطار الصورة تسعى لتفكيكها جزءا جزءا ، واعدة كل طرف بجبل وسهل وبحر .
                      ولأخوتنا فى الجنوب لا يملك المرء سوى التهنئة والامل فى غد يربطنا معا كالنيل .

الثلاثاء، 1 فبراير 2011

ماذا يجرى فى مصر ؟


                        اسئلة مقلقة تحوم حول المشهد الغامض الذى يحيط بمصر هذه الايام ، والبحث عن اجابة لها يزيد المشهد غموضا ومخاوفا ، فقد شرعت العديد من الدول العربية والغربية وغيرها فى اجلاء مواطنيها من مصر فى خطوة منذرة وتشى بأن ثمة معركة قادمة ، فما هى اطراف هذه المعركة ؟ فالشباب الثائر بميدان التحرير وشوارع مصر هو الآن تحت حماية القوات المسلحة المعلنة والمؤكدة بأستمرار ، فهنا طرفان خارج نطاق هذه المعركة المحتملة او المفترضة ، ولكن تداءات موجهة الى السلطة القائمة بمصر تحثها على وقف اراقة الدماء صادرة من دول ومنظمات وشخصيات ، تدعو للتسآؤل عن اطراف هذه المعركة الخفية ؟ فثمة جثث ملقاة على الشوارع ، وقوة فى حجم الشرطة ومباحث امن الدولة وغيرها من مسميات منظومة الامن المصرى اختفت من مشهد جهاز الدولة بصورة غامضة ونادرة الحدوث ، والقوى السياسية المصرية بما فيها جماعات الاخوان المسلمين موجودة الآن على المسرح السياسى سواء على ميدان التحرير وشوارع مصر او الاجهزة الاعلامية ، وليس هناك ما يشير الى تعرضهم الى اى مخاطر رغم مناداتهم المستمرة برحيل النظام برمته ، والبلطجية والمساجين الفارين الذين عزوا اليهم حالات الترويع التى طالت المواطنين ، القىّ القبض على الآلاف منهم وصدرت مناشدات من الجيش بتسليم انفس الباقين من الفارين ، والسلطة القائمة تبدو غير مهتمة بتزايد الحشود الثائرة التى بدت ميادين القاهرة وغيرها من الميادين والشوارع ملاذات آمنة لها اكثر منها مجمعات ثورية  ، فما الذى يشغل سلطة الرئيس مبارك فى هذا الظرف الخطير الذى يحيط بمصر ؟

                      تعاطيها حتى الآن مع مطالب الشعب المصرى الثائر ، تبدو فى النظر السياسى العاقل اكثر من معقولة ، بل تبدو ارهاصات لرحيل مؤكد ، ولكن تباطؤها الملازم لهذا التعاطى يشير الى انها فى حاجة الى زمن يبقى هذه الحشود فى مواقعها لأنجاز مهام لا يلوح منها فى الافق سوى المخاوف الناتجة من عدم الوصول الى طبيعتها .

                      مصر دولة سياحية ، وهى اكثر الدول عرضة للاختراق من قبل آلاف مؤلفة من البشر تحت ستار السياحة ، فهل ثمة وجود عدائى تمكن من دخولها تحت هذا الستار وهو الذى يشغل هم سلطة مبارك الآن ؟ الاجابة على هذا السؤال تستوجب معرفة حجم الوجود الاجنبى المتبقى بمصر وهوياته وعلاقاته بصراعات المنطقة من لبنان الى فلسطين الى السودان الى غيرهم ، وليكن الله فى عون مصر وشعب مصر .


                    

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...