لحظة خروج اهل غزة عقب توقيع الوفد الفلسطينى لأتفاقية هدنة طويلة بتفاصيلها المعلنة فى القاهرة ، شبيهة بلحظة الانعتاق من اسر طويل ، فالشعور العارم بالفرحة غمر آلاف الاميال ليلامس ويطيّب وجدان الناس فى اقاصى الارض ، الناس الذين تضرروا من مشاهد الحرب الصادمة التى عاشتها غزة قرابة الشهرين ، وعاشتها من قبل مرات ومرات ، ما اجمل الفرح حين يخرج الى الشوارع محمولا على اكتاف خلق الله المحبة للسلام ، لقد قالت غزة والفلسطينيون : نحن شعب يحب السلام .
كم ادهشتنى قدرة السلام فى تلك اللحظة على مداراة كل الآلام التى راكمتها الحروب البشعة التى شنتها اسرائيل على الفلسطينيين طوال العقود الفائتة ، انه السلام ، فما اعظمه حين يفيض على البلاد بالفرح ، وما اعظمه بدءا حين تنادى به رب العزة والجلالة اسما من اسمائه الحسنى ، وما اعظمه حينما يظل ابدا طريقا مقدسا للصالحين من الناس وامنية عزيزة للأبرياء منهم .
لأبن عربى قول جميل فى وصفه ومعانيه ودلالاته ، قال ( الناس نفوس الديار ) ، فهاهم ناس ديار فلسطين يعلنون فى تلك اللحظة عن مكامن نفوسهم المحبة للسلام ، نفوس كم جرّحتها الحروب وازهقت ارواحها وخرّبت بيوتها ومع ذلك نهضت من وسط هذا الجحيم نشيدا طويلا يتغنى بالسلام ، فمتى يكف هذا العالم عن بلادته ويعى ان هذا الشعب اجدر الشعوب بدولة حرة ، يعيش داخلها حرا ؟