الأربعاء، 27 أغسطس 2014

شعب يحب السلام


                  لحظة خروج اهل غزة عقب توقيع الوفد الفلسطينى لأتفاقية هدنة طويلة بتفاصيلها المعلنة فى القاهرة ، شبيهة بلحظة الانعتاق من اسر طويل ، فالشعور العارم بالفرحة غمر آلاف الاميال ليلامس ويطيّب وجدان الناس فى اقاصى الارض ، الناس الذين تضرروا من مشاهد الحرب الصادمة التى عاشتها غزة قرابة الشهرين ، وعاشتها من قبل مرات ومرات ، ما اجمل الفرح حين يخرج الى الشوارع محمولا على اكتاف خلق الله المحبة للسلام ، لقد قالت غزة والفلسطينيون : نحن شعب يحب السلام .

                   كم ادهشتنى قدرة السلام  فى تلك اللحظة على مداراة كل الآلام التى راكمتها الحروب البشعة التى شنتها اسرائيل على الفلسطينيين طوال العقود الفائتة ، انه السلام ، فما اعظمه حين يفيض على البلاد بالفرح ، وما اعظمه بدءا حين تنادى به رب العزة والجلالة اسما من اسمائه الحسنى ، وما اعظمه حينما يظل ابدا طريقا مقدسا للصالحين من الناس وامنية عزيزة للأبرياء منهم .

                   لأبن عربى قول جميل فى وصفه ومعانيه ودلالاته ، قال ( الناس نفوس الديار ) ، فهاهم ناس ديار فلسطين يعلنون فى تلك اللحظة عن مكامن نفوسهم المحبة للسلام ، نفوس كم جرّحتها الحروب وازهقت ارواحها وخرّبت بيوتها ومع ذلك نهضت من وسط هذا الجحيم نشيدا طويلا يتغنى بالسلام ، فمتى يكف هذا العالم عن بلادته ويعى ان هذا الشعب اجدر الشعوب بدولة حرة ، يعيش داخلها حرا ؟

الاثنين، 18 أغسطس 2014

ادوات النظام الدولى


                      داعش والدولة الاسلامية اللتان تصدرتا الميديا العالمية هذه الايام ، مولود شرعى لأزمة دول التعدد الأثنى والعرقى والدينى ، لفشل هذه الدول المريع فى خلق ارضية عادلة للتعايش بين مكوناتها ، وفشلها المريع فى ايجاد صيغة آمنة تمكنها من التعاطى مع مبادىء ومواثيق وعهود واتفاقيات المجتمع الدولى او النظام العالمى القائم ، فأصبحت ازماتها باوضاعها المضطربة عقبة كؤود امام مشاريع النظام العالمى ويراها مهددا لرفاهية شعوبه ، وقد كان صمويل هنتجتون صادقا فى مؤلفه (صراع الحضارات - الطبعة الاولى 2006 - طبعة دار الامل للنشر والتوزيع ص 169 ) حين اوضح نوايا المجتمع الدولى فى كيفية معالجة هذا التحدى حيث قال :

                     ( ان السياسات العالمية بعد ان حفزتها حركة التعصير يجرى اعادة تركيبها الآن لتكون منسجمة مع الخطوط الثقافية ، فتتقرب الشعوب والدول ذات الثقافات المتشابهة لتجتمع معا ، بينما تتباعد الشعوب والدول ذات الثقافات المختلفة فتفترق .... الخ ) والآن حين يتابع المرء ما يجرى فى العراق من نزوح وتهجير لليزيديين والمسيحيين ، ويرى قيام التكتل الكردى فى الشمال والذى الغى الجغرافيا السياسية لأماكن تواجده المعروفة بكل من سوريا وتركيا لمواجهة الخطر الناشىء من عمليات الدولة الاسلامية وداعش ، لا يجانب المرء الصواب حين يرى ان كلا التنظيمين يلعبان بوعى منهما او بغير وعى ، دور الاداة الماضية فى اعادة بناء النظام العالمى ، فثمة خريطة جديدة اخذت تتشكل فى افق العراق ،  والمتابع لجراحات هذا الوطن الشقيق منذ حرب الخليج الاولى ، لا يغيب عن ناظريه خطا النار اللذان فصلا الشيعة فى الجنوب والاكراد فى الشمال ، واشعلا الوسط السنى بأحلام الدولة الاسلامية بكل ما صاحبها من عنف ودماء ومحاولات مستميتة لاحياء تواريخ استترت خجلا فى كتب التراث .

                     ما يجرى الآن فى العراق هو نموزج لما سيؤول اليه الحال فى دول التعدد التى عجزت عن ادارة تعددها بما يلبى الحد الادنى من متطلبات المجتمع الدولى الضاغطة خلف الكواليس ، وعجزت ان تلبى الحد الادنى من متطلبات مكوناتها ، وعجزت ان تتيح لهذه المكونات فرصة ان تدير شئونها منفصلة عن سطوة الدولة المركزية ، ما يجرى فى العراق الآن رسالة واضحة لدول التعدد بأنها تقف الآن على مهب الريح ( فالتكتلات التى حددتها العلاقات بالايديولوجيا وبالقوة العظمى تنهار وتخلى السبيل لقيام تكتلات تحددها الثقافة والحضارة . ويجرى اعادة رسم الحدود السياسية على نحو يزداد يوما بعد يوم لتتلاءم مع الحدود الثقافية (العرقية والدينية والحضاراتية) وتحل محل كتل الحرب الباردة وتصير خطوط الصدع بين الحضارات اكثر فأكثر هى الخطوط المحورية للصراع فى السياسات العالمية . صمويل هنتجتون المرجع السابق ) .

الاثنين، 11 أغسطس 2014

المقاومة ووكر الافاعى


                         قيادة كتائب الفسّام اشترطت على اسرائيل مدها بقوائم عملائها فى غزة والضفة مقابل كشف مصير الاسرى الاسرائليين طرف المقاومة ، هذا الخبر حين بثته قناة الجزيرة ، اصابنى بالذهول وبالحيرة فى طريقة تفكير العقل الذى يدير المقاومة بغزة ، وأكّد بما لا يدع مجالا للشك ، ان المقاومة فى حاجة ماسة وعاجلة للمساعدة من عقول مستنيرة خبيرة بالتفاوض مع الدهاء الأسرائيلى ، لتنقذ ما يمكن انقاذه من التضحيات الغالية التى قدمها ابناء غزة طيلة هذه الحروب البشعة التى شنتها اسرائيل ، مساعدة عاجلة قبل ان ترتد مفاوضات القاهرة خنجراعلى صدر المقاومة اولا واهل غزة ثانية والقضية الفلسطينية اخيرا .

                         كيف بالله ارتقت مصداقية اسرائيل لدى المقاومة للدرجة التى تطالبها مطمئنة ان تمدها بقوائم للعملاء فى الضفة والقطاع ؟!

                         لا اشك لحظة ان مخابرات اسرائيل تشحذ فى هذه الاثناء كل خناجرها المسمومة لتحملها على ظهر هذا الطلب لطعن ظهر المقاومة ، وستمدكم بأسماء بعيدة عن الظن لأنها بعيدة عن الخيانة والغدر ، ستثير دهشتكم وتفتح شهيّة صرعى الحقد والكراهية لقتلهم ، ليفتحوا بذلك الباب على مصراعيه لأوكار الافاعى لتدخل الضفة والقطاع مختالة تبث سمومها فى كل اتجاه .

                        اتفهم مقدار الألم والحرقة التى عانتها المقاومة من هؤلا العملاء الخونة ، واتفهم بشاعة الجرم الذى ارتكبوه بمدهم اسرائيل معلومات راح ضحيتها نفر كريم وصادق من المقاومين ، وفقدت جراءها المقاومة بنيات واسلحة وعتاد تحصّلت عليه بشق الانفس ، ولكن ان تقودكم فكرة الانتقام لدخول وكر الافاعى طوعا واختيارا ، امر يستوجب التحفّظ على موقفكم التفاوضى .

                        دعوا مسألة مفاوضات القاهرة لعناصر السلطة ، فقد اثبتت طوال السنوات التى اعقبت اوسلوا قدراتها على حشر اسرائيل فى زوايا ضيّقة ، فضحت نواياها تجاه عملية السلام ومراوغاتها المكشوفة للتنصل من المواثيق والعهود .

                        اما اولئك العملاء الخونة فالزمن كفيل بكشفهم ، فتجارة المعلومات اصبحت فى ايامنا هذه اكثر تجارة رابحة ورائجة ، ويمكن الحصول عليها من خزنتها الاصليين امثال سنودن وغيرهم كثر .

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...