الاثنين، 25 مايو 2015

انا الآن هناك


                  انا الآن هناك ، عصفور شقى على نافذتك ، سيحكى بعد قليل للعالم مشاهداته الفاجرة داخل مخدع الاميرة ، الستائر المسدلة تسد الرؤية كقواد عنيد ، والثريات التى تدلت عناقيدا من ضوء ، لم تقض على العتمة بعد ، لم لا اراك وانت الكائن المضاء من اخمص قدميه الى اعلى موضع التاج ؟! لم لا ارى شيئا سوى السكينة تنام على المكان ؟ وما هذه السكينة التى تسرى فى الخلايا كخدر لزيز ؟ 

                  انا الآن فى مكمنى ، اسمع حسيسا كعبور شبح ، كنسمة انفلتت من عقابيل رياح هائجة فى قارة بعيدة ، واتت متعبة تبحث عن وسادة ، ثمة اضطراب اصاب مكر الستائر ، فأخذت تتلّص بحثا عن مصدر الصوت ، أزاحت حواف اطرافها بأغوائية بريئة ، كفعل بلقيس فى عرش سليمان ، فضول الستائر ازاح من العتمة مقدار ما يسمح لعين واحدة بالنظر ، فرأيتها .

                  مستلقية على ظهرها ام واقفة ام جالسة ، لاادرى ، لكنى رأيتها وهى تعرى فى كتاب ، صفحة صفحة ، تعرّى فيه كطفل صغير ، على وشك ان تغسله بطهر نواياها وتودعه مرقدا آمنا ، فيا لأغواء الكتابة والقراءة بين  اناملك .

                   هذه الانامل لا يليق بها خاتم كى تكون رفيقتى او رفيقتك ، نحن فى حاجة ان تمسك هذه الانامل قلما ، وتدع قلبها وعقلها يحكى لنسمع صوتنا المفقود عبر الحقب .

الجمعة، 22 مايو 2015

شبهات حول العمل الطوعى


                 مجتمعنا السودانى مثله مثل بقية المجتمعات التى تعانى من مشكلات الفقر والحروب ، يظل عرضة او حقلا خصبا لنشاط المنظمات الطوعية ، محلية و اقليمية و عالمية ، فالمشكلات كبيرة ، ودائما ما تصعد فيها حاجة البشر داخل هذه المجتمعات الى عون انسانى ، وتحت هذه المظلة عادة ما تجرى اجندات متقاطعة مع العمل الانسانى بشدة ، الامر الذى ظلّ يثير حساسية عالية  لدى الحكومات من حيث الاختراقات المخابراتية ، ولدى القوى السياسية  خاصة مع الاجندة المتعلقة بالتنافس السياسى والجارية تحت مظلة العمل الانسانى ، ومن اراد الامثلة ، عليه الرجوع لأنشطة هذه المنظمات الطوعية فى خريف العام 2013 ويراجع  التصادمات  التى حدثت بشأنها .

                  فالعمل الطوعى صار اكثر الادوات فعالية فى عملية الاستقطاب السياسى محليا ودوليا ، ويبدو الاسلاميون هنا ، القوة الاولى التى فطنت الى هذه الميزة التى يوفرها ، فكثّفت جهودها تجاه هذا النشاط فى اطراف المدن والقرى والارياف ، وخرجت بقواعد عريضة ملحوظة ، ليس على نطاق السودان فحسب وانما على نطاق معظم الدول العربية والاسلامية المشابهة ، وقد اكدت هذه الحقيقة نتائج الانتخابات التى جرت فيها ، وبالتالى فأن المزايا التى حققتها من خلال العمل الطوعى ، تجعلها اكثر القوى حساسية امام اى نجاح يحققه آخرون فى هذا النشاط ، سواء أكانوا فى السلطة او خارجها ، وواقعة افتتاح غرفة العناية المكثفة لشباب شارع الحوادث بالامس القريب خير شاهد على ذلك .

                   ما يهمنى هنا ، ان العمل الطوعى يعيش فى حاضرنا مخاضا عسيرا لا ادرى الى اين سينتهى به ، فالشبهات حوله ظلت فى تزايد مستمر وعلى نطاق العالم ، وتدعو للمخاوف والقلق والارتياب حتى لدى المستفيدين منه ، كتلك التى نشأت من حملات التطعيم فى بعض مناطق النزاعات بما فى ذلك دارفور ، حيث اعتبرها البعض  ومن ضمنه منظمات اجنبية ، ان ثمة اجندات لا علاقة لها بالعمل الانسانى قد صاحبتها ، كالتجارب المعملية التى تخص شركات الادوية الكبرى وغيرها من الشبهات والتهم .

                    ثمة توجهات عقلانية بدأت تعيد النظر فى اطار سياسى اوسع عن جدوى العمل الطوعى ، ويبدو لى المقال الرائع للأستاذة ميسون النجومى (طوعنة النضال) والمنشور بمدونتها بتأريخ 19 ابريل 2015 والذى عرضت فيه طرح الباحثة الهندية ارندوتى روى حول العمل الطوعى ، رحلة ممتعة جدا ودقيقة جدا حول تضاريس هذا النشاط .
                

الخميس، 21 مايو 2015

شباب شارع الحوادث


                  لم يكذب شعراء بلادى ابدا حين تغنوا بأمجاد وعظمة هذا الشعب ، انها الحقيقة الواجب حضورها كلما دنت منا فكرة ، فهى حتما ستكون عظيمة ومذهلة فى عظمتها ، فمن فكرة بسيطة راودت شبابا آمنوا بربهم وشعبهم ، فزادهم ربهم هدى وزادهم شعبهم ثقة ، من فكرة بسيطة ، تطورت من سعى حميم ، لتوفير الدماء والدواء وتكلفة العلاج للمرضى الفقراء المحتاجين ، تطورت الى بناء غرفة عناية مكثفة بأحدث الاجهزة ، وبتكلفة لا تقدر عليها بعض الحكومات ، وهم ما هم عليه ، شباب متطوع ، يتخذ من مقاعد (ست شاى) فى ظل شحيح ، مركزا لأدارة عمليات النجاة لكثير من المرضى التى وقفت الحاجة دائما عائقا امام شفائهم .

                 و(ست شاى) لم يكفها  ما تعانيه من نصب الدنيا وضيقها ، فأفسحت فى ضيق مجلسها ، مقاعدا لفتية حين رأتهم ،  رأت فيهم ملائكة الرحمة ، فالرحماء يعرفون بعضهم البعض ، سيماؤهم فى وجوههم قلوبا تنبض بالعطف والتعاضد ، مجلس تتوسطه (ست شاى) دلالة على بساطته ، ارغم المستحيل ان يكون ممكنا ، وعلّمنا ان كل شىء ممكنا .

                 انه بحق انجاز عظيم تستحق الكوكبة التى انجزته ، الشكر والتقدير والامتنان ، ويجب ألا يأخذنا  هجوم الهندى عزالدين على مشهد الافتتاح ودفاع المدافعين عن المشهد ، بعيدا عن قيمة الانجاز الثمينة ويغطى على روعته وعلاماته المضيئة فى حراك ابناء هذا الشعب العظيم .

                

الاثنين، 11 مايو 2015

بلاغ الى نجمة عالية


                   تغرب الشمس وتودع لهيبها لمواطن الغياب ، يأتى الليل مترنحا من مخابئه الداكنة خلف الشمس ، يأتى محمّلا بأوجاع الرحيل والبعاد والسفر والاغتراب ، ويلقى بمحمولته على قلب العاشقين ، يستيقظ القلب المسكين مثقلا بالحمى والألم ، ويصرخ : من يستدرج هذا الليل البهيم الى حافة العالم ويشق له طريقا الى العدم ؟ .

                   الليل مصباح الكون الاسود ، يضىء لك زينة السماء الغاربة فى الصباحات والنهارات الهجير ، ما يؤلمك ليس الليل ، انه الغياب ، ولو كان الغياب رجلا لقتلته ، فالغياب عقاب ، كل منا يحمل قائمة بالعقوبات التى اوقعت عليه بسبب الغياب ، فى المدرسة وفى العمل وفى التشكيلات الاجتماعية التى ينخرط فيها ، بعضها تظل جروحا غائرة وبعضها تدفعك للضحك والتبسم ، وكلها عقوبات نعرف مصدرها ومنفذها ألا العشق .

                   الغياب فى العشق هو العقوبة الأكثر ألما ، هو العقوبة مجهولة المصدر والمنفذ ، عقوبة تصلى البدن بالحمى وتذهب بالعقل بعيدا بعيدا ، واذا لم تتمرد عليها تملّكتك تماما ، وما أهون التمرّد على عقوبة الغياب فى العشق ، ارفع رأسك الى السماء وبث شكواك الى نجمة بعيدة واوجز بقدر ما تستطيع . ايتها النجمة العالية المعطونة فى الضوء ، المنتفضة بين رمشة ورمشة بالأضواء :
                                                           الغياب عذاب

                   وفى لحظة انتهائك من نطق آخر حرف فى العبارة ، ستكتشف ما فاتك فى ملحمة الألم والعذاب ، وستصرخ فرحا : الصلاة .. الصلاة.. الصلاة .

الجمعة، 8 مايو 2015

اخرجوا المملكة من هذا الفخ


                    يبدو العقل الحاكم فى السعودية فى حالة غياب تام ، فلأول مرة فى تأريخ المملكة ، تتصدع اسس ومعايير انتقال الملك للدرجة التى بانت صراعاته على الفضاء الطلق منذرة بشرخ كبير فى العائلة المالكة ، سيمتد عموديا بين مكونات الشعب ، ويجىء هذا الحدث الكبير فى الوقت الذى تلعب فيه المملكة ادوارا مكلفة فى ازمات المنطقة المشتعلة فى سوريا والعراق وليبيا ، وكأن كل ذلك لم يكفها ، فترمى فى هذا الوقت بكل مبادراتها لحل الازمة فى اليمن خلف ظهرها وتنخرط فى حرب مدمرة ضده ، وهى تعلم ان داخلها يتململ بأطياف عديدة طابعها العنف ، وكل هذا العبء الكبير الذى تخوض فيه ، يجىء واسعار النفط تتدنى الى حد مهدد ، من لم ير الفخ بعد ، فهذه ارجله تمشى هونا على ارض المملكة .

                    فالصامتون الآن فى الوطن العربى وهم يشاهدون اصرارها على المضى قدما فى حربها ضد اليمن ، ويشاهدون كيف اخذت الحرب تمتد الى الداخل السعودى ، هم فى الواقع يشاهدون ايدى هذا الفخ اللعين تحمل اسلحة الدمار لكلا البلدين ، واذا ظنوا لحظة انهم بمنأى عن مخاطر ما يسفر عن اهتزاز اوضاع المملكة او انهيارها نتيجة لهذه الحرب ، عليهم مراجعة ميزانيات بلادهم ، ويقرأوا جيدا ما تضخه المملكة سواء على صعيد الاستثمارات او تحويلات المغتربين ، او تحملّها لهذا العدد الهائل من كتلة العاطلين فى البلاد العربية والاسلامية .

                   ان الصمت على استمرار الحرب  السعودية اليمنية ، وترك المملكة تنزلق اكثر فى اوارها ، او تشجيعها ومؤآزرتها على ذلك ، هو للأسف آخر الادوار المتبقية لآتمام الفخ المنصوب بدقة وعناية ، وهو الخطوة الاخيرة لأغلاق باب اكبر الموارد المادية التى تعيش عليها اعداد مقدرة من الشعوب العربية والاسلامية ، ولن تجد هذه الشعوب امامها حينذاك من مفر سوى ان تبدأ رقصها المتوحش على طبول الفوضى التى سبق وان انذرنا بها ، فالسعودية ودول الخليج هى العقدة التى وقفت حتى الآن امام الفوضى فلا تحلوها بأيديكم وايديها .
              
                   اوقفوا هذه الحرب واخرجوا المملكة وفقراء العرب والمسلمين من هذا الفخ اللعين .   


                   

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...