الخميس، 29 نوفمبر 2012

المخرج فى اعادة الصياغة


                        ازمة الاعلان الدستورى فى مصر تبدو فى احد وجوهها ازمة صياغة ، لم يستطع عقل الاسلام السياسى حديث العهد بالسلطة والحكم ان يعبّر عنها بصيغة تشيع الطمأنينة اولا داخله وبين منسوبيه وتشيعها ثانية بين بقية القوى السياسية وعموم الشعب المصرى ، فالمخاوف المتولّدة من صعود الاسلاميين للحكم فى مصر تبدو مشتركة بينهم وبين الآخرين ، فخوف الاسلاميين يبدو اكثر احتشادا بالريبة والشكوك تجاه اى موقف او قرار او حكم صادر من مؤسسة ما او تنظيم او تجمهر من شأنه ان يهز من صورة الحكم او يحد من انطلاقته تجاه مشاريعه المعلنة والموضوعة ، ويرى فى ذلك بادرة للقضاء عليه وعلى فرصة حكمه الاولى التى تهيأت له بعد نضال طويل قارب القرن من الزمان ، لذا جاءت مقابلته لما تسرّب من احكام القضاء المتوقعة خلال ايام قليلة بخطوة الاعلان الدستورى بكل ما فيها من تعنّت وطغيان وتصلّب يعكس بجلاء حالة الرعب التى يعيشها هذا التنظيم حديث العهد بالسلطة والحكم .

                        ومخاوف القوى السياسية الاخرى بمصر من حكم هذا التيار ، المتضخمة من تجارب رصفائه فى الجوار لم تترك للثقة وحسن النية مساحة فى تعاملها معه ، ومضت فى تحصين فضاء مصر من الوقوع تحت سيطرته بكل ما استطاعته من وسائل وادوات ومؤسسات او استخدام ما اسماه المعارضون لنظام الرئيس مبارك بآليات الدولة العميقة التى ذهب البعض بكينونتها الى ما قبل الميلاد . فبدت مؤسسات الدولة فى هذا الصراع وسيلة او اداة يستخدمها كل طرف بأقصى حدود شراستها وطغيانها لمحاصرة الآخر وتكبيل خطاه ، دون ان تعى هذه الاطراف انها فى واقع الامر تحبس مصر بأكملها داخل خوفهم واول محابيسهم وللأسف نعمة الديمقراطية التى سيفتح غيابها -اذا تفاقمت الامور اكثر مما هى عليه الآن- كل ابواب السجون بتأريخها الاسود الذى تعرفه مصر.

                        لايزال فى الوقت متسع لمحاصرة هذه الازمة فى مهدها ، واول مطلوبات هذه المحاصرة انتزاع حالة الخوف  من الآخر المسيطرة على الجميع ، ولتكن المبادرة من الرئيس مرسى بحكم السلطة التى بيده ، بأعادة صياغة اعلانه الدستورى بحيث يضمن له ولمن معه كافة حقوقهم وفق المعايير الدولية ويضمن بالمقابل للآخرين ذات الحق ، وليكن هذا مضمون خطابه المنتظر هذا المساء .

الثلاثاء، 27 نوفمبر 2012

السلطة المنكرة


                         الاعلان الدستورى الذى اصدره الرئيس محمد مرسى وركّز بموجبه السلطات الثلاث فى يده ، يدعو للحيرة والدهشة والذهول ، خاصة حينما يصدر من رئيس منتخب ينتظر منه ملا يين المصريين ان يستكمل كافة بنيات التحوّل الديمقراطى ، فيفاجئهم والعالم معهم بأعلان دستورى لا يمكن له ابدا ولا بأى حال من الاحوال ان يكون تأسيسا لحياة ديمقراطية تتطلع لصون الحريات والحقوق واقامة العدل ، وما يدعو للحيرة والدهشة والذهول ، ان يسمح رئيس منتخب فى اطار ديمقراطى لمستشاريه سواء اكانوا سياسيين او قانونيين ان يصنعوا منه مشروع طاغية ، تتمركز فى يده سلطة مطلقة يعرفها الفكر الانسانى فى ادنى درجاته الساذجة بالسلطة المنكرة ، ويحتشد التاريخ بنمازج مهولة تدل على فسادها .

                           قد يبدو مفهوما ان يواجه تعقيدات كبيرة فى مستهل فترته الرئاسية بحكم انتمائه لتنظيم يخشى الكثيرون فى العالم العربى والاسلامى من مشاريعه التى بدت وبحكم التجارب الخاطئة التى سبقته اقرب الى هجمة على المجتمعات بدلا من مشاريع تعنى بنهضة انسانها ، فالمخاوف المحيطة بحركة الاخوان المسلمين وتيارات الاسلام السياسى كانت تستوجب منه ومن اشار عليه ان يستثمر فرصة صعوده الديمقراطى ليطمئن غالبية مكونات المجتمعات العربية والاسىلامية بنواياه وقدرته  على صون حرياتهم وحقوقهم وعلى بسط العدل والانصاف فى حياتهم حتى لو اضطر الى اصدار آلاف القرارات بدلا من هذا الاعلان الدستورى الذى اكد وضاعف كل المخاوف التى ظلت تحيط بحركات الاسلام السياسى .

                          فى تقديرى الخاص ان معظم منسوبى هذه الحركات خرجت من شرائح فى مجتمعات عالمنا العربى والاسلامى ظلّت تتوارث الفقر والحرمان والمرارات جيلا اثر جيل ، وظلّت تكتوى بنيران الظلم والقمع والاستبداد على مر الازمان ، وانهم وبموجب ما خاضوه من تجارب ، كان من المفترض ان يكونوا الاكثر حرصا على بسط قيمة الحرية والمشاركة وسيادة حكم القانون
دع عنك ان تبنيهم للدين الاسلامى الذى جاء بأعظم الحريات واكثرها اتساعا ، واعلى قيم الحق والعدل والانصاف ، ودعا الى الاحسان والمجادلة الحسنة ، كان كفيلا بأن يستعجلهم بالمبادرة بذلك قبل غيرهم من القوى السياسية ، وان ينأى بهم من هذه المسالك التى ذاقوا ويلاتها .

                        الرجوع للحق فضيلة ، وانها لفضيلة كبرى ان يصدر اعلانا بذلك ، ويتشرف كأول رئيس مصرى منتخب منذ اكثر من نصف قرن تتم على يديه صون السلطات الثلاث من اى تغوّل ، وكأول رئيس مصرى منتخب تستكمل على يديه بنيات التحوّل الديمقراطى ، ليحفظ التاريخ له ولحذبه فضيلة الحفاظ على مصر آمنة مستقرة فى زمن تحيط فيه المخاطر بالمنطقة من كل جانب .

الاثنين، 26 نوفمبر 2012

المطمئن فى المحاولة الاخيرة


                        لا يهم هنا تفاصيل المحاولة التى اعلنت عنها السلطات فى الايام الفائتة ، وطالما هى قيد التحقيق لدى الاجهزة المختصة ، فالحقائق القاطعة تحتاج الى بعض الوقت ريثما تنتهى هذه التحقيقات ولا خيار سوى الانتظار ، ولكن ما يهم حقا هو ردود افعال الجهات المعنية بالامر ، خاصة القوى السياسية على اختلاف اطيافها ، وعامة قطاعات الشعب السودانى .

                          والملاحظة البارزة ، ان ردود الافعال داخل القوى السياسية ، اتسمت بالهدوء والتريّث والاتزان ، وهى سمة شملت ايضا الوان الطيف السياسى داخل السلطة الحاكمة ، مما يعنى ان الاتهامات التى طالت عددا من قيادات الاجهزة الامنية السابقين ومن هم فى الخدمة ليست بذلك العسف والاندفاع الذى واجه مثيلاتها خلال سنوات حكم الانقاذ ، وبالتالى ليست هنالك مخاوف  منتظرة لهذه الاتهامات وان الامر برمته سيحسم فى اطار القانون .

                          اما الشارع السودانى  فقد وجد فيها مادة دسمة شغلت حيزا كبيرا من مساحات الاحتقان التى ظلّت تلازمه خلال سنوات حكم الانقاذ وان صاحبه بعض القلق والمخاوف من ان تقود الى منزلقات لا يتمنى ان يجد نفسه فى اتونها ، وهذا يعنى ان درجة الوعى العالية التى يتمتع بها تبدو ترياقا ناجعا فى مثل هذه الظروف يحول بينه وبين الاستدراج لمثل هذه المهاوى التى فجعته مشاهدها الجارية فى بعض الدول العربية ، فردة فعله اتسمت بالهدوء العميق وبمتابعة مجريات الاخبار من مختلف مصادرها بما فى ذلك مجالس المدينة  التى زخرت بتحليلات واستنتاجات وتوقعات تقترب وتبتعد عن الواقع بمقدار حجم المعلومات المتوفرة للمتلقين .

                          و المحاولة حسب ما اعلن عنها من تفاصيل حتى الآن ، مقارنة مع مواقع المتهمين وردود الفعل التى اعقبتها، تبدو معها البنية الامنية على قدر كبير من التماسك والقدرة على الاحتواء، وهذا ما يبعث على الاطمئنان ، ولكن المراهنة على ثبات حالة الوعى والاتزان والهدوء التى اعقبت الاعلان عن هذه المحاولة دون ان تتحرك السلطات بخطوات متسارعة تجاه ايجاد حلول لقضايا الساعة المعلومة تبدو مراهنة خاسرة ، فالقضايا العالقة بأتفاقية نيفاشاعديدة وخطرة ، وقضايا الاقتصاد مهددة بالانفجارات ، وقضايا السياسة لم تستقر بعد على معادلة  تبعث على الطمأنينة من ان لا يؤدى احتدام الصراع الى ما لاتحمد عقباه ، وقضايا الحقوق المهضومة ما انفكت تراكم فى الغبن .

                           الحكمة تقتضى استثمار حالة الوعى والهدوء والاتزان التى اعقبت هذه المحاولة لأنتاج واقع جديد يعيد كل مكونات الشعب السودانى الى حالة من الرضا والقبول مثل تلك التى الفها من قبل عهودا طويلة . وحمى الله السودان من كل شر . 

الأربعاء، 21 نوفمبر 2012

اخطر ارهابيىّ العالم


                  الخوف اما ان تصاحبه اسرع ردات الفعل المضادة له هروبا او مواجهة او استسلاما ، واما ان يعقبه شلل قاتل ، وهنالك افراد وجماعات وجهات كثيرة تجيد استخدام ميكانيزم الخوف فى تحقيق اهدافها ومراميها ، حتى اصبحوا وبمعايير الناس البسطاء وبمعايير العلم والمنطق من اخطر ارهابيىّ العالم ، واصبح الخوف تبعا لذلك آلية مضمونة لتحقيق المصالح .

                   ومن بين الافراد والجماعات والجهات التى تجيد استخدام الخوف وبتقنيات عالية لها القدرة على التغلغل الى اعماق النفس البشرية ، يبدو لى احيانا ولا ادرى عما اذا كنت واهما او مصابا بفوبيا هذه الجماعات ، ان المديرين التنفيذيين فى الشركات الكبرى العابرة للقارات ، بدءا من شركات الاسلحة وانتهاءا بشركات الادوية ، هم الاخطر على الاطلاق فى هذه المنظومة التى تعتمد الخوف كأفضل آليات تحقيق الاهداف .

                    قبل ايام قليلة بثّت عدد من القنوات خبرا يقول ان الذين تجاوزت اعمارهم سن الستين ويعانون من مرض السكر ، عرضة للأصابة بالصمم ، وبالرغم من ان مصدر الخبر جهة علمية تبدو موثوقة الا ان أول ما خطر ببالى عند سماعه ، ان ثمة مدير تنفيذى ماكر رمى عينه على شريحة فى المجتمع هى الاكثر حرصا واهتماما بصحتها بحكم هواجس خريف العمر ، وهى الشريحة التى يندرج معظمها فى قوائم مرضى السكر ، وهى الشريحة وهذا هو الاهم التى تحظى بمدخرات عالية خاصة بين رجال المال والاعمال فضلا عن ان اختيار سن الستين يصادف فى كثير من دول العالم سن التقاعد بالمعاش وبالتالى تتوفر فى يد هؤلاء المتقاعدين اموال فوائد ما بعد الخدمة .

                  وعلى هذا بدا لى ان اى منتج يتعلق بهذا الخبر ، هو عبارة عن احتيال مغلف بسوليفان الخوف ، وان الانسان متى ما تحلّى بشىء من اليقين ، فسيكتشف قائمة طويلة من العبوات المحتالة التى انتجها صناع الخوف لحلب جيبه او عصر جهده خدمة لهم .

                

السبت، 17 نوفمبر 2012

غزة ام فلسطين ؟



                   العقل العربى والفلسطينى على وجه الخصوص فى حاجة الى مراجعة مسار هذه القضية منذ صدور قرار التقسيم لنعرف اين تقف الآن فى ظل هذه العواصف التى تحيط بالمنطقة ، اذ ان ما يجرى فى غزة يبدو فى تقديرى احدى العلامات البارزة فى هذا المسار والرافضة لما آل اليه الحال ، ولا يمكن النظر اليه بمعزل عن القضية الأم ، قضية دولة فلسطينية قابلة للحياة تبسط سيادتها بالكامل على ارضها .

                   ومساعى الجامعة العربية الجارية الآن للبحث عن حماية دولية لقطاع غزة ، مساع تبدو فى احد وجوهها عودة الى ذات السناريو القديم الخاص بالسيطرة على المعابر من قبل قوات اممية ، وان مبدأ الحماية الذى ينادى به من ينادى داخل الجامعة العربية ، لن يقف على غزة وحدها بل سيدفع اسرائيل وحماتها للمطالبة به ايضا ليغطى حدود اسرائيل مع غزة وقد يصبح ثغرة ليمتد الى حدودها مع سيناء ، بمعنى آخر ، ان الحماية  التى يطالب بها المجتمعون فى الجامعة العربية ربما قادت فى خاتمة المطاف الى انتقاص سيادة مصر من جانب وتجريد قطاع غزة من كل ادوات المقاومة من جانب آخر ، وهو امر يبدو اقرب للمستحيل ، اللهم الا اذا اقتنعت حماس والفصائل الاخرى بقطاع غزة بجدوى الحل السلمى .

                   الحماية الحقيقية حاجة ماسة ليس لأنسان غزة فحسب وانما لكل ابناء الشعب الفلسطينى ، ومن بين كافة المشاريع المطروحة الآن ، يبدو مشروع السلطة الفلسطينية الرامى للحصول على مقعد دولة مراقب فى الامم المتحدة ، افضل المشاريع التى يمكن ان تؤمن الحماية لكل الفلسطينيين سواء بغزة او بالضفة ، ووفقا للقانون الدولى ، فأن كانت حماية غزة امر يهم الجامعة العربية فعلا ، فلتقف بقوة مع مشروع السلطة الفلسطينية ، او تتقدم بمشروع اكثر نجاعة لا ينشغل بحلول جزئية سرعان ما تعود بأطراف الصراع الى لعبة الدماء والدمار ، فالحرب اضحت قاب قوسين او ادنى وما عدا ايران فليس هنالك دولة من دول المنطقة لديها الاستعداد الكافى لمواجهتها .

                    قوى غزة المنخرطة الآن فى عمليات المقاومة ، وبرغم الرعب الذى احدثته صواريخها داخل اسرائيل ، الا ان موازين القوة المختلة بين الطرفين تبعث على الشفقة بان تكون العملية برمتها استدراج ماكر للقضاء عليها ، اتمنى وارجو من قيادات حماس وقيادات فصائل المقاومة بغزة ان يستجيبوا للجهد المصرى والجهد العربى الرامى للتهدئة .

الأربعاء، 14 نوفمبر 2012

اغطية النبى


                   


                    قصة الهجرة قصة يحفظها المسلمون عن ظهر قلب ، يحفظون تفاصيل المكر القرشى فى ذاك الزمان وشغفه المحموم بقتل من شرّفهم صدقا وامانة ، واهراق دمه الطاهر فى ارضهم الملأى بآثامهم واستعلائهم ، ويحفظون لبيت ابى بكر الصديق رجاحة العقل وشهامة الفعل ومعنى ان يحمل اب وابن وابنته ارواحهم بين اكفهم من اجل ان يطل البدر من ثنيات الوداع ليضىء بنوره عتمات تعلّقت بسوءات بنى آدم قرونا طويلة فى جزيرة العرب ، انها قصة تحكى فى جلاء وقائعها مغزى سمو العقيدة على الوطن ، تحكى علو قيمة الحرية فى معناها الواسع وقيمة الاخلاق والقيم على قيمة الارض ، تحكى ان الهجرة خيار واجب بدلا من البقاء تحت نير الظلم ، فطوبى للمهاجرين على مر الزمن .


                   و من بين كل ما حفلت به هذه القصة الثرية فى وقائعها وفى معانيها وفى  مقاصدها ، يبدو دور العنكبوت والحمامة بمثابة غطائين حجبا عن عيون القتلة من تنتفى الظلماء بنوره ، فما اعظمهما من غطائين ، استحيا من ان يمسا جسده الطاهر فأختارا ان تغطى حجبهما بصيرة من لا بصر له ، (المغطى الله) هكذا تعوّد ان يودعنا اهالينا اذا نوينا الخروج فى مشاوير بعيدة ، ولقد صدقوا ، فلله جنود بعضها لا يرى وبعضها تراه رأى العين ، تماما كما رأى اولئك النفر الكافر من قريش الحمامة وبيت العنكبوت ، ولكنها الرؤية التى لا تستطيع ان تذهب ابعد من محجرى العين ، فبينها وبين العقل والادراك والتبصر حجاب سميك امسك بطرفيه جنديان من جنود الله ، احدهما حمامة بدت فى وداعتها موطنا للرقة والسكينة وثانيهما بيت من نسج عنكبوت يبدو من هشاشته لا يقوى على نسمة ارهقها طول مسير ، فسبحانك ربى ، كل هذا الدور العظيم لأثنين من مخلوقات الله ومع ذلك اغفلنا ان نجعل من اى منهما رمزا وهما اهمّ رمزين لأهم حدث فى ديننا .

.                   ونحن نحتفل اليوم بمطلع السنة الهجرية الجديدة ، اسأل الله ان يلهمنا طريق النجاة بعيدا عن خطى كفار قريش ، ويلهمنا معنى ان الهجرة طريدة المظالم ، وان الهجرة مسير الى الحرية والعدل والحياة الكريمة ، تلك الحياة التى اقامها رسولنا الكريم فى ارض هجرته بالمدينة المنوّرة .

                   كل عام وانتم بألف خير ، وكل عام جميع خلق الله بألف خير ، وعلى نبينا الكريم وآله افضل الصلاة واتمّ التسليم .

الجمعة، 9 نوفمبر 2012

اعداء حول الرئيس


                  انشغلت معظم دوائر ومجالس البلاد طيلة الفترة الفائتة بمرض السيد رئيس الجمهورية ، واتخذ التناول لحالته المرضية ابعادا و مناحى شتى ، بعضها مشفق على مصير البلاد ، وبعضها مضى يمنى النفس الامانى ، وبعضها استنفر ما استطاع استنفاره استعدادا لملء الفراغ المحتمل الى آخر ما حفلت به الدوائر والمجالس ، وبدا جليا ان جملة النوايا التى احاطت بحالة الرئيس الصحية على اختلاف اتجاهاتها اكدت حقيقة انه لا يزال يمثّل الموازن الموضوعى للحالة السياسية فى السودان بكل تعقيداتها .

                  وجاءت زيارته العلاجية للمملكة العربية السعودية فى اليومين الماضيين عبارة عن شحنة عالية من التوتر اضافت ثقلا جديدا على عصب تلك الدوائر والمجالس خاصة وان الزيارة جاءت فى اعقاب حدثين مؤثرين بشكل مباشر على علاقات البلدين ، اولهما الغارة الاسرائيلية على مصنع اليرموك والثانى زيارة قطع البحرية الايرانية لبورتسودان بعد الغارة ، الامر الذى اضاف بعدا جديدا لتعقيدات الحالة السياسية فى السودان بدخول عامل الصراع الاقليمى الى قلب الحراك السياسى .

                  اما الحدث الابرز الذى يهم الكثيرين فعلا ،  كان خروج الرئيس من الجراحة التى اجريت له وهو فى حالة صحية مطمئنة للكثيرين داخل وخارج السودان ، وابرز ما فيه كان الخطاب القصير الذى تلى خروجه وكرر فيه بشجاعة ، الظلم الذى وقع على كثير من الناس خلال فترة حكمه، والحقوق التى اهدرت ، وبدا تفهمه لشكاوى المظلومين دلالة على قربه من تلك الظلامات فضلا عن ان تناوله لقضايا الظلم هنا يبدو رسالة طويلة تحكى قصة تعقيدات نظام حكم الانقاذ .

                   فحينما يتكلم الرئيس عن الظلم الذى وقع ابان رئاسته ويطالب فى اكثر من مناسبة برفعه وجبر اضراره ، وحين يتحدث عن حقوق الناس المهدرة ويتفهم شكاياهم المتضرعة الى الله عزّ وجل والمستنجدة بقوته وعدله احكم الحاكمين ، فأن الرسالة الواضحة التى يستقبلها مباشرة وبكل يسر عقل اخف المظاليم ظلما ، ان الرئيس معه ، وان من يقف ضد رفع الظلم واعادة الحقوق الى اهلها ليس عدوا للمظاليم فحسب وانما عدوا للرئيس ايضا .

                   فى لقاء تلفزيونى قيل للرئيس الراحل جعفر نميرى ان حكمه اتسم بحكم الفرد ، فأجاب ان السودان بلد واسع لا يستطيع فرد حكمه ، فلكل حى وكل قرية وكل مدينة وكل ولا ية حاكمها ، ومن قبل جاء الاتراك بغزوتهم المزدوجة العنوان ، مرة بأسم الخلافة الاسلامية ومرة بأسم ولاية مصر شبه المستقلة ولم يستطيعوا الانفراد بحكم البلاد ، فكانت كسوات الشرف دلالة على ان ثمة حكام هنا لم يستطيعوا تجاوزهم ، وجاء الاحتلال الثنائى لاحقا ولم يستطع ان ينفرد بالحكم ايضا ، فأقام هياكله على بنية الحكام الحقيقيين ، وهؤلاء الحكام الوطنيين هم الذين حفظوا للكثيرين من اهل هذا الوطن حقوقهم فى اكثر منعطفات هذا الوطن خطورة ، وهاهو الرئيس عمر البشير يقر بالمظالم وهدر الحقوق ويطالب مثلنا نحن المتضررون من حكم الانقاذ بأعادة الحقوق لأصحابها ، فأين ذهب حماة الوطن ؟

                    شكرا سيدى الرئيس على هذه الشهادة الغالية ، لقد فهمنا الآن ان كل حكوماتك المتعاقبة وبحكم عجزها عن ازالة هذه المظالم لم تكن سوى مجموعة اعداء تحيط بالرئيس ، مع امنياتى بدوام الصحة والعافية .  

                   

                   

                   

                 

الخميس، 8 نوفمبر 2012

مساهر وقمر


                Abstract sunset landscape with big moon on seacost. Stock Photo - 12237887


                  يا هذا الفضى الواقف فوق سقوف الماء
                  تلعب لعبتك الاولى .. مدا .. جزرا
                  بحرا .. نهرا .. بئرا
                                                 بلا استثناء
                   فالماء لديك  هو الماء
                               ،،،،،،،،،،
                  يا هذا الواقف فوق سقوف العالم تشهد رحيل المدن التعبى
                 هيّا علّم هذا العالم لغة المد الصعبة
                  كى يصعد جمعا .. كى يصعد عصبة
                 فلغة الجزر لغة مرتدة .. لغة منقلبة .
                  لغة لا تشعلها سوى الانواء
                                ،،،،،،،،،،،
                 يا هذا الفضى الجاذب كتل الضوء اللاعب بالأضواء
                 ثمة ترف مترف يتوسد غلالتك الفضية ويغفو .. ثم ينام
                 وثمة فقر ينزف يتسلق اشعتك الواهنة ويشكو .. ثم يضام
                 وانت امام وسادتك الزرقاءء
                                 مرآة عمياء .. خرساء ..صماء
                                ،،،،،،،،،،،،،
                 فتعلّم ان تعكس شيئا عن سكتنا
                 سكتنا حكايات نابضة بالفقر وبالفقراء
                  وحياة نابضة بالحب ... قائمة بأحباء
                 وعصافير تشدو حتى فى زمن الجدب
                  وسواعد مثقلة بالتعب لم تيأس يوما من خير الرب
                  وعيون تنظر للنهب وللسلب وللحرب بأزدراء
                  غدا نلتقى ايها القمر الشاحب .. غدا مساء .
                  
                
                 
                 
                

الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

اوباما الثانى


                  للمرة الثانية يحقق الحذب الديمقراطى فوزا كبيرا فى الحياة الانتخابية بأمريكا استحق عليه تهنئة كبيرة وثناءا اكبر ،
والثناء هنا لهذا الانجاز الثلاثى المبهر ، اوله هذا الاختيار لشخص اوباما الذى بدا حينها مغامرة كبرى لكنه كشف فى الآخر عن وعى عميق بكاريزما الرجل الجاذبة وقدراته العالية التى بدت مفصلّة على معايير رئيس دولة عظمى ، وثانى ابهار فى هذا الانجاز ، برنامج وضع لأجل آمال وتطلعات غالبية الامريكيين وقد اثبت صلاحيته بما حققه من ايرادات غالبة على صناديق الاقتراع ، وثالث ابهار فى هذا الانجاز ، حملة انتخابية عرفت كيف تتوغل فى عقل الناخب الامريكى الذى استهدفته ليدرك ان مصير آماله وتطلعاته متوقف على تلك الورقة المصيرية التى تنتظرها صناديق الاقتراع .  وبهذا الانجاز الثلاثى المبهر قدم الحذب الديمقراطى الامريكى قاعدة ذهبية للاحذاب العاملة فى ظل النظم الديمقراطية لتخوض بموجبها المنافسات الانتخابية .

                  ولأن امريكا دولة عظمى تتشابك مصالحها وقضاياها فى انحاء العالم المختلفة ، فأن العامل الداخلى لييس الوحيد الحاسم فى المعركة الانتخابية ، فالعامل الخارجى بأطرافه المختلفة له حضوره الفاعل فى مجرى هذه المعركة ، ولم يكن مفاجئا للمتابعين ان تقوم الحملة الانتخابية باستدعاء قرارالعقوبات الامريكية على السودان وتجديده قبل ايام قليلة على بدء المعركة الانتخابية لتأتى حملة اوباما مدعومة بآخر اللوبيات التى تشكلت بأمريكا على خلفية النزاعات المسلحة بدارفور وج كردفان والنيل الازرق ، مثل تلك التى يقودها الممثل الامريكى جورج كولونى بما يمثله من قاعدة جماهيرية واسعة ، فقرار تجديد العقوبات يعنى اما تجيير هذه الجماهير لمصلحة اوباما واما تحييدها او زعزعة اتجاهها الانتخابى .

                  وما يهمنى فى هذا القرار ، ان قائمة الحظر الواردة فيه تشمل ضمن ما تشمل منتجات اسفيرية يشكل منعها عن السودان ضررا مباشر على المدونين السودانيين المقيمين به ، ففى الوقت الذى يتمتع رصفاؤهم فى البلاد الاخرى بمزايا هذه المنتجات يعيش ابناء وطنى مرارة الحرمان رغم ما يبذلونه من جهود مخلصة للأسهام فى بناء عالم جميل ومسالم ، ويكفى هذا الحرمان دليلا على العيب الذى صاحب هذا القرار ، فقد جمع فى عقوبته بين الحكومة السودانية وشعبها .

                   اوباما يدخل من جديد فترة رئاسية ثانية ، فهل يظل كما كان فى فترته الرئاسية الاولى ام نشهد فى هذه الفترة الثانية اوباما الثانى ، اوباما يعيد الامل لدى شعوب هذا العالم بأن للحق مكان فى تفكير القوى العظمى وللخير نصيب فى عطائها وللسلم والسلام جهد كبير فى مساعيها ؟

الاثنين، 5 نوفمبر 2012

ضحايا الجامعات


                   المعترك السياسى غابة متوحشة وشديدة القسوة ، واكثر مظاهره توحشا وعنفا ، تلك التى تتجلى وللأسف داخل  الجامعات ، حيث خلاصة القوى البشرية التى ستشكل مستقبلا عماد مؤسسات الدولة ، و آخر العتبات التى تفضى بأبنائنا وبناتنا الى الحياة العامة ، ولأن المعترك السياسى داخل الجامعات يتخذ اشكالا عدة ، فأن احد اكثر اشكاله قبحا وجبنا وانحطاطا ، هو لجوء بعض القوى الى ابتزاز اولياء الامور عن طريق تعريض ابنائهم بالجامعات لمؤامرات قاسية تعرض مستقبلهم الاكاديمى للخطر وحياتهم فى بعض الاحيان ، وذلك بغية تجنيدهم او تجنيد مهامهم او مواقعهم الاجتماعية او مواهبهم الى آخر ما يمتازوا به لخدمة مصالح تلك القوى ، ويقومون بذلك اعتمادا على المثل القائل (الجنا قيد هوان) نقطة الضعف الاولى فى حياة الوالدين .

                  وعادة يكون قوام هذه المؤامرات تشكيلة متنوعة تبدأ من بعض الطلبة والطالبات وتنتهى بأطقم العاملين بالجامعة ، تشكيلة اشبه بشبكة تديرها من وراء حجاب قوى او تنظيم او جهة او ايّا كان ، السمة الوحيدة التى تجمع بينهم ، هى عقيدة فاسدة تزيّن لهم سوء عملهم ، فى الحاق الاذى بالأسر وهدم آمالهم واحلامهم من اجل مكاسب ملتوية لم تستطع مبادئهم واخلاقهم وقيمهم ان تستقطب طوعا واختيارا اولئك الآباء او الامهات للعمل فى صفوفهم .

                   وطبيعة هذه المؤامرات تتخذ اشكال اتهامات جنائية او اخلاقية ، يوظفون لأجلها افضل ما انتجته ذهنية المتآمرين من اشكال الدعاية والاشاعات وتدعم فى خاتمة الامر بقرارات من جهات مخترقة داخل الجامعة لتصبح ضربة شديدة الوطء على الطلبة والطالبات محل الاستهداف بحيث تؤثر بشكل كبير على تحصيلهم الاكاديمى ليأتى قرار الفصل فى النهاية بسبب الرسوب الاكاديمى ، او فى حقيقة الامر بسبب نأى اولياء امورهم بعيدا عن الأنغماس فى انشطة يبدو الفساد سيّدها والا لما احتاج من يقف وراءها سلوك هذا المجرى الكريه المحاط بالغموض والتآمر .

                    كثيرون يعلمون بما فى ذلك الاجهزة المختصة ، ان عددا كبيرا من الجامعات مخترقة من قبل جهات اجرامية وتكفى الاحصاءات التى تداولتها الصحف مؤخرا عن انتشار ظاهرة تعاطى المخدرات ، وانتشار ظاهرة تعاطى الجنس المحرّم ، وانتشار ظاهرة السرقات ، وهى ظواهر تشير بجلاء الى ان ثمة (مافيات) نشطة داخل هذه الجامعات ، تستطيع ان تتولى كفالة عدد من الطلبة والطالبات المنسوبين بها للقيام بالترويج لأنشطتهم الاجرامية ، ومثل هذه (المافيات) لا تتوانى فى تقديم خدماتها داخل الجامعات وخارجها لدعم عملية الابتزاز التى يواجهها بعض اولياء الامور لدفعهم للرضوخ للجهة او الجهات الراغبة فى ذلك .

                    لست هنا فى محل اثارة لرعب اولياء الامور بقدر ما اسعى للفت انظارهم وانظار من يهمه الامر وانظار الصالحين والمصلحين الى هذه الظاهرة من اجل ان تتكاتف الجهود لتنقية الحرم الجامعى وحمايته لخلق جو معافى يحقق لأبنائنا وبناتنا آمالهم وامانيهم فى تأهيل اكاديمى نظرى وعملى يسند حيلهم فى حياتهم العملية ويسهم فى بناء وتنمية هذا الوطن الحبيب .

                   
                     
                     
                   
                    

                  

                  .

                   

الجمعة، 2 نوفمبر 2012

الوطن مقابل الدولة


                   كل المفاتيح المعلّقة على جيد النساء الفلسطينيات  الصابرات على المنافى عقودا طويلة ، صارت (خردة) ، عمر شيخ بأكمله قضينه فى انتظار العودة الى الارض التى نبتت طينتهم منها ، صار هباءا منثورا على مراوغة قديمة يضحك الاطفال من سذاجتها الا انت يا ابا مازن ، احسب معنا عدد المطالب التى فدتها ارواح ذكية وسقطت بالتقادم منذ قرار التقسيم فى 1947 ، عندها ستدرك جيدا ان التقادم هو لعبة اسرائيل الرابحة ، وستقود هذه اللعبة فى خاتمة الامر الى قيام دولة فلسطينية فى مخيلة مهزومة لا مكان لها على الارض .

                    هل بلغ التعب بكم حدا يدفعكم ان تغلقوا بأيديكم اهم ملفات الحل النهائى ؟ وبأى حق تفعلون ذلك والعالم بأثره يعلم ان لا وجود لشرعية فلسطينية بعد ان قامت (حماس) بأنقلابها واخرجت (غزة) من الخريطة التى غنيتم لها بعد (اوسلو) ا
‎فلســطين ,. شوقي لكي لن ينتهي "سأعود" فمازال مفتاح أجدادي بين أضلعي‎
غانى الفاتحين ؟ هل هذه آخر المحطات التى آلت اليها القضية الفلسطينية ؟ ام ان فى الامر ما يستحق التضحية بوطن مقابل دولة حتى الآن لا ندرى اين تبتدىء حدودها واين تنتهى ؟

                    بالامس القريب قامت اسرائيل بأستئناف لعبتها الأخرى الناجحة المدعوة المستوطنات على الارض الفلسطينية ، فهل يعقل ان يكون المقابل لهذا التعدى السافر اعلانا مهينا يحكى امكانية التنازل عن ارض شهدت خروجك لهذا العالم ، وتنفست لأول مرة هواءها ، وعشت فيها ذكرياتك وذكرى نكبات شعبك ؟ يا لله ، انهم يشترون ذكرياتكم او بالاحرى نسيانكم للأرض مقابل ايهامكم بقيام دولة لن تبق المستوطنات المتنامية مساحة لتقوم عليها .

                   الفلسطينيون القابضون على الامور بالضفة الغربية وقطاع غزة يطعنون يوميا فى ظهر القضية الفلسطينية حتى اخذت تموت فى وجداننا شيئا فشيئا ، حوّلوا دفة المفاوضات من وجهة حل الدولتين الى وجهة مطامح الفصيلين ، ولم ينجزوا على الصعيدين شيئا يطمئن ان دماء الشهداء لم تذهب هدرا ويطمئن من فى المنافى ان العودة باتت وشيكة ويطمئن من تعلّقت قلوبهم بقضيتكم ان فلسطين لا يزال بها رجال يقدسون ترابها وهواءها .

                  ارجو ان يكون خلف كواليس هذا الانحناء ما يسند عود الدولة الفلسطينية  للوقوف حقيقة على الارض

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...