الجمعة، 9 نوفمبر 2012

اعداء حول الرئيس


                  انشغلت معظم دوائر ومجالس البلاد طيلة الفترة الفائتة بمرض السيد رئيس الجمهورية ، واتخذ التناول لحالته المرضية ابعادا و مناحى شتى ، بعضها مشفق على مصير البلاد ، وبعضها مضى يمنى النفس الامانى ، وبعضها استنفر ما استطاع استنفاره استعدادا لملء الفراغ المحتمل الى آخر ما حفلت به الدوائر والمجالس ، وبدا جليا ان جملة النوايا التى احاطت بحالة الرئيس الصحية على اختلاف اتجاهاتها اكدت حقيقة انه لا يزال يمثّل الموازن الموضوعى للحالة السياسية فى السودان بكل تعقيداتها .

                  وجاءت زيارته العلاجية للمملكة العربية السعودية فى اليومين الماضيين عبارة عن شحنة عالية من التوتر اضافت ثقلا جديدا على عصب تلك الدوائر والمجالس خاصة وان الزيارة جاءت فى اعقاب حدثين مؤثرين بشكل مباشر على علاقات البلدين ، اولهما الغارة الاسرائيلية على مصنع اليرموك والثانى زيارة قطع البحرية الايرانية لبورتسودان بعد الغارة ، الامر الذى اضاف بعدا جديدا لتعقيدات الحالة السياسية فى السودان بدخول عامل الصراع الاقليمى الى قلب الحراك السياسى .

                  اما الحدث الابرز الذى يهم الكثيرين فعلا ،  كان خروج الرئيس من الجراحة التى اجريت له وهو فى حالة صحية مطمئنة للكثيرين داخل وخارج السودان ، وابرز ما فيه كان الخطاب القصير الذى تلى خروجه وكرر فيه بشجاعة ، الظلم الذى وقع على كثير من الناس خلال فترة حكمه، والحقوق التى اهدرت ، وبدا تفهمه لشكاوى المظلومين دلالة على قربه من تلك الظلامات فضلا عن ان تناوله لقضايا الظلم هنا يبدو رسالة طويلة تحكى قصة تعقيدات نظام حكم الانقاذ .

                   فحينما يتكلم الرئيس عن الظلم الذى وقع ابان رئاسته ويطالب فى اكثر من مناسبة برفعه وجبر اضراره ، وحين يتحدث عن حقوق الناس المهدرة ويتفهم شكاياهم المتضرعة الى الله عزّ وجل والمستنجدة بقوته وعدله احكم الحاكمين ، فأن الرسالة الواضحة التى يستقبلها مباشرة وبكل يسر عقل اخف المظاليم ظلما ، ان الرئيس معه ، وان من يقف ضد رفع الظلم واعادة الحقوق الى اهلها ليس عدوا للمظاليم فحسب وانما عدوا للرئيس ايضا .

                   فى لقاء تلفزيونى قيل للرئيس الراحل جعفر نميرى ان حكمه اتسم بحكم الفرد ، فأجاب ان السودان بلد واسع لا يستطيع فرد حكمه ، فلكل حى وكل قرية وكل مدينة وكل ولا ية حاكمها ، ومن قبل جاء الاتراك بغزوتهم المزدوجة العنوان ، مرة بأسم الخلافة الاسلامية ومرة بأسم ولاية مصر شبه المستقلة ولم يستطيعوا الانفراد بحكم البلاد ، فكانت كسوات الشرف دلالة على ان ثمة حكام هنا لم يستطيعوا تجاوزهم ، وجاء الاحتلال الثنائى لاحقا ولم يستطع ان ينفرد بالحكم ايضا ، فأقام هياكله على بنية الحكام الحقيقيين ، وهؤلاء الحكام الوطنيين هم الذين حفظوا للكثيرين من اهل هذا الوطن حقوقهم فى اكثر منعطفات هذا الوطن خطورة ، وهاهو الرئيس عمر البشير يقر بالمظالم وهدر الحقوق ويطالب مثلنا نحن المتضررون من حكم الانقاذ بأعادة الحقوق لأصحابها ، فأين ذهب حماة الوطن ؟

                    شكرا سيدى الرئيس على هذه الشهادة الغالية ، لقد فهمنا الآن ان كل حكوماتك المتعاقبة وبحكم عجزها عن ازالة هذه المظالم لم تكن سوى مجموعة اعداء تحيط بالرئيس ، مع امنياتى بدوام الصحة والعافية .  

                   

                   

                   

                 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...