الأربعاء، 14 نوفمبر 2012

اغطية النبى


                   


                    قصة الهجرة قصة يحفظها المسلمون عن ظهر قلب ، يحفظون تفاصيل المكر القرشى فى ذاك الزمان وشغفه المحموم بقتل من شرّفهم صدقا وامانة ، واهراق دمه الطاهر فى ارضهم الملأى بآثامهم واستعلائهم ، ويحفظون لبيت ابى بكر الصديق رجاحة العقل وشهامة الفعل ومعنى ان يحمل اب وابن وابنته ارواحهم بين اكفهم من اجل ان يطل البدر من ثنيات الوداع ليضىء بنوره عتمات تعلّقت بسوءات بنى آدم قرونا طويلة فى جزيرة العرب ، انها قصة تحكى فى جلاء وقائعها مغزى سمو العقيدة على الوطن ، تحكى علو قيمة الحرية فى معناها الواسع وقيمة الاخلاق والقيم على قيمة الارض ، تحكى ان الهجرة خيار واجب بدلا من البقاء تحت نير الظلم ، فطوبى للمهاجرين على مر الزمن .


                   و من بين كل ما حفلت به هذه القصة الثرية فى وقائعها وفى معانيها وفى  مقاصدها ، يبدو دور العنكبوت والحمامة بمثابة غطائين حجبا عن عيون القتلة من تنتفى الظلماء بنوره ، فما اعظمهما من غطائين ، استحيا من ان يمسا جسده الطاهر فأختارا ان تغطى حجبهما بصيرة من لا بصر له ، (المغطى الله) هكذا تعوّد ان يودعنا اهالينا اذا نوينا الخروج فى مشاوير بعيدة ، ولقد صدقوا ، فلله جنود بعضها لا يرى وبعضها تراه رأى العين ، تماما كما رأى اولئك النفر الكافر من قريش الحمامة وبيت العنكبوت ، ولكنها الرؤية التى لا تستطيع ان تذهب ابعد من محجرى العين ، فبينها وبين العقل والادراك والتبصر حجاب سميك امسك بطرفيه جنديان من جنود الله ، احدهما حمامة بدت فى وداعتها موطنا للرقة والسكينة وثانيهما بيت من نسج عنكبوت يبدو من هشاشته لا يقوى على نسمة ارهقها طول مسير ، فسبحانك ربى ، كل هذا الدور العظيم لأثنين من مخلوقات الله ومع ذلك اغفلنا ان نجعل من اى منهما رمزا وهما اهمّ رمزين لأهم حدث فى ديننا .

.                   ونحن نحتفل اليوم بمطلع السنة الهجرية الجديدة ، اسأل الله ان يلهمنا طريق النجاة بعيدا عن خطى كفار قريش ، ويلهمنا معنى ان الهجرة طريدة المظالم ، وان الهجرة مسير الى الحرية والعدل والحياة الكريمة ، تلك الحياة التى اقامها رسولنا الكريم فى ارض هجرته بالمدينة المنوّرة .

                   كل عام وانتم بألف خير ، وكل عام جميع خلق الله بألف خير ، وعلى نبينا الكريم وآله افضل الصلاة واتمّ التسليم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...