الجمعة، 29 يوليو 2016

بعيون افريقية


                         تم اليوم بجامعة اديس ابابا وبصالة الزعيم الراحل نلسون مانديلا ، تكريم الرئيس عمر البشير فى منتدى العزة و الكرامة والذى تقف خلفه مؤسسات وشخصيات اكاديمية و برعاية من الاتحاد الافريقى ، كأول رئيس افريقى ينال شرف التكريم بهذا المنتدى بطلا للكرامة الافريقية وفقا للمصوغات التى وردت بالاحتفال واهمها وقوفه بصلابة فى مواجهة محكمة الجنايات الدولية .

                         وقد بدا واضحا ان العقل الثقافى والفكرى والاكاديمى الذى وقف خلف هذا التكريم ، قد رأى فى محكمة الجنايات الدولية ، ذات الرؤية التى رسخت فى يقين القيادة السودانية ، بأن هذه المحكمة مجرد اداة استعمارية حديثة ، رغم تغطيها بجملة من المبادىء التى عادة ما تدغدغ مشاعر الشعوب التى تعانى من وطأة الاستبداد ، خاصة حينما يتعلق الامر بقضايا الحريات والحقوق ، بينما فى الحقيقة  تكمن تحت هذا الغطاء الجذاب افعى مبتزة الى حد اللدغ القاتل ، ويكفى ما كشفته وسائل الاعلام فى الايام الفائتة عن المرونة الاخلاقية العالية التى اتسمت بها عضويتها المنتقاة بعناية ودقة ، تعكس بجلاء خوف من وقف خلف تأسيسها على رفاهيته اكثر من خوفه على حقوق الشعوب التى ترزح تحت البطش والاستبداد .

                         وقد دفع موقف الرئيس البشير الثابت فى وجه هذه المحكمة ، معظم القادة الافارقة الذين انساقوا خلفها منذ اعلان روما ، الى وقفة مع الذات استعادوا من خلالها كرامتهم المنساقة خلف المؤسسات والمبادىء الغريبة على ثقافة وفكر وحكمة افريقيا ، استعادوا من خلالها العزة والكرامة الافريقية ، وبدأت انسحاباتهم وتحديهم لها ، استعادة لعزة وكرامة الاتحاد الافريقى ، لرأيه ومواقفه وصوته بين المؤسسات الدولية والاقليمية ، او بالاحرى لحقه الضائع بين هذه المؤسسات .

                          وما يهمنى هنا ، ان عيون افريقيا رأت فى الرئيس البشير ما غاب عن رؤيتنا بفعل الصراعات ومحركاتها الداخلية والخارجية ، وان هذا التكريم الصادر من عقل افريقيا الواعى والمدرك والباحث عن حقيقتها الزاهية بتجرد ، يبدو رسالة واضحة لبعض فرقاء الداخل الذين يجيرون  صراعاتهم حول السلطة بدعاوى عرقية وجهوية ، ان يقفوا مع الذات وقفة صدق قصيرة ، ليروا فيها كيف ان افريقيا المعتزة بسوادها ، قد وقفت  مع احد ابنائها بشمم واباء من اجل قضايا القارة الكبرى ، رغما عن كل ما اثير حوله من دعاوى .

الأربعاء، 20 يوليو 2016

التنقلات فى الخدمة العامة


                      فى الآونة الأخيرة اكتسبت التنقلات فى الخدمة العامة - مستثنى منها الجيش- حساسية مفرطة ، داخل المؤسسات وخارجها ، وذلك للتاثير الكبير الذى يترتب عليها ، فعلى صعيد الأداء العام للمؤسسة الملاحظ ان اضطرابا يطرأ عليه طيلة الفترة التى يجرى فيها تنفيذ النقل ، وعادة ما يحتاج الى وقت حتى تستقر الكوادر المنقولة وتستلم مهامها الجديدة وتتأقلم على طبيعة الوظيفة ، اما على صعيد الكوادر المنقولة ، فأن التأثير يبدو اكبر خاصة اذا كان النقل الى خارج ولاية سكنه ، حيث يمتد التأثير الى اسرته التى ستضطر لمواجهة مشكلات تحويل ابنائها لمدارس جديدة ، يحتاج معها الابناء لخلق علاقات جديدة مع مجتمع مختلف ، واساليب ووسائل تعليم مختلفة ، وتعانى الاسرة بمجملها من مواجهة نمط حياة جديدة الى آخر ما تواجهه من مشكلات .

                       اما اكبر تاثير فذلك الذى يلحق باصحاب المصالح خاصة فى تنقلات الوظائف المرتبطة معاملاتها بالنشاط التجارى والصناعى والمالى والخدمى ، فمع اكيد حسن الظن الا ان شاغلى هذه الوظائف شئنا او ابينا ، يشكلون صمام امان وحماية وضمان لأستمرارية المصالح التى تنتجها او تديرها وظائفهم ، كالمصرفيين والجمركيين والضرائبيين وباقى السلسلة المرتبطة بخدمات الجمهور ، فالنقل هنا من الممكن جدا ان يقضى على مصالح نهائيا ، او يرتقى بمصالح ، او يخلق مصالحا جديدة .

                       ونظرا لهذه التاثيرات المهمة التى تنتجها التنقلات ، فأن الضرورة تقتضى دائما فى معظم بلدان العالم ، وضع معايير صارمة للنقل من حيث تحقيق المصلحة العامة و تشمل الكادر المنقول ، ومن حيث تحديد فترة الخدمة التى يقضيها المنقول فى موقعه الجديد ، ومن حيث توقيت زمان النقل المفترض ارتباطه بالعام الدراسى ، والتنسيق مع المؤسسات ذات الصلة كوزارات التعليم والنقل والمواصلات ...الخ ، فالتنقلات فى ظل هذه المعايير،  تبدو موسم تغيير عريض معلوم ، تنتفى معه المعاناة التى تصاحب المنقولين .

                       اما التنقلات التى تتم تحقيقيا لأجندة خاصة وبعيدا عن المعايير المعلومة ، فأنها فى واقع الامر تتخذ شكلا مفزعا للعقوبة ، وشكلا مفزعا لهجمة مخططة ضد مصالح بعينها او دعما ملتويا لمصالح بعينها ، لذا فأن احد عوامل استقرار الخدمة العامة ، تقتضى ان تخضع التنقلات لمعايير صارمة سمتها الاساسية المصلحة العامة .   

الأربعاء، 6 يوليو 2016

افضل المصالح


                        تحمّل رئيس الوزراء الاسبق البريطانى تونى بلير كامل المسئولية عن مشاركة بريطانيا فى غزو العراق ، ومضى الى القول بأنه اختار افضل مصلحة لبريطانيا بمشاركته فى ذلك الغزو ، ونفى ان يكون الارهاب المتصاعد فى المنطقة من نتاج ذلك الغزو ، الى آخر ما ساقه من آراء فى التحقيق الخاص بغزو العراق .

                        كل التفاصيل المتعلقة بغزو العراق ، بما فى ذلك جلسات الامم المتحدة ومجلس امنها ، والخرائط التى قدمها وزير الدفاع الامريكى آنذاك كولن باول عن اسلحة الدمار الشامل ، الى آخر الحراكات التى صاحبت تلك الفترة والتى حاولت تغطية الهدف الحقيقى من الحرب على العراق بشرعية قانونية واخلاقية ، اختصرها تونى بلير فى عبارة موجزة (افضل المصالح) .

                        فافضل المصالح لأمريكا آنذاك وحليفها الاستراتيجى بريطانيا ، كانت غزو العراق وتدميره ليخرج علينا بحالته الراهنة التى يمسك الظلام بحاضره وبمستقبل ايامه ، انها الحالة التى تشكل افضل المصالح فى نظر العقل الغربى الذى شارك فى ذلك الغزو وحلفائه .

                        ان الحالة التى يعيشها العراق الآن ، والحالة التى تعيشها سوريا الآن ، والحالة التى تعيشها ليبيا الآن والحالة التى يعيشها اليمن الآن ، والحالة التى ستعيشها بقية الدول المرشحة لذات السناريو ، تشكّل افضل المصالح للغرب الذى لن يتنازل مثقال ذرة عن رفاهيته التى انتجها فى معظمها من موارد هذه المنطقة المنكوبة خلال فترة الاستعمار القديم بأدواته العنيفة ، والاستعمار الحديث يأدواته الناعمة الممثلة فى مؤسسات التمويل العالمى .

                       من ينتظر الغرب ان يحقق له سلاما واستقرارا فى البلاد الواقعة فى خط الحرب ، والمرشحة للوقوع فيه ، سينتظر طويلا ولن يظفر سوى بقيامته .

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...