الثلاثاء، 22 نوفمبر 2016

عبقرية الخبثاء


                          رغم ان هذا الموضوع يخص ضباط الشرطة المتقاعدين ، الا انه يعكس صورة جلية عن الاساليب الخبيثة التى يتبعها المتنفذون فى هذا النظام لأستلاب الحقوق ، حتى لو كانت هذه الحقوق تخص اضعف الشرائح فى المجتمع .

                          فى العام 1995 كنت قد انهيت اجراءات حقوقى فى فوائد ما بعد الخدمة ، وعلى ما فيها من ظلم بيّنت تفاصيله فى موضوعات سابقة بهذه المدونة ، كان معاشى الشهرى وقتها 8800 (ثمانية آلاف وثمانمائة دينار) وطرأت عدة زيادات رسمية معلنة فى الميزانيات الممتدة بعد العام 1995 ، والتى استفدنا منها وفقا لأحكام المادة 66 من قانون المعاشات التى تمنح الضابط المتقاعد 60% من الزيادات التى تطرأ على زملائه فى الخدمة .

                           عند تغيير العملة من الدينار الى الجنيه لم تتأثر معاشاتنا وقتها ، ولكن من تأريخ تغيير العملة ، والى ما قبل سبع سنوات ، لم تطرأ اى زيادة على المعاش رغم الزيادات التى اعلنت اكثر من مرة ، ليس هذا فحسب بل عاد المعاش الى ذات الفئة التى تقاضيتها فى العام 1995 اى 880 جنيها وهى التى تعادل وقتها 8800 دينار .

                           وبالبحث عن هذه العلة التى ادت الى اختفاء الزيادات التى طرأت على معاشى منذ العام 1995 ، لم اجد تفسيرا حتى هذه اللحظة ، رغم علمى بأن خبث مصادر القرار كانت قد استبعدت العلاوات الاساسية المحسوبة فى المعاش على الزيادات المقررة والتى نفذّت طيلة فترة السبع سنوات الفائتة تقريبا ، اى تعطيل غير مباشر للمادة 66 التى تمنحنا الحق فى زيادة مقدارها 60% ، عملية التفاف واضحة على حق مكفول بالقانون ، ولكنه التفاف لا يستطيع رغم تدثره القانونى بأزالة الزيادات التى سبق ان طرأت على معاشى ، فكيف عاد معاشى الى ذات الفئة التى تقاضيتها عام 1995 ؟

                           اعترف الآن بعيقرية هذا العقل الخبيث الذى نفّذ هذا الاستلاب الماهر لحقوقى ، واعترف بعجزى التام عن معرفة الكيفية التى تم بها هذا الاجراء ، لكنى اعلم يقينا وبحكم تجربتى المتواضعة بشئون الخدمة ، ان ميزانية الفصل الاول (المرتبات والاجور) ظلّت وعلى مدار سنوات طويلة ، ضحية لشره وفساد اصحاب الامتيازات ، اولئك الذين يمسكون بمفاصل الدولة ، ويفتحون افواها كالمؤخرات من اجل ما يأتى به ريعها ، حتى وأن كان هذا الريع من حقوق اضعف الشرائح ، حتى وان كان من حرام .

الأربعاء، 9 نوفمبر 2016

انتخابات الصفقة والصدمة والهلع


                              ان كان للأنتخابات المنتهية اليوم بفوز دونالد ترامب بالرئاسة الامريكية من ضحية  بأستثناء ناخبى الحذب الديمقراطى ، فهو الاعلام الامريكى ، وعلى عكس ما يقوله الكثيرون ، الا ان واقع الحال يقول ، ان الاعلام الامريكى الذى صاحب هذه الانتخابات فى رحلتها الطويلة ، لم يكذب ولم يضلل الناخبين ، وانما عكس الحقيقة التى رجحّت فوز هيلارى كلنتون منذ اوّل يوم فى الحملة او فوز الحذب الديمقراطى بالرئاسة ، وهى الحقيقة المدفونة الآن فى بطن صناديق الاقتراع ، او بالاحرى المدفونة فى بطن اغرب صفقة شهدها تأريخ الانتخابات الامريكية .

                             قبل يوم من بدء الاقتراع ، قام مكتب التحقيقات الفدرالى بتحريك ملف البريد الأليكتروتى لهيلارى كلنتون ابان توليها الخارجية الامريكية ، وكان دونالد ترامب ابان التراشق الانتخابى قد حمّل هيلارى كلنتون ، ضحايا القنصلية الامريكية بليبيا وعلى رأسهم القنصل الامريكى الذى شكّل مصرعه جوهر قضية ملف البريد الأليكترونى لهيلارى .

                            وفورا صرّح  الرئيس اوباما تصريحا مقتضبا وقاطعا نفى فيه ان تكون هنالك اى دوافع سياسية وراء اجراء مكتب التحقيقات الفيدرالى ! وجاء تصريح اوباما هذا فى ظنى . بمثابة راية بيضاء تعلن لخصمهم الجمهورى ، لقد قبلنا الصفقة ، وهى رئاسة دونالد ترامب مقابل قفل الملف الذى من شأنه ان يضفى على سياسة امريكا الخارجية فى عهد الحذب الديمقراطى ، قدرا كبيرا من الأساءة والفضيحة فضلا عن التبعات القانونية التى ستطال من تطال من الضالعين فى ذلك الملف .

                            قد يبدو مصدر رأيى هذا لدى الكثيرين ، مخيلة مسكونة بهوس المؤامرة ، وذلك نظرا لأن اخراج الصفقة تم وفقا لسيناريو غاية فى البساطة ، لم يحتاج من الطرفين سوى ألتزام الحذب الجمهورى  بعدم فتح ملف البريد الأليكترونى وألتزام الحذب الديمقراطى بعدم فتح صناديق الأقتراع ، ليسدل الستار على المشهد الختامى ودونالد ترامب يرتدى ربطة عنق زرقاء فى خطاب الفوز الذى ابتدره بمغازلة سياسية رائعة لخصمه هيلارى كلينتون ، لترد عليه مهنئة بفوزه باالصفقة .

                         ما يخيف فى سيناريو هذه الصفقة ان صناع السياسة فى الحذبين المتنافسين وقادة مؤسسات الدولة الحساسة فى امريكا ، متفقون تماما على هذا السيناريو ، متفقون على مشروع موحّد ، اختاروا له رئيسا مليارديرا لا يمكن شراؤه ، ويتفاخر بمساندة مئتى جنرال له ، اى لا يمكن ابتزازه ، وقادر على نشر الهلع فى اكثر من اتجاه ، اوروبا الان وأخرون فى حالة ما بين الصدمة والهلع .

                         
                         

                            

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...