ان كان للأنتخابات المنتهية اليوم بفوز دونالد ترامب بالرئاسة الامريكية من ضحية بأستثناء ناخبى الحذب الديمقراطى ، فهو الاعلام الامريكى ، وعلى عكس ما يقوله الكثيرون ، الا ان واقع الحال يقول ، ان الاعلام الامريكى الذى صاحب هذه الانتخابات فى رحلتها الطويلة ، لم يكذب ولم يضلل الناخبين ، وانما عكس الحقيقة التى رجحّت فوز هيلارى كلنتون منذ اوّل يوم فى الحملة او فوز الحذب الديمقراطى بالرئاسة ، وهى الحقيقة المدفونة الآن فى بطن صناديق الاقتراع ، او بالاحرى المدفونة فى بطن اغرب صفقة شهدها تأريخ الانتخابات الامريكية .
قبل يوم من بدء الاقتراع ، قام مكتب التحقيقات الفدرالى بتحريك ملف البريد الأليكتروتى لهيلارى كلنتون ابان توليها الخارجية الامريكية ، وكان دونالد ترامب ابان التراشق الانتخابى قد حمّل هيلارى كلنتون ، ضحايا القنصلية الامريكية بليبيا وعلى رأسهم القنصل الامريكى الذى شكّل مصرعه جوهر قضية ملف البريد الأليكترونى لهيلارى .
وفورا صرّح الرئيس اوباما تصريحا مقتضبا وقاطعا نفى فيه ان تكون هنالك اى دوافع سياسية وراء اجراء مكتب التحقيقات الفيدرالى ! وجاء تصريح اوباما هذا فى ظنى . بمثابة راية بيضاء تعلن لخصمهم الجمهورى ، لقد قبلنا الصفقة ، وهى رئاسة دونالد ترامب مقابل قفل الملف الذى من شأنه ان يضفى على سياسة امريكا الخارجية فى عهد الحذب الديمقراطى ، قدرا كبيرا من الأساءة والفضيحة فضلا عن التبعات القانونية التى ستطال من تطال من الضالعين فى ذلك الملف .
قد يبدو مصدر رأيى هذا لدى الكثيرين ، مخيلة مسكونة بهوس المؤامرة ، وذلك نظرا لأن اخراج الصفقة تم وفقا لسيناريو غاية فى البساطة ، لم يحتاج من الطرفين سوى ألتزام الحذب الجمهورى بعدم فتح ملف البريد الأليكترونى وألتزام الحذب الديمقراطى بعدم فتح صناديق الأقتراع ، ليسدل الستار على المشهد الختامى ودونالد ترامب يرتدى ربطة عنق زرقاء فى خطاب الفوز الذى ابتدره بمغازلة سياسية رائعة لخصمه هيلارى كلينتون ، لترد عليه مهنئة بفوزه باالصفقة .
ما يخيف فى سيناريو هذه الصفقة ان صناع السياسة فى الحذبين المتنافسين وقادة مؤسسات الدولة الحساسة فى امريكا ، متفقون تماما على هذا السيناريو ، متفقون على مشروع موحّد ، اختاروا له رئيسا مليارديرا لا يمكن شراؤه ، ويتفاخر بمساندة مئتى جنرال له ، اى لا يمكن ابتزازه ، وقادر على نشر الهلع فى اكثر من اتجاه ، اوروبا الان وأخرون فى حالة ما بين الصدمة والهلع .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق