الاثنين، 28 يناير 2013

مصر والتنافس الاقصائى


                       الازمة فى مصر غاية فى التعقيد والخطورة ، ويتصدر مشهدها الدامى الآن الازمة السياسية ، واكثر ملامح هذه الازمة السياسية خطرا على امنها واستقرارها ، هى حالة التنافس الاقصائى التى اصبحت اشبه بعقيدة راسخة فى حراكات قواها السياسية حاكمة ومحكومة ، وعليه لم يكن مفاجئا ان يأتى تعاطى السلطة الحاكمة بثوبها الاسلامى مع انفجار الشارع المصرى بعقلية امنية صرفة حملها خطاب الرئيس محمد مرسى ليلة الامس ، وقد يبدو مفهوما ان يخص محافظات قناة السويس بأجراءات امنية اكثر شدة نظرا لما تشكله الملاحة فى هذا المجرى المائى من آثار كبيرة على مصالح اقليمية ودولية لن تتوانى فى التدخل لتأمين مجرى مصالحها هذا بأى شكل من الاشكال وما حرب 1956 ببعيدة ، ولكن هذه الاجراءات لن تكفى لتأمين الملاحة فى هذا المجرى المائى الهام حتى لو تدخلت القوى الاقليمية والدولية صاحبة المصالح الجارية عليه طالما ان الشعب المصرى فى مدن القنال الثلاثة فى حالة غليان من اوضاعه السياسية وما تولّد عنها من ازمات على الصعيد الاقتصادى والاجتماعى والامنى ، وبالتالى فأن تيار الاسلام السياسى الحاكم فى مصر امام محك غاية فى الصعوبة ، او فى حقيقة الامر امام اختبار شديد القسوة ، ليس فيما يختص بأسلوب ادارته لشئون البلاد فحسب وانما فى احتمال اضاعته للفرصة الوحيدة التى اوصلته للسلطة رغم الظروف الملتبسة التى احاطت بهذه الفرصة .

                        قد تبدو حالة التنافس الاقصائى الواضحة فى الخطاب السياسى المصرى بشقيه الحاكم والمعارض والواضحة بشكل عملى فى سياسات تيار الاسلام السياسى التى برزت فى مستهل حكمه ، وابرزها الاسلوب الذى انجز به الدستور بدءا من لجنة صياغته وانتهاءا بالاستفتاء ، وما افضى اليه من احتقان حاد فى الشارع المصرى ، قد تبدو هذه الحالة ، هى عدو مصر الراهن بصفة عامة ولكنها بلا شك العدو الاكبر للتيار الاسلامى ، اذ من شأنها ان تنسف جهودا سعت حثيثا ليحتل مكانا فى الشارع السياسى المصرى لما يقارب القرن من الزمان ، وبعد ان هيأت له ثورة 25 يناير هذه الفرصة ، وبعد ان وجد قبولا فريدا من القوى الثورية التى صعدت به الى رئاسة الجمهورية التى لم يكن يطمح اليها بادىء الامر ، كان من الحكمة ان يتسم بسعة الافق ويمسك بهذه اللحظة الفالتة فى التأريخ ليدعم قبوله فى الشارع المصرى بأصطحاب قوى الثورة التى صعدت به لآدارة شئون البلاد بدلا من السعى المحموم فى الامساك بمفاصل الدولة لتعزيز موقفه الاقصائى فى الساحة السياسية  .

                        فرصة الحل فى تقديرى لا تزال قائمة بقوة ولا تحتاج سوى تحلى جميع الاطراف بالثقة واحترام حق كل طرف فى الاسهام فى ادارة شئون بلاده وفقا لبنيات النظام الديمقراطى المعلومة والعودة بمصر الى لحظة اعلان فوز الدكتور محمد مرسى بالرئاسة ليبدأ منها شروع كافة القوى السياسية فى اجراءات تحوّل ديمقراطى حقيقى بدءا من الدستور وانتهاءا بأنتخابات مجلسى الشعب والشورى ، على ان تضطلع نخبة منهم بمعالجة تداعيات الازمة الاقتصادية والامنية .

                         مصر تستحق ان تنعم بالامن والاستقرار ، وتستحق بحكم تأريخها الطليعى ان تنعم بنظام ديمقراطى حقيقى ، وتستحق ان تسترد من كافة ابنائها بمختلف الوان طيفهم السياسى والدينى ما اخذوه منها وتركوها تغلى من جرائه ، مصر تستحق ان تعيش حرة بلا وصاية من احد او جهة ، ومصر تستحق كل خير ، هكذا اراد رب العالمين ( ادخلوها بسلام آمنين )

الأربعاء، 23 يناير 2013

ثقافة حروب خط الصدع


                       تبدو ثقافة حروب خط الصدع ثقافة متحركة حسب مقتضى الحال ، فمن حرب على الهوية والعرق الى حرب دينية ، تجتذب الى ساحتها شتات من الجماعات ، دوافعها مختلفة عن اطرافها الاصليين ، ولكن الحرب فى ذات نفسها تصبح حقلا طيبا لتصفية حسابات فيما بين الاطراف ، او ربما لأغتنام مصالح ستنتجها مجريات الحرب وخواتيمها ، تماما مثلما ما يجرى الآن فى (مالى) ، فما يدعو للحيرة والتسآؤل حقا ان تنخرط فى هذه الحرب دولتان عضوتان دائمتان فى مجلس الأمن مثل فرنسا وبريطانيا التى تتأهب الآن للمشاركة ، دون ان تكلف اىّ منهما نفسها للحصول على قرار من المجلس يضفى على تدخلهما شيئا من الشرعية ، ويتيح للدول الافريقية التى تستعد الآن للمشاركة مخرجا اخلاقيا يبعدها من شبهة موالات مستعمرتها السابقة فى الحق والباطل ويبعدهم جميعا من شبهة ما وراء هذا الحشد الكبير المتأهب لمواجهة اقليّة متطرفة .

                       وبالرغم من ان الحرب فى بدايتها كانت بين طرفين اسلاميين ، احدهما اوغل فى تشدده الى حد الشطط ، بحيث تجاوز كثيرا من نواهى الدين فى قتل النفس التى حرّم الله الا بالحق ، وعاث خرابا ودمارا فى كريم معتقدات الكثرة من المسلمين ، واستدعى بافعاله هذه جيوشا من كل حدب وصوب لمحاربته كهدف ظاهر ومعلن ، الا ان هذه الثقافة العدوانية التى انتهجها فى (مالى) والواقع الغريب المعقد الذى انتجته سريعا على الارض واشعل من المخاوف الكثير على سلامة سيادة مالى ووحدتها حاضرا ومستقبلا ، يثير من التسآؤلات والشكوك حول اهداف ومرامى هذا المشهد الفجائى الذى غطى ارض مالى بكل تسامحها التأريخى المعروف بعنف مصحوب بأحدث التقنيات ؟

                         فى التاريخ المعاصر تتشابه حالة (مالى) مع كثير من الحالات التى شهدها العالم شرقا وغربا ، فى فجاءتها وعنفها وتعدياتها المستفزة والمؤذية لوجدان الكثيرين ، ولكن اغرب ما فيها ، انها تأتى مصحوبة ايضا بعنف لفظى لا يتصور المرء انه سيصدر من اعلى المستويات فى السلطة الحاكمة ، مما يؤكد ان حروب خط الصدع بالرغم من رؤيتها فى النظر العام كحروب صغيرة فى مواجهة اقليّات الا ان ابعادها تبدو على مستوى عالى من التهديد ، اعلى مما هو منظور فى حجم طرفها المبادر بالقتال او الحرب ، فالسطور الآتية بعنفها اللفظى الذى صاحب عددا من الحالات المشابهة لحالة (مالى) تدعونا لأخذ هذا العنف اللفظى مأخذا جديا بأن اندلاع الحرب على خط الصدع ، تعنى فى كواليس السياسة الدولية العصيّة على الرأى العام ، رسائلا تحوى مخاطرا مفزعة  ومهددة  لوحدة وسلامة الدولة وللقابضين على مفاصل السلطة فيها ، لذا يواجهها الرؤساء بعنف لفظى مفاجىء ومحيّر على النحو التالى :-
                      
                         ( يتحدث يلتسين مشيرا الى المجموعات التى تخوض حرب عصابات ضد روسيا -يقصد الشيشان- فيقول " هذه الكلاب المسعورة يجب ان تقتل رميا بالرصاص " ويتحدث احد الجنرالات الاندونيسيين تراى سوتر سنو فى اشارة للمجزرة التى نزلت بالتيموريين الشرقيين فى سنة 1991 قائلا " ان هؤلاء الناس السيؤو الخلق يجب ان يطلق عليهم الرصاص ليموتوا ..... وسنطلق عليهم الرصاص " ) . بين القوسين منقول من - صراع الحضارات واعادة بناء النظام العالمى لهنتجتون طبعة دار الامل الطبعة الاولى 2006 ص 392 - .

                          فالحرب فى مالى وعلى طول خط الصدع تدعو للنظر اليها فى اطار (اعادة بناء النظام العالمى) اى فى اطار اعادة رسم خريطة العالم ، التى شهدنا احد فصولها فى السودان بقيام دولة جنوب السودان ، ولا ندرى كم تبقى لنا من فصل لتكتمل خريطة هذا الجزء من العالم ؟

                           

الأحد، 20 يناير 2013

حروب خط الصدع


                      افريقيا فى العقل الغربى  منذ بواكير الحملة الاستعمارية ، هى افريقيا شمال الصحراء وافريقيا جنوب الصحراء ، والخط الذى يحدد هذا التقسيم والمدعو بخط التماس الأثنى والعرقى ، يمتد من جنوب موريتانيا الى جنوب شرق السودان مع الحدود الحبشية ، وهو الخط الفاصل للثقافة العربية الاسلامية وثقافات افريقيا جنوب الصحراء ، واصبح هذا الخط فى ظل صراعات اليوم يمثل خط الصدع الاطول فى خريطة العالم ، والحرب الدائرة فى مالى الآن هى جزء من حروب خط الصدع هذا ، تماما كتلك القائمة فى السودان والمنتظر قيامها على طول هذا الخط .

                       وحسب تعريف (هنتجتون) فى كتابه (صراع الحضارات واعادة بناء النظام الدولى) فأن لهذه الحروب بعض وليس كل خصائص الحروب الطائفية بعامتها ، وتتضمن قضايا جوهرية لهوية وقوة الجماعة ، وان الغالبية العظمى من نزاعات خط الصدع وقعت على طول التخوم التى تلتف حول اوراسيا وافريقيا التى تفصل المسلمين عن غيرهم ، ويمكن للمهتمين مراجعة الفصل العاشر وما بعده فى طبعة دار الأمل للنشر والتوزيع ، الطبعة الاولى 2006 ، ففيه تفاصيل اوفى وعلى قدر كبير من الاهمية .

                      ليس من الحصافة فى تقديرى ان يظن المرء ان الحرب الدائرة فى مالى الآن وتقودها فرنسا ومن هم ورائها ، قاصرة على تلك الارض القاحلة فى شمال مالى آخر محاضن الصحراء الكبرى ، ولكنها ستمتد على طول امتداد هذه الصحراء جنوب دول المغرب العربى وشمال افريقيا بما فى ذلك السودان ، لسبب بسيط يحدده موقف كل دولة من هذه الدول التى تشكل الصحراء الكبرى جزءا من اراضيها، من طرفى الحرب الدائرة فى مالى ، وواقعة منشأة الغاز والنفط الجزائرية بالامس القريب خير شاهد على ذلك .

                     فتح الاجواء الجزائرية للطيران الحربى الفرنسى ، نقل جزءا من ارض المعركة الى داخل اراضيها ، واقحم الجيش الجزائرى فى حرب هى بكل الزوايا التى تسطحبها فى نظرك احدى حروب خط الصدع الواقعة فى تخوم اسلامية ، وان مقتل عناصرها من المسلمين ، سيجعل الروح تدب فى ايام تسعينات القرن الماضى لتنهض من جديد وتضيف الجزائر الى قائمة دول فوضى الربيع العربى ، ولأن حروب خط الصدع عادة ما تمتد امدا طويلا ، فقد جاء تصريح (هولاند) بان فرنسا ستبقى فى مالى الى الوقت الذى تتطلبه نهاية الحرب - بأنتصارهم طبعا- فأن هذا الوقت الذى ستبقى فيه فرنسا بمالى سيكون جحيم الجزائر القادم .

                     يقول هنتجتون ( ألا ان الفرنسيين هم ذوى عنصرية ثقافية اكثر من كونهم عنصريين عرقيا بأى معنى دقيق ، فلقد قبلوا الافارقة السود الذين يتكلمون الفرنسية بطلاقة فى هيئتهم التشريعية لكنهم لا يقبلون الفتيات المسلمات اللواتى يرتدين لفاع الرأس فى مدارسهم) والحرب فى مالى ستكون اعمق تعبيرا على هذه العنصرية الثقافية التى ستستدعى ليس على الجزائر فحسب وانما بقية دول المغرب العربى وشمال افريقيا ومن ضمنهم السودان غضبة شعوب هذه الدول اضافة الى كتلة المغاربة المهاجرين بفرنسا والذين ذاقوا مرارة هذه العنصرية الثقافية ، وعلى ذلك ليس بعيدا على كل ذى عقل تصديق تهديدات زعماء المتشددين الاسلاميين الذين يخوضون الحرب فى مالى بقدرتهم على نقلها الى قلب فرنسا .

                    المسلمون فى مشارق الارض ومغاربها فى حاجة الى نبذ هذه التقسيمات المذهبية والفكرية والوصول سريعا الى صيغة جامعة تمكنهم اولا من التعايش مع بعضهم البعض ليتمكنوا من التعايش مع الآخرين ، فقد صاروا بمختلف انتماءاتهم المذهبية والفكرية هدفا اوحدا تقريبا فى عصرنا الراهن ، فكل البلاد الاسلامية الآن اما خائضة فى عنف مفرط او مهددة به ، او مهددة بأستهداف خارجى ،

الأربعاء، 16 يناير 2013

ولذكرى المولد ذكرى


                     فرحة السودانيين بالمولد النبوى الشريف فرحتين ، الفرحة الاولى هى مولده عليه افضل الصلاة والسلام ، وهى الفرحة التى يشاركهم فيها معظم مسلمى العالم ، والفرحة الثانية ، هى الفرحة التى يدين بها لمولده وذكرى مولده ، الرعيل الاول من السودانيين الذين خاضوا غمار نضال طويل فى مواجهة الادارة الاستعمارية من اجل الاستقلال ، فقد كانت ذكرى المولد النبوى الشريف ، هى المناسبة الوحيدة التى تتيح لهم التجمع والتعبير بالشعر والخطابة عن حالة البلاد فى ظل الاحتلال والقهر .

                     ففى ذكرى الاحتفال بالمولد النبوى الشريف فى عام 1923 ، امتزجت هذه الذكرى العطرة بآمال السودانيين العريضة فى ان تكون لياليها ملهمة لهم لتخرجهم من ظلمة الاحتلال مثلما اخرج نور صاحبها من قبل امما وشعوبا من قرونهم المظلمة ، ( يا صاحب القرآن نظرة مشفق .... الدهر خان وحلّت البأساء ) انه صالح عبد القادر بكل صلابته ووعيه المتقدم فى ذاك الزمان ، يتوسل شيئا من العزم من قرآن اعظم الخلق فى ذكراه ، ( سلام على الدين الحنيف وفتية ... على عهدهم ترعى النهى والمحارم ) وهذا مدثر لم يكفه تدثره بالأسم وانما مضى يستلهم من عهد صاحب الاسم الشريف ومنه كيف ترعى النهى والمحارم .

                     هذه هى احتفالات السودانيين بالمولد النبوى الشريف ، يستلهمون فى لياليها من سيرة نبى الرحمة من كان خلقه القرآن ، ما ينير لهم طريقهم فى الملمات المعتمة التى تحيق بهم ، ويستبشرون بذكراه خيرا عاما بعد عام ، يطعمون الطعام فى مجالسها لكل عابر ومقيم فيضا من كرمه اكرم الخلق ، ويعطرون ساعاتها مدحا وشكرا يحلّق بحلقات مديحها الى فضاء الكون الفسيح ، معلنا زهوا وفرحا ، ان أمة محمد هنا لا زالت وستظل على الدرب سائرة .

                      كل عام والمسلمين فى مشارق الارض ومغاربها بألف خير ، وكل عام والسودانيين فى مشارق البلاد ومغاربها ، وفى شمالها وجنوبها ، متلفعين بهدى نبى الهدى امنا وسلاما وتسامحا ومحبة .

الأحد، 13 يناير 2013

عشرون امرأة سعودية


                        المملكة العربية السعودية الوحيدة من بين  مجموعة العشرين التى قادها تفوقها الاقتصادى الناتج من ثرواتها النفطية لتحتل موقعها داخل هذه المجموعة ، اضافة لثقل سياسى على الصعيد الاقليمى ، ولكن تقف اوضاعها السياسية والاجتماعية على الصعيد الداخلى عقبة كأداء امام تحسين صورتها فى العالم ، وفى تقديرى لولا حظوتها بكونها ارض الحرمين الشريفين وملتقى اهل القبلة فى مشارق الارض ومغاربها فى موسم الحج ، لأتخذت هذه الصورة شكلا آخرا .

                        ولقد كان من المفارقات الغريبة التى اثارت حيرة العالم ، وقوف السلطات هناك بضراوة امام حق المرأة فى قيادة السيارات ، رغم تنافى هذا المنع مع اصول الشرع ومع التأريخ ايضا ، فكم شهدت صحارى وفيافى وبقاع الجزيرة العربية فى ازمنة قديمة وفى ازمنة اسلامية تحت حكم الراشدين وخلفهم ، نساءا وحيدات على ظهر ابلهم او خيلهم يجوبون الطرق والوديان اما تواصلا او تجارة او غيرها ، دون ان ينتقص ذلك شيئا من سلامة صورة مجتمعاتها او سمو اخلاق المرأة العربية .

                        وفى الايام الفائتة ، اصدر الملك عبد الله قراره القاضى بتخصيص عشرين مقعدا فى مجلس الشورى السعودى للمرأة ، وقد كان بحق حدثا مدويا غطت عليه احداث المنطقة المتفجرة ، ولم يجد نصيبه من الترحيب المستحق خاصة اذا نظر اليه فى ظل مواقف مراكز القوى داخل المملكة المتعنتة تجاه قضايا المرأة ، وقد كان قرارا حكيما استوعب جيدا المتغيرات السريعة التى تعيشها الشعوب المحيطة بها ، والحراكات التى تجرى داخلها والتى على الرغم من صغر حجمها الا انها تشى بقادم اكبر واكثر خطرا ، وجاء القرار فى احد وجوهه استعادة ذكية وجريئة لجهد وعقل نصف المجتمع المعطّل زمنا طويلا للأسهام فى عملية تغيير تجرى بشكل هادى ومتدرج داخل المملكة ، فالصوت المحسوب عورة لدى قوى نافذة فى المجتمع السعودى اصبح بموجب هذا القرار له حق الكلمة فى ما يخصه ويخص مجتمعه ويخص وطنه .

                         التحية للمرأة السعودية على صبرها الطويل وهى ترزح تحت ظل فكر مظلم تنكر لتأريخه وقيم دينه ، والتحية لسيدنا عمر بن الخطاب الذى قال (اصابت امرأة واخطأ عمر) وكفل للمرأة حقها ليس فى الشورى فحسب وانما فى الحسبة ايضا ، والتحية لهذا القرار الذى اعاد حقا اصيلا للمرأة .

السبت، 12 يناير 2013

عقائد فاسدة


                      يعجبنى كثيرا شاعرنا الكبير محمد الفيتورى فى قوله (غافل من ظن الاشياء هى الاشياء) ولا ادرى هل الصدفة وحدها التى تثبت لى صدق هذا القول ام غباء محكم لحائكى المؤامرات  ؟ الانسان بطبعه مشغوف بالقصص فهى انيسه منذ الطفولة الباكرة ، والقصص التى تحكى وقائعا غريبة او حوادثا تخرج فجاة لسطح المجتمع وتثير من الاهتمام والفضول والدهشة والحنق الى آخر ما تثيره من الاسئلة والمشاعر المختلفة ، لا تولد بالصدفة ، فثمة خفاش منزوى فى كهف مظلم ، يمسك بخيوطها بدقة ، يساعده عليها قطيع من البشر المقهور ، اما بعامل الترهيب ، او بعامل الترغيب ، او بعامل الجهل والغباء ، او بعامل طبيعة عدوانية متأصلة فيه .

                       قال لى صديق يوما ان قوة (الماسونية) نابعة من قدرتها على غرز اعضائها حيث توجد القوة ، ويبقى هذا القول مجرد استنتاج او تخمين او فرضية منطقية ، ولكن لا يوجد فى الواقع من تغلغل الى داخل هذا التنظيم الاسطورى ، وخرج الينا بحقائق دامغة ، عن تركيبته وافعاله ومبادئه وعقائده التى يتبعها ، لذا اعتاد الناس حين يواجهون فعلا غريبا شاذا لم يألفوه من قبل ، او ترفضه قيمهم ومبادئهم ، ولم يدركوا مبتدأه من منتهاه ، يسرعون بنسبته الى (الماسونية) واصبحت (الماسونية) تبعا لذلك شماعة مريحة يعلّق عليها مجرمو الارض فى مختلف انشطة الحياة جرائمهم الشنيعة ، فأين يوجد كهف الخفاش المظلم ، الذى يدير هذا النشاط الاجرامى سواء أكان (ماسونيا) او سياسيا او مريضا مهووسا ممتلئا بالقبح ، يرى فى كل انسان او فعل جميل مهددا لمصالحه ؟

                      رحلة البحث تبدو فى غاية الصعوبة ، ولكن كما يقال دائما ، ان المجرم مهما بلغ من الحيطة و الحرص ، يترك دائما خلفه دليلا يقود اليه ، فمثلا اذا تلقيت شكوى من ابنك او ابنتك ، انه يخضع لحملة عنيفة من المضايقات ، من ذلك النوع الذى يوجب القتال شرعا ، دون ان يكون لأبنك او بنتك ما يستوجب ان يواجه بمثل هذا الشكل الجبان والموغل فى انحطاطه من العداوة ، فأعلم ان ابنك او ابنتك قد صارت هدفا ، فأبحث عن ذلك الخفاش المنزوى فى كهف مظلم ، فستكتشف الكثير المثير الخطر ، خاصة حينما يكون محيط هذا العداء ، جامعة او مدرسة ثانوية ، فأكثرخفافيش الظلام اجراما ، تعشعش داخل هذه المؤسسات .

                       هذا الكلام اقتضت ضرورته ، تنبيه الآباء والأمهات ، ألا يتكلوا فى تربية ابنائهم  آمنين على شوارع ومدارس وجامعات السودان القائمة فى اذهانهم بصورتها فى زمن مضى ، فنحن الآن فى حاضر مختلف كلية عما كان عليه الحال ايام زمان ، فالأمر يتطلب اعادة النظر فى العلاقات بين افراد الاسرة الواحدة ، خاصة بين الابناء والوالدين ، بحيث تكون منفتحة للآخر بلا حياء او خجل متوارث من عادات وتقاليد عائدها فى هذا الزمن شديد الخطر على كيان الأسرة ، تناقشوا مع ابنائكم وبناتكم فى كل شىء بحرية وثقة ، لتحموهم من الكيد ، واعلموا انكم فى ذلك لستم وحدكم ، فما زال فى هذا الوطن رجال شرفاء ، لا يخشون فى الله لومة لائم ، ولا يهابون المعارك ، يرصدون ويعرفون متى يوجهون ضربتهم القاصمة .
                      

الجمعة، 11 يناير 2013

كلام سرى


                       (سرى) هذا يقول الكلام الذى لا يَسمع ولا يَقرأ و لا يَكتب ، ولكنه الكلام الذى يدور فى ذهنك مثل الطواحين ، يدفعك احيانا ان تضحك وانت ماشيا وحدك فى الطريق ، او ان تغضب الى حد التلويح بعصاتك استعدادا لتوجيه ضربة موجعة لأنسان خرج فجأة  من ذاكرتك متلفعا بالقبح والدمامة ووقف على بعد خطوات منك ، او ان تزفر انفاسك مثل (عادم) سيارة خربة من شدة الألم والحسرة  على سلوك كريه ، فما الذى قاله (سرى) واراح ذهنه وذهن غيره من دوران الطواحين ؟.

                       (اول مرة التقيت بها ، اصابنى الهلع والذهول ، كان الثوب منحسرا عن رأسها فرأيت شعرا عبارة عن سلك شايك مصبوغ بالاسود ، تبكى كل امشاط العالم جزعا اذا اقتربت منه ، لا يجدى معه شيئا سوى مكواة حامية يتمنى المرء ان تنزلق من يد حاملها لتشوى وجها تتخذ ملامحه حينا صورة (الكدروك) وحينا آخرا قرد الطلح بعينه ) عذرا (سرى) ، لن اقف كثيرا عند هذا الوصف ، فهذه الايام تمور بأمراض العرق وقد يتخذ الوصف منحى يصرف النظر عن جوهر الموضوع ، ولكن قد اشاركك الانتباه فيما يلى . (فالصورة مرعبة للغاية ، والاكثر رعبا منها ، ركبتين حين تجلس يمتدان منها مثل (مرقين) اعتاد الناس مشاهدتهما فى سقوف بيوت ام درمان القديمة ، وتذكرك حين تمشى بأحد (باكات) الفرق الافريقية التى نازلت فريق الهلال يوما ، والانكأ من ذلك انها حين تحاول ان تتلاطف فى مشيتها تبدو بالضبط احد (العيالاتية) الذين اعتادوا التسكع امام شبابيك (الترسو) فى سينما (ام درمان) و(الوطنية) وسينمات مدن السودان الاخرى ، وللتنبيه فقط ، لم اقصد هنا سخرية من خلق الله وبالطبع ليس فيه شماتة فليس فى القبح شماتة وانما اقتضت الضرورة هذا الوصف لأنه يعبّر عن داخل اكثر قبحا منه ،) وسأكتفى هنا بهذا القول من (سرى) لأسرد عليكم بقية القصة بأختصار .

                        تصوّروا ان هذا الكائن (الخلاقة) قدم نفسه بلا حياء وبكل تجرد من خلق ودين ، مصلحا اجتماعيا افضل معاييره لتوصيف الأنسان الصالح ، هو الثراء ، بمعنى آخر فصلت الاخلاق والقيم عن الثراء ، ليستوى بهذا المعيار اثرياء اشرار الناس بمالهم الخبيث بأطهار الناس رغما عن مالهم الطيّب ، يعنى ان تكون ذا خلق ودين وعلم ، وسليل اسرة عريقة يسندها تأريخ يعرفه الذين ضربت اصولهم بجذور عميقة فى تربة هذا الوطن ، ان تكون كل ذلك ولا تسوى بمعايير هذه المخلوقة سوى مجرد هامش اجتماعى لا علاقة لك بمجتمع قائم منذ مئات السنين بذل فيه آباؤك ما بذلوا من جهد ودماء وارواح واموال ليستقيم على وجه البسيطة مجتمعا انسانيا مفعما بالاخلاق والقيم النبيلة التى اتاحت حتى للمنبتين المنفلتين عبر الحدود ان يبنوا حياة  كريمة آمنة لم يحلموا بها فى يوم من الايام  دفعت بعضهم للتنكر حتى لأصولهم ويحاول بعض آخر الآن ان يلغى كل هذا التأريخ ليصبح معيار الثراء هو السيّد ، بمعنى آخر لا يهم  ماهيّة اصول ثرائك فثمة داعية اجتماعية هنا ستحمى اصول اموالك حتى لو كان مصدرها غسيل قذر او حرام بيّن ، ولن يثنيها فى سبيل ذلك ان تركّب لحية يهودى شكسبير فى (تاجر البندقية) وتشذبها على حنكها الذى يشبه (دبشك) بنادق الحرب العالمية الثانية ، لتنتزع من تأريخك كل اشراقاته النبيلة ، وتعيش بعد ذلك فى قلب المدينة التى اسسها اباؤك هامشا عريضا .

                       فهل يا ترى ستفهم هذه المخلوقة بما تحمله من ركام الغباء والجهل ، ان المجتمعات (خشوم بيوت) وان مجتمع ام درمان له معاييره الخاصة فى توصيف الانسان الصالح ،اختصرها عقل هذه المدينة الواعى فى عبارة بسيطة اختزلت داخلها انبل القيم والاخلاق التى عبّرت بصدق عن  ديننا وما نادى به وهى ( انسان مستور الحال او اسرة مستورة الحال او عائلة مستورة الحال ) انها سترة الحال التى تمنع صاحبها ان يغتاب الآخرين ويرميهم بالباطل وبما ليس فيهم ، ويلصق بهم احلامه وتطلعاته المريضة تماما مثلما يلتصق بمناحى طمعه مثل القراد ، انها سترة الحال التى تكفى بناتها وابناءها ان تحيا فى ظل اوضاعها الاقتصادية والاجتماعية راضية مرضية وتدخل بها دنيا الله بسلام ، واثقة من جمال روحها ونفسها وعقلها ، ومن طهر نواياها ومقاصدها ومسنودة بتأريخ محتشد بمجد الانسان السودانى ونبله ، ولا كبير لديها الا الله .

                       فيا ايتها الدكتورة الاستاذة الجامعية المصلحة الاجتماعية ، هذه هى قيمنا واخلاقنا التى استمديناها من ديننا ، فما هو دينك ودين امك ودين ابوك ، الذى خرج علينا بهذا المعيار .

الأربعاء، 9 يناير 2013

مراعاة فروق الفجر


                        المجتمع الدولى والاقليمى ظل منشغلا منذ انفصال جنوب السودان وتحوّله الى دولة معترف بها ، بترتيب الاوضاع بين الدولتين لضمان استقرار الدولة الوليدة وابعاد شبح الحرب الذى خيّم على اراضيها عقودا عدة ، وفى الوقت الذى نشطت فيه المفاوضات بين الجانبين برعاية اقليمية وتوصلّت اخيرا على اتفاق جديد يقضى بتطبيق الاتفاقات الموقعة بينهما بدون شروط !، فاجأت قوى المعارضة الممثلة فى الجبهة الثورية (الحركات المسلحة) وقوى شمالية عدة بأصدار ميثاق الفجر الجديد الذى يهدف الى اسقاط النظام وفقا لبرنامج  ملتبس يثير كثيرا من الأسئلة وكثيرا من المخاوف ايضا على ما سيصبح عليه المشهد فى السودان فى ظل اصطحاب العنف المسلح ضمن وسائل اسقاط النظام ، ليضاف هذا المشهد الى المشاهد القبيحة التى اثارت غضب العالم فى كل من سوريا واليمن وليبيا .

                        وبعيدا عن صواب هذا التحرك فى مواجهة حكومة المؤتمر الوطنى من عدمه ، وبغض النظر عن القناعات الرافضة لسياسات السلطة فى السودان والرافضة للطريقة التى تدير بها شئون البلاد ، بغض النظر عن كل ذلك وغيره ، فأن ميثاق الفجر الجديد الذى صدر فى هذا التوقيت يبدو فى احد وجوهه محاولة لتحدى ارادة القوى الاقليمية والدولية المجتهدة فى الوصول بعلاقات البلدين الى اوضاع سلمية مستقرة تتيح لهما تبادل المنافع التى تخدم دولتيهما وشعبيهما اللذين انهكتهما الحروب الطويلة وخصمت كثيرا من تطلعاتهما وآمالهما فى حياة افضل ، هذا من ناحية توقيت الميثاق فى النظر الاقليمى والدولى المنخرط فى معالجة قضايا البلدين .

                       من ناحية ثانية ، فأن هذا التحرك يمكن النظر اليه فى ظل القرارات الدولية المنذرة بالكثير الخطر كمحفز لحكومة السودان للأسراع بتطبيق الاتفاقيات الموقعة بينها ودولة الجنوب حتى وان جاء هذا التطبيق خصما على الكثير من مصالحها وحقوقها ، وفى هذه الحالة فأن المجموعة الموقعة على هذا الميثاق تبدو اقرب الى اداة ضغط فى يد خفية لها اجندة معادية للسودان بغض النظر عن نوع الحكم القائم فيه وبغض النظر عن سياساته الراهنة على المستوى الداخلى والخارجى ، لأن اى اتفاق يتم بين الدولتين تحت ضمانات اقليمية ودولية ، سيظل نافذا حتى لو استلمت قوى ميثاق الفجر الجديد السلطة فى السودان واكتشفت لاحقا انتهاك هذه الاتفاقات لمصالح وحقوق اصيلة ، فعندها لن تستطيع ان تغيّر فيه بندا من بنوده نالت بموجبه حكومة الجنوب مكاسبا مهما بلغت العلاقات بينهما من التوافق والانسجام ، لهذا فأن توقيت صدور الميثاق يعكس اعلاء مصالح القائمين عليه فى الحصول على السلطة على مصالح الدولة .

                       والمفارقة التى تدعو الى الشفقة والرثاء على حال المعارضة التى هللت لهذا الاتفاق ، انها اختارت من بين كل الخيارات التى مر بها الوطن فى الصراعات التى دارت حول السلطة ، خيار العمل المسلح رغم تجاربه الفاشلة خلال النصف الثانى من القرن الفائت ، بينما تجاهلت اعظم تجاربه الناجحة التى سبقت شعوب المنطقة بأثرها والمتمثلة فى عظمة توحده السلمى فى مواجهة الانظمة القائمة خلال ثورتى اكتوبر 1964وابريل 1985 ، لذا كان موقف القوى الرئيسة -التى خبرت جدوى الخيار السلمى - من هذا الميثاق يطغى عليه التحفظ من اغلبها رغم ترحيبها بوحدة المعارضة ، وكفت بذلك السلطة الحاكمة عبء الرد عليه ، مما يشى بقصور النظر السياسى للذين وقفوا خلف الميثاق بخياره المسلح .

                     العمل المسلح مهدد كبير لكيان الدولة ، وافضل نتائجه اذا انهارت الدولة ، هو ان يحيل  قادة العمل السياسى فى ظل الحالة السياسية بتقاطعاتها الحادة التى نعيشها ، الى امراء حرب ، ويحيل الوطن الى معسكرات نزوح ، ويدفع الكثيرين من ابناء الشعب السودانى ان يردد وراء محمود درويش ( لا يأتينى الكابوس من الليل بل من فجر فاجر ) .
                    

الخميس، 3 يناير 2013

لا تستقيل


                        هلل البعض للخبر الذى تناولته عدد من وسائل الاعلام والمواقع حول استقالة السيد الصادق المهدى المزمعة من رئاسة حذب الامة ، هذا الحذب العريق الذى مثّل جملة من المبادىء والقيم تعلّقت بها قلوب وافئدة وتطلعات جماهير واسعة من ابناء الشعب السودانى ، واصبح السيد الصادق المهدى طوال مسيرته كرئيس لهذا الحذب وكأمام لطائفة الانصار ، حارسا امينا لهذه المبادىء والقيم ، وحارسا امينا من خلالها لأمن وطمأنينة واستقرار الشعب السودانى ، يخدمه فى ذلك فكر وعلاقات نافذة على الصعيد المحلى والاقليمى والدولى ، واستطاع خلال عقود معدودة ، وطوال حراكاته السياسية ،ان يصعد بحذب الامة حذبا مدنيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، وهنا بالضبط مربط الفرس ، وياله من فرس جسور .

                        والمتابع لحراك السيد الصادق السياسى منذ 30\يونيو 1989 يعجب لهذه العزيمة التى لم تفتر يوما فى تقديم المبادرات ، مبادرة بعد الاخرى تسعى آملة فى الخروج من ازمات الوطن ومآزقه الراهنة عبر حلول سلمية سياسية تحفظ لأبناء هذا الوطن كافة حقوقهم المشروعة دون الحاجة لأراقة الدماء ، ومهما اختلف الناس حولها ، فستظل دائما دلالة على نزوعه السلمى وصبره النبيل امام عسف السياسة والسياسيين ، فضلا عن ان حلم الديمقراطية ظلّ دائما جوهر كل مبادرة ، فاى استقالة تأتى فى هذه اللحظات الحرجة فى تأريخ الوطن ، تعنى ضمن ما تعنى ان هذه الصفحة البيضاء التى خطها السيد الصادق طوال حراكاته مع الانقاذ اصبحت فى مهب الريح ، ولا استطيع ان اتنبأ بما سيصبح عليه حذب الامة بكل ما عرف  فى تأريخه ، التأريخ الذى تسبق فيه حوافر الخيل وقع الكلام .

                       فى هذا الوطن ثمة مواثيق وعهود قديمة ظلت تحكم -سياسيا واقتصاديا واجتماعيا -علاقات الناس فيه ، والسيد الصادق المهدى احد الكبار الذين يمسكون بعقدتها ، ومن يظن ان الدهر قد اكل عليها وشرب ، لا يضع حسابا لما احدثته العولمة وما بعد العولمة فى بنية المجتمعات على امتداد عالمنا الثالث ، فالنزوع العرقى الذى اخذ يتمظهر فى شكل مراكز منعزلة او مستقلة او مميزة فى النسيج العام لوحدة الدولة ، وانتج ضمن ما انتج فى السودان فصل جنوب الوطن ، هذا النزوع العرقى هو احد منتجات العولمة وما بعدها وهو الفاعل الرئيس فى عمليات فصل وتمزيق النسيج العام لوحدة اى دولة ، والسيد الصادق احد الكبار الذين يمسكون بعقدة تلك المواثيق والعهود التى شكّلت هذا الشعب بمكونه العرقى والدينى والاثنى ، فى خريطة السودان الشمالى عهودا طويلة ، فأن الخشية الكبرى ان يشكل غيابه عن الساحة السياسية ارتخاءا لتلك العقدة ، وعندها لا استطيع ان اتصور ما سيكون عليه شكل السودان .

                       هنالك مسئولية وطنية واخلاقية تدعو كل سودانى حريص على امن واستقرار هذا الوطن ومدرك لفداحة ازماته وما يمكن ان تحدثه على صعيد حياة الناس ووحدة الوطن ، ان يرجو ويأمل ان يعدل السيد الصادق المهدى عن استقالته ، ويواصل مسيره حتى لا ينقطع الامل فى امكانية خروج بلادنا من كل ازماتها سلميا ويعود سوداننا هذا الوطن الذى حلمنا به دوما وهتفنا له دائما اقوى مما كان ، وللبعض الذى هلل لخبر هذه الاستقالة اقول : لو تصورتم ما يمكن ان ينتظركم بعدها فى هذا المنعطف الذى تمر به بلادنا لهتفتم ملء حناجركم (لا تستقيل) .

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...