يعجبنى كثيرا شاعرنا الكبير محمد الفيتورى فى قوله (غافل من ظن الاشياء هى الاشياء) ولا ادرى هل الصدفة وحدها التى تثبت لى صدق هذا القول ام غباء محكم لحائكى المؤامرات ؟ الانسان بطبعه مشغوف بالقصص فهى انيسه منذ الطفولة الباكرة ، والقصص التى تحكى وقائعا غريبة او حوادثا تخرج فجاة لسطح المجتمع وتثير من الاهتمام والفضول والدهشة والحنق الى آخر ما تثيره من الاسئلة والمشاعر المختلفة ، لا تولد بالصدفة ، فثمة خفاش منزوى فى كهف مظلم ، يمسك بخيوطها بدقة ، يساعده عليها قطيع من البشر المقهور ، اما بعامل الترهيب ، او بعامل الترغيب ، او بعامل الجهل والغباء ، او بعامل طبيعة عدوانية متأصلة فيه .
قال لى صديق يوما ان قوة (الماسونية) نابعة من قدرتها على غرز اعضائها حيث توجد القوة ، ويبقى هذا القول مجرد استنتاج او تخمين او فرضية منطقية ، ولكن لا يوجد فى الواقع من تغلغل الى داخل هذا التنظيم الاسطورى ، وخرج الينا بحقائق دامغة ، عن تركيبته وافعاله ومبادئه وعقائده التى يتبعها ، لذا اعتاد الناس حين يواجهون فعلا غريبا شاذا لم يألفوه من قبل ، او ترفضه قيمهم ومبادئهم ، ولم يدركوا مبتدأه من منتهاه ، يسرعون بنسبته الى (الماسونية) واصبحت (الماسونية) تبعا لذلك شماعة مريحة يعلّق عليها مجرمو الارض فى مختلف انشطة الحياة جرائمهم الشنيعة ، فأين يوجد كهف الخفاش المظلم ، الذى يدير هذا النشاط الاجرامى سواء أكان (ماسونيا) او سياسيا او مريضا مهووسا ممتلئا بالقبح ، يرى فى كل انسان او فعل جميل مهددا لمصالحه ؟
رحلة البحث تبدو فى غاية الصعوبة ، ولكن كما يقال دائما ، ان المجرم مهما بلغ من الحيطة و الحرص ، يترك دائما خلفه دليلا يقود اليه ، فمثلا اذا تلقيت شكوى من ابنك او ابنتك ، انه يخضع لحملة عنيفة من المضايقات ، من ذلك النوع الذى يوجب القتال شرعا ، دون ان يكون لأبنك او بنتك ما يستوجب ان يواجه بمثل هذا الشكل الجبان والموغل فى انحطاطه من العداوة ، فأعلم ان ابنك او ابنتك قد صارت هدفا ، فأبحث عن ذلك الخفاش المنزوى فى كهف مظلم ، فستكتشف الكثير المثير الخطر ، خاصة حينما يكون محيط هذا العداء ، جامعة او مدرسة ثانوية ، فأكثرخفافيش الظلام اجراما ، تعشعش داخل هذه المؤسسات .
هذا الكلام اقتضت ضرورته ، تنبيه الآباء والأمهات ، ألا يتكلوا فى تربية ابنائهم آمنين على شوارع ومدارس وجامعات السودان القائمة فى اذهانهم بصورتها فى زمن مضى ، فنحن الآن فى حاضر مختلف كلية عما كان عليه الحال ايام زمان ، فالأمر يتطلب اعادة النظر فى العلاقات بين افراد الاسرة الواحدة ، خاصة بين الابناء والوالدين ، بحيث تكون منفتحة للآخر بلا حياء او خجل متوارث من عادات وتقاليد عائدها فى هذا الزمن شديد الخطر على كيان الأسرة ، تناقشوا مع ابنائكم وبناتكم فى كل شىء بحرية وثقة ، لتحموهم من الكيد ، واعلموا انكم فى ذلك لستم وحدكم ، فما زال فى هذا الوطن رجال شرفاء ، لا يخشون فى الله لومة لائم ، ولا يهابون المعارك ، يرصدون ويعرفون متى يوجهون ضربتهم القاصمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق