الخميس، 19 فبراير 2015

عورات على شاطىء المتوسط


                  كلما تناقلت الميديا عملية انقاذ للمهاجرين غير الشرعيين الى اوروبا من الساحل الجنوبى للبحر المتوسط ، او خبرا عن غرق مجموعات منهم ، كلما انكشفت عورة حكومات البلدان التى اتوا منها وعورة تأريخ اوروبا فى تلك البلدان ، وعورة الضمير العالمى الذى ظل يتفرج طوال سنوات هذا الهروب الجماعى على البحر المتوسط  كقباصرة روما فى حلبة الكلوزيوم .

                  لست هنا بصدد الحديث عن حق هؤلاء المهاجرين فى مشاركة الاوروبى ولو قليلا فى رفاهيته التى اسسها آباؤه الاستعماريون من ثروات بلدان هؤلاء المهاجرين بأبخس الأثمان ، ولا بصدد الحديث عن حكومات المهاجرين الذين جعلوا بلدانهم فى نظر مواطنيهم كرنتينات مكتظة بالأوبئة ، وأن الحياة فيها عبارة عن جهد مستمرللحصول على فرصة هروب تعيد لذواتهم المقهورة انسانيتهم الضائعة ، ولا بصدد الحديث عن موقف الاوروبيين المخزى تجاه هذه الهجرة التى تقفت آثار ثرواتها المنهوبة .

المهاجرون الذين تمَّ إنقاذهم جاؤوا على متن سفن متداعية من السواحل الليبية بحسب قائد في البحرية الإيطالية (الجزيرة)
البحرية الايطالية تنقذ مهاجرين (موقع الجزيرة)
                 ما اريد الحديث عنه هنا ، ان قصة هؤلاء المهاجرين ، فصة مبتورة ، لم نشاهد فى جميع القنوات التى تسابقت على نقل احداثهم القاتلة مع امواج المتوسط ، تتمة القصة ، فقط تبتدىء كصراع مع بحر هائج على مراكب خردة تعتبر فى تلك المرافىء مجرد نفايات واجب التخلّص منها ، وتنتهى اما بنشل جثث الغرقى او انقاذ العشرات منهم .

                 ما مصير هؤلاء المهاجرين الذين تم انقاذهم ؟ وما مصير المنتظرين منهم على الساحل الجنوبى للمتوسط ، والكثير منا  يعلم ، ان يأسهم قد بلغ بهم حد المخاطرة بأرواحهم وارواح زوجات واطفال بعضهم لركوب اهوال بحر معاد ؟ والحكومات المطلّة على هذا البحر تعلم ان شبكة او شبكات من المجرمين تمتد من شمال افريقيا الى جنوبها ، ظلت تتاجر بآمال هؤلاء البشر وتهريبهم من بلدانهم على طريقة تهريب الاسلحة والمخدرات طوال سنوات وسنوات ولم تحرّك ساكنا ، وكم يا ترى بلغت اعدادهم طوال هذه السنوات على طول الساحل الجنوبى ؟

                 اما السؤال الأهم هو : هل هنالك ثمة علاقة بين حشود هؤلاء المهاجرين المتكدسة على هذا الساحل وبين المليشيات التى تقتحم فضاءات البلدان المطلة عليه فجأة وبأعداد كبيرة ومن جنسيات مختلفة ؟
                 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...