الجمعة، 27 فبراير 2015

الرجل الذى فقد قلبه


                   هل كان صيّادا ماهرا أم تابعا ذليلا لقلب مسكون بالغواية ؟ يا لأنحيازات الأسئلة القاهرة ، ليس فيه مكر الصيادين ولن يكون ، فمثله يخرج للبريّة جائعا ويكتفى بجمال الغزال ، يكتفى راضيا بحذره ويحظى من الاياب بعزرية بندقيته ، ومثلما اعتاد دائما ، يقضى ليله ، لا عطر فى الكف يعبىء رئتيه حين يقطع الليل انفاسه ، لا نظرة لاصقة فى عينيه تصد لذعات السهر ، ولا تحية تهدهده حتى السحر بدلا عن اغنيات بهتت على اذنيه .

                    لا .. لم يكن صيادا ولا تابعا ذليلا للقلب يوما ، كان كما اراد ان يكون  دوما امام الله ،  نقيا كهواء البرّية ، عاشقا اكتشف  لحظة سقوطه عاريا فى ازل بعيد ، الجاذبية المختبئة خلف التفاحة ، فهاب الاقتراب ، كان مفتونا بالجمال ولكنه يخشى غوايته المنفردة ،  يقاومها  بالهروب ، يقاومها بالبعاد ، ويقاومها كأنه يقاوم الدنيا بأكملها .

                     جسده بنية من لحم وعظم ودم ، تعرف جيدا ما الألم ، يحب الحياة ويريدها حرة بلا تعقيد وبلا تابوهات ، ولكنه ايضا جسد كقلعة حجرية قديمة ، يسكنها معتزل قديم للحياة ، يسكنها قبل ان يعرف الرهبان معنى الخلوة ، العشق عنده هو ان تترك مشاعرك تتدفق  شوقا  نحو وجهه الكريم بلا تحفظ ، تتدفق مثل شلال ، مثل نهر جديد يشق بريّة بكرة ، مثل ضوء يستقر فى عقلك وقلبك حزمة من نور .

                     لا .. لم يكن صيّادا ولا تابعا ، كان الرجل الذى فقد قلبه .  
                    

                    

                    
                   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...