عندما اوشكت الادارة الامريكية ان تمسك بمفتاح حل القضية الفلسطينية عبر مفاوضات مضنية استغرقت سنوات طويلة ، لجأ رئيس الوزراء الأسرائيلى الى مخاطبة الكونجرس الامريكى بمجلسيه -النواب والشيوخ- فى مايو 2011 ، وقد كان بحق خطابا محرجا جدا للأدارة الامريكية التى حاولت ان تقترب اكثر من حل القضية الفلسطينية بعيدا عن المسار الذى ارادته رؤية نتنياهو السياسية او من يمثلهم ، ولكنه - اى نتنياهو - نجح فى اصابة الهدف ، فالقضية الفلسطينية لم تشهد فى تأريخها جمودا كما تشهده الآن .
الآن يعيد نتنياهو ذات السيناريو مع الملف النووى الأيرانى ، وقد تبدو اعادته هذه المرة مصاحبة بدعم باطنى عربى او على الاقل مصاحبة بأرتياح عربى واسلامى سنى ، نتيجة للدور الايرانى فى صراعات المنطقة ، ولقضايا الجزر العالقة (ابو موسى وطنب الكبرى والصغرى) اضافة لتداعيات مذهبية لا تخفى على احد .
ما يهمنى هنا ، ان نجاح نتنياهو فى مسعاه هذه المرة سيضعه فى مسار قضية الملف النووى الايرانى ، قوى عظمى كامنة خلف الكونجرس الامريكى بمجلسيه ، فضلا عن اعتباره رمزا لقوى اقليمية منفردة لا تقبل ندا جديدا بالاقليم ، عربيا كان هذا الند او فارسيا ، سنيا او شيعيا ، ولكن نجاحه يعنى ايضا ان دولة عظمى كأمريكا كنا نظنها تدير شئون العالم الخارجية وفقا لأستراتيجيات موضوعة غير قابلة للمس بها سواء من خصوم الداخل الامريكى او حلفاء الخارج ، انما فى ظل سيناريوهات نتنياهو يبدو انها تدير الشأن الدولى بقدرة تأثير اطراف صراعاته على كونجرس قابل للتحريض بمجلسيه .
علي العقل العربى ان يعى جيدا ان عدم التوصل الى تسوية مقبولة لأيران فى ملفها النووى ، قد تؤدى فورا الى توسعة الصراعات الدائرة بحيث تتخطى كافة حدودها الآنية ، فالتمدد الايرانى فى احد وجوهه يبدو احدى وسائل ضغطها او احد اوراقها المفضلة فى لعبة التفاوض الطويلة ، وسيكون احد اوراقها المفضلة فى لعبة الحرب اذا وقعت بينها واسرائيل .
من هنا فأن اخطر تداعيات انهيار مفاوضات الملف النووى الايرانى قد تقع على عاتق الدول العربية وحدها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق