هذا القنّاص لا يحمل بندقية بمنظار كتلك التى شاهدناها فى الفيلم الامريكى (shooter) ، وانما يحمل فى يده عود ثقاب ، وربما قنينة جاز تساعده فى انتشار واتساع دائرة اشتعال النيران فى مزارع النخيل بقرى اهلنا النوبيين الممتدة على المساحات المستهدفة للأستثمار من خلال مشروعى سدى دال وكجبار .
وقصة الفيلم الامريكى (shooter) بأختصار شديد ، ان الشركات العابرة للقارات حين تفكر فى استثمارات كبيرة على مشاريع كبيرة ، تضع خارطة المنطقة المستهدفة بالأستثمار امام عينيها ، وتكون المرحلة الاولى للمشروع عبارة عن دراسة وافية للتكلفة المترتبة على وجود سكان لهم مصالح قائمة فى قلب المشروع من حيث الترحيل والتعويض ، وفى الفيلم كان القرار ابادة قرية بأكملها واخفاء رفاتها تحت خط ناقل للبترول ، هروبا من التكلفة المترتبة على الترحيل والتعويض .
ومثل هذا القرار عادة تشارك فيه اطراف غير مرئية فى مستويات عليا لأجهزة السلطة التشريعية والتنفيذية لديها حصانات عصيّة على الأختراق ، وهى اطراف دينها المصالح التى يحققها المشروع ، وينظرون للبشر الذين يسكنون فى مساحات اراضيه المستهدفة ، مجرد عقبات فى الطريق يجب ازالتها ، وفى الفيلم كانت تلك الاطراف محل ملاحقة القنّاص الذى نجح فى تصفيتها آخر المطاف .
والآن حين انظر الى حرائق النخيل فى قرى اهلنا النوبيين فى الشمال ، تتراءى لى اشباح من المجرمين المتخفيين تحت بدل انيقة وجلاليب وعمامات فاخرة ، وفى داخلهم توجد عضلة تبث سموما قاتلة لكل من يقف فى طريقهم ، وهم بكل هذه الوجاهة لا يمثلون سوى وسطاء او مجرد متسولين فى مائدة اللئام ، ولكنهم قرأوا حكاية المناصير التى لم تنته بعد مع سد مروى جيدا ، فأرادوا ان يهيئوا لسدى كجبار ودال اقل تكلفة ممكنة على طول المساحة المستهدفة بالأستثمار .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق