الأحد، 25 ديسمبر 2016

واجهات براقة وخلفيات مظلمة


                        الموازنة التى تقدم بها السيد وزير ماليتنا ، كغيرها من موازنات دول العالم المغلوب على امرها ، تطالعك من خلال فصولها ، برائحة الوصفة العجوز النتنة لصندوق النقد والبنك الدوليين ، وهى وصفة تبدو حتى فى وعى صبيان المدارس مجرد دعوة الى انفلات الشوارع ، لأن مصمميها لا يعبأهون لحاجات الشعوب بقدر اهتمامهم بالمحافظة على رفاهية الغرب الذى يقف من خلفهما ، ويعلم ذلك المفكرون الاستراتيجيون فى الغرب كأمثال صمويل هنتجتون ، فكلما جاءت سيرتهما فى سياق نظرياتهما ، يمرون سريعا وبخجل يفضح النقصان الاخلاقى الملازم لتلك الرفاهية المنجزة بموارد الشعوب التى يكبلونها بتلك الوصفة وبأتفاقيات مجحفة فى التجارة الدولية قائمة على اسباب القوة .

                        ولا الومهم طالما ان الحكومات تلجأ اليهما طوعا وكرها ، وانما الوم هذا اللجوء المجانى الذى يشعل شوارع البلدان ويغمرها بالضحايا والدماء ، ثم يحشدها بالعطالى والمتسولين ، لهذا ليس غريبا ان تحظى ميزانية الامن والدفاع بالنصيب الاكبر ، فحالة البلدان فى ظل هذه الوصفة اشبه بحالة الحرب ، كأنها وصفة لفت عضد الدولة والشعب معا ، والمؤكد انها اداة استغلال ناجحة جدا ، فهل من دولة لجأت لهذه الوصفة خرجت بعدها من ازماتها الاقتصادية ام زادت ازماتها سوءا ، مصر القريبة خير شاهد .

                       
                      ان اسوأ متلازمات هذه الوصفة فى بلاد كبلادنا ، ظاهرة الجمع والالتقاط التى انتشرت وامتدت الى داخل الاحياء ، تتسابق الى اكياس القمامة لأنتقاء ما يمكن اعادة تدويره من بلاستيك وحديد ، والمؤسف انها ظاهرة تتشكل من جماعات معظمهم اطفال فى سن المدارس ، وان ظن حارسو هذه الوصفة من وزراء المالية ومدراء البنوك المركزية انها ستنهض بحال البلد ، فأن الواقع الراهن والمنظور على المدى القريب والبعيد ، سيكذّب هذا الظن ، فهذه وصفة صفوة كما وصفها هنتجتون احد كبار مفكرى الغرب ، فوصفة كهذه فى احسن الاحوال ستنتج لنا مدنا ذات واجهات براقة ، بينما شوارعها الخلفية غارقة فى العتمة والجريمة .

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...