الاثنين، 29 مايو 2017

موقف امريكى معزز للاديان


                    العنف المفرط الذى قامت به جماعات اسلامية وكاد ان يغطى معظم بلاد العالم ، وترتبت عليه خسائر فادحة فى الارواح وخسائر مادية مقدرة ، واصبح تيارا متناميا تغذيه على الدوام سياسات حكومات المنطقة العربية والاسلامية العاجزة تجاه قضايا العدالة الاجتماعية ، وقضايا الحريات ومن بينها حرية البحث العلمى وحرية التعبير ، انتج قدرا عاليا من الكراهية للاسلام والمسلمين ، حتى كاد الاسلام والمسلمون ان يكونا هدفا مباشرا لكل اهل الارض ، لولا تصدى فئة آمنت حقا بدينها وزادها الله هدى لتبرئة الاسلام من كل هذا العنف المستولد من فهم خاطىء للدين ومن تراث محتشد بألتباسات علت على حقائقه التى تعلى من شأن الانسان وحقه فى الحياة الكريمة .

                   والفضائح الجنسية التى طالت كنائس المسيحيين شرقا وغربا وشمالا وجنوبا ، حتى كاد المسيحيون يلزمون صبيانهم بأرتداء احزمة عفة لحضور الصلوات بالكنائس ، واخرى اخترقت طهارة المسيحية التى كانت تتجلى زهوا فى وجوه الراهبات والرهبان ، والكثير مما طفحت به الميديا العالمية ، خلّفت آثارا هزت كثيرا من قناعات الناس فى المسيحية ، لتدفع امريكا الجنوبية بالبابا فرانسيس الثانى ليفتح صفحة جديدة برؤى ورؤيات بقدر ما بثت من مخاوف الا انها اشاعت طمأنينة واسعة واستعادت للمسيحية الكثير من اخلاقها المستلبة من قبل رأسمالية العالم المتوحشة .

                    والتأريخ الوحشى للأسرائيليين فى تعاملهم  مع الفلسطينيين منذ العام 1947 بمجازره المشهودة ، وفى انتهاكاته لسيادة الدول وحروبه معها و التى لم تنته بعد ، واستخفافه بمقدسات المسلمين والمسيحيين ، وسكوت كثير من حاخاماتهم عن كثير من الفظائع التى ارتكبت من جانب حكوماتهم ، لم يدع حتى للذين يلزمهم دينهم بالايمان برسل الله وكتبه بما فى ذلك سيدنا موسى عليه السلام وانبياء بنى اسرائيل الآخرين وبالتوراة ، لم يدع هذا التأريخ المستمر فى اذكاء صراع القضية الفلسطينية بالدماء والدمار على مدى اكثر من نصف قرن ، لم يدع فرصة للنظر لليهودية كديانة محبة للسلام والاخاء خاصة وان المواقف الانسانية المناهضة لكل هذا التأريخ تصدر فى الغالب من منظمات المجتمع المدنى الاسرائيلى مع غياب تام للمؤسسة الدينية اليهودية الداعمة دائما لليمين المتطرف فيها .

                    هذه لمحات عجلى لما يجرى فى محيط الديانات السماوية الثلاثة ، والرئيس الامريكى دونالد ترامب خص جولته الاولى بزيارة البلدان التى تقع بها مقدسات هذه الاديان الثلاثة ، السعودية واسرائيل وفلسطين والفاتيكان ، كأننا امام موقف امريكى جديد معزز للاديان بغض النظر عما تم من صفقات واتفاقيات ومحاور.

الاثنين، 8 مايو 2017

عرب ونوبة


                    البحث عن بدايات العلاقة التى ربطت بين النوبة والعرب ، يعنى البحث عن نور يضىء عتمة تلك القرون البعيدة لنمسك باول خيوط هذه العلاقة ، وكى نمسك بأول خيوط هذه العلاقة علينا ان نمسك بأول خيوط النور التى شعّت فى ظلمة ذلك الزمان ونقلت البشرية من طور توحشها البدائى الى نور السموات والارض ، وهى ذات الخيوط التى امسك بها سيدنا ابراهيم وقادته من اقصى العراق الى بلاد النوبة  .

                    ترى كيف نما الى علم سيدنا ابراهيم ، ان الايمان الذى كان يبحث عنه ، قد بلغ فى بلاد النوبة اعلى ما يمكن للنفس البشرية ان تتحمله ، اهو هدى الله و صيت وعظمة النوبة الذى بلغ فى ذلك الزمان ما لم تبلغه اعظم الامبراطوريات او القوى العظمى فى حاضرنا ؟ عظمة ليس من حيث القوة والمنعة والثراء فحسب وانما بذلك الخلق العظيم الذى تعاملوا به مع شعوب العالم ، جتى شهدت لهم شعوب ذلك العالم ومؤرخوه بعظمتهم ، فهاهو هيردوت ابو التاريخ يقول (انهم اقسى امة واشد الرجال عدلا ، المفضلون من الآلهة ، ان اسمى المقيمين بالاولمبى يرتحاون اليهم ويشاركون فى ولائمهم ، وقرابينهم هى الاغلب تقبلا من كل تلك الضحايا التى يستطيع البشر تقديمها لهم) .

                   ما يعنينى هنا ، هذه اللغة النوبية الساحرة التى خبرها سيدنا ابراهيم وتعامل بها طوال اقامته ببلاد النوبة - البروفيسور اسامة عبد الرحمن النور حبر الحضارة النوبية يفيدنا باشارات ان قصر ابرايم كان يقع فى طريق الحجيج الى قبر امون ، ويطل على خور موسى ، (تسمية الخور ربما جاءت لاحقة) - فكيف علم سيدنا ابراهيم اسرار هذه اللغة ودوّن حكمها ومواعظها وهديها فى صحف الله وحده يعلم مكامنها ؟

                  الروائى العالمى الطيب صالح كان على قناعة تامة بأن الجبل الذى ناجى فيه سيدنا ابراهيم ربه ، كان هو جبل البركل ، وهو ذات الجبل الذى كلّم فيه سيدنا موسى الله تكليما. وهذه المعلومة نقلها الاعلامى محمد خير البدوى ضمن حديث له باذاعة البى بى سى ، وجبل البركل هو الجبل المقدس الذى انتقل اليه كهنة امون بعد غزو الليبيين الى مصر ، وما يعنينى هنا ان القرآن الكريم فى سورة الضحى اشار الى صحف ابراهيم وموسى ، ولا يدانينى شك بأنها كتبت بلغة نوبية ، لغة سيدنا ونبى الله موسى عليه السلام ، ذات اللغة التى كتب بها الالواح وكلّم بها الله تكليما ، وهى لغة السيدة هاجر ولاشك يعلمها بكل اسرارها سيدنا اسماعيل عليهما السلام .

                 ومن قصة سيدنا ابراهيم والسيدة هاجر وابنها اسماعيل عليهم جميعا السلام ، تبين اولى بدايات العلاقة بين العرب والنوبة ، وتطورت الى صلة رحم ، ففى احاديثه للاذاعة السودانية ذكر البروفيسور جعفر ميرغنى ان النوبة مشهود لهم بالانس والمؤانسة ، وعندما قدمت قبيلة جرهم فى طريق هجرتها ووصلت  الى ارض مكة حينما كانت وادى غير ذى زرع ووجدت هذه المرأة النوبية وطفلها والبئر التى انبثقت من تحت ارجله ، فى بطن هذا الوادى الموحش ، استأذناها بكل الادب العربى الرفيع الذى يقدم الحق على القوة ، بالشرب ثم لاحقا بالاقامة ، وبلغت الالفة بينهما بمرور الايام حدا ان قبلوا بأبنها ملكا ونبيا وزوجوه من احدى بناتهم ، وصارت العلاقة لحما ودما انجبت فى ازمان لاحقة المصطفى عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام وهو القائل (انا اولى بموسى من بنى اسرائيل) .

                من الواضح ان ثمة لغة مشتركة جمعت بين قبيلة عربية عاربة كجرهم وامرأة نوبية وحيدة ، وان لهذه اللغة تأريخ طويل من الوشائج مع ذلك العالم القديم ، هى بلا شك لغة النوبة التى كان يعلمها العرب بمثلما كان يعلمها سيدنا ابراهيم ، ووربما لهذا ان الرسول عليه افضل الصلاة والسلام لم يأمن على صحابته فى الهجرة الاولى والثانية الا على الارض النوبية ، فكانت مملكة علوة ، وللشيخ البروفيسور حسن الفاتح الشيخ قريب الله جهد عظيم اثبت فيه على كتابين أن الهجرة الاولى والثانية للصحابة كانت هنا بمملكة علوة واورد اسماء الصحابة المدفونين فيها وتفاصيل مدهشة كثيرة مما سكت عنها المؤرخون ، معتمدا فى ذلك على مراجع عربية من امهات كتب التراث ومراجع اجنبية عديدة ..

                 رحم الله فناننا العظيم محمد وردى وهو يغنى (عربا نحن حملناها ونوبة) .
                   

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...