السبت، 27 أبريل 2013

آخر اللعبة الدائرة


                      ( عينه القادرة ترى آخر البحر .. او آخر اللعبة الدائرة ) وآخر هذا البحر موطن للؤلؤة ساحرة ، يسبقها ضياؤها فيكشف امامها خيبات صيادى المياه العكرة ، اولئك الذين تعجبهم فى الليل ظلمته ، تلك الظلمة التى اعتادوا التلفع بها لحياكة مؤامرة هنا وهناك ، مؤامرة محبوكة تمتد الى آقصى البحار ، يا حسرة على تلك اللآلىء التى أطفئت و زيّنت لها مؤامرات خفافيش الليل زبد البحر زبدة ، فأخذتها غفلتها او رعبها او تشابيها الى ان تلعق فيه ككلاب نهمة ، ثم تكتشف لا حقا انها كانت تلعق فى حذاء خفاش معاق ذهنيا وممتلىء بالعوار ، سيظل الى آخر العمر يمتص فى دمها ليعيش رفاهه الخاص ، ويا حسرة على تلك اللآلىء التى انطوت على ضيائها بعيدا عن هذا البحر بعد ان ضيّق عليها الخفافيش الخيارات ، لا شك ان خفاش هذا البحر اصاب شيطان (فاوست) بالذهول .

                      بين القوسين اعلاه كلمات حسن العبد الله ، اعرف معاناته وصمته الطويل احيانا متأملا فى امواج البشر وتزاحمها ، ولكن لماذا غاب عنى اسم ذلك الشاعر السودانى الرائع الذى قال ( الطحلب اختار السطح واللؤلؤ فضّل زنازين القاع على الهزيمة) ؟ لا بد انه حيّ فى ذاكرة هنا وهناك مثلما سيظل خفاش هذا البحر وطحالبه احياء فى ذاكرة هنا وهناك ، ذاكرة ملتهبة بالكثير المثير الخطر ، سينضج على لهيبها شيئا فشيئا الى ان يقضى الله امرا كان مفعولا .

                        آخر هذا البحر لؤلؤة تحرسها عناية آلهية ونساء صالحات ورجال صالحون ، اعينهم قادرة ان ترى ما بسطحه واعماقه ، وقادرة ان ترى ثقوب شباك صيادى المياه العكرة ، وطعم سناراتهم الزنخ الذى يشبه وجها نحاسيا ممتلئا بالبثور المتقيّحة ، وجها تهرب من رؤيته حتى عوالق البحر ، فلا خوف ولا حزن ، أيا حارس هذا البحر اما آن اوان نهاية هذه اللعبة الدائرة ؟!.


                      

الخميس، 25 أبريل 2013

ادلة مقنعة


                       ما ان ابدى وزير الخارجية الامريكية جون كيرى امكانية العودة الى اتفاق جنيف لحل الازمة السورية ، وقبل ان يكتمل صدى هذا القول ، اجبرت ضغوط الكونجرس الامريكى ادارة اوباما الى اطلاق تصريحها الغريب بان لديها معلومات تحتاج الى مزيد من التحقيق لتأكيد ان النظام السورى استخدم اسلحته الكيماوية (غاز السيرين) ضد شعبه ، وقبل ان يلتقط المهتمون بالازمة السورية انفاسهم من تصريحات البيت الابيض ، خرجت علينا بريطانيا بأن لديها ادلة (مقنعة ) بأسخدام النظام السورى لأسلحة كيماوية على نطاق محدود فى العمليات الجارية هناك ، وان فحصا على عينة من التربة السورية اثبت هذا الاستخدام اضافة لمصابين من سوريا حملوا على اجسادهم آثار هذا الهجوم الكيماوى .

                       ويبدو ان ادارة اوباما قد تعلمّت درس فيلم اسلحة الدمار الشامل العراقية ، فجاءت مجاراتها للمتعلقين بهذه الزريعة لجر الناتو الى حرب فى سوريا ، متمهلة وتفسح مجالا لحلول دبلوماسية ، اما الادلة (المقنعة) التى قالت بها بريطانيا والمتمثلة فى عينة من التربة وبعض المصابين ، تصيب المرء بالذهول ، فالتربة السورية فى ظل هذه النوايا العدوانية صارت لها بصمة تفرزها من كل تراب العالم ، والمصابون حتى وان كانوا سوريين فأن اصاباتهم موسومة بجغرافية سوريا .

                       لست هنا بصدد الدفاع عن النظام السورى فهو مسئول بسوء ادارته للأزمة عما وصل اليه الحال فى سوريا ولكنى ادافع عن عقلى من هذه الترهات التى تغيظنا بها الحكومات الغربية لتبرير نواياها العدوانية ، فالحكومة السورية ايها السادة كانت واضحة منذ ان اثيرت مسألة اسلحتها الكيماوية والبيولوجية انها لن تستخدمها الا فى حالة غزو اراضيها ، جاء ذلك على لسان المتحدث الرسمى بأسم الخارجية السورية سابقا الدكتور جهاد مقدسى ، واكد بالأمس احد الوزراء السوريين انهم لم يستخدموا هذه الاسلحة ضد شعبهم !.

                       ولم يعد خافيا على احد حجم الجماعات المتشددة من مختلف الجنسيات المتدفقة على سوريا جيوشا عالية التدريب والتسليح ومعبأة حتى آخر افواج عاهرات جهاد النكاح بفكرة الغزو ، فهل يظن العالم ان نظاما كالنظام السورى يظل ساكنا يتغزل فى اسلحة الدمار الشامل التى يمتلكها وهو يشاهد بام عينه هذا الغزو المتدفق عليه من عدة جهات ؟!

                       عودوا الى جنيف لعل وعسى ان يجعل الله فيها مخرجا ، ويقى المنطقة جحيما لن يقف لظاه على الحدود السورية . 

الأربعاء، 17 أبريل 2013

رمق المال الهارب الاخير


                      لم يعد خافيا ان كتلة نقدية ضخمة ظلّت فى حالة هروب مستمر من سوق الى سوق بعيدا عن الأطر القائمة من اجل بناء ونماء هذا الوطن ، وتبدو فى احد وجوهها عاملا مؤثرا فى صناعة الازمات المالية والاقتصادية التى يعيشها المواطن السودانى ، ورغم ان مخابئها الرئيسة التى لم تخرج عن دائرة الاتجار بالعملة والاتجار بالسيارات والاتجار بالعقارات معلومة للخاصة والعامة ، الا ان اليد التى تمسك بها تبدو كيد شبح بلا اسم وبلا ملامح وبلا عنوان ، ويبدو لى ان محاولة الامساك باحد مناشطها هذه ، تدفعها الى ان تتناسخ فى ذات لحظة المحاولة الى اياد تمسك بعقارات هنا ودولارات هناك وسيارات هنا وهناك .

                      المعلومات التى تناقلتها بعض المواقع على الانترنت ، تشير الى ان هذه الكتلة التى اصابتها الاتفاقية الاخيرة مع دولة جنوب السودان بضربة موجعة ، جعلت مجرد ذكر الدولار فى حضورها يصيبها بالغثيان والاسهال ، تتجه الآن صوب العقارات ، محطتها الثانية المعلومة ، او ربما مقبرتها القادمة ، فهى سوق ثقيلة الحركة وتبدو مقارنة مع اختيها (سوق السيارات وسوق الدولارات) كسباق سلحفاة مع ارنب وكلب ، فالخيارات امامها اصبحت ضيقة وغير آمنة ، وعليها ان تعد نفسها فى هذه الحالة لرحلة غذاء طويلة من سنامها او تعد نفسها لأعادة صياغة جديدة جوهرها ان لوطنك عليك حق ، وتبدا مشروعات استثمار تزيل او تخفف الضائقات النازلة بالمجتمع السودانى فى مجال العمل والسكن والعلاج والتعليم وغيرها ، فهى استثمارات اثبتت نجاحات مؤكدة .

                      هذا المال الهارب الآن من سوق الى سوق يبدو فى لحظات رمقه الأخير ولكن الخشية ان تكون احد ايادى الشبح الواقف خلفه موصولة بقناة رسمية كامنة فى مواقع صنع القرار فتبث فيه الحياة من جديد ، فعلى من يهمه الامر ألا يشغل نفسه بمراقبة حركة هذه الكتلة ومن هم ورائها ، فقط عليه مراقبة مطابخ صنع القرار فهناك تكمن اسباب حياته او اسباب توجيهه الى ما ينفع الناس .

الثلاثاء، 16 أبريل 2013

ضد البشرية


                     تابعت مساء اليوم تغطية قناة الحرة لتفجيرات مارثون بوسطن ، وهالنى ان تقحم فى حواراتها مع ضيوفها من داخل امريكا وخارجها ، موضوع ارجاء النظر فى قانون الهجرة المعروض على الكونجرس الامريكى بحادث التفجيرات من جهة والتطرق لقصف احد المواقع بباكستان وما نتج عنه من ضحايا من جهة اخرى ،  بينما مسرح الحادث وقت التفجيرات كان محتشدا بجانب الأسر الامريكية المحتفلة بذكرى آخر معاركها من اجل الاستقلال ، محتشدا ايضا مشاركين من مختلف انحاء العالم فى هذا المارثون تعبيرا لمشاركتهم فى ذكرى هذا اليوم ، ويكفى هذا التواجد المتنوع لعدد من شعوب العالم دليلا على ان هذه التفجيرات لم تكن موجهة للشعب الامريكى وحده وانما لبقية الشعوب التى شارك مواطنوها فى ذكرى هذا اليوم ، ولو وقع هذا التفجير حسب التوقيت المحدد له ، لنصبت سرادق العزاء فى ذات الوقت فى عدة دول على عدة قارات ، فهو عمل اجرامى نجح فى بث قدر كبير من الارهاب داخل امريكا وخارجها .

                     ادانة هذا الجرم الشنيع وامثاله من الجرائم التى ارتكبت فى حق المدنيين الابرياء ، واجب انسانى ايا كان الفاعل الذى يقف خلفها ، لأنه فعل يستبيح بالقتل والدماء والتدمير ، الحياة المدنية لأبرياء سعت كل الاديان والأعراف والتقاليد الى حمايتها حتى فى زمن الحروب الموغلة فى وحشيتها .

                      خالص العزاء لأسر الضحايا ، وخالص الدعاء لشفاء الجرحى .

                    

الاثنين، 15 أبريل 2013

اسوأ الخيارات


                       البروفيسور جيرمى سورى استاذ التأريخ والشئون العامة بجامعة تكساس ، يرى ان افضل اسوأ الخيارات لمعالجة الازمة فى شبه الجزيرة الكورية ، هو ان تقوم الولايات المتحدة الامريكية بتوجيه ضربة مدمرة لمنظومة الصواريخ الكورية الشمالية على الارض قبل ان يفكر الرئيس الكورى فى اطلاقها ، مرتكزا فى ذلك على قدرات امريكا التقنية العالية (راجع مقاله بموقع نيويورك تايمز) .

                       ما يدعو للقلق والحيرة معا ، ان يلجأ استاذ تأريخ للقفز فوق تأريخ الازمة ويقف عند افضل اسوأ الخيارات ، اذ يوحى مقاله هذا ان كل فرص الحل قد صارت نفقا مسدودا ، بينما تأريخ الازمة يفيد بجلاء ان قدرة الدبلوماسية التى نجحت مرة فى تفكيك احد المفاعلات الكورية الشمالية قادرة  على تفكيك كتل الرعب والخوف التى تجمعت فى سماء شبه الجزيرة الكورية -جراء تهديدات اليأس التى اطلقها الرئيس الكورى -اذا اتيح لمشوار المفاوضات الناجح ذاك ان يواصل طريقه ، فضلا عن ان الخيارات  المتاحة لتجنيب هذه المنطقة ويلات الجحيم النووى الذى خبرته من قبل ، وافرة  وتلعب الصين فيها الدور الاكبر ليس بحكم تأثيرها القوى على كوريا الشمالية فحسب وانما بحكم تأثير هذه الازمة على مصالحها والعواقب الوخيمة التى تنتظرها اذا انفجر الوضع على النحو الذى هدد به الرئيس الكورى او على النحو الذى لوّح به استاذ التأريخ جيرمى .

                       من الواضح ان العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية قد انتجت هذا التهديد ، وبدت هذه العقوبات فى ضوء المشهد القائم الآن عبارة عن اسلحة دمار شامل بدلا عن آلية لتليين الموقف الكورى حول نشاطه النووى ، فهى خيار يمكن للمفاوضات حولها ان تنتج انفراجات فى هذه الازمة التى ارتقت بمنظومة الباتريوت الى اولوية ملحة لحياة شرق آسيا .

                       لا احد يشك فى قدرات امريكا العسكرية ذات التقنية العالية التى يصل ما تسرب منها الى حد الخرافة ، ومع ذلك لا احد يشك فى قدرات ذراعها الدبلوماسى الطويل المسنود بأستخبارات متغلغلة فى العالم شرقا وغربا ، ولا فى علاقاتها المعلنة والمخفية فى ذلك الاقليم وما تمثله من ثقل قادر على التأثير فى مجرى هذا الحراك ، وهو ما يؤمل عليه فى حل هذه الازمة الى ان يقضى الله امرا فى ما تبقى من هذه الانظمة التى ما انفكت تهدد فى الامن والسلم الدوليين وتهدد حياة شعوبها قبل الشعوب الاخرى .

الأحد، 7 أبريل 2013

البحث عن قصيدة


     
                   عند الفجر تخلو طرق هذه الاحياء من اى حركة سوى حركة الدخان المتصاعدة من (الكوش) المتراصة رؤوسا لشياطين تدخن على الطريق ، ويعض الكلاب الهزيلة التى تنبش فى نفاياتها ، ويا لها من نفايات ، ماركة مسجلة لأحياء الحارات الشعبية المنتشرة على ارض هذا الوطن والعالم ايضا ، معالم الطريق فى هذا الوقت من اليوم هى نفس معالم الطريق فى اقصى حى من البلد ، نفس (الكوش) نفس الكلاب ، وشجار بايت يأتيك صداه من خلال شقوق الاسوار او الشبابيك منهكا من عناء نبيح الليل الطويل ، وانفاس مشبعة برائحة العرقى والتبغ والتمباك تأتيك مختلطة برائحة المراحيض التى تزكم الانوف ، وعلى الجدران شعارات معارضة قديمة وجديدة من عينة يسقط والى الجحيم وثورة ثورة حتى النصر واعلانات جمعة لحس الكوع ، وكلها لم تفلح يد الماسح من ازالتها ، وكتابات اخرى مراهقة من عينة (هيثم يحب لانا ) و(حسب الله يحب هيثم) وفضائح مكتوبة على عجل لا تستبين اسماء اطرافها المطموسة بسبب عجلة كاتبها ، وافضل هذه الكتابات واكثرها جمالا كتبت باللون الازرق وبالبنط العريض (سيد البلد) ، تمشى مثلما قال الشاعر العراقى حميد العقابى ( فى الطريق الى البيت لا شىء يسترعى الانتباه سوى المقبرة ) .

                    البيوت ايضا تحمل رائحة شوارعها ، وآثار عراكاتها الطويلة مع الحياة وعراكات قاطنيها مع بعضهم البعض ومع آخرين ، اشجار (النيم) و(دقن الباشا) علامات مميزة ومساكن نهارية للعاطلين ، البيت لا يزال يتلاعب بموقعه فى الذاكرة ، علامته الحيّة الوحيدة التى تعرفها الذاكرة ، امرأة فى العقد السادس تجلس على زاوية الشارع وامامها (صاج) (للطعمية) ليلا وللزلابية فجرا (سلام عليك وانت تعدين نار الصباح) غناها مارسيل خليفة ، وسلام عليك وانت تعدين نار المساء ، يغنيها اطفال الحى ومدمنو عصير البلح ، انها دليل البيت فجرا ومساءا ، اين ذهبت هذه المرأة التى صاحبت اصابعها النار ? ، اتمنى ان تكون قد انتقلت الى تلك الاحياء التى ينزل بعض ملاكها من طوابقها العليا وينظرون الى الاشجار الظليلة المتراصة امام سورها الخارجى ولا يذهب تفكيرهم ابعد من كونها افضل مرابط للحمير ، فثمة عشرة طويلة لا تنسى ، هذه المرأة احق من شرازم الطفيليين الذين تضج بهم تلك الاحياء .

                      تاه عنى البيت وسط  هذه الكانتونات ، هذه المحابس ، هذه المقابر ، هذه الابنية البسيطة التى تهددها بيئتها بالأوبئة وتهددها الحكومات بالاجهزة اذا فكرت يوما بالجمهرة والاحتشاد الاحتجاجى ، ويتزلف لها زعماء الاحذاب والتنظيمات السياسية فى مواسم قسمة الثروة والسلطة ، معظم الكتابات العميقة خرجت منها واليها ، معظم الاغنيات العذبة خرجت منها واليها ، معظم القصائد التى تدفعك فى هذا الفجر تبحث داخلها عن شاعر ، خرجت منها واليها ، معظم النشاط الرياضى صمم لها ومعظم مشاهيره منها ، والمرأة هنا كما قال الشاعر اللبنانى حسن العبد الله (لا لؤلؤة على الصدر ولا اقراط على الاذنين ولا سوار فى المعصم ، رغم ذلك فأبتسامتها تلمع كطن من الذهب ) اى قوة سريّة تلك التى ابقت هذه الاحياء قائمة بعذاباتها وافراحها وافراخها الغفيرة ونشرتها بين الدول والممالك عنوانا عريضا لعبودية قديمة لم تنته بعد؟! تبّت يدها وتب .

                       ما جدوى البحث عن قصيدة تراها امامك قائمة او نائمة بلحمها ودمها ؟ بعد قليل ستشرق شمس يوم جديد ، وهل صحيح ان الشمس تشرق ام ان كوكبنا يدور دورته اليومية على مدارها ؟ لا يهم ، سوف تفوتنى اليوم نشرة الاخبار الاولى ولن اتمكن من معرفة وفيّات اثر علّة لم تمهله طويلا ، ألا يحتج طبيب واحد فى هذا البلد على هذه الصياغة التى تميت الناس بالعلل قبل ان يحتج عليها شيخ مهووس .

الاثنين، 1 أبريل 2013

التماس كهربائى


                         الحريق الذى شبّ فى المبنى الغربى لبرج وزارة الاستثمار والذى تشغله مكاتب الادارة وسجلات الاراضى ، يبدو لمن يدخله اول مرة عبارة عن كواليس او كوابيس مرعبة لافرق ، والسودانيين الذين خدعتهم احلامهم وامانيهم فى قدرة اراضى الاستثمار فى الارتقاء بحياتهم والاسهام فى تنمية الوطن ، يعرفون جيدا هذا المبنى المحترق بسبب الألتماس الكهربائى ! كما جاء فى صحف اليوم وبعض المواقع ، واخص منهم اولئك الذين نزعت اراضيهم بعد ان تكبدوا كل تكاليف مسحها وتهيئتها لتصبح اراض قابلة للأستثمار ، فهذا المبنى الذى احترق امس حسب المعاينة الاولية بفعل ماس كهربائى ! ، افضل المكاتب فى جمهورية السودان من حيث قدرته الفائقة على التكتم ، خاصة لمطالب المستأنفين لقرارات النزع .

                         وقبل الخوض فى قرارات النزع ، لابد من لمحة للكادر العامل بهذة المكاتب المحترقة ، وفى الحقيقة هذه اللمحة قد مضى عليها سنوات قليلة رسخت فى ذاكرتى عند متابعتى لأرض مصنع نزعت على طريقة بدت لى اشبه بلعبة (الملوص) ، فحينها ومن اول وهلة ، تطالعك نعمة من ذلك النوع الذى يعرفه الذين خبروا مصالح الخدمة المدنية السمينة ، ووجوها مدربة على اخفاء ما يجول فى النفس وما يدور فى السجلات ، وافواه لا تزيد عن عبارات محفوظة كأن من يرددها (ربوت) عالى التقنية _ الرد سيرسل كتابة للجهة المختصة - والجهة المختصة داخل البرج يحتاج المرء لمهارات عالية فى الوصول اليها او ربما لمهارات خاصة على طريقة (حاجات تانية حاميانى) . وكادر هذا البرج ما شاء الله تبارك الله ولا كادر فى ارقى ابراج امارة دبى ، المهم زيارة هذا الغول المدعو الاستثمار ستصيب اولئك الذين سخروا من قول الدكتور ربيع عبد العاطى لأحدى القنوات بان الحد الادنى فى السودان يعادل 1800 دولار ستصيبهم بالكسوف والحرج .

                          تعتبر هذه المكاتب المحترقة امس حسب زيارتى منذ سنوات وحسب ماورد فى الاخبار التى تناولت هذا الحريق السند الرئيس لقرارات النزع ، فالمعلومة الصادرة منها يمكن ان تبقى ارضا استثمارية بورا لسنوات طويلة ويمكن ان تنزعها ومعها كل الاموال البالغة قيمتها الملايين ودفعها اولئك الحالمون فى الاستثمار والغافلون عن خبايا قانونه آنذاك ، فهى بلا شك مكاتب تتمتع بمسئولية على درجة عالية من الاهمية ، واحتراق مستنداتها من شأنه ان يجعل مصالحا كثيرة فى كف عفريت او اى كف آخر ، ومع ذلك فثمة غبطة لا اشك لحظة انها ستتسلل لنفوس سبق ان تسلل اليها الغبن والغضب من هذه المكاتب التى تسلل اليها ماس كهربائى يوم امس مختالا  على رأسه طاقية الاخفاء .

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...