الاثنين، 1 أبريل 2013

التماس كهربائى


                         الحريق الذى شبّ فى المبنى الغربى لبرج وزارة الاستثمار والذى تشغله مكاتب الادارة وسجلات الاراضى ، يبدو لمن يدخله اول مرة عبارة عن كواليس او كوابيس مرعبة لافرق ، والسودانيين الذين خدعتهم احلامهم وامانيهم فى قدرة اراضى الاستثمار فى الارتقاء بحياتهم والاسهام فى تنمية الوطن ، يعرفون جيدا هذا المبنى المحترق بسبب الألتماس الكهربائى ! كما جاء فى صحف اليوم وبعض المواقع ، واخص منهم اولئك الذين نزعت اراضيهم بعد ان تكبدوا كل تكاليف مسحها وتهيئتها لتصبح اراض قابلة للأستثمار ، فهذا المبنى الذى احترق امس حسب المعاينة الاولية بفعل ماس كهربائى ! ، افضل المكاتب فى جمهورية السودان من حيث قدرته الفائقة على التكتم ، خاصة لمطالب المستأنفين لقرارات النزع .

                         وقبل الخوض فى قرارات النزع ، لابد من لمحة للكادر العامل بهذة المكاتب المحترقة ، وفى الحقيقة هذه اللمحة قد مضى عليها سنوات قليلة رسخت فى ذاكرتى عند متابعتى لأرض مصنع نزعت على طريقة بدت لى اشبه بلعبة (الملوص) ، فحينها ومن اول وهلة ، تطالعك نعمة من ذلك النوع الذى يعرفه الذين خبروا مصالح الخدمة المدنية السمينة ، ووجوها مدربة على اخفاء ما يجول فى النفس وما يدور فى السجلات ، وافواه لا تزيد عن عبارات محفوظة كأن من يرددها (ربوت) عالى التقنية _ الرد سيرسل كتابة للجهة المختصة - والجهة المختصة داخل البرج يحتاج المرء لمهارات عالية فى الوصول اليها او ربما لمهارات خاصة على طريقة (حاجات تانية حاميانى) . وكادر هذا البرج ما شاء الله تبارك الله ولا كادر فى ارقى ابراج امارة دبى ، المهم زيارة هذا الغول المدعو الاستثمار ستصيب اولئك الذين سخروا من قول الدكتور ربيع عبد العاطى لأحدى القنوات بان الحد الادنى فى السودان يعادل 1800 دولار ستصيبهم بالكسوف والحرج .

                          تعتبر هذه المكاتب المحترقة امس حسب زيارتى منذ سنوات وحسب ماورد فى الاخبار التى تناولت هذا الحريق السند الرئيس لقرارات النزع ، فالمعلومة الصادرة منها يمكن ان تبقى ارضا استثمارية بورا لسنوات طويلة ويمكن ان تنزعها ومعها كل الاموال البالغة قيمتها الملايين ودفعها اولئك الحالمون فى الاستثمار والغافلون عن خبايا قانونه آنذاك ، فهى بلا شك مكاتب تتمتع بمسئولية على درجة عالية من الاهمية ، واحتراق مستنداتها من شأنه ان يجعل مصالحا كثيرة فى كف عفريت او اى كف آخر ، ومع ذلك فثمة غبطة لا اشك لحظة انها ستتسلل لنفوس سبق ان تسلل اليها الغبن والغضب من هذه المكاتب التى تسلل اليها ماس كهربائى يوم امس مختالا  على رأسه طاقية الاخفاء .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...