الأربعاء، 24 يوليو 2013

الجنرال يريد حربا


                    ما ذا يعنى ان يطلب وزير الدفاع المصرى فى حفل تخريج لقوات عسكرية من الشعب ان ينزل الى الشوارع يوم الجمعة القادمة ، تفويضا له لمواجهة العنف والارهاب ؟! ما مدى الخطر الذى استشعره كمؤسسة عسكرية تعد ضمن العشر الاوائل فى العالم واستوجب عليه ان يتجاوز بهذا الطلب حكومته التى جاءت فى اعقاب ازمة لا زالت موجاتها المتتالية تدفع مصر شيئا فشيئا الى بحر هائج ؟ وما هو  هذا التفويض الغامض الذى يطلبه ؟ فأذا كان الامر متعلق بمواجهة العنف والارهاب فأن القيام بهذه المواجهة لا يعدو ان يكون الا جزءا من وظيفته ولا يتطلب الامر سوى قرار من الرئيس المؤقت مصحوبا بما يحتاجه من اجراءات استثنائية توفر الجانب القانونى والاخلاقى لحماية عمليات الجيش والشرطة فى هذه المواجهة ، اللهم الا اذا كان الرئيس المؤقت ورئيس وزرائه المختار والقوة التى تقف ورائهم مصابة بحالة من العمى والاستخفاف وهى تمارس مهام تشكيل حكومة ازمة بترف زائد لا يرى قدر المخاطر التى تراها مؤسساتها العسكرية والامنية وقيمة الزمن العالية فى مثل هذه الظروف الخطرة .

                     يجىء هذا الطلب شبيها بأنذار الثمانية واربعين ساعة الذى سبق عزل الرئيس السابق محمد مرسى ، وينذر بأن هنالك سباق يجرى على ارض مصر ذا طابع عسكرى لا تجدى معه الوسائل السياسية حسب تقديرات القيادة العسكرية ، يعضد هذا القول التعزيزات العسكرية التى قامت بها اسرائيل خلال اليومين الفائتين على حدودها مع مصر ، ولم يعد خافيا الآن ان تطورا كبيرا قد حدث فى مجرى الازمة فى مصر يتجه بها الى حرب وشيكة لا سبيل الى منع وقوعها الا بتسجيل موقف جديد من الاخوان المسلمين وحلفائهم يتفهم ما تعنيه سياسة الامر الواقع .

                      من الواضح جدا ان الجيش المصرى وقيادته بجانب الاجهزة الامنية بوزارة الداخلية ، ظلوا يستشعرون مهددا كبيرا على الامن القومى منذ سقوط نظام الرئيس الاسبق محمد حسنى مبارك ، وانهم ومنذ ذلك الحين ظلوا يترجمون هذا الشعور الى ترتيبات عسكرية وامنية لمقابلة ذلك المهدد ، وتبدو خطابات الفريق عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة المصرية فى هذا الاطار اعلانا صريحا وواضحا عن جاهزيتهم للنزال .

                       اسأل الله ان يلهم اهل مصر جميعا العقل والحكمة لتخطى هذا المنعرج الخطر فى تأريخها ويجنبها مآلات سوريا التى تبدو مع مواقف التصلب والتعصب والعنف والارهاب مصيرا منتظرا لدول المنطقة .

الاثنين، 15 يوليو 2013

موجة جديدة من الكراهية


                       مشهد النهايات فى صراعات السلطة بالعالم العربى والاسلامى وكما هى محفورة فى ذاكرة شعوب هذا العالم ، هى ان يقف البطل منتصرا على جثة اخيه ، ولكن المشهد المصرى جاء بنهايات فريدة من نوعها ، فقد شهدنا فى فصله الاخير اكثر من بطل وخصما واحدا بأكثر من رأس ، خصم لا تستطيع معه سوى ان تخوض فى التعب خوضا بحثا عن مكامن العقل فيه ، والتعب الذى تخوض فيه الادارة الامريكية الآن لأنقاذ ما يمكن انقاذه من بقايا حليفها الذى سعى بظلفه وظلف غيره الى حتفه ، هذا التعب الذى تخوض فيه يبدو اكبر منتج لموجة جديدة من الكراهية تجاه امريكا اذا ادت جهودها الى تغيير الواقع القائم الآن والذى انتجه ملايين المصريون ، ليجيّر بأكمله لصالح الاخوان .

                       الاخطاء التى ادت الى هذا السقوط المريع لسلطة الاخوان المسلمين معلومة ، وتبدو سببا رئيسا فى هدم الشرعية التى صعدت بهم الى السلطة ، وقد نجد لهم العذر لضعف قدراتهم السياسية وقلة خبرتهم فى ادارة شئون الدولة ، ولكن كيف نجد العذر لحلفائهم فى الداخل والخارج بعدم الضغط عليهم للأستجابة للنداءات التى ظلّت وعلى مدار عام بأكمله تقدمها قوى مصر المعارضة ؟! لا يجدى البكاء الآن على ذهاب  سلطتهم ، ومحاولة تغيير الواقع القائم الآن فى مصر ايا كانت وسائل هذه المحاولات ، يبدو مغامرة خطرة على امن مصر وامن المنطقة وامن المصالح القائمة بها ، ان كان ثمة جهد يجب ان يبذل ، فهو البحث عن مجموعة من العقلاء داخل هذه الجماعة ليكونوا بديلا للفاشلين الذين صنعوا هذا السقوط ، ومن ثمّ العمل على اعادة تشكيل الواقع السياسى فى مصر ليشمل كل اطيافها ، وهى دعوة ظلّت ولا تزال تنادى بها كل تجمعات القوى السياسية فى مصر، ان النظام الديمقراطى لا يزال قائما وهيكله لا يزال سليما وكل الذى يحتاجه هو تكملة بنياته بمشاركة الجميع ، وهى فرصة ثانية تهيأت للأخوان المسلمين للحفاظ على وجودهم وقبولهم فى الشارع المصرى بدلا من المعتقلات والسجون والمنافى والمخابىء .

                      فى اللقاء الذى اجراه محمد العطار فى 16\6\2013 لصالح موقع الجمهورية للدراسات وجريدة لسان التنسيق المحلية " طلعنا للحرية " ومؤسسة هاينرش مع المفكر الامريكى نعوم تشومسكى فى اطار بحثهم لحل الأزمة القائمة فى سوريا ، قال :
                     ( من الصعب التحرك فى العالم الحقيقى بدون تقديم تنازلات ، لا املك نصائح فقط لا تجعلوا امانيكم تغطى الواقع بالكامل ، انتبهوا للحقائق ، نعيش فى عالم حقيقى بكل بشاعته وعلينا التعامل معه واتخاذ قرارات ضمنه . "الحوار منشور بموقع الحوار المتمدن" ) فهل يستيقظ الاخوان المسلمون من امانيهم ويدركوا ان ثمة حقائق فى الواقع المصرى تستوجب التخلى عن احلام فاتت عليها قرون من الزمان وترى الحقيقة البارزة فى مصر وهى ان بها قوى فاعلة تمتلك مساحات كبيرة فى الشارع المصرى ولا تزال ترحب بهم قوة مشاركة فى نظام ديمقراطى .

السبت، 6 يوليو 2013

سيادة ثقافة الانكار


                      تفاصيل ما جرى بمصر لا يحتاج الى تذكير ، فقط يحتاج المرء ان ينتبه الى هذه العلّة التى تكاد تغطى معظم عقل الاحذاب والتنظيمات السياسية فى المنطقة العربية والاسلامية والتى تجلّت بوضوح مخجل فى حراك مصر الاخير، وهى علّة الانكار المكابر للهزيمة ، فقيادات القوى السياسية  من دعاة الدولة المدنية التى صعدت على اكتاف الثورة بعد سقوط نظام مبارك وقادت حملتها الشعواء على من اسمتهم بفلول النظام القديم وافسحت بذلك الطريق طائعة مختارة لتيار الاسلام السياسى دون ان تضع فى الاعتبار تبعات موقفها هذا على مستقبل حراكها السياسى فى ظل مشروع الاخوان المسلمين  ، هذه القيادات عادت ثانية لتقود موجة الثورة الثانية بصحبة من عادتهم بالامس ، بلا خجل او دون اى احساس بالهزيمة او الفشل الذى الحقته بموجتها الاولى فى مشهد انكارى يدعو الى التسآؤل حول علّة هذا العقل السياسى المتأرجح فى مواقفه والمتشبث بمواقعه دون اى اعتبار لأبسط اسس وقواعد الديمقراطية التى تقتضى ان يتنحى جانبا من فشلت قيادته فى تحقيق اجندة الحذب دع عنك من اقحمه فى مآزق لم يقف تهديدها على نشاط الحذب فحسب وانما على حراكات البلد بحاله .

                      ذات مشهد قيادات قوى مصر من دعاة الدولة المدنية يتجسّد الآن على مسرح الاسلامى السياسى ، فالمرشد وطاقمه فى الحذب واطقم حلفائهم الذين هيأ لهم حراك دعاة الدولة المدنية المنقسم على نفسه فرصة تأريخية للصعود الى السلطة ، لم يحسبوا حقائق الواقع الذى صعد بهم الى السلطة ، لم يحسبوا حتى مقدار حجمهم الحقيقى داخل هذا الواقع ، وانجرفوا مع امانيهم الجامحة لتنزيل مشروعهم الاسلامى الذى لم تقف حدوده عند ارض مصر بل هوّم تجاه العالم العربى والاسلامى ايضا ، فأنتجوا فى خلال عام واحد عددا من الازمات فضحت بجلاء حجم قدراتهم المحدودة التى عجزت عن حل ابسط احتياجات المواطن المصرى ، ومع ذلك استمروا فى محاولة مكشوفة واقصائية لتجيير برنامج استكمال التحوّل الديمقراطى لخدمة مشروعهم ، هذه الاطقم التى قادت تيار الاسلام السياسى وانتهى مشوارها بفشل تام وسقوط مريع ، عادت ثانية لتعتلى مسرح الحراك المعارض فى مشهد يحكى تضخم عقل الاسلام السياسى بعلة الانكار ، انكار الفشل وانكار الهزيمة ، والسؤال المقلق الذى يطرح نفسه هنا : ألا يوجد بين كوادرهذا التيار العريض منظومة تحاسب هذا الطاقم بدءا من مرشده العام والى آخر مضللى قواعده بتهريجهم الخطابى الذى يقودهم الى المجهول ؟!

                     ما يدعو للأسف والرثاء والشفقة على شعوب هذه المنطقة ، استكانتها التامة لثقافة الانكار هذه ، فالجماهير العربية والاسلامية ايضا ، تنكر اخطاء اختياراتها لقيادات احبطت آمالهم وامانيهم مرة واثنتين واكثر ومع ذلك تستمر تهتف لهم وتتمسك بخطهم السياسى الذى قادهم من فشل الى فشل ، ولا اجد تعبيرا لوصف الحالة ابلغ من ( كيفما تكونوا يولى عليكم) ومع ذلك ثمة امل اخذ يضىء فى عتمة هذا الواقع المرير اجده ساطعا فى موقف حركة تمرد ليس بحراكها الذى انتج مشهدا لم تشهد البشرية مثيلا له وانما فى اصرارها على حضورها الفاعل فى صياغة خطة الطريق،.

                      هل فى مقدور المرء فى ظل سيادة ثقافة الانكار هذه ان ينكر على جيوش المنطقة تدخلها فى تصحيح او اسقاط الانظمة القائمة ؟     

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...