الخميس، 30 سبتمبر 2010

مخيم اشرف بين شرف القضاء ومصالح السياسة

   
                       التقرير المرفق يحكى قصة اللا معقول فى السياسة  وكيف ان قيمة الحقوق التى ملأت آفاق العالم بالشعارات التى نادت بتطبيقها على ارجائه والاتهامات التى طالت الكثيرين فى مختلف اتجاهاته تصبح رهينة لدى الدول العظمى اذا اصطدم تحقيقها بمصالحها القائمة فالقضاء الامريكى بكل عظمته التى تتمناه شعوب الارض التى رزحت طويلا تحت نير الظلم والانتهاكات يصدر قراره ببطلان الصاق تهمة الارهاب   التى تبنتها الخارجية الامريكية فى حق منظمة مجاهدى خلق وظل صامدا على قراره هذا رغم استئناف وزارة الخارجية الامريكية له الا ان قراره ظل حبيس اضابير مصالح السياسة الخارجية والامن القومى الامريكى .                                                                                                                                                                                                                                           قرار محكمة الاستئنافات بواشنطون جاء فيه (اننا نعترف بأن التطبيق الدقيق لمبادىء القانون من شأنه ان يجعل شطب اسم مجاهدى خلق من قائمة الارهاب ملزما و لكننا ومن اجل مصالح السياسة الخارجية والامن القومى التى كانت وزارة الخارجية الامريكية قد طرحتها فى وقت سابق نرجع الآن هذا الملف الى وزيرة الخارجية لتقوم فى اطار محدد بأتاحة الفرصة لمنظمة مجاهدى خلق الايرانية للمراجعة و للرد على القسم العلنى للملف والذى اعتمدت عليه الوزيرة )
                      لا شك ان العيش فى ظل هذا القضاء امنية غالية لكثير من شعوب الارض لأنه يضمن لكل فرد صون كرامته وحقوقه من عسف وانتهاكات السلطة القائمة ولأنه قضاء لا يخشى فى سبيل تحقيق القانون الوقوف فى وجه مؤسسات الدولة حتى ولو تزرعت بحجة مصالح الدولة العليا والقرار رغم أخذه مصالح السياسة الخارجية ودواعى الامن القومى بعين الاعتبار الا انه لم يتركه امرا مطلقا فى يد وزارة الخارجية وانما اشرك فيه منظمة مجاهدى خلق كطرف ثان فى المراجعة ، منتهى العدالة ، ولكنها للاسف عدالة تضيع اجمل معالمها فى زحمة مضاربات السوق السياسية التى يتحكم النفط فى حركتها ، فالتحية للقضاء الامريكى .
                      الآن تبدو الكرة فى ملعب وزارة الخارجية الامريكية والتى يتوجب عليها ان تقوم بضربة البداية سريعا وذلك بمراجعة منظمة مجاهدى خلق الايرانية لتصفية مزاعمها التى قادت الى وضع هذه المنظمة فى قائمة الارهاب لأن تأخر هذا الامر يعنى استمرارا لتداعياته الخطيرة على سكان مخيم اشرف والمتمثلة فى بشاعة الافعال العنيفة التى لحقت بهم تحت زريعة الارهاب ، اضافة للملاحقات التى طالت اعدادا من الايرانيين بداخل ايران تحت زريعة الانضمام لمنظمة ارهابية ، فخطورة التهمة لم تقف عند حدود استهداف الايرانيين تحت طائلتها وحسب وانما امتدت آثارها الى تعطيل مهام منظمات دولية كمفوضية اللاجيئن التى عجزت عن توفير الحماية لسكان هذا المخيم اضافة لرد فعل الحكومة العراقية مع متطلبات امنه والتى تطغى عليها سمة اللامبالاة  وهى مسئولية اخلاقية وقانونية تعود تبعاتها فى نهاية الامر الى موقف وزارة الخارجية الامريكية من منظمة مجاهدى خلق.
                     مع احترامى وتقديرى لحق وزارة الخارجية الامريكية فى رعاية المصالح العليا لبلادها الا ان تعاملها مع هذه المنظمة بأعتبارها منظمة ارهابية صار زريعة لقتل لاجئين ابرياء وتعذيبهم وارهابهم فى الوقت الذى طرق فيه القائمون على امرها كل السبل السياسية والقانونية لتبرئة ساحتها من هذه التهمة وآخرها حراكها القانونى داخل امريكا نفسها فى خطوة تكفى دلالاتها على  مدى احترام هذه المنظمة لمؤسسات الحكومة الامريكية واحترام احكامها القضائية وفى هذا ما يكفى لرفع اسمها من قائمة الارهاب.

الأحد، 26 سبتمبر 2010

ميزانية لرد الحقوق

                      الميزانية العامة هى وجه الدولة وهى حياة الناس واتسعت دائرة الاهتمام بها فى الآونة الاخيرة لتشمل اضافة للدوائر التقليدية المتمثلة فى المجالس التشريعية للبلدان ومنظمات المجنمع المدنى من احذاب و نقابات واتحادات مهنية ومؤسسات القطاع الخاص اضافة للعاملين الذين يأملون فى مكاسب جديدة فقد اتسعت دائرة الاهتمام بها لتشمل منظمات دولية يطغى على اهتمامها سمة التدخل فى اساليب ادارة الدولة لمواردها كما فى توجيهات صندوق النقد والبنك الدولى اضافة للمنظمات حقوقية التى اتسع نشاطها ليطال ميزانية الدول وكيفية اوجه صرفها وانعكاساتها على حقوق الانسان كما شهدنا ذلك مؤخرا فى استيضاحات منظمة حقوق الانسان حول اوجه صرف ايرادات البترول السودانى والتى ادت فى خاتمة المطاف الى ادراج عائداته ضمن الميزانية ، لذلك اصبحت الموازنة العامة التى تتقدم بها اى حكومة محل نظر دقيق لجهات عديدة تتطلع ان تستجيب لأحتياجاتها القائمة والمستهدفة .فألى اى مدى تستطيع موازنة العام القادم 2011 فى ظل الازمة المالية العالمية ان تصمد امام التحديات الكبيرة التى يواجهها الوطن هذه الايام  بدءا من تبعات الانفصال الذى بات على الابواب مرورا بسلسلة طويلة من المشكلات المالية والاقتصادية تقف على رأسها الضائقة المعيشية المتصاعدة يوما بعد يوم وانتهاءا بمتطلبات السلام فى ارجاء البلاد ؟
                    فى تقديرى ان الايفاء بالالتزامات الخاصة  بالمرتبات والاجور فى بلد كالسودان تبدو فيه الدولة العائل الاكبر يظل اقوى المؤشرات التى تبين لنا مدى قدرة الميزانية على التماسك والصمود وهو ما يهمنى هنا اذ ان الديون الداخلية التى تستهدفها ميزانية العام القادم يتعلق  قسم كبير منها بمستحقات العاملين فى الدولة وهى عبارة عن متأخرات مرتبات واجور و اخرى خاصة بفوائد ما بعد الخدمة والمعاشات فهذه الديون ظلت سمة ملازمة لمعظم ميزانيات حكومات الانقاذ الامر الذى يعكس ان حقوق العاملين لا تشكل اولوية فى حساباتها خاصة وان انتهاكاتها فى هذا الجانب تحكى تأريخا طويلا من المظالم سواء على الصعيد المالى او على صعيد حقوق العمل وما حملات الفصل التعسفى ببعيدة، من هنا تبدو تصفية هذه الديون واجب مقدس لأنها اولا حقوق تخص اضعف شرائح المجتمع بعد ان تدنت القيمة المادية لوظيفة القطاع العام الى حد يضع شاغلها فى خط الفقر ولأنها عرق اجير جف حلقه بعد ان جف عرقه وهو يطالب بها  ولأنها من قبل ومن بعد تمثل تغولا صارخا على ميزانية موضوعة ومجازة بموجب قانون يشكل اى خرق فيها انتهاكا للقانون يستوجب المساءلة ، فالخطوة الاولى التى يجب ان تحظى بأجراءات فورية  عند تطبيق ميزانية العام 2011 هى ازالة هذه الديون بأعادة الحقوق لأصحابها ايا كانت تكلفتها لأن استمرارها لا يعنى سوى استمرار الدولة فى انتهاك حقوق العاملين والحقوق المترتبة على انتهاء خدماتهم ، وهو امر انف حتى المستعمرون من الولوغ فيه .
                  من جانب آخر فان استقرار الوطن فى هذا المنعطف الخطير الذى يمر به يبدو هما عاما لا تخفى ملامحه على احد وتلعب الميزانية دورا كبيرا فى تحقيق الاستقرار  بتصفية كل المظالم التى انتجتها سياسات الانقاذ طيلة العقدين الماضيين وهى مظالم ضمنت فى معظم اتفاقياتها التى ابرمتها مع القوى السياسية والتى تم اختزالها فى الشعار الذى ظل ينادى به رئيس الجمهورية من على المنابر فى عدة مناسبات والقاضى برفع الظلم وجبر الضرر وما يهمنى هنا مفصولى الاجهزة العسكرية والشرطية والامنية والذين ظلوا وما انفكوا يلوكون الصبر حجارة من اجل هذا الوطن وامنه واستقراره رغم ثقل الظلم الذى وقع عليهم، فذخيرة مثل هؤلاء تحظى فى كل بقاع الدنيا بتأمين كافة حقوقهم ومتطلباتهم ولا نجد اوضاعا مشابهة لأوضاعهم الا فى الدول المنهارة كالصومال والعراق التى تحاول الآن رغم خطورة اوضاعها الامنية ان تعيد لمشردى اجهزتها العسكرية والشرطية والامنية اعتباراتها وحقوقها فهذا جانب يجب ان يحظى بأعتبار خاص فى ميزانية العام المقبل التى تسعى احدى موجهاتها العامة الى دعم الاستقرار.
                 من الممكن جدا ان تصبح ميزانية العام 2011 درعا لهذا الوطن من كل المخاطر التى تحيط به اذا ابتعدت عن احلام واضعيها والتى لم تنتج لنا على صعيد الانسان السودانى سوى غبن ظل يتراكم عاما بعد عام بسبب هذه الحقوق الضائعة، ومن الممكن جدا ان تصبح هذه الميزانية مدعاة لأستقرار هذا الوطن اذا اقتربت اكثر من حقوق المواطنين الذين تخلوا منذ زمان عن آمال خاصة يمكن ان تأتى بها ميزانيات عايشوا بمرارة عجزها فى  ان تفى بألتزاماتها تجاه الحقوق .
                     يامل المرء ان تكون ميزانية العام 2011 ميزانية معنية برد الحقوق .

الخميس، 23 سبتمبر 2010

من اين عبر بنو اسرائيل ؟

                    
                 اثار موضوع (هل كانت الرياح سببا لعبور موسى البحر)  للاستاذ مازن فيصل البداوى والمنشور بتاريخ 23\9\2010 بالحوار المتمدن ، نقطة جدل جديدة حول خروج بنى اسرائيل من مصر ، وما صاحبه من قصص بارزة وردت بالقرآن الكريم والكتاب المقدس ، كقصة عبور البحر التى وردت بموضوعه المشار اليه اعلاه ، ولست هنا بصدد تأكيد او دحض صحة نظرية الرياح فى فلق الماء الى جانبين ، بقدر ما يهمنى ان قصة سيدنا موسى عليه السلام وخروج بنى اسرائيل من مصر ، تبدو الوحيدة التى حظيت بقدر هائل من البحوث والدراسات من بين كل القصص التى وردت بالكتب المقدسة ، بل  اعزى اليها تطور علم الآثار الذى مازالت حفرياته متواصلة بمصر والسودان ، رغم عجزه حتى الآن فى الوصول الى مكان قبر سيدنا موسى  ومحتوياته ، بوصفه المحفز الاكبر فى نظرى للبعثات الآثارية التى دفع بها الجدل الدائر حول التوراة ، كما ان علماء المصريات او الباحثين فى تأريخ الحضارة الفرعونية ، لم يتمكنوا حتى الآن من الوصول الى فرعون موسى بشكل قاطع ، وان كان رمسيس الثانى يبدو فى نظر الكثيرين انه هو فرعون موسى ، ومع هذا اللغط الذى دار حول تأريخ تلك الفترة ، والذى لم تستطع الحفريات الآثارية حسمه ، بأعتبار ان البينة الآثارية اصدق وثيقة ثبوتية للتأريخ على قول عالم الآثار الامريكى وليامز ى آدم ، فأن المكان مثل زمان تلك القصة يصبح محل لغط كبير ، وما يهمنى هنا: هل البحر الاحمر هو المقصود فى تلك القصة ام نهر النيل الذى قامت على ضفافه اقدم حضارات الدنيا ؟

                      تبدو الاجابة على هذا السؤال ممكنة ، فثمة مؤشرات يمكن ان تقربنا الى الحقيقة اذا تناولناها بشىء من التركيز ، ولنبدأ بالاسم موسى او مسى بلغة السكوت ، والسكوت هى احدى الفبائل النوبية المكونة لمملكة كوش الوارد اسمها بالكتاب المقدس فى سفر التكوين الاصحاح الثانى ، والذى جاء فيه (واسم النهر هو جيحون وهو المحيط بجميع ارض كوش) وهى قبيلة لا زالت تقيم فى معظم مواقعها السابقة للميلاد ، ومحتفظة بذات لغتها القديمة التى تعنى كلمة مسى فيها الجميل الحسن الصورة ، وحسب الكتاب المقدس فى الاصحاح الثالث عشر من سفر الخروج ان 600 الف ماش  من بنى اسرائيل عدا الاولاد ، خرجوا من رعمسيس الى ارض سكوت ، فهذه الارض تقع جنوب مصر ، او حسب مصطلحات الآثاريين تقع ضمن حدود النوبة العليا ، والتى كانت فى حالة صدام مستمر مع مصر تكلل فى نهايته بحكم الاسرة الخامسة والعشرين الكوشية والتى امتد حكمها لمصر اكثر من ثمانين عاما ، فالخروج جنوبا عبر هذه المنطقة يبدو الاكثر امانا بحكم التواجد العسكرى للكوشيين ، والذى طالما توخى فراعنة مصر الصدام معهم دون ترتيبات سابقة ، فثمة صلات قوية بين سيدنا موسى والكوشيين نجدها بارزة بقوة فى سيرته مع فرعون مصر آنذاك ، فالسحرة الذين اتى بهم الفرعون لمقارعته ، كان قد اتى بهم من جزيرة ناوا ، احدى الجزر النيلية الواقعة ضمن حدود مملكة كوش (موقعها حاليا بشمال السودان)والتى كانت تعد بمعايير ذلك الزمان احدى المراكز العلمية للمملكة ، لذلك كان من السهل على الفرعون ان يسارع بأتهامهم بتواطؤهم مع موسى ، واتهامه بأنه كبيرهم الذى علمهم السحر ، وفى تقيرى ان هذه الصلات التى يرجعها كثير من الباحثين  الى صلة اللحم والدم ، وقادت اعدادا كبيرة من علماء الآثار للأتجاه جنوبا بحفرياتهم منذ مطلع القرن العشرين ، والمستمرة حتى يومنا هذا ، حتى ان عالم الآثار السويسرى شارلس بونى قال (عندما هممت ان اشرع فى حفريات كرمة قال لى احد الآثاريين لا تتعب نفسك كل التأريخ فى شمال الوادى) وكرمة هذه هى اولى عاصمة للحضارة النوبية او حضارة كوش ، فصلات سيدنا موسى بالكوشيين ايا كانت طبيعتها تبدو فى تقديرى ذات علاقة مباشرة بالصراع حول عرش الفرعون ، وبالتالى تبدو لى ذات علاقة مباشرة بخروج بنى اسرائيل من مصر ، لذلك فأن ارض سكوت الواردة بالكتاب المقدس ، مقصود بها ارض سكوت الواقعة ضمن حدود مملكة النوبة المعروفة فى التاريخ بمملكة كوش ، وعلى ذلك فأن البحر الذى تم عبوره هو فى تقديرى  نهر النيل ، والمعروف ان نهر النيل تعترضه ستة شلالات بدءا من خانق السبلوقة بصخوره البارزة ، الى الشلال الاول بمصر ، وهى مناطق عندما تهبط مناسيب المياه فى احد فصول السنة تشاهد فى المجرى عددا من الصخور البارزة كمؤشر على صخرية القاع فى بعض المناطق ، ورغم انى لم اشاهد منطقة ناوا الا ان طبيعة المجرى بدءا من شلال السبلوقة تتفق مع  امكانية حدوث العبور عند عدد من المناطق القائمة على ضفافه سواء اكانت الرياح سببا فى عبوره او غيرها .
                

الاثنين، 20 سبتمبر 2010

هل صار اكل اموال الناس امرا مشروعا فى اراضى الاستثمار

                       اتخذت وزارة الاستثمار فى الفترة الاخيرة اجراءات نزع عدد من الاراضى التى سبق ان خصصت لمواطنين سودانيين قام بعضهم بتسديد كافة رسومها بما فى ذلك رسوم تصاريح البناء والتى تجاوزت اكثر من عشرة آلاف جنيها بالقيمة الجديدة للجنيه (عشرة ملايين سابقا) واستندت الوزارة فى اجراءاتها هذه على قانون الاستثمار الذى يمنحها الحق فى نزع هذه الاراضى اذا لم يقم اصحابها بمباشرة تنفيذ المشروع  خلال فترة زمنية محددة حسب القانون  بأثنى عشرة شهرا حسب احكام المادة 26 (2) ه ولكن هذه الفترة الزمنية قد تمتد لدى البعض  لسنوات طويلة رغم احكام القانون .
                       فأذا تجاوزنا كل معوقات الاستثمار الصناعى والزراعى فى هذا الوطن والتى يقف على رأسها التمويل الذى اقعد كثيرا من المستثمرين السودانيين من اصحاب الخبرات الطويلة فى هذا المجال من المضى قدما فى عدد من مشروعاتهم وزج بالبعض فى السجون للاعسار  فضلا عما ترتب على سياسة السوق الحر التى ساهمت فى تعطيل كثير من الصناعات المحلية التى عجزت عن منافسة المستورد ليس لعامل الجودة وانما لفرق الاسعار مقارنة بتكلفة الانتاج المحلى فأذا تجاوزنا كل هذه المعوقات وتلك الغائبة عن ادراك المرء والتى لعبت دورا كبيرا فى الوقوف حجر عثرة امام هؤلاء السودانيين الذين انتزعت اراضيهم وحطمت آمالهم فى الاسهام فى تنمية هذا الوطن وانفسهم فأذا تجاوزنا هذه المعوقات والتى تبدو كفيلة بمنحهم الفرص الكافية لتوفيق اوضاعهم قبل قرار النزع الا ان وزارة الاستثمار فى ممارستها هذا الحق القانونى فيما يبدو لم تمنحهم الفرص الكافية وانما اكتفت بالفترة الزمنية التى تحددها من حين لآخر ، اى من تأريخ تخصيص الارض الى تأريخ قرار النزع كفترة كافية دون اى اعتبار للظروف الاقتصادية والمالية التى احاطت بهذة الفترة سواء على صعيد الوطن او على صعيد هؤلاء المستثمرين فأذا تجاوزنا هذا الامر ايضا رضوخا لعسف رؤية الوزارة فى سياسة النزع التى اتبعتها فبأى حق تنتزع اموال الناس التى دفعوها طالما استردت ارضها كاملة سالمة خاصة وان القانون سكت عن مصير هذه الرسوم فى حالة نزع الارض ؟
                      اما اكثر ما يدعو للحيرة والتساؤل هو سرعة تخصيص الاراضى المنزوعة لآخرين قد يطالهم نفس الاجراء بحكم الفترة الزمنية اى ان النزع هنا يصبح استثمارا مبطنا للدولة او بمعنى آخر ان اكل اموال الناس بموجب عسف القانون اصبح امرا مشروعا فالدولة لم تتعب فى تخصيص هذه الاراضى فكل اجراء ترتب على تخصيصها قام هؤلاء المواطنون بدفع اتعابها فيه على دائرة المليم ومن حر اموالهم ومع ذلك حين تعيد تخصيص هذه الاراضى لآخرين وبرسوم جديدة تضاعفت فى بعضها ستة مرات عن الرسوم التى دفعها اولئك الذين نزعت منهم تكون قد كسبت من اموالهم ستة اضعاف ما كسبته منهم فى المرة الاولى دون ان يحظى اى منهم بأسترداد مليم واحد من ماله المدفوع نظير تلك الارض المنزوعة دع عنك الفوائد التى حققها للدولة وهو امر يبدو فى احد وجوهه اشد وطأة من حد الربا.
                      سؤال اخير لمن بيده الامر هل وقف الاستثمار فى السودان -ارض المليون ميل مربع الى حين-على هذه الاارضى المنزوعة ؟

الخميس، 16 سبتمبر 2010

وداعا ايها الجنوب وداعا ايها الشمال

                   على من يشفق المرء ..على الجنوب ام على الشمال بعد ان اكتملت الآن المرحلة الاولى المفضية الى الانفصال مطلع العام القادم والمتمثلة فى اكتمال تأسيس مفوضية الاستفتاء؟ فكل منهما ينتظره ذات الخطر المهدد لأراضيه ولحياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، فقضية الحدود بين الشمال والجنوب والتى غطت بالدماء فى بدايات طرحها ارض (ابيىّ) الله وحده يعلم مآلاتها فى بقية اراضى خط 1956 ومع ذلك يبدو هذا النزاع اخف وطأة من مآلات ما يمكن ان يقود اليه النزاع حول مثلث حلايب ونتوء وادى حلفا فى الشمال مع الشقيقة مصر تماما مثلما يمكن ان يقود اليه النزاع حول مثلث ليمى فى الجنوب مع الشقيقة كينيا وما يمكن ان يقود اليه النزاع حول اراضى الحدود مع يوغندا وافريقيا الوسطى والكنغو المطابق لنزاعات منتظرة على اراضى حدودنا مع اثيوبيا واريتريا وتشاد اذا بقيت دارفور داخل حدود الشمال .
                    كيف تنهض الحياة السياسية فى الجنوب مع طغيان سلطة القبيلة ومع المخاوف الواردة فى الدعاوى التأريخية حول الهيمنة العرقية والاستئثار بالسلطة والثروة والتى رفعتها اجزاء كبيرة فى الجنوب عقب اتفاقية اديس ابابا فى 1972 وافضت فى خاتمتها الى القرار الجمهورى رقم (1) الذى قضى بتقسيم الجنوب الى ثلاثة اقاليم واشعل الحرب بين الشمال والجنوب من جديد؟ ترى كيف تكون تداعيات هذه القضية فى ظل جنوب مستقل؟ بل كيف يكون شكل الحياة السياسية فى الشمال فى ظل قبضة الاسلاميين على السلطة واستئثارهم بالثروة؟ هل سيتحول الى جمهورية اسلامية متصادمة مع بعضها الاسلامى المختلف فى اجتهاداته الدينية ؟هل سيقود الدين الى تقسيم الشمال مثلما يقود الآن لفصل الجنوب ؟ ومنذ متى كان الدين  مدعاة لتقليص الارض وقد امتد بالمسلمين فى ازهى عصورهم الى معظم اراضى العالم القديم ؟ كيف يتخطى الشمال والجنوب حاجز العرق والدين فى غياب الوحدة التى حفظت التوازن بينهما ردحا طويلا من الزمن ؟ كيف يحل الشمال مشكلة السلطة ؟ هل يعيد التأريخ نفسه ونواجه ذات المعضلة التى واجهت غردون باشا الذى تعذر عليه ملء فراغ السلطة المتوقع حدوثه عند اخلاء السودان بين احقية ورثة مكونات السلطة قبل الغزو التركى فى 1821 واحقية القوى الجديدة التى قادها الامام المهدى ؟ هل سيحتاج الشمال الى مهدى جديد ؟ تبدو صورة ما سيكون عليه الوضع فى  الشمال منذرة بمخاطر كبيرة لا تقل فى خطورتها على ما سيكون عليه الوضع فى الجنوب .
                   هل ستستمر حياتنا الاجتماعية كما هى عليه ام ثمة تشكيل جديد لمجتمعاتنا فى انتظارنا ؟ وعلى اى المعايير سيتم هذا التشكيل ؟ اهى معايير قبلية من شأنها ان تستدعى مشيخات الماضى وترمى بثقلها على صراع السلطة ام معايير الثروة التى تفحّشت فى تمركزها لدى البعض  بالقدر الذى تجاوز حد التساؤل الى حدود الحقد ؟ بل كيف ستبدو  صورة المجتمعات فى الجنوب فى ظل الانفصال ؟ تزدحم الآفاق بصور مرعبة تبدو الوحدة معها جنة فى الارض.
                   لا يستطيع المرء ان يمضى اكثر من ذلك فى هذا الدهليز المظلم الذى لا تلوح فى آخره  اى نقطة ضوء ولكن للتأريخ على الواقفين خلف الانفصال فى الشمال او الجنوب ان يدركوا ان كل امانيهم التى بنوها على الانفصال ما هى الا بروقا ليست خلبا ولكنها ممطرة نيرانا سيزيدها البترول الذى فتح شهية الكثيرين هنا وهناك وفى الجوار وحول العالم وقادهم الى فكرة الانفصال سيزيدها اوارا سيستنزف كل مياهنا العذبة المهددة الآن بأكثر من مشروع. 
                   يا حكماء السودان فى جنوبه وشماله اتحدو هو اقرب للنجاة.
                
                  
                   
                  
                 

الأحد، 12 سبتمبر 2010

زى المرأة بين المنع والاباحة

                        صعد زى المرأة المسلمة - بوجه خاص النقاب - فى الآونة الاخيرة الى قضية شغلت اعلى مستويات السلطة فى بعض البلدان الاوروبية واخذت طريقها الى داخل مؤسساتها التشريعية  مصاحبة بزخم فاض على شبكات الميديا العالمية بذات القدر الذى تنتجه الحروب وذلك من اجل حظره فى الاماكن العامة متزرعة بأسباب امنية اما فى الدول الاسلامية فقد خاضت بعض المؤسسات بما فيها الازهر الشريف فى هذه القضية وابدت مواقفا مؤيدة للحظر ومؤسسات اخرى مدافعة عنه- النقاب- بأعتباره امرا مقطوعا فيه بنصوص قرآنية وهى مسألة فتحت ابوابا واسعة لجدل يحتاج الى آراء امينة و  شجاعة وجريئة تبين لنا موقف الدين من الزى عموما وزى المرأة بصفة خاصة وبصورة دقيقة بحيث لا تترك مجالا للبس او تأويل قد يؤدى بمجتمعاتنا الى فتن الله وحده يعلم ما يمكن ان تشعله من نيران ، فمعظم المجتمعات الاسلامية ان لم يكن جلها بنت عزتها وشرفها على سلوك المرأة واصبحت المرأة تبعا لذلك تحمل عبء المسئولية وحدها عن اخلاق مجتمع يبدو نصفه الآخر متحررا من اى مسئولية اخلاقية من كثرة المحظورات التى احاطت بها مثل قضية الزى التى اخذت تشكل فى الآونة الاخيرة قضية على درجة عالية من الخطورة خاصة حينما تصل بالمرأة الى مخافر الشرطة فى مشهد يضعها مع عتاة المجرمين فى مقعد واحد.

                     فمنذ واقعة الصحفية لبنى احمد حسين وتداعياتها المعروفة لم نشهد اى تحرك دينى او تشريعى او تنفيذى تناول هذه القضية للوصول بها الى حل محل رضا وتوافق يشيع الطمأنينة فى مجتمعنا وانما  تركت معلقة فى ايدى رجال الشرطة بموجب سلطة تقديرية تبدو فى احد وجوهها صورة فاضحة لهروب المشرع او لعجزه فى تحديد معايير واضحة وقاطعة لما يجب ان يكون عليه زى المرأة فى الاماكن العامة ، فبقاؤها معلقة فى ايدى رجال الشرطة بموجب سلطة تقديرية يحيلها الى آلية  لا تقف عند حدود انتهاك حقوق المرأة وانما تتعداه الى انتهاك عروض اسر كريمة من شأنه ان يخلف شروخا فى المجتمع وجروحا غائرة داخل هذه الاسر ، من هنا علينا تناول هذه القضية للبحث عن معالجة داخل اطارها القانونى القائم طالما تعذر تعديله وكى لا يلوح فى آفاق مجتمعنا سيفا مسلطا على رقاب النساء والاسر وذلك وفقا للنقاط الآتية :-
                  1- فى بلد متعدد الاعراق والثقافات والازياء كالسودان وحتى لا يقود القانون الى التمييز بين انسانه يحتاج القائمون على تطبيق هذا القانون الى تقييد السلطة التقديرية بتحديد معيار الحشمة فى الزى وهى مسألة فى غاية البساطة متى ما اتسع هذا المعيار للآخر الدينى والعرقى والثقافى فالبنطال او البنطلون مثلا يبدو  متسقا تماما من حيث الحشمة مع معايير كل الاديان والاعراق والثقافات وتبقى مسألة ال (تى شيرت) او (التونك) متوقفة على مادة القماش ومن السهل فى هذه الحالة حظر الشفاف منها ليصبح زيا آمنا للمرأة فى الاماكن العامة وعلى ذلك يمكن ان نقيس بقية الملابس.
                 2- تعريف المكان العام بشكل دقيق فثمة خيوط رفيعة تفصل بينه والامكنة الخاصة فمثلا داخل العربة فى الطريق العام يبدو مكانا خاصا والنظر اليه ياخذ شكل التلصص والتجسس والتحسس وعلى ذلك يمكن قياس الاماكن الاخرى كالاندية والقاعات التى تجرى فيها حفلات الاعراس واندية العضوية الخاصة ومثلها .
                 فالقضية فى تقديرى تتركز فى ضرورة وضع معايير واضحة لمسألة حشمة الزى وتعريف المكان العام فمتى تحدد هذا الامر بشكل واضح تنتفى كل اسباب هذه القضية فالمواطن بطبعه اكثر احتراما للقانون الذى يحترم حقوقه ويوضح واجباته بشكل لا لبس فيها وبعد ذلك تبقى مسألة فى غاية الاهمية وهى ان الشرطة فى معظم بلاد العالم شعارها انها فى خدمة الشعب وانها ملاذه الآمن فى الملمات بل حتى ان عتاة المجرمين حين يتم حصارهم من قبل آخرين يستنجدون بالشرطة ليحتموا بها فى انتظار القانون ومع تقديرى التام لجهودها المقدرة فى حماية المجتمع من الظواهر السالبة التى تهز امنه وسلامه وطمأنينيته الا ان قضية زى النساء مسألة حساسة تتطلب تدريبا خاصا يترفق بهن عند تطبيق القانون تمثلا لقول رسولنا الكريم ( رفقا بالقوارير) فشريط الفيديو المتداول هذه الايام على الفيسبوك يعكس مشهدا فاجعا لا يليق بمهنة وظيفتها الاسمى حماية المواطن وصون حقوقه .
               اما اكثر ما يدعو للغرابة فى هذه القضية هو ان الزى الذى يدفع ببنات الناس الى مخافر الشرطة يتم استيراده عبر القنوات الرسمية للدولة وتدفع مستحقاته الجمركية والضريبية ويعرض فى اسواقها المصدق بها ويصنع فى كثير من المشاغل المصرح لها.
               ان سلامة مجتمعاتنا مسئولية جماعية تهم المواطنين بذات القدر الذى يهم السلطات واستقرارها على الفضيلة ومكارم الاخلاق  منشد البشر على مر الازمان وشروط تحقيقها تبدو سهلة متى ما تحلت قوانينها المنظمة لحياة الناس بالرضا والقبول فأخطر مهددات المجتمع صدور قانون يهدف لحمايته  من فعل صغير لكنه ينتهك عند تطبيقه حقوقا من اهم ركائزه .
              
             
                

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...