الخميس، 23 سبتمبر 2010

من اين عبر بنو اسرائيل ؟

                    
                 اثار موضوع (هل كانت الرياح سببا لعبور موسى البحر)  للاستاذ مازن فيصل البداوى والمنشور بتاريخ 23\9\2010 بالحوار المتمدن ، نقطة جدل جديدة حول خروج بنى اسرائيل من مصر ، وما صاحبه من قصص بارزة وردت بالقرآن الكريم والكتاب المقدس ، كقصة عبور البحر التى وردت بموضوعه المشار اليه اعلاه ، ولست هنا بصدد تأكيد او دحض صحة نظرية الرياح فى فلق الماء الى جانبين ، بقدر ما يهمنى ان قصة سيدنا موسى عليه السلام وخروج بنى اسرائيل من مصر ، تبدو الوحيدة التى حظيت بقدر هائل من البحوث والدراسات من بين كل القصص التى وردت بالكتب المقدسة ، بل  اعزى اليها تطور علم الآثار الذى مازالت حفرياته متواصلة بمصر والسودان ، رغم عجزه حتى الآن فى الوصول الى مكان قبر سيدنا موسى  ومحتوياته ، بوصفه المحفز الاكبر فى نظرى للبعثات الآثارية التى دفع بها الجدل الدائر حول التوراة ، كما ان علماء المصريات او الباحثين فى تأريخ الحضارة الفرعونية ، لم يتمكنوا حتى الآن من الوصول الى فرعون موسى بشكل قاطع ، وان كان رمسيس الثانى يبدو فى نظر الكثيرين انه هو فرعون موسى ، ومع هذا اللغط الذى دار حول تأريخ تلك الفترة ، والذى لم تستطع الحفريات الآثارية حسمه ، بأعتبار ان البينة الآثارية اصدق وثيقة ثبوتية للتأريخ على قول عالم الآثار الامريكى وليامز ى آدم ، فأن المكان مثل زمان تلك القصة يصبح محل لغط كبير ، وما يهمنى هنا: هل البحر الاحمر هو المقصود فى تلك القصة ام نهر النيل الذى قامت على ضفافه اقدم حضارات الدنيا ؟

                      تبدو الاجابة على هذا السؤال ممكنة ، فثمة مؤشرات يمكن ان تقربنا الى الحقيقة اذا تناولناها بشىء من التركيز ، ولنبدأ بالاسم موسى او مسى بلغة السكوت ، والسكوت هى احدى الفبائل النوبية المكونة لمملكة كوش الوارد اسمها بالكتاب المقدس فى سفر التكوين الاصحاح الثانى ، والذى جاء فيه (واسم النهر هو جيحون وهو المحيط بجميع ارض كوش) وهى قبيلة لا زالت تقيم فى معظم مواقعها السابقة للميلاد ، ومحتفظة بذات لغتها القديمة التى تعنى كلمة مسى فيها الجميل الحسن الصورة ، وحسب الكتاب المقدس فى الاصحاح الثالث عشر من سفر الخروج ان 600 الف ماش  من بنى اسرائيل عدا الاولاد ، خرجوا من رعمسيس الى ارض سكوت ، فهذه الارض تقع جنوب مصر ، او حسب مصطلحات الآثاريين تقع ضمن حدود النوبة العليا ، والتى كانت فى حالة صدام مستمر مع مصر تكلل فى نهايته بحكم الاسرة الخامسة والعشرين الكوشية والتى امتد حكمها لمصر اكثر من ثمانين عاما ، فالخروج جنوبا عبر هذه المنطقة يبدو الاكثر امانا بحكم التواجد العسكرى للكوشيين ، والذى طالما توخى فراعنة مصر الصدام معهم دون ترتيبات سابقة ، فثمة صلات قوية بين سيدنا موسى والكوشيين نجدها بارزة بقوة فى سيرته مع فرعون مصر آنذاك ، فالسحرة الذين اتى بهم الفرعون لمقارعته ، كان قد اتى بهم من جزيرة ناوا ، احدى الجزر النيلية الواقعة ضمن حدود مملكة كوش (موقعها حاليا بشمال السودان)والتى كانت تعد بمعايير ذلك الزمان احدى المراكز العلمية للمملكة ، لذلك كان من السهل على الفرعون ان يسارع بأتهامهم بتواطؤهم مع موسى ، واتهامه بأنه كبيرهم الذى علمهم السحر ، وفى تقيرى ان هذه الصلات التى يرجعها كثير من الباحثين  الى صلة اللحم والدم ، وقادت اعدادا كبيرة من علماء الآثار للأتجاه جنوبا بحفرياتهم منذ مطلع القرن العشرين ، والمستمرة حتى يومنا هذا ، حتى ان عالم الآثار السويسرى شارلس بونى قال (عندما هممت ان اشرع فى حفريات كرمة قال لى احد الآثاريين لا تتعب نفسك كل التأريخ فى شمال الوادى) وكرمة هذه هى اولى عاصمة للحضارة النوبية او حضارة كوش ، فصلات سيدنا موسى بالكوشيين ايا كانت طبيعتها تبدو فى تقديرى ذات علاقة مباشرة بالصراع حول عرش الفرعون ، وبالتالى تبدو لى ذات علاقة مباشرة بخروج بنى اسرائيل من مصر ، لذلك فأن ارض سكوت الواردة بالكتاب المقدس ، مقصود بها ارض سكوت الواقعة ضمن حدود مملكة النوبة المعروفة فى التاريخ بمملكة كوش ، وعلى ذلك فأن البحر الذى تم عبوره هو فى تقديرى  نهر النيل ، والمعروف ان نهر النيل تعترضه ستة شلالات بدءا من خانق السبلوقة بصخوره البارزة ، الى الشلال الاول بمصر ، وهى مناطق عندما تهبط مناسيب المياه فى احد فصول السنة تشاهد فى المجرى عددا من الصخور البارزة كمؤشر على صخرية القاع فى بعض المناطق ، ورغم انى لم اشاهد منطقة ناوا الا ان طبيعة المجرى بدءا من شلال السبلوقة تتفق مع  امكانية حدوث العبور عند عدد من المناطق القائمة على ضفافه سواء اكانت الرياح سببا فى عبوره او غيرها .
                

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...