الأحد، 26 سبتمبر 2010

ميزانية لرد الحقوق

                      الميزانية العامة هى وجه الدولة وهى حياة الناس واتسعت دائرة الاهتمام بها فى الآونة الاخيرة لتشمل اضافة للدوائر التقليدية المتمثلة فى المجالس التشريعية للبلدان ومنظمات المجنمع المدنى من احذاب و نقابات واتحادات مهنية ومؤسسات القطاع الخاص اضافة للعاملين الذين يأملون فى مكاسب جديدة فقد اتسعت دائرة الاهتمام بها لتشمل منظمات دولية يطغى على اهتمامها سمة التدخل فى اساليب ادارة الدولة لمواردها كما فى توجيهات صندوق النقد والبنك الدولى اضافة للمنظمات حقوقية التى اتسع نشاطها ليطال ميزانية الدول وكيفية اوجه صرفها وانعكاساتها على حقوق الانسان كما شهدنا ذلك مؤخرا فى استيضاحات منظمة حقوق الانسان حول اوجه صرف ايرادات البترول السودانى والتى ادت فى خاتمة المطاف الى ادراج عائداته ضمن الميزانية ، لذلك اصبحت الموازنة العامة التى تتقدم بها اى حكومة محل نظر دقيق لجهات عديدة تتطلع ان تستجيب لأحتياجاتها القائمة والمستهدفة .فألى اى مدى تستطيع موازنة العام القادم 2011 فى ظل الازمة المالية العالمية ان تصمد امام التحديات الكبيرة التى يواجهها الوطن هذه الايام  بدءا من تبعات الانفصال الذى بات على الابواب مرورا بسلسلة طويلة من المشكلات المالية والاقتصادية تقف على رأسها الضائقة المعيشية المتصاعدة يوما بعد يوم وانتهاءا بمتطلبات السلام فى ارجاء البلاد ؟
                    فى تقديرى ان الايفاء بالالتزامات الخاصة  بالمرتبات والاجور فى بلد كالسودان تبدو فيه الدولة العائل الاكبر يظل اقوى المؤشرات التى تبين لنا مدى قدرة الميزانية على التماسك والصمود وهو ما يهمنى هنا اذ ان الديون الداخلية التى تستهدفها ميزانية العام القادم يتعلق  قسم كبير منها بمستحقات العاملين فى الدولة وهى عبارة عن متأخرات مرتبات واجور و اخرى خاصة بفوائد ما بعد الخدمة والمعاشات فهذه الديون ظلت سمة ملازمة لمعظم ميزانيات حكومات الانقاذ الامر الذى يعكس ان حقوق العاملين لا تشكل اولوية فى حساباتها خاصة وان انتهاكاتها فى هذا الجانب تحكى تأريخا طويلا من المظالم سواء على الصعيد المالى او على صعيد حقوق العمل وما حملات الفصل التعسفى ببعيدة، من هنا تبدو تصفية هذه الديون واجب مقدس لأنها اولا حقوق تخص اضعف شرائح المجتمع بعد ان تدنت القيمة المادية لوظيفة القطاع العام الى حد يضع شاغلها فى خط الفقر ولأنها عرق اجير جف حلقه بعد ان جف عرقه وهو يطالب بها  ولأنها من قبل ومن بعد تمثل تغولا صارخا على ميزانية موضوعة ومجازة بموجب قانون يشكل اى خرق فيها انتهاكا للقانون يستوجب المساءلة ، فالخطوة الاولى التى يجب ان تحظى بأجراءات فورية  عند تطبيق ميزانية العام 2011 هى ازالة هذه الديون بأعادة الحقوق لأصحابها ايا كانت تكلفتها لأن استمرارها لا يعنى سوى استمرار الدولة فى انتهاك حقوق العاملين والحقوق المترتبة على انتهاء خدماتهم ، وهو امر انف حتى المستعمرون من الولوغ فيه .
                  من جانب آخر فان استقرار الوطن فى هذا المنعطف الخطير الذى يمر به يبدو هما عاما لا تخفى ملامحه على احد وتلعب الميزانية دورا كبيرا فى تحقيق الاستقرار  بتصفية كل المظالم التى انتجتها سياسات الانقاذ طيلة العقدين الماضيين وهى مظالم ضمنت فى معظم اتفاقياتها التى ابرمتها مع القوى السياسية والتى تم اختزالها فى الشعار الذى ظل ينادى به رئيس الجمهورية من على المنابر فى عدة مناسبات والقاضى برفع الظلم وجبر الضرر وما يهمنى هنا مفصولى الاجهزة العسكرية والشرطية والامنية والذين ظلوا وما انفكوا يلوكون الصبر حجارة من اجل هذا الوطن وامنه واستقراره رغم ثقل الظلم الذى وقع عليهم، فذخيرة مثل هؤلاء تحظى فى كل بقاع الدنيا بتأمين كافة حقوقهم ومتطلباتهم ولا نجد اوضاعا مشابهة لأوضاعهم الا فى الدول المنهارة كالصومال والعراق التى تحاول الآن رغم خطورة اوضاعها الامنية ان تعيد لمشردى اجهزتها العسكرية والشرطية والامنية اعتباراتها وحقوقها فهذا جانب يجب ان يحظى بأعتبار خاص فى ميزانية العام المقبل التى تسعى احدى موجهاتها العامة الى دعم الاستقرار.
                 من الممكن جدا ان تصبح ميزانية العام 2011 درعا لهذا الوطن من كل المخاطر التى تحيط به اذا ابتعدت عن احلام واضعيها والتى لم تنتج لنا على صعيد الانسان السودانى سوى غبن ظل يتراكم عاما بعد عام بسبب هذه الحقوق الضائعة، ومن الممكن جدا ان تصبح هذه الميزانية مدعاة لأستقرار هذا الوطن اذا اقتربت اكثر من حقوق المواطنين الذين تخلوا منذ زمان عن آمال خاصة يمكن ان تأتى بها ميزانيات عايشوا بمرارة عجزها فى  ان تفى بألتزاماتها تجاه الحقوق .
                     يامل المرء ان تكون ميزانية العام 2011 ميزانية معنية برد الحقوق .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...