الأحد، 29 مايو 2011

حرية التعبير ام سيادة حكم القانون ؟


                    تبدو محاكمة د. عمر القراى والصحفى فيصل محمد صالح اليوم ، فرصة ذهبية لتوطين اهم مبدأين سجّل غيابهما من مشهد الحياة اليومى على امتداد المنطقة العربية والاسلامية احد بواعث ثوراتها الحالية ، فمبدأ حرية التعبيرومبدأ سيادة حكم القانون ظلا مطلبين اساسيين لكل الشعوب التى ذاقت مرارة الصمت القسرى الذى استقر فى حلوقها كالشجا ، حتى صار صمتها جريمة فى حق نفسها وفى حق اوطانها ، وذاقت ذل الانتهاكات التى طالت حرياتها وحقوقها واعراضها وخصوصياتها غصبا عن القوانين التى كفلت حمايتها وصونها بصريح النصوص .

                    ودون الخوض فى تفاصيل هذه القضية التى اصبحت الآن فى ذمة المحكمة ، الا ان المشهد يبدو فى احد وجوهه اختبارا دقيقا لمدى قدرتنا على التعاطى مع شروط تحقيق هذين المبدأين ، فمبدأ حرية التعبير يبدو محققا ومؤكدا بحكم تمام النشر للمقالين موضوع القضية ، وتحريك اجراءات قانونية فى مواجهتهما تبدو خطوة اولى نحو تحقيق مبدأ سيادة حكم القانون وذلك الى حين ان ينتهى الفصل فى القضية بعد تنقية كافة اجراءاتها الشكلية والموضوعية وفقا لمعايير فنية قانونية  صارمة فى مطابقتها لمعايير  العدالة .

                      من هنا فان الضرورة تقتضى - اذا كنا جادين فعلا فى توطين هذين المبدأين فى حياتنا - ان نقوم بتجريد تناولنا لهذه القضية من اى اجندات ، فثمة مسئولية اخلاقية تستوجب احترام كلا المبدأين ، ولن يتأتى ذلك الا بعد صدور الحكم ، والى ذلك الحين يبقى الانتظار سيّد الموقف .

الأربعاء، 25 مايو 2011

نتانياهو والمجلسين


                      مدهشة جدا هذه البراعة التى اعدت واخرجت خطاب رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتانياهو امام مجلسى الشيوخ والنواب الامريكيين ، ولكن فات على هذه البراعة انها احالت وبسذاجة مسرح الخطاب وجمهوره الى فصل دراسى فى مرحلة الاساس ، فمشهد التصفيق الحاد ولعبة قيام جلوس من اعلى سلطة تشريعية فى عالمنا يدعو الى التسآؤل عن مغزى هذه النوافذ العاطفية المفتوحة على مصراعيها مع الخطاب ، وعن جدوى جهود الادارة الامريكية فى عملية السلام مع هذا الدعم التشريعى الحماسى لمشروع نتانياهو حول القضية الفلسطينية .

                      فالخطاب فى تقديرى يبدو فى احد وجوهه محاصرة بارعة من نتانياهو لأى جهد من الادارة الامريكية يتصادم مع مشروعه لحل القضية الفلسطينية ، بمعنى آخر ان اختلاف وجهات النظر حول هذه القضية والتى اعلن عنها عقب لقائه مع اوباما لم تعد تمثّل عقبة امام مشروعه طالما ان القوة الوحيدة فى العالم - واعنى بها مجلسى النواب والشيوخ - القادرة على تحديد حركة البيت الابيض استقبلت الخطاب بتلك الحماسة التى يبدو مشهدها فى حد ذاته  رسالة لأولئك الذين ظنوا يوما ان 90% من اوراق اللعبة فى هذه القضية بيد امريكا  ، بينما لم يفهموا ان 100% من اوراق اللعبة بيد اسرائيل .

                      وبعيدا عن تفاصيل الخطاب وما طرحه من رؤى لحل القضية ، الا يجب على ذات المجلسين لدواعى اخلاقية  ان تستمع للطرف الآخر فى القضية حتى ينأيا بموقفهما منها من شبهة الانحياز ؟  

                       ردة فعل الفلسطينيين والعرب والمسلمين على هذا الخطاب تنبىء بأن التكاليف المترتبة على استمرار هذا الصراع آخذة فى الارتفاع سواء على صعيد الامن والسلم الدوليين او على صعيد امن وسلام انسان المنطقة او على صعيد المصالح القائمة بها والجارية عبرها ، ويخشى ان تنزلق المنطقة الى حالة من الفوضى يصعب السيطرة على انفلاتاتها اذا استمر السعى وراء السلام رهينا بألاعيب محكومة بتنافس سياسى هنا وهناك ومكاسب آنية لا تضع اعتبارا لأجيال قادمة ، فالسلام منشد البشر على مر العصور ويستحق الوصول اليه التضحيات الجسام ، فلتجتمع كلمة الفلسطينيين على مختلف اطيافهم وتبدى التزامها بمواثيق ومعاهدات السلطة الفلسطينية ، فلن ينهار اهم اعمدة هذا الخطاب فحسب وانما ستفتح مسارات آمنة لبلوغ الجهود المبذولة الى قيام الدولة الفلسطينية .

                      

الأحد، 22 مايو 2011

ابيى ... حرب مستمرة


                      الحدود السياسية لمعظم دول العالم الثالث تبدو خطوط حرب ، كأنما اليد التى قامت برسمها ارادت ان تخبىء لمستقبل ايامها مشاهدا دامية لشىء فى نفسها ، وحدود 1\1\1956 جزء من هذا الرسم الذى اختزن مشاهدا دامية منذ ترسيمه ، ولكن التعايش الذى طبع حياة ساكنيه من بشر وشجر وحجر وحيوان عقودا طويلة ، كان ناجحا فى حجب هذه المشاهد الدموية التى اخذت تستعرض بشاعتها اخيرا بعد ان اصابتها لعنة النفط .

صورة للسلطان دينف ماجوك والناظر بابو نمر
                     واقليم بحر الغزال عبر تأريخه كان فريدا فى صور تعايشه مع الآخرين ، فقبل ان يكون ارضا خاصة بملك بلجيكا ابان استعمارها للكنغو ، كانت رياح اول امارة عربية قامت بنهر الكنغو على يد المرجبى قد تعلقّت بصماتها فى كثير من ملامح حياتها ، وحتى الزبير باشا رحمة ، ذاك العربى الهارب من جحيم التركية السابقة ، لم يكن يستطيع ان يبنى امارته المنعوتة بسوء الذكر الا بجهد ابنائها ، وهكذا كان شأنها الى ان ارتقت سمتها هذه فى ابهى صورها بين السلطان ماجوك والناظر بابو نمر ، بحيث اصبح من العسير على اى غريب ان يعيّن خطوطا لفرز الحياة بين المسيرية ودينكا نقوك .

                       هذا الواقع التاريخى الطويل من التعايش لم يجد حظه فى اتفاقية نيفاشا ، ليجىء برتوكول ابيى قنبلة موقوتة من شأنها ان تنسف الاتفاقية من اساسها وتعيد الشمال والجنوب الى مربع اطول الحروب التى شهدتها القارة ، وبدا البرتوكول فى احد وجوهه مصمما لخنق حياة قبيلة المسيرية ، القبيلة التى تضم اشرس مقاتلى الارض واكثرهم ضراوة والذين لا تهمهم فيما يبدو خريطة آبار النفط التى ظل يلهث خلفها مفاوضو المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية بقدر ما تهمهم خريطة مسار ترحالهم مع ابقارهم الى آخر بقعة ارض اعتادت زمنا طويلا .. طويلا على حضورهم صيفا ، واعتادوا على هوائها ومائها وتربتها وعشبها زمنا طويلا .. طويلا .

                       والحرب التى اخذت تندلع على هذه الارض بين الحين والحين ، تبدو فى احد وجوهها حربا تقودها نزعة قبلية نجحت فى جر جيشى الشمال والجنوب الى معاركها، وهذه النزعة القبلية تبدو واضحة داخل الجيش الشعبى الذى تحكم موازنة توزيع قواته المتواجدة فى هذه المنطقة اعتبارات على علاقة بصراعات الجنوب الداخلية الامر الذى يستوجب اعادة النظر فى عناصر توزيعات هذه القوة ، وهو امر معنية به حكومة الجنوب التى يأمل المرء ان تنجح فى نشر قوات فى هذه المناطق الحساسة اكثر انضباطا والتزاما بالقرار السياسى الى حين الوصول الى حلول مرضية لطرفى النزاع .

الجمعة، 20 مايو 2011

امريكا قالت كلمتها


                    امس ، قالت الادارة الامريكية كلمتها فى خطاب الرئيس اوباما وبيّنت مواقفها من قضايا المنطقة بصريح العبارة ، وبغض النظر عن خيبة الامل التى لحقت ببعض اطراف المنطقة الفاعلة فى هذه القضايا من الخطاب او الاحتفاء الذى حظى به عند بعض اطرافها الاخرى ، الا ان الخطاب كان فى مجمله خريطة واضحة تنير للمنخرطين فى صراع هذه القضايا بمختلف اطيافهم مواقع الالتقاء مع رؤية الادارة الامريكية الساعية لحلحلتها  ومواقع الاصطدام بها .

الرئيس أوباما
                     ولكن المهم فى هذا الخطاب ، ان الدعاية التى سبقته كانت قد اشارت الى حصرية مخاطبته للعالم العربى والاسلامى الا انه توجه بمضامينه الى اسرائيل ايضا ، فى خطوة تضفى على موقف الادارة الامريكية صفة حيادية من ملف القضية الفلسطينية ، فتأكيدها على قبول حدود 1967 كحدود للدولة الفلسطينية مع اجراء تبادل لبعض الاراضى ، يبدو اختراقا مثيرا لتأريخ طويل ساد فيه الفيتو الامريكى فى المحافل الدولية عند طرح هذه القضية ، فالتأكيد فى احد وجوهه يبدو تلميحا الى عودة هادئة للشرعية الدولية وللقرار 242 .

                     اما العبارة الواردة بالخطاب والتى تقول ( ان التكنلوجيا ستجعل من الصعب على اسرائيل الدفاع عن نفسها ) تبدو رسالة منذرة لأسرائيل تقول ، ان هذه التكنلوجيا  اصبحت فى السوق وان العالم العربى والاسلامى بموارده البشرية والمادية قادر على امتلاكها و ترجيح كفة ميزان القوة لصالحه وبالتالى فرض حلوله على ملف القضية الفلسطينية اذا وقفت الادارة الامريكية فى الحياد .

                     هاتين النقطتين فى الخطاب تبدوان اقوى كرتى ضغط فى يد الادارة الامريكية على اسرائيل ، ورسالة للعالم العربى والاسلامى مفادها ان امريكا ما زالت قابضة على مفاتيح هذه القضية ، ولكنها تريد لهذه القبضة ان تفهم وتؤخذ فى اطار مواقفها الثابتة و المعلنة والقاضية بحق اسرائيل فى الوجود ضمن حدود آمنة اكدتها اخيرا بحدود 1967 ، وهو امر يبدو متفقا مع تطلعات الفلسطينيين والعالم العربى والاسلامى ولكن العقبة الكأداء لم تعد هى الوصول الى اتفاق حول حدود 1967 وانما كيفية الاتفاق حول معالجة ما تحويه هذه الحدود بداخلها وتصادم ذلك مع المشروع الاسرائيلى الرامى لأقامة الدولة اليهودية وتداعياته على الوجود الفلسطينى داخل الخط الاخضر وعلى ملف اللاجئين .

                       وحتى لا تأخذ المرء تفاصيل هذه القضية المحتشدة بكل شياطين الارض عن خطاب الرئيس اوباما فأن الضرورة تقتضى قراءة هذا الخطاب برؤى ورؤيات جديدة لا تخرج عن واقع ان هذه هى امريكا ، قوى عظمى لهاعلاقاتها ومصالحها ومشاريعها الخاصة ، وان تلك قضايانا ونحن المعنيين بخوض معاركها وحشد ما نستطيع حشده من قوة سواء منها او من غيرها لتحرير هذه القضايا من قبضة الاحتلال ومن قبضة ازمات الحكم بالمنطقة التى انتهكت كرامة الانسان وحرياته وحقوقه وعلّقت تبعاتها على قضية فلسطين .

الثلاثاء، 17 مايو 2011

فى انتظار اوباما


                     يوم الخميس القادم تتجه انظار واسماع وعقول العالم العربى الى مقر وزارة الخارجية الامريكية حيث يلقى الرئيس اوباما خطابا حول سياسة امريكا تجاه الشرق الاوسط والاحداث الجارية فيه ، والخطاب فى هذا التوقيت وفى حصرية مخاطبته لأكثر منطقة ملتهبة فى العالم ومثقلة بقضايا مزمنة وشديدة الخطر على الامن والسلم الدوليين وعلى المصالح الحيوية القائمة بها والجارية عبرها ، تقف على رأسها القضية الفلسطينية ، يكتسب اهمية عظمى لأنسان المنطقة الذى اعياه العيش فى ظل واقع لم تق
الرئيس باراك أوباما خلال خطابه في القاهرة منتصف عام 2009، ارشيف
ف انتهاكاته عند حدود الارض اوحقوقه التى نادت بها المواثيق الدولية وانما طال حتى حقه فى الحياة سواء بسبب معتقداته او عرقه او رأيه ، ولأن امريكا القوى العظمى المنفردة هى سيدة هذه اللحظة التأريخية ، وان كثيرا من المواقف تعزى هذا الواقع المزرى الذى يعيشه انسان المنطقة الى سياساتها ، فثمة حاجة هنا الى القاء الضوء على زواياهها .

                     فتونى بلير رئيس الوزراء البريطانى الاسبق كان قد صرح عقب غزو العراق ، ان امريكا قد احكمت قبضتها على منطقة الشرق الاوسط ، مما يعنى ان حالة المنطقة فى خيرها وشرها معلقة فى هذه القبضة ، لكن التأريخ يشهد ايضا أن لأوروبا ابنية قائمة منذ ايام الاستعمار قادرة على الحركة بعيدا عن هذه القبضة ، وبالتالى فالحالة القائمة الآن بالمنطقة تبدو مصادرها شديدة الالتباس على الناظر اليها وثمة واجب اخلاقى هنا يلزم امريكا بطرح رؤيتها السياسية للمنطقة وللاحداث الجارية فيها بشفافية
تامة بغض النظر عن تبعات ذلك على احلافها الاستراتيجية او التكتيكية او تلك التى تمليها مصالح خاصة .

                     اما عالمنا العربى الذى يواجه انتفاضات غير مسبوقة لم تصل بعد الى غاياتها لا فى تونس ولا فى مصر ، وتبدو الحالة الليبية واليمنية والسورية ، منذرة  عند سقوط اطقمها الحاكمة بدورة جديدة  تحت ادارة الوجه الآخر لعملة ذات النظام  ،  فالاقصاء صار هدفا رئيسا لدى كل طرف ، و كل طرف يستقوى بخارج لا يهمه سوى الحصول على ما تملكه ارضه من موارد بأقل تكلفة ، فهذا العالم بأطرافه المتنازعة ، فى حاجة الى ان يحظى فى هذا الخطاب بادراك أن كفالة الحريات والحقوق والعدالة التى يحظى بها المواطن الامريكى ويتوق اليها نظيره العربى ، من المبادىء الملزمة للاعتراف بشرعية الحكومات وشرعية تعاملاتها مع العالم  .

                           

السبت، 14 مايو 2011

القذافى بديلا لبن لادن


                     هل يصير القذافى بديلا لأسامة بن لادن ؟

تبدو الاجابة على هذا السؤال غاية فى التعقيد ، فبالرغم من التقدم الملحوظ الذى احرزه المجلس الوطنى الانتقالى على الصعيد الداخلى والخارجى ، الا ان نهاية الحرب فى ليبيا تبدو غامضة فى نتائجها ، خاصة فيما يتعلق بمصير القذافى اذا تمكن الثوار من اسقاط نظامه واقتحام آخر معاقله ، فالرجل ومن خلال تعاطيه مع هذه الحرب وما يحكى عن ترسانته العسكرية ونوعيتها المعلومة لدى اسواق تجارة الاسلحة والغرابة التى احاطت بغيابها عن ميادين القتال او ربما عن ساحات الاعلام ، تثير من الاسئلة ذات القدر الذى تثيره من المخاوف .

                  ولكن امر هذه الاسلحة يبدو اخف خطرا اذا ما قورن بالقذافى ، فالرجل فى حد ذاته يبدو سلاحا فتاكا ومدمرا ، فحكمه لليبيا على مدى اربعة عقود من الزمان كان قد ربطه ابان الحقبة السوفيتية بأكثر التنظيمات ريديكالية فى العالم ، ويعلم البريطانيون جيدا علاقاته التى كانت قائمة مع الجيش الجمهورى وما خفى كان اعظم ، ولا شك ان ثمة خيوط قد ربطته بالألوية الحمراء وبادر ماينهوف والجيش الاحمر اليابانى فضلا عن عدد من المنظمات والخلايا الفلسطينية الثورية ، وبالرغم من ان هذه المنظمات والخلايا تبدو الآن فى ذمة التاريخ الا ان المال الذى بحوزته قادر على خلق مثلها وتوظيفها لحملة انتقامه المرتقبة اذا بقى طليقا وهو المرجح حتى الآن بعد ان فشلت الضربات الجوية التى استهدفته خلال الطلعات الفائتة .

                   اما اخطر اسلحته التى لم يتوانى فى الجهر بها والتى تبدو فى تقديرى احد العوامل التى دفعت الدول الاوروبية التى خاضت بثقلها فى هذه الحرب العمل على تصفيته متجاوزة بذلك قرار الامم المتحدة هى ، ان الرجل كان غارقا حتى اذنيه فى كثير من المؤامرات او لنقل المشاريع التى نفذت بالمنطقة بالاشتراك مع اطراف اوروبية رسمية كانت او غيرها بدءا من حادثة طائرة الخطوط الجوية البريطانية التى كان على متنها اعضاء انقلاب يوليو فى السودان بقيادة الرائد هاشم العطا وانتهاءا بمؤتمر القمة الافريقية الاوروبية الذى نجح القذافى فى اخراجه وفقا للارادة الاوروبية و مرر اهم اجندتها وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية التى سيصبح وللمفارقة اول مطلوبيها قريبا ، فقد هدد صراحة بكشف كواليس هذا التاريخ الطويل من التآمر ، وهو امر يبدو قريبا من طبيعته الخارجة عن المألوف ، فأذا كان قد بدأ بكشف عملية تمويل حملة ساركوزى الانتخابية الفائتة والتى جرّت معها برليسكونى ، فالقادم يبدو اخطر ومن شأنه ان يحدث تأثيرا كبيرا فى الخارطة السياسية لبعض بلدان اوروبا فى المستقبل القريب فضلا عن تأثيره على علاقاتها بالعالم العربى والاسلامى والافريقى .

                  من هنا تبدو امكانية الوصول الى تسوية بين طرفى النزاع فى ليبيا بوجود القذافى امرا مستحيلا رغم مناشدات الامم المتحدة ومساعى الاتحاد الافريقى وعدد من الدول ، فهدف الحرب الآن اصبح القذافى ، هكذا طالب المجلس الوطنى الانتقالى ، ولهذا تلاحقه الطلعات الجوية ، وهو ما دفعه للرد عليهم بأنهم لن يطالوه مهما فعلوا ، كأننا امام مشهد لمطاردة شبيهة بتلك التى طالت اسامة بن لادن .

الجمعة، 6 مايو 2011

المصالحة والسلام


                      فى ظل الاوضاع المتفجرة التى شهدتها وتشهدها الآن المنطقة العربية ، خرج الشعب الفلسطينى الذى تحمّل عبء هذه الاوضاع عقودا طويلة مناديا بأنهاء الانقسام بين فتح وحماس ، وقد كان شعار (الشعب يريد انهاء الانقسام) الذى هتفت به جموع الفلسطينيين بالضفة وغزة فريدا وسط الشعارات التى نادت بها الانتفاضات العربية ، فقد بدا واضحا لفظ الشعب الفلسطينى للانقسام مع التمسك بطرفيه ، ويبدو ان الدقة التى صيغت بها هذا الشعار كانت عاملا قويا فى انهائه بما وفره من طمأنينة لفتح وحماس كطرفين شرعيين مسئولين عن انهائه ، وربما كانت الارضية التى بنتها الجهود المصرية على يد مخابراتها احد العوامل التى عجّلت بأنهاء هذا الانقسام ولكن المؤكد ان الارادة الفلسطينية ممثلة فى كافة قواها السياسية والاجتماعية ادركت ان الانقسام بتداعياته القاسية التى طالت غزة ولم تنج منها الضفة ، كان كارثة حقيقية على القضية فأجتمعت على انهائه .

                      لاشك انه انجاز كبير ومفرح كونه اعاد لحمة وتماسك هذا الشعب الصبور من جديد ، ولكن فى غمرة هذا الفرح يجب ألا يغيب عن الوعى ان ثمة مطلوبات من شأنها ان تعيد الموقف الفلسطينى من عملية السلام الى ذات المربع الذى سبق عملية الانقسام ، فما ان انتهت مراسم التوقيع على الاتفاق حتى خرجت علينا الرباعية بشروطها ،  وخرجت علينا اسرائيل التى اخذتها الصدمة بهذيانها الذى اشترط لمواصلة المفاوضات مع السلطة الفلسطينية ، استمرار القطيعة مع حماس وتكريس حالة الانقسام الذى طالما تزرعت به عقبة امام الوصول لأتفاق نهائى مع الفلسطينيين .

                      من هنا يبدو ان القوى السياسية فى فلسطين امام تحد كبير للخروج بموقف عقلانى تجاه قضية السلام واقامة الدولة الفلسطينية وتجاه قضية الحفاظ على لحمة الشعب الفلسطينى وتجاه كفالة سبل عيشه وحرياته وحقوقه داخل اراضى السلطة بالضفة وغزة وفى الملاجىء ، وهو تحد يحتاج الى دعم ارادة بعضها البعض تجاه هذه الاهداف ويحتاج من قبل ومن بعد ان يدعم المجتمع الدولى هذا الاتفاق ، فوحدة الشعب الفلسطينى اساس الحل .

                     امنياتى للشعب الفلسطينى بدوام الوحدة وقيام دولته التى انتظرناها طويلا .

الثلاثاء، 3 مايو 2011

اسامة بن لادن


                       اسامة بن لادن اسطورة العصر ، لم ينته الجدل حوله وهو حىّ ولن ينته بعد موته لزمن طويل ، والعملية التى ادت الى قتله وحدها ستظل مثار جدل طويل وحتما ستلهم الكثيرين هنا وهناك لأنتاج ادبيات وفنون محاطة بزخم كبير سواء اكانت مع الرجل او ضده ، ولكن السؤال الذى يبدو اكثر صعوبة هو : كيفية تقبل هذا الانتاج فى ظل مصطلحات غاية فى الحساسية وباعثة على التوتر والصدام ؟ فما بين ثورى وجهادى وارهابى ، يجد المرء نفسه امام معضلة حقيقية ، فكل مصطلح من هذه المصطلحات الثلاثة يبدو منطبقا عليه حسب التعريفات الشائعة عن كل منها ، ولكن الحقيقة الثابتة التى لا جدال فيها ، ان الرجل عربى ومسلم ، وهنا تكمن علّة جديدة يواجهها العرب و المسلمون فى كيفية التعاطى مع خبر مقتله ، فديننا يلزمنا بذكر محاسن موتانا ، ومصطلح الارهابى احاطه بقدر وافر من حكايات القتل والتدمير تبدو معها ذكر هذه المحاسن طعنة نجلاء فى قلب ذوى الضحايا الابرياء الذين سقطوا جراء عملياته ، فضلا عن دخول القائلين بهذه المحاسن ضمن دائرة متهمى حرب الارهاب .

                       وقد تبدو هذه العلّة احد الاسباب التى تفسر حالة الصمت التى ضربت بأطنابها اوساط المنطقة فى اعلى مستوياتها السياسية  وايضا الدينية التى انشغلت بقضية دفنه بالبحر من ناحية شرعية ، القضية التى انقذتها من الخوض فى التعليق على خبر مقتله الذى شكّل انتصارا كبيرا فى الغرب المحتفى بذلك على اعلى مستوياته فى مجمل اصعدته ، الا ان هذه العلّة لم تمنع الكثيرين فى الاوساط الشعبية والشبابية الخروج علنا اثر خبر مقتله واقامة الصلاة لروحه فى مشهد يبدو فى احد وجوهه تعبيرا عميقا وصارخا لأعلاء توجه القطيعة مع الغرب الذى تبنته منظمة القاعدة ، الامر الذى يزيد دائرة الحرج اتساعا لقيادات المنطقة عند تعاملها مع الغرب .

                       فأسامة بن لادن فى تقديرى اصبح رمزا حقيقيا لقضية المنطقة الاولى ، وهى كيف تكون سبل تواصلنا مع الغرب ، هل بالمواجهة التى خاضها سنينا عددا ؟ ام بالبحث عن سبل جديدة لعلاقات تحفظ لأنسان المنطقة كرامته وحرياته وحقوقه فى مجمل ثروات بلاده التى كشفت ثورات المنطقة الاخيرة فساد ادارتها من قبل اكثر الحكام التصاقا بالغرب ؟

                       كواليس المنطقة العربية والاسلامية فى حاجة الى طرحها على الملأ ، فثقافة المنطقة الموروثة فى ادارة شئون الحكم ليس فيها حجب ، ومن حق المواطن العربى والمسلم ان يعلم كيف تجرى الحياة فى ظل النظام العالمى القائم و القابض على مكامن القوة ومناحى العلم ، وان يعلم ما تعنيه الشرعية الدولية على مصير الدول والحكام ، ومعايير تعاملها مع الآخر فى شتى المجالات ، فليس هناك ما يخيف من ذلك فتاريخنا الاسلامى ومنذ صدر الدعوة حافل بتجارب واسعة فى تعامله مع الآخر ، نظاما كان هذا الآخر ام دولة ام قومية ، فقوافله قد جابت العالم شرقا وغربا وطولا وعرضا متبادلة معه المنافع دون ان يؤثر ذك فى ديننا وثقافتنا .

                       اسامة بن لادن الآن بين يدى الله وهو احكم الحاكمين ، نرجو له المغفرة بمثلما نرجو لأسر ضحاياه الصبر والسلوان .  

الاثنين، 2 مايو 2011

الشيفرة النوبية


متحف السودان
                      غريب جدا تحفظ الباحثين فى الحضارة النوبية عن الخوض فى بعض مكتشفاتها التى تؤكد حقائقا مذهلة يحتاجها عالم مضلل لعصور طويلة ، والاغرب من ذلك مآلات البحوث والاكتشافات التى تمت على مدى اكثر من قرنين من الزمان ولا زالت تجرى على يد بعثات آثارية يقودها افضل علماء الآثار فى العالم ، والاكثر غرابة ان تظل المؤتمرات الخاصة بالبحث فى اسرار هذه الحضارة فى حالة انعقاد دورى ، متنقلة من مركز غربى الى آخر ومع ذلك تظل اوراقها اما طى الكتمان واما متداولة فى نطاق ضيق .

                      دان براون مؤلف ( شيفرة دانفشى ) بدا لى فى بعض فصول الرواية المرتكزة على فكرة الانثى المقدسة قريبا جدا من دخول منطقة الحضارة النوبية المحظورة ، او بمعنى اصحّ ، هاربا من اكثر بيّناتها صدقا فى التاريخ ، فالرواية بأحداثها المتصلة بأكثر الاعمال الفنية ابداعا فى التاريخ ( لوحة الموناليزا ) و ( العشاء الأخير ) وربطهما ببراعة مدهشة وممتعة للغاية بفكرة الانثى المقدسة ودورها فى حياة السيّد المسيح عليه السلام ، كنت سعيدا من فرط يقينى بأن الرواية حتما ستصل بنا ولو بعد حين الى اللوحة الجدارية الموجودة بمدخل متحف السودان القومى وتلك التى تصوّر السيّدة مريم العذراء عليها السلام وهى تحمل السيذ المسيح طفلا وتقدمه لملكة نوبية كلوحة تبدو الوحيدة و الأكثر تعبيرا لفكرة الانثى المقدسة ، فالقداسة فى اعلى تعبير لها تجسّدت فى السيّدة مريم العذراء عند ولادتها السيّد المسيح ، واللوحة التى تضفى على قداسة السيّد المسيح بجانب قداسة امه العزراء عليها السلام ، قداسة ملكة نوبية يكفى حضور السيّد المسيح وهو طفل بين يديها دلالة لما لهذه الانثى الملكة من قداسة وتبدو اللوحة الاكثر تعبيرا لفكرة الانثى المقدسة والاكثر تعبيرا لدورها فى حياة السيد المسيح .

                     من زاوية اخرى ، كانت ممالك النوبة من اكثر ممالك التاريخ التى تربع على عرشها النساء ، مما يعنى انها الارض الى نبعت منها فكرة الانثى المقدسة التى دارت حولها رواية ( شيفرة دافنشى ) ولكن دان براون لا يختلف








هنا كثيرا عن الباحثين فى الحضارة النوبية الذين سبقوه وهربوا من كثير حقائقها بنسبتها اما للحضارة الفرعونية - الصورة الكبرى للحضارة النوبية - او لحضارات الشرق التى يحتاج تاريخ غزواتها لمصر وللسودان مزيدا من التحليل والدراسة حول اصل منبع الحضارة خاصة بعد طوفان سيدنا نوح عليه السلام .

                      كل هذا الغموض الذى تفنن واحترف تغطية آثار وتأثيرالحضارة النوبية على حياة البشرية ، يجعل ابناءها اكثر اعتزازا بها ، وحتما سيجىء ذالك اليوم الذى يكتشف العالم فيه ان اناسا هنا تحملّوا اعباءا كبيرة وقدموا تضحيات عظيمة فى سبيل رقى وتقدم الانسان .

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...