الثلاثاء، 3 مايو 2011

اسامة بن لادن


                       اسامة بن لادن اسطورة العصر ، لم ينته الجدل حوله وهو حىّ ولن ينته بعد موته لزمن طويل ، والعملية التى ادت الى قتله وحدها ستظل مثار جدل طويل وحتما ستلهم الكثيرين هنا وهناك لأنتاج ادبيات وفنون محاطة بزخم كبير سواء اكانت مع الرجل او ضده ، ولكن السؤال الذى يبدو اكثر صعوبة هو : كيفية تقبل هذا الانتاج فى ظل مصطلحات غاية فى الحساسية وباعثة على التوتر والصدام ؟ فما بين ثورى وجهادى وارهابى ، يجد المرء نفسه امام معضلة حقيقية ، فكل مصطلح من هذه المصطلحات الثلاثة يبدو منطبقا عليه حسب التعريفات الشائعة عن كل منها ، ولكن الحقيقة الثابتة التى لا جدال فيها ، ان الرجل عربى ومسلم ، وهنا تكمن علّة جديدة يواجهها العرب و المسلمون فى كيفية التعاطى مع خبر مقتله ، فديننا يلزمنا بذكر محاسن موتانا ، ومصطلح الارهابى احاطه بقدر وافر من حكايات القتل والتدمير تبدو معها ذكر هذه المحاسن طعنة نجلاء فى قلب ذوى الضحايا الابرياء الذين سقطوا جراء عملياته ، فضلا عن دخول القائلين بهذه المحاسن ضمن دائرة متهمى حرب الارهاب .

                       وقد تبدو هذه العلّة احد الاسباب التى تفسر حالة الصمت التى ضربت بأطنابها اوساط المنطقة فى اعلى مستوياتها السياسية  وايضا الدينية التى انشغلت بقضية دفنه بالبحر من ناحية شرعية ، القضية التى انقذتها من الخوض فى التعليق على خبر مقتله الذى شكّل انتصارا كبيرا فى الغرب المحتفى بذلك على اعلى مستوياته فى مجمل اصعدته ، الا ان هذه العلّة لم تمنع الكثيرين فى الاوساط الشعبية والشبابية الخروج علنا اثر خبر مقتله واقامة الصلاة لروحه فى مشهد يبدو فى احد وجوهه تعبيرا عميقا وصارخا لأعلاء توجه القطيعة مع الغرب الذى تبنته منظمة القاعدة ، الامر الذى يزيد دائرة الحرج اتساعا لقيادات المنطقة عند تعاملها مع الغرب .

                       فأسامة بن لادن فى تقديرى اصبح رمزا حقيقيا لقضية المنطقة الاولى ، وهى كيف تكون سبل تواصلنا مع الغرب ، هل بالمواجهة التى خاضها سنينا عددا ؟ ام بالبحث عن سبل جديدة لعلاقات تحفظ لأنسان المنطقة كرامته وحرياته وحقوقه فى مجمل ثروات بلاده التى كشفت ثورات المنطقة الاخيرة فساد ادارتها من قبل اكثر الحكام التصاقا بالغرب ؟

                       كواليس المنطقة العربية والاسلامية فى حاجة الى طرحها على الملأ ، فثقافة المنطقة الموروثة فى ادارة شئون الحكم ليس فيها حجب ، ومن حق المواطن العربى والمسلم ان يعلم كيف تجرى الحياة فى ظل النظام العالمى القائم و القابض على مكامن القوة ومناحى العلم ، وان يعلم ما تعنيه الشرعية الدولية على مصير الدول والحكام ، ومعايير تعاملها مع الآخر فى شتى المجالات ، فليس هناك ما يخيف من ذلك فتاريخنا الاسلامى ومنذ صدر الدعوة حافل بتجارب واسعة فى تعامله مع الآخر ، نظاما كان هذا الآخر ام دولة ام قومية ، فقوافله قد جابت العالم شرقا وغربا وطولا وعرضا متبادلة معه المنافع دون ان يؤثر ذك فى ديننا وثقافتنا .

                       اسامة بن لادن الآن بين يدى الله وهو احكم الحاكمين ، نرجو له المغفرة بمثلما نرجو لأسر ضحاياه الصبر والسلوان .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...