الجمعة، 17 أغسطس 2012

اسانج مرة اخرى

   

                    لا تزال محنة جوليان اسانج مؤسس موقع ويكيليكس قائمة ، وتبدو اختبارا جادا للمبادىء والقيم والمواثيق المتعلقة بالأعلان العالمى لحقوق الانسان ، والتى شكلّت المعيار الذى بموجبه ظلّ الغرب بحدد شكل علاقاته مع الدول والانظمة والحكام ، فالموقف البريطانى القائم حاليا والمتحدى للأعراف الدبلوماسية يأصراره القبض على جوليان اسانج المقيم حاليا بسفارة الاكوادور بلندن بعد حصوله على موافقتها بمنحه حق اللجوء السياسى ، يمتد اثر انتهاكاته الى مبدأ اللجوء نفسه الذى شكّل على مر العصور احد الخيارات المضمونة للافراد والجماعات لحماية حياتهم من عسف الحكام او ضغوطات الحياة فى بلادهم .

                     فبغض النظر عن البلاغ الجنائى الذى يواجهه مؤسس ويكيليكس فى السويد ، ومع الاقرار بضرورة التمسك بمبدأ ان يأخذ القانون مجراه فى القضايا الجنائية ايّا كانت صفة الشخص محل الاتهام ، الا ان الظروف التى احاطت بهذه القضية تجعل من الموقف البريطانى والسويدى المتشدد ازاء القبض على جوليان اسانج يفيض بشبهة سياسية يبدو معها الاتهام الجنائى آخر اهتماماتهم ، والا فما الذى يمنع ان تسمح بريطانيا بتكملة اجراءات لجوئه ومن ثم تضغط مع حكومة السويد على الاكوادور لأتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة فى البلاغ محل هذا النزاع وتوقع العقوبات اللازمة عليه اذا ثبتت ادانته وتنفذ بالأكوادور ؟

                     تعقيدات هذه القضية تتجلى فى حساسية المبادىء والقيم والحقوق التى تحيط بها ، واى تجاهل او تجاوز لأى منها يطعن بشدة فى احدها وفى الضمير ، فمبدأ حق فتاة السويد التى زعمت اغتصابها يقتضى ان تأخذ الأجراءات الجنائية مجراها الى ان تبين حقائق تهمة الاغتصاب وحتى لا يفلت جوليان اسانج من العقوبة اذا ثبتت ادانته تحت زريعة البعد السياسى الناتج من تداعيات نشره لوقائع كواليس الدبلوماسية الامريكية ، وهى مسألة تقتضى فصلها فى الحالة القائمة الآن عن مسألة حقه فى اللجوء ، لسبب بسيط وهو ان اللجوء لا يمنع اتخاذ الاجراءات اللازمة لحماية حق فتاة السويد .

                     يجب على الضمير العالمى ان يتحرك بجدية لحماية حق اللجوء بالسماح بتكملة اجراءات لجوء جوليان اسانج للأكوادور ويواصل تحركه مع حكومة الاكوادور لحماية حق فتاة السويد فى معاقبته اذا ثبتت صحة اتهامها .

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...