الخميس، 2 مايو 2024

الامارة الضائعة

                       مؤتمر باريس الاخير الذى انعقد تحت رعاية فرنسا للاسهام فى رفع المعاناة الانسانية التى وصفت من قبل المهتمين باوضاع الحرب فى السودان عامة ودارفور بصفة خاصة ، بانها الأسوأ والمنذرة باوضاع موغلة فى توحشها ، هذا المؤتمر الذى بدا كأنما غبار غزوة دورتى بين سلطان المساليت وجيش فرنسا الاستعمار ى تغطيه من بدايته وحتى نهايته ، يعكس بجلاء ان اكبر الخاسرين فى هذه الحرب هم المساليت ، هؤلاء القوم اصحاب الامارة الثرية بأرضها المعطاءة زرعا وضرعا ومعادنا نفيسة واناسا منتجين ، لذا لم يدهشنى موقف السلطان بحر الدين الذى وصفه بأنه مصمم لفصل دارفور ولا يسهم حتى فى دفن الموتى على قارعة الطريق ، انه بالفعل السلطان بحر الدين نسخة الالفية الثالثة ، والمؤتمر نسخة ثانية من غزوة دورتى والتى تصدى لها ببسالة وصمود دفاعا عن ارضه وحرياتها وسيادتها ، هذا الموقف البطولى للسلطان انذاك ظل مفخرة احتضنتها الاغانى التى تهز الوجدان هزا ، ونحن الان امام موقف جديد يستدعى بقوة اعادة مشاهد الحرب فى دار اندوكا سلطنة المساليت لرؤية غزوة دورتى المختبئة بين الفظاعات والبشاعات التى ارتكبت فيها انتقاما لهزيمة قديمة ، واخلاءا لأرض تستطيع ان تسند اكبر الاقتصاديات المتعثرة والمتلهفة فى هذا الزمن للموارد .

                          سلطان المساليت كان قد خير ابان الهجمة الاستعمارية بأن يظل امارة مستقلة او الانضمام الى تشاد او الانضمام الى السودان ، فأختار الرجل طوعا الانضمام للسودان لفترة مائة عام يقرر بعده مصيره فى الخيارات التى طرحت عليه ، ويبدو ان هذا الاختيار والذى طعن فرنسا انذاك طعنة نجلاء قد ارتدت على حاكمها خميس ابكر عدة طعنات وسحلا متوحشا .

                      هذه الحرب التى تدور فى السودان الان فيها اكثر من طرفين ، وكل طرف من اطرافها لديه تأريخ من ضغائن ، وكل معركة تدور فيه ملأى باياد داخلية وخارجية متعطشة لدماء فى هذا الانجاه او ذاك ، اطراف لا يوحدها خطاب او هدف ، بعضها يسعى للتحرير كما يدعى وبعضها يسعى للتدمير كما شهدنا وبعضها يسعى للنهب والسلب و واخرون يديرون الملعب باحترافية عالية فى انتظار لحظة الانهاك الاخيرة ليقضوا على وطن هنا كان اسمه السودان.

                        

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...