الاثنين، 28 يناير 2013

مصر والتنافس الاقصائى


                       الازمة فى مصر غاية فى التعقيد والخطورة ، ويتصدر مشهدها الدامى الآن الازمة السياسية ، واكثر ملامح هذه الازمة السياسية خطرا على امنها واستقرارها ، هى حالة التنافس الاقصائى التى اصبحت اشبه بعقيدة راسخة فى حراكات قواها السياسية حاكمة ومحكومة ، وعليه لم يكن مفاجئا ان يأتى تعاطى السلطة الحاكمة بثوبها الاسلامى مع انفجار الشارع المصرى بعقلية امنية صرفة حملها خطاب الرئيس محمد مرسى ليلة الامس ، وقد يبدو مفهوما ان يخص محافظات قناة السويس بأجراءات امنية اكثر شدة نظرا لما تشكله الملاحة فى هذا المجرى المائى من آثار كبيرة على مصالح اقليمية ودولية لن تتوانى فى التدخل لتأمين مجرى مصالحها هذا بأى شكل من الاشكال وما حرب 1956 ببعيدة ، ولكن هذه الاجراءات لن تكفى لتأمين الملاحة فى هذا المجرى المائى الهام حتى لو تدخلت القوى الاقليمية والدولية صاحبة المصالح الجارية عليه طالما ان الشعب المصرى فى مدن القنال الثلاثة فى حالة غليان من اوضاعه السياسية وما تولّد عنها من ازمات على الصعيد الاقتصادى والاجتماعى والامنى ، وبالتالى فأن تيار الاسلام السياسى الحاكم فى مصر امام محك غاية فى الصعوبة ، او فى حقيقة الامر امام اختبار شديد القسوة ، ليس فيما يختص بأسلوب ادارته لشئون البلاد فحسب وانما فى احتمال اضاعته للفرصة الوحيدة التى اوصلته للسلطة رغم الظروف الملتبسة التى احاطت بهذه الفرصة .

                        قد تبدو حالة التنافس الاقصائى الواضحة فى الخطاب السياسى المصرى بشقيه الحاكم والمعارض والواضحة بشكل عملى فى سياسات تيار الاسلام السياسى التى برزت فى مستهل حكمه ، وابرزها الاسلوب الذى انجز به الدستور بدءا من لجنة صياغته وانتهاءا بالاستفتاء ، وما افضى اليه من احتقان حاد فى الشارع المصرى ، قد تبدو هذه الحالة ، هى عدو مصر الراهن بصفة عامة ولكنها بلا شك العدو الاكبر للتيار الاسلامى ، اذ من شأنها ان تنسف جهودا سعت حثيثا ليحتل مكانا فى الشارع السياسى المصرى لما يقارب القرن من الزمان ، وبعد ان هيأت له ثورة 25 يناير هذه الفرصة ، وبعد ان وجد قبولا فريدا من القوى الثورية التى صعدت به الى رئاسة الجمهورية التى لم يكن يطمح اليها بادىء الامر ، كان من الحكمة ان يتسم بسعة الافق ويمسك بهذه اللحظة الفالتة فى التأريخ ليدعم قبوله فى الشارع المصرى بأصطحاب قوى الثورة التى صعدت به لآدارة شئون البلاد بدلا من السعى المحموم فى الامساك بمفاصل الدولة لتعزيز موقفه الاقصائى فى الساحة السياسية  .

                        فرصة الحل فى تقديرى لا تزال قائمة بقوة ولا تحتاج سوى تحلى جميع الاطراف بالثقة واحترام حق كل طرف فى الاسهام فى ادارة شئون بلاده وفقا لبنيات النظام الديمقراطى المعلومة والعودة بمصر الى لحظة اعلان فوز الدكتور محمد مرسى بالرئاسة ليبدأ منها شروع كافة القوى السياسية فى اجراءات تحوّل ديمقراطى حقيقى بدءا من الدستور وانتهاءا بأنتخابات مجلسى الشعب والشورى ، على ان تضطلع نخبة منهم بمعالجة تداعيات الازمة الاقتصادية والامنية .

                         مصر تستحق ان تنعم بالامن والاستقرار ، وتستحق بحكم تأريخها الطليعى ان تنعم بنظام ديمقراطى حقيقى ، وتستحق ان تسترد من كافة ابنائها بمختلف الوان طيفهم السياسى والدينى ما اخذوه منها وتركوها تغلى من جرائه ، مصر تستحق ان تعيش حرة بلا وصاية من احد او جهة ، ومصر تستحق كل خير ، هكذا اراد رب العالمين ( ادخلوها بسلام آمنين )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...