الثلاثاء، 27 نوفمبر 2012

السلطة المنكرة


                         الاعلان الدستورى الذى اصدره الرئيس محمد مرسى وركّز بموجبه السلطات الثلاث فى يده ، يدعو للحيرة والدهشة والذهول ، خاصة حينما يصدر من رئيس منتخب ينتظر منه ملا يين المصريين ان يستكمل كافة بنيات التحوّل الديمقراطى ، فيفاجئهم والعالم معهم بأعلان دستورى لا يمكن له ابدا ولا بأى حال من الاحوال ان يكون تأسيسا لحياة ديمقراطية تتطلع لصون الحريات والحقوق واقامة العدل ، وما يدعو للحيرة والدهشة والذهول ، ان يسمح رئيس منتخب فى اطار ديمقراطى لمستشاريه سواء اكانوا سياسيين او قانونيين ان يصنعوا منه مشروع طاغية ، تتمركز فى يده سلطة مطلقة يعرفها الفكر الانسانى فى ادنى درجاته الساذجة بالسلطة المنكرة ، ويحتشد التاريخ بنمازج مهولة تدل على فسادها .

                           قد يبدو مفهوما ان يواجه تعقيدات كبيرة فى مستهل فترته الرئاسية بحكم انتمائه لتنظيم يخشى الكثيرون فى العالم العربى والاسلامى من مشاريعه التى بدت وبحكم التجارب الخاطئة التى سبقته اقرب الى هجمة على المجتمعات بدلا من مشاريع تعنى بنهضة انسانها ، فالمخاوف المحيطة بحركة الاخوان المسلمين وتيارات الاسلام السياسى كانت تستوجب منه ومن اشار عليه ان يستثمر فرصة صعوده الديمقراطى ليطمئن غالبية مكونات المجتمعات العربية والاسىلامية بنواياه وقدرته  على صون حرياتهم وحقوقهم وعلى بسط العدل والانصاف فى حياتهم حتى لو اضطر الى اصدار آلاف القرارات بدلا من هذا الاعلان الدستورى الذى اكد وضاعف كل المخاوف التى ظلت تحيط بحركات الاسلام السياسى .

                          فى تقديرى الخاص ان معظم منسوبى هذه الحركات خرجت من شرائح فى مجتمعات عالمنا العربى والاسلامى ظلّت تتوارث الفقر والحرمان والمرارات جيلا اثر جيل ، وظلّت تكتوى بنيران الظلم والقمع والاستبداد على مر الازمان ، وانهم وبموجب ما خاضوه من تجارب ، كان من المفترض ان يكونوا الاكثر حرصا على بسط قيمة الحرية والمشاركة وسيادة حكم القانون
دع عنك ان تبنيهم للدين الاسلامى الذى جاء بأعظم الحريات واكثرها اتساعا ، واعلى قيم الحق والعدل والانصاف ، ودعا الى الاحسان والمجادلة الحسنة ، كان كفيلا بأن يستعجلهم بالمبادرة بذلك قبل غيرهم من القوى السياسية ، وان ينأى بهم من هذه المسالك التى ذاقوا ويلاتها .

                        الرجوع للحق فضيلة ، وانها لفضيلة كبرى ان يصدر اعلانا بذلك ، ويتشرف كأول رئيس مصرى منتخب منذ اكثر من نصف قرن تتم على يديه صون السلطات الثلاث من اى تغوّل ، وكأول رئيس مصرى منتخب تستكمل على يديه بنيات التحوّل الديمقراطى ، ليحفظ التاريخ له ولحذبه فضيلة الحفاظ على مصر آمنة مستقرة فى زمن تحيط فيه المخاطر بالمنطقة من كل جانب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...