تغرب الشمس وتودع لهيبها لمواطن الغياب ، يأتى الليل مترنحا من مخابئه الداكنة خلف الشمس ، يأتى محمّلا بأوجاع الرحيل والبعاد والسفر والاغتراب ، ويلقى بمحمولته على قلب العاشقين ، يستيقظ القلب المسكين مثقلا بالحمى والألم ، ويصرخ : من يستدرج هذا الليل البهيم الى حافة العالم ويشق له طريقا الى العدم ؟ .
الليل مصباح الكون الاسود ، يضىء لك زينة السماء الغاربة فى الصباحات والنهارات الهجير ، ما يؤلمك ليس الليل ، انه الغياب ، ولو كان الغياب رجلا لقتلته ، فالغياب عقاب ، كل منا يحمل قائمة بالعقوبات التى اوقعت عليه بسبب الغياب ، فى المدرسة وفى العمل وفى التشكيلات الاجتماعية التى ينخرط فيها ، بعضها تظل جروحا غائرة وبعضها تدفعك للضحك والتبسم ، وكلها عقوبات نعرف مصدرها ومنفذها ألا العشق .
الغياب فى العشق هو العقوبة الأكثر ألما ، هو العقوبة مجهولة المصدر والمنفذ ، عقوبة تصلى البدن بالحمى وتذهب بالعقل بعيدا بعيدا ، واذا لم تتمرد عليها تملّكتك تماما ، وما أهون التمرّد على عقوبة الغياب فى العشق ، ارفع رأسك الى السماء وبث شكواك الى نجمة بعيدة واوجز بقدر ما تستطيع . ايتها النجمة العالية المعطونة فى الضوء ، المنتفضة بين رمشة ورمشة بالأضواء :
الغياب عذاب
وفى لحظة انتهائك من نطق آخر حرف فى العبارة ، ستكتشف ما فاتك فى ملحمة الألم والعذاب ، وستصرخ فرحا : الصلاة .. الصلاة.. الصلاة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق