الأربعاء، 24 أكتوبر 2012

نوم العوافى


                   لفت انتباهى وانا اتابع قناة امدرمان مساء الامس ، خبر مفاده ان السيد محمد عثمان الميرغنى قد قابل رئيس الجمهورية ببيت الضيافة وتناول اللقاء اوضاع البلاد الراهنة دون اى تفاصيل ، و انتابنى شىء من القلق والخوف ، فالسيّد محمد عثمان الميرغنى بما يمثله من ثقل دينى له امتداداته الاقليمية داخل القارة وخارجها ، وبحكم علاقاته الاقليمية والدولية المميزة ، وبحكم حضوره الطويل فى قلب اللعبة السياسية بالسودان بثنائية تقلباتها ما بين نظام عسكرى ونظام ديمقراطى ، يبدو مؤسسة قائمة بذاتها ، مؤسسة تعادل دولة ، لا اشك فى وعيه السياسى وتقديراته الصائبة لأوضاع البلد ، وان يقوم دون مقدمات بمقابلة رئيس الجمهورية  يعنى ان ثمة امر جلل قد وقع او على وشك الوقوع وهذا بالضبط ما انتج قدرا كبيرا من  القلق والخوف  .وكغالبية من السودانيين الذين اعتادوا ان يرمون القلق والمخاوف خلف ظهرهم وينامون نوم العوافى ،  استيقظت صباح اليوم على قصة انفجارات مصنع اليرموك وامتداداتها بما فى ذلك ما اضافته المخيلة السودانية بحبكاتها المتقنة ، وبعيدا عن اى اضافات جديدة لهذه القصة سواء تلك المستقاة من تصريحات سابقة لمسئولين حملت من المحاذير ما حملت او تلك المستقاة من وقائع قريبة وغريبة والتى شكّلت فى مناخ الوطن الملبد بالغيوم الداكنة لوحة مرعبة ومنذرة بالمثير الخطر ، بعيدا عن كل هذا ، فأن الوطن بما يعتمل من قضايا لا تخفى مخاطرها على احد ، لم يعد مكانا للحالمين او المغامرين او المغيبين او الذين اخذتهم العزة بالاثم ، الوطن الآن اصبح حقيقة عارية فيها من الألم مقدار ما فيها من الرعب ، وفيها من الأمل مقدار ما فيها من يأس ، فيها الشىء ونقيضه ، فالوطن الان امام اختيار صعب ، اما ان يكون وطننا الذى الفناه بجماله وجمال عقلائه على مختلف مشاربهم واما ان يكون وطنا متماهيا مع جنون المنطقة التى انتجت ولا زالت تنتج من البشاعات ما ادمى الضمير الانسانى .

    وما حدث بالأمس سواء اكان بفعل فاعل كما اشارت بعض الروايات او كان نتيجة لخلل فنى او اهمال او غيره كما تميل بعض الروايات الرسمية ، يبدو فى احد وجوهه رسالة عنيفة يكفى مشهدها الذى نقل ذالك الجزء من الخرطوم الى احد احياء دمشق الغارقة فى الجحيم ، فالحذر الحذر من الانزلاق الى تلك المهاوى التى تفتح ذراعيها دون تمييز لأحد ، فلا الحاكم ولا المحكوم سيسلم منها ، لا الطامحون فى السلطة ولا المستميتون فيها سيسلمون ولا السلطة نفسها ستسلم ، الكل سيكون فى قاع عبارة عن مخاضة فى الدماء ، ما حدث بالأمس ايا كان مصدره ، صرخة فى اذن النائمين نوم العوافى ان استيقظوا قبل ان يأخذكم طوفان العنف الذى يحوم حول المنطقة بأثرها ، فلسنا بمعزل عن مساره طالما ان قدر القضايا المعلّقة تمتد على جانبى طريقه صفوفا يدفعها الظلم المتراكم و الغبن المتراكم شوقا لأستقباله .

                    ايها السودانيين ، استيقظوا واستمعوا لصوت عقلائكم ، حمى الله السودان من كل شر .



              
                   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...