.
تجىء اليوم ذكرى ثورة 21 اكتوبر 1964 وبلادنا تعتمل بقضايا اى واحدة منها تساوى اضعاف اضعاف القضايا التى فجّرت ثورة اكتوبر المجيدة ، وفاقتها خطرا واضرارا بجسم هذا الوطن الحبيب وانسانه ، وعلى مدى ما يقارب نصف قرن من الزمان ظلّت ذكرى هذه الثورة فى الوجدان السودانى حيّة ونابضة ، تتوهج مثل ليلة عرس كلما ضاق الشارع بضغوط الحياة وخطل السياسة ، بل ظلّت فى الوجدان السودانى مثل اغنية قديمة حبيبة متى لامست انغامها وترا عميقا فى النفس ايقظت كل فوران العشق والشوق ، عشق لأيام كان فيها الوطن فوق كل امنية وفوق كل فكرة وفوق كل مصلحة ، وكانت لياليه لباسا للفرح وليس محابسا مع الهم والكرب والاحباط ، هى بالضبط استقرت فى وجدان هذا الشعب العظيم نداءا مقدسا متى دعى الداعى تجده قد صدح فى كل بيت وكل حى وكل مدينة بنشيد يحرك حنينهم الى الشوارع والساحات .
يا له من شعب عظيم ، وفريد فى عظمته ، فمن بين كل ثورات الشعوب لم نشهد انتصارا كالذى حققه فى 21 اكتوبر 1964 ، وبشهداء لم يتجاوز عددهم اصابع اليد الواحدة ، وشوارع نظيفة الا من متاريس او شعارات على الجدران ، وحين اقارنها الآن بمهرجانات القتل والمجازر والدمارالتى اقامها تتار الالفية الجديدة على ضفتى بحر الجنون الذى يطوّق بعض دول المنطقة الآن ،
اصرخ بكل الخيلاء التى عرفها الانسان يوما ، احبك يا شعبى .
لقد علّمتنى ان الوعى هو سيّد الانتصار ، لا السلاح ولا الكراهية ولا الانتقام سيحقق لى نصرا ، وعلّمتنى ان العنف والقمع والسجون ليست بقادرة ان تقف فى طريقك حين تمسك بتلك اللحظة الحاسمة التى تعبر بك الى التغيير الذى تنشده آمنا سالما ،
علمتنى ان السلام حين يكون رفيقك فى درب الثورة سيكون رفيق خصمك فى اتجاهه المعاكس لك ، والغلبة حينها لمن معه الحق لا القوة ، لمن معه الوطن بأهله اجمعين لا المؤسسات ، لمن معه الله هاديا ومرشدا لا لمن معه حاكم جائر .
اكتوبر لا يزال حيّا فى وعى هذا الشعب العظيم ، ومتى حانت تلك اللحظة المناسبة سنجده متكئا على كل شارع وكل ساحة وهو ينشد نشيده المقدس عن الحق والحرية ، عن العدل والسلام .
كل سنة وانت بألف ألف خير ايها الوطن الحبيب ، وكل سنة وانت بألف ألف خير ايها الشعب العظيم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق