الخميس، 18 أكتوبر 2012

كف العفريت


                    حذر سلفا كير رئيس دولة جنوب السودان جيشه من الانقلاب ضده ، مبينا انه سيفتقد للشرعية لأستحالة حصوله على أعتراف اقليمى ودولى ، اى سيكون  انقلابا فى كف عفريت ، سيتلاعب به يسارا ويمينا وشمالا وجنوبا ثم ينكفىء به على ارضه حربا ضروسا لن تلبث نيرانها ان تمتد فى كل الاتجاهات متجاوزة كل الحدود ، ولقد صدق سلفا كير فى تحذيره حتى وان كانت دواعى الانقلاب دوافعا حقيقية يفرضها واقع دولة الجنوب المزدحم بقضايا ثقيلة على دولة وليدة ، فلقد ظلّت القوى الاقليمية بدءا من الايقاد مرورا بالاتحاد الافريقى وانتهاءا بالامم المتحدة وما بينها من قوى دولية ، تبذل فى جهود جبارة لأيقاف الحرب وابعاد شبحها بين الدولتين حتى تكللت مساعيها بأتفاق اديس ابابا الاخير والذى فتح ابوابا للأمل فى ان يقود مستقبلا علاقات البلدين الى وضعها الطبيعى .

                  فالأنقلاب فى هذا الوقت يعنى تحديا لأرادة هذه القوى مجتمعة ، ويعنى رفضا لأتفاق ابعد حربا كانت وشيكة ويعنى نتيجة لذلك اتجاها لأعادة شبح الحرب ليخيّم ثانية بين البلدين ، فهذه اسباب كفيلة بأن تثنى اى مغامر من التفكير فى الاستيلاء على السلطة بقوة السلاح ، فضلا عن ان السلطة فى حاضرنا الراهن لم تعد تستقيم وتستديم الا فى ظل نظام ديمقراطى له ادواته العادلة والنزيهة المفضية اليها ، كما ان السلاح الذى يأتى بالسلطة يمكن ان ينتزعها ايضا ولكن بتكلفة عالية .

                   ومع ذلك فأن التحذير وحده لا يكفى لردع من يقفون وراء التخطيط للأنقلابات ، وانما يجب ان يتسلّح الحاكم الديمقراطى بقوى شعبه بأعتبارها السلاح الامضى فى مواجهة الانقلاب ، وقوى الشعب اى شعب لن ترضى ان تكون سلاحا فى يد حاكم لا يحترم حقوقها فى الحريات العامة والعدالة الاجتماعية وادارة مواردها بعدالة وشفافية ، فهذه هى الملفات التى تحتاج اى حكومة ان تديرها بالحق والعدل لتضمن رضا شعبها ووقوفه الى جانبها .

                    اتمنى ان تتخطى حكومة الجنوب ازماتها الحالية ، وتتفرغ لخلق حياة كريمة وآمنة لأنسانها الذى رزح تحت ويلات الحروب والقهر والجوع والمرض والجهل عقودا طويلة لم يسلم من تبعاتها انسان الشمال طوال تلك العقود فاصابه منها نصيب جعله يحتل موقعه بجدارة فى كف عفريت الانقلابات الذى يتهددكم الآن .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...