الثلاثاء، 28 ديسمبر 2010

خم الرماد


                     ( خم الرماد ) هو مصطلح العاصين بالسودان ، و يتم تداوله بكثرة كلما تبقى لشهر رمضان الفضيل يومان على الاكثر ، وبتفصيل ادق ، هو اليوم الذى يختم فيه العاصون آخر معاصيهم بشراهة غير معتادة لينخرطوا بعدها فى الصيام والقيام بصرامة تجعل المرء يظن انهم قد تركوا متاع الدنيا مرة والى الابد ، وليس هذا مقصدى هنا ، ولكن المصطلح بدا لى مناسبا مع نهاية ميزانية العام 2010 ، آخر ميزانية من المرجح ان يشهدها السودان الموحد ، ويخيّل الىّ ان ثمّة خم رماد سينتظر خزائنها قبل ان يودع العام المالى آخر بقراته الحلوب لينخرط فى السنة القادمة فى صيام من ذلك النوع الذى تصوم فيه وتفطر على فول حاف ، وليس هذا مقصدى هنا ايضا .

                     ما اقصده هنا ان حكومة المؤتمر الوطنى المحمومة بما صنعته يداها و بما صنعته غيرها من الايادى فى حق هذا الوطن ، تبدو فى ختام عامها المالى غارقة فى خم رماد من النوع الذى لا يجدى بعده صيام او قيام فى ازالة معاصيه ، واهم هذه المعاصى الذى سيظل  حبلا من خزى وندامة معلقا على جيدها فى الدنيا والآخرة ، هو انتهاكها المريع لحقوق المفصولين .

                    واكثر ما يدعو للأسف والاسى ، ان القوى السياسية بما فى ذلك الحركة الشعبية قبل نزوعها الاخير للانفصال كانت قد تبنت قضية المفصولين ضمن اولوياتها فى مطالباتها مع حكومات المؤتمر الوطنى للدرجة التى دفعت المؤتمر الوطنى نفسه ان يتبناها كقضية من ضمن القضايا التى تستوجب الحل والمعالجة ، ألا ان هذا التبنى كان ( هو السراب .. دليل الحائرين الى الماء البعيد ) فقد جاء تنصل الجميع منها اعلانا فاضحا بأن المتاجرة بحقوق الناس فى هذا الوطن صارت اكثر الكروت ربحا فى لعبة السياسة .

                     العدل هو اساس الحكم ولكن يبدو ومن خلال مسيرة هذه القضية الطويلة ان العدل كما قال محمود درويش ( هو ما يتبقى من كرم القوة ) ويبدو ان بلادنا قد فقدت القوة والكرم ولم يبق للمفصولين سوى خم رماد حقيقى عسى ولعل يعثرون فى طياته على وميض نار تشعل فى ضمير القابضين على السلطة شيئا من حياة ومن حياء . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...