الاثنين، 31 يناير 2011

( شعب عربى كريم )


        ( الاهداء
                 الى كل من وضع لبنة فى تشييد صرح النهضة الادبية . الى النفوس الطامحة للرقى والتقدم والفلاح ، الى القلوب النابضة بحب البلاد ، الى الضمائر الحية النقية ، الى المخلصين الاوفياء ، الى القائمين بواجب الجامعة القومية ، والرابطة السودانية بل الى شباب البلاد الناهض وزهرته اليانعة
                 بسم الله الرحمن الرحيم ( البلد الطيب يخرج نباته بأذن ربه ) الآية قرآن كريم .
                 شعب عربى كريم يدين بالدين الاسلامى الحنيف . دين الاخاء والحرية والمساواة هطلت عليه من سماء العلم قطرات انعشت كمين روح الاجداد فأزهرت جنة ادابه واينعت وهذه فاكهة من ثمارها قيلت فى الليلة الحادية عشر من شهر ربيع الاول سنة 1342 ذكرى المولد النبوى الشريف  .
                 حدى بى الى جمعها ونشرها ما حازته من الاستحسان فأحببت الا يفوت النائين استنشاق هذه الزهور التى تتسرب رائحتها الى الافئدة والقلوب فتنعشها والذكرى تبعث الذكرى .
                                                                   الناشر : سليمان كشة
                                                        ام درمان فى 15 نوفمبر 1923 )
                 بين القوسين اعلاه نص المقدمة التى كتبها سليمان كشة لكتاب ( نسمات الربيع ) نقلتها حرفيا من مؤلفه ( سوق الذكريات ) الجزء الاول ص 128 ، ومن بين هذه المقدمة اجتزأ على عبد اللطيف من سياقها عبارة ( شعب عربى كريم ) محتجا على سليمان كشة بأنه كان يجب ان يكتب شعب سودانى كريم بدلا من ذلك ، والتقطت الباحثة اليابنية يوشيكو كوريتا هذه الواقعة دون ان تتعمق فى بحث جوانبها وبنت عليها فى اطار بحثها عن مصادر الثورة السودانية من خلال دراستها لعلى عبد اللطيف ، اساسا لصراع قائم حول الهوية فى عشرينات القرن العشرين ، واتخذت من سليمان كشة رمزا للطرف العربى فى هذا الصراع ، واتخذت من على عبد اللطيف رمزا للطرف الزنجى .

                 ومن ثم سار ركب طويل خلف طرح يوشيكو كوريتا هذا دون ان يكلف نفسه بأعادة النظر فى مدى واقعية هذا الطرح ولو بالبحث عن اجابة لسؤال بسيط وهو : كيف يمكننا ان نتيقن من وجود مثل هذا الصراع لو لم يقم سليمان كشة بذكر هذه الواقعة ضمن تسجيله للرحلة التى صاحبت جمع وطبع ونشر وتوزيع مادة كتاب ( نسمات الربيع ) ؟

                 لقد حذق سليمان كشة ارسال اشارات من خلال كتابته لوقائع تاريخية معينة عسى ولعّل ان تصل بنا الى حقائق مرجوة ، ففى تصديره لكتاب سوق الذكريات الجزء الاول ، يشير الى ماضى اكتنفه الغموض لعوامل واسباب شتى حالت دون جلائه ، وينبه بضرورة اشتغال الباحثين بالمعالم والنقاط التى تلقى ضوءا على تاريخ تلك الحقبة والتى حسب احاطته بها قدمها فى جرأة رائدها حسن النية وجلال الطلب ، واستجابة لهذا التنبيه تقتضى الضرورة ان نعيد قراءة الاهداء اعلاه بالدقة المطلوبة للبحث عن الحقائق الكامنة خلف المعالم والنقاط التى اشار اليها ولن يتأتى لنا ذلك الا بطرح الأسئلة حول كل كبيرة وصغيرة.

                 واولى الاسئلة التى تفرض نفسها : من هى الجهات المقصودة بالاهداء والتى اشار اليهم بشكل غامض  بواضعى لبنات صرح النهضة الادبية و بالنفوس الطامحة للتقدم و الفلاح و بالقلوب النابضة بحب البلاد و بالضمائر الحية النقية والمخلصين الاوفياء ؟

                 ومن هم القائمون بواجب الجامعة القومية والرابطة السودانية ؟ وما هى مبادىء وافكار واهداف هاتين المنظمتين اللتين تبرزان بوضوح تام من خلال سياق اهدائه ؟

                 والسؤال الذى قد يشفى  كثيرا من غليل نوايا ورغبات ركب يوشيكو كوريتا :  لماذا قدم سليمان كشة فى اهدائه كل هذه المنظومات  على الشعب العربى الكريم  ؟ وكيف نعتبره شكلا استعلائيا جسّد اقصاء الآخر السودانى ، و المناسبة مصدر الكتاب كانت مناسبة دينية اسلامية لنبى عربى  والكتاب جهد لعرب سودانيين ؟ اللهم الا اذا كان المراد هو اقصاء عرب السودان من الاسهام فى هذا الوطن .

                لقد حمّلت يوشيكو كوريتا ومن سار فى ركبها على عبد اللطيف وسليمان كشة اكثر مما احتملته الواقعة ، فكلا الرجلين كان انتماؤهما التنظيمى جامعا بين صفوفه كل اعراق السودان ، وكلا الرجلين يتمتعان بثقافة عربية اسلامية واحدة مثلهما فى ذلك مثل ركب يوشيكو الذين استطاعوا عبر هذه الثقافة ان يصعدوا نجوما مبدعة فى سماء هذا الوطن سواء فى الشعر او الرواية او غيرهما .
                 
                

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...