لو عادت الايام قرونا بعيدة للوراء بيوليوس قيصر فمن المرجح انه سيقوم بأرسال بروتس ومن معه على ظهر مركب مثقوب فى مهمة عاجلة الى الاسكندرية ، ولو عادت قرونا عديدة للوراء بمارى انطوانيت لتعلمت ان الخطابة هى ( الكفاءة العالية فى رفع الكذب الى مرتبة الطرب ) وعلّقت على ثورة جموع الجوعى والفقراء مرددة عبارة ( ليس بالخبز وحده يحيا الانسان ) حتى لا تدخل التاريخ من بوابة غبائها الذى صوّر لها عالما افتراضيا لمطابخ الفقراء متماثلا مع بدائل مطبخها ، ولو عادت الايام للوراء بالكثيرين فى عصرنا الحالى لتبدلت شواهد قبور ولافتات شركات وعناوين كتب .
لكن الايام لن تعود للوراء ، نحن الذين نعود اليها بين الحين والآخر بحثا عن اسباب شقائنا او حزننا او سعادتنا التى عشناها آنذاك ، وقد نجد فيها ما يشفى فضولنا ، ولكن كيف نشفى فضولنا حين تغيب علينا حقائق السقوط المروع لزعامات ودول ظلت تشهدها منطقتنا آنا بعد آن ، ما يخصنا من سيناريو السقوط قد نجد له اكثر من مفتاح لما اغلق علينا وقتها وقاد اليه ، ولكن كيف العمل حينما نجد ان خلف ابواب الداخل ما زال الغموض يتربع ساخرا يمد الينا لسانه ؟
تسارع الاحداث فى تونس ، ومشاهدها الدامية والمدمرة ، ومليشياتها الفجائية والطارئة على اختلاف اجندتهم ، وصعود وهبوط رموز سياسية من ذات منظومة الحكم ، تجعل من تونس لوحة سريالية يزيدها غموضا الخروج الدرامى لزين العابدين بن على ويزيدها غموضا اكثر وصوله الى ملجأ هو تجسيد حى ل ( صم بكم عمى ) او بعبارة اكثر مأساوية قبر مؤقت ، فماذا لو امتدت به الايام قليلا للامام وتمكن من ان يقول شيئا ، فهو بلا شك مفتاح هام لكشف سر هذا السقوط المريع ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق