الثلاثاء، 18 يناير 2011

سفينة نوح


                     عقد فى النجف بالعراق مؤتمرا لحوار الاديان بين مكونات العراق الدينية ، ورغم ان المؤتمر استهدف الوصول الى تعايش سلمى بين مختلف الوان الطيف الدينى والمذهبى فى العراق الا انه وللغرابة كادت ان تعصف به لاختلافات حول موقع رسو سفينة سيدنا نوح عليه السلام ، فسامى البدرى احد علماء الشيعة بالعراق قدم بحثا للمؤتمر اشار فيه الى ان استواء سفينة نوح كان فى النجف مؤكدا ان البشرية بعثت من جديد بعد الطوفان العظيم انطلاقا من ارض النجف ، ورد الملا عبد الله الملا سعيد رئيس اتحاد علماء مسلمى كردستان من خلال البحث الذى قدمه للمؤتمر ان تحليلات الباحث البدرى تتناقض تماما مع المسلمات والمعطيات العلمية التى تدعمها بحوث ودراسات اكاديمية تؤكد ان جبل الجودى الذى استقرت عليه سفينة النبى نوح عليه السلام يقع فى كردستان تركيا .

                     من الوهلة الاولى تلوح للناظر لهذا الخلاف فى ظل هذه البحوث المحمومة التى لا تخلو من شبهة علاقة سياسية فى الحالتين اعلاه ، صورة مريبة تدفعه لأعادة النظر فى المسلمات التاريخية والجغرافية التى ارتبطت بقصص القرآن الكريم ،  فدفوع الملا عبدالله يبدو منشأها التاريخى مرتبطا مع تحول الخلافة الاسلامية الى تركيا على يد العثمانيين ، ويبدو انهم احتاجوا حينها الى دعم دينى يضفى قداسة الى ارض الخلافة الجديدة ، اما نظرية سامى البدرى العالم الشيعى الجديدة والتى احالت رسو السفينة الى ارض النجف ، تبدو مرتبطة بشدة مع صعود الشيعة فى ايامنا هذه ، وكلنا يعلم ما تمثله النجف لأتباع المذهب الشيعى الذى لا يقل عدد زوارهم اليها كثيرا عن عدد الحجيج الى بيت الله الحرام ، و ما تزخر به ادبياتهم عنها  وكربلاء.

                      هذا الخلاف يدعو الى اسئلة مقلقة ليس عن صحة البحوث والدراسات التى تناولت قصص القرآن الكريم وحسب وانما عن تأثير هذا النزوع الى التوظيف التاريخى والجغرافى لهذه القصص لأغراض سياسية ومذهبية على قيمة العبرة المقصودة منها ؟ وعن مغزى هذا السعى لحصرية قصص القرآن الكريم على ديار الاسلام دون غيرها رغم صراحة النص القرآنى التى تشير الى صلتها بأمم وقرون بعيدة ؟ لماذا نخشى ان يشاركنا الآخر الدينى والآخر المذهبى وايا كان هذا الآخر قداسة المكان الذى اوردته قصص القرآن ؟ الا تحقق لنا هذه المشاركة مقصد القرآن فى التعارف مع امم وشعوب وقبائل ؟

صورة لسفينة تعود لمائة الف سنة يعتقد المختصون انها سفينة سيدنا نوح
                     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...