السبت، 26 فبراير 2011

سر الخيمة


                     من الظواهر التى حيّرت الكثيرين حول العالم ، لجوء القذافى فى سنوات حكمه الاخيره على نصب خيمة صارت رمزا رئاسيا ، ومحلا لأستقبال كبار ضيوفه ، واخذ فى الآونة الاخيرة يصحبها معه فى ترحاله داخل وخارج ليبيا ، وبكامل اكسسواراتها بما فى ذلك ناقة لا تقل فى الهامها للشعر عن المرأة التى تقف دائما خلفه ، وقد يبدو تصرفه هذا استجابة طبيعية لبيئته العربية الصحراوية البارزة فى مختلف نواحى ليبيا ، ولكن المشهد يشى من زاوية اخرى بعقدة تبدو ذات صلة مباشرة بكراهيته لملوك وامراء الخليج .

                    فتقدم جماهير الثورة الليبية الذى اخذ يضيّق الخناق عليه يوما بعد يوم ، كشف استهانته بكل المبادىء والقيم والاهداف التى حملتها مشاريعه ، الاشتراكية منها والجماهيرية ، والتى اتخذت من تقدم ورفاهية الشعب غاية اهتماماتها ، واول ما كشفته ضغوطات الثورة عليه ، انه خرج فى مواجهة احداثها لا بمؤسسات دولة لها حضورها فى مسيرة تاريخ ليبيا ، وانما بتاريخه هو فى هذه المسيرة ، وبصوته وصوت اولاده ، وعنفه وعنفهم ، كأنما اربعة عقود من تاريخ هذا النظام لا يقف وراءها سوى عائلة القذافى ، ولا صوت يحكى عنها سوى صوتها ، ولا صوت بالطبع يبكى عليها سوى صوتها ، فالثورة التى  خلّفت فى كل بلد جرحا ، وشغلت بسياساتها الدنيا شرقا وغربا ، لم تكن سوى عائلة صارت محط اهتمام المنظمات الاممية والميديا العالمية .

                   هذا الغياب لرموز النظام الليبى فى هذا المنعطف الاخير من تاريخه ، كشف حقيقة المشروع الباطنى للقذافى ، والذى تجلّت فصوله الاخيرة عند تنصيبه ملكا لملوك افريقيا ، بمعنى آخر ان  ( ثورة الفاتح من سبتمبر ) بكل الزخم الذى صاحبها ، انتجت فى خاتمة مطافها ملك ملوك من طينة عصور الظلام ، لا يتورع ان يشرب بجماجم ابناء شعبه ، ولايتورع ان يقاتل شعبه بمليشيات من المرتزقة فى مشهد اعاد السيرة البشعة لتاريخ الملوك الطغاة ، بمعنى آخر ان ليبيا بصحرائها وبترولها وبحرها ليست اقل من نظيراتها فى الجزيرة العربية الا بغياب الملك والامارة ، فبدأ مشواره الى ذلك بخيمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...