ليبيا امام محك حقيقى ، فرياح الثورة هبت عليها من الغرب والشرق وحركت داخلها غضب جماهيرى يبدو فى منظور المشهد العربى الراهن ، مستصغر الشرر الذى يؤدى الى النار الكبيرة ، والمحك هنا ، كيفية تعامل السلطات الليبية بعقيدتها الجماهيرية مع الجماهير الغاضبة او الثائرة ؟
ما رشح منها حتى الآن يشير الى ان الجماهيرية بدأت قتالها مع الجماهير ، وايا كان تصنيفها لهذه الجماهير الغاضبة ، فلن ينفى ذلك ان ثمة مواطنين ليبيين خارج منظومات النظام الليبى اخذت تنادى بحقوق ومطالب لا توفرها اطره القائمة ، فلماذا لجأت السلطات الليبية من اول صرخة لهذه الجماهير الى اتخاذ موقف مدافع عن السلطة مثلها فى ذلك مثل سابقاتها فى تونس ومصر ، وهى التى بشّرت بعصر الجماهير ؟ ما الذى منعها من التواصل مع هذه الفئة من الجماهير الليبية التى خرجت طوعا او كرها او غير ذلك ، واهدت للنظام مساوئه ؟
يبدو ان الانظمة العربية على اختلاف طيفها السياسى والفكرى والعقائدى ، متوحدة تماما فى نظرتها المتعالية نحو جماهيرها ، ومتوحدة تماما فى اساليب تعاملها معها فى حالة السلم التى تؤدى الى ثورتها ، ومتوحدة تماما ايضا فى اتباع النهج المؤدى وبشكل حتمى الى سقوطها عاجلا او آجلا فى حالة الثورة ، كأن عقل السلطة العربى فى تعاطيه مع مطالب الجماهير وبحكم طبيعته المركزية القابضة لا تتسع مداركه الا لرضوخ الجماهير لحكمه ، ولا بديل له سوى مقاتلتها حتى لو ادى ذلك الى انقسام شعبه وانزلاقه الى حرب اهلية تطيح بالدولة قبل سلطته .فالى اين تتجه ليبيا مع هذه الشرارات التى اشتعلت فى بعض مدنها ؟ هل ستتجه فى خطها الجماهيرى وتفتح ابوابه لتتسع لأطياف شعبها الاخرى ام تمضى فى خط شمولى يفضى بها الى الحريق ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق