الثلاثاء، 8 فبراير 2011

بعد الرحيل


   
                     ليلة الامس كانت صدمة قاسية لشمال السودان ، فبعد اكثرمن نصف قرن من الزمان ، اتضح ان حصيلته فى الوجدان الجنوبى وفى العقل الجنوبى وفى مصالح الجنوبى ، اقل من 2% ، كل هذا الشمال الكبير برغم روابط الجغرافيا و صلات اللحم والدم ، لم يستطع ان يحرز فى نتيجة استفتاء حر ونزيه وشفاف سوى اقل من 2% ، ان تكون شماليا ولا تسوى فى نظر من شاركك السكن فى هذه الارض ردحا طويلا من الزمن سوى 2% فما عليك سوى ان تقبل هذه النتيجة القاسية بصدر رحب وبعقل ملؤه التقدير والاحترام للأنسان الجنوبى الذى تحمّل هذا العبء عقودا طويلة .
                      نتيجة قاسية بلا شك ، ولكن ما هو اقسى منها ان تعلم ذات مساء ان حدود عطائك تجاه جزء عزيز من ارض الوطن لم تصل حتى الى نسبة 2%  ، ونكتشف فجأة اننا خلال هذا التاريخ الطويل من التعايش  لم نحفظ حتى الآن اغنية جنوبية و لم نعرف حتى الآن كيف نؤدى رقصة جنوبية ولم نعرف من نجوم الجنوب المبدعين سوى قلة . وقلة من اهل الشمال يعرفون كثيرا عن اهل الجنوب اما البقية الغالبة فرغم اتفاقيتى اديس ابابا ونيفاشا فلم يستطيعوا ان يقيموا على الصعيد الاجتماعى علاقات تدعو فى هذه الايام الى الم الفراق ، لهذا ايضا أتى الانفصال نتيجة حتمية .
                      مرايا هذا الوطن خادعة ، وصورتنا جميعا عليها ليست حقيقية ، فلننظر الى البعد المخفى من الصورة ، ونعيد النظر كرتين وثلاثة واربعة حتى لا نفاجا بنتائج مماثلة فى المستقبل القريب ، فثمة نوايا كامنة خلف هذه الصورة تبدو متصادمة تماما مع وحدة مظهرها ، ونوايا اخرى خارج اطار الصورة تسعى لتفكيكها جزءا جزءا ، واعدة كل طرف بجبل وسهل وبحر .
                      ولأخوتنا فى الجنوب لا يملك المرء سوى التهنئة والامل فى غد يربطنا معا كالنيل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...