الاثنين، 21 فبراير 2011

طوق النهايات


                     خطاب سيف الاسلام القذافى ليل امس ، لا يختلف فى مضمونه وتوقيته عن خطابات سابقيه فى تونس ومصر ، فالسمة الغالبة عليها ، انها لم تدرك حقيقة تهاوى انظمتهم الا فى لحظات السقوط الاخيرة ، وحتى فى هذه اللحظات ظلّ هم الحفاظ على السلطة عند ثلاثتهم مقدما على الوطن والمواطنين ، و لا يفضح موقفهم هذا نواياهم المتصادمة مع فكرة التداول السلمى للسلطة فحسب وانما نظرتهم المتعالية للآخر الوطنى والتى تجرده حتى من حق الرأى و المشاركة والاسهام فى بناء وطنه ، وهو موقف يكرّس وفى كثير من الصلف مبدأ الوصاية على الشعب ، ويشدد من جانب آخر طوق العزلة علي هؤلاء الحكام .

                    وما يدعو للغرابة ، هذه المكابرة والاصرار على اعتبار الحالة التونسية امرا مغايرا لما يجرى فى بلادهم رغم ان ما انتهت اليه الثورة فى مصر اثبتت خطل نكران اركان النظام المصرى آنذاك لصحة الآراء التى اكدت وحدة المصير على الاقل بين حسنى مبارك وزين العابدين بن على ، ولم يشفع للرجلين تاريخ طويل من المواقف والانجازات الماثلة للعيان ولا المخاوف التى ساقوها  لمنع الرحيل ، تماما كما لن تشفع للقذافى انجازاته التى عددها نجله سيف الاسلام والمخاوف التى ساقها  من ايقاف حتمية الرحيل ، انها فى مجملها تمثل طوق النهايات.

سيف الاسلام القذافى
                    انه سيناريو يبدو فى احد وجوهه اشبه بمسرحية لشكسبير نصها ثابت ومسارحها متعددة والاختلاف الوحيد يتجلى فى الاخراج وادواته وان كانت ادوات الاخراج فى المشهد التونسى والمصرى واحدة ولن تختلف عنها فى ليبيا التى حذت خطى سابقتيها النعل بالنعل ، فحكومات هذه البلدان الثلاثة ، تحوّلت مع اول شرارة لمواطنيها  الى حكومات شبيهة بحكومات الاحتلال ، التفتت الى ادوات القمع قبل ان تلتفت الى مطالب مواطنيها والنظر فيها بمسئولية تمليها عليها حقوق الوطن والمواطنة بأعتبارها راعية لكل مواطنيها وليس لمنسوبى احذابها الحاكمة فقط ، من هنا يبدو تصرف هذه الحكومات مع ثورات شعوبها ايا كانت المبررات التى ساقوها تصرفا منافيا للوطنية ، وكان من الطبيعى ان تستعدى عليها الجيش ، القوى الفاعلة فى العالم الثالث والتى تقوم عقيدته على حماية المواطنين والوطن ، وليس حماية  سلطة انتجت سياساتها وضعا شديد الخطورة على ليبيا وهذا وحده يكفى مبررا للجيش كى يتدخل ليزيل مسببات هذا الوضع .

                   سيف الاسلام القذافى عقل ليبى عصرى تخطته الاحداث ، وقلب ممتلىء بحب وطنه والخوف على وحدته ولكن وحدة ليبيا ستحميها ارادة شعبها ووعى عقلائها الذين تزخر بهم مكونات الشعب الليبى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...