الأربعاء، 29 يونيو 2011

حكايات الثروة والسلطة


                   


                    اكثر الحكايات تداولا فى المجالس على امتداد العالم وعلى مر الازمان هى حكايات الثروة والسلطة ، وذاكرة التأريخ تحتشد بأكثرها اثارة ومرارة الى حد الانفجار ، وتبدو فى مجملها حينما تلتحف بحقائق دامغة معيارا دقيقا على مدى نزاهة الحكومات واصحاب الثروات ، فأما خضعوا للعنة تطاردهم منذ ان وضعوا ايديهم عليها والى الابد واما ظلوا محل احترام وتبجيل تتوارثه الاجيال جيلا بعد جيل .

وملكيات الاراضى فى هذه الحكايات تبدو الاكثر شيوعا لتجلى قدرة الثروة وقوة السلطة فى حيازتها ، وبالتالى تبدو هذه الحيازة مولودا ناتجا من تزاوجهما لا يكتسب شرعيته الا بناءا على نزاهة الاجراءات التى افضت بملكيتها الى شخص ما او جهة ما ، وهى ملكية مماثلة لشهادة ميلاد الابناء لا يستطيع اى قانون مهما اتقن فن الألتفاف والمناورة ان ينتزع نسبة الأبن الى امه وابيه ايا كانت حججه المبيّتة .

                    قد يبدو مفهوما ان تلجأ سلطة ما الى توظيف الارض لصناعة ثروة تسندها عبر جهة ما او شخص ما ، ولكن حتى المستعمر المحتل لم يتغوّل على اراضى
   المواطنين القائمة سواء بالحيازة او الملكية لصناعة هذه الثروة ، وحتى اذا اقتضت المصلحة العامة - الزريعة التى تلجأ اليها العقول العاجزة عن خلق مصالح جديدة - لنزع هذه الاراضى ، فأن السلطات كانت تسعى لتعويض اصحابها اراض اضعاف مما انتزع منهم وفى مواقع طبيعتها قريبة من طبيعة الاراضى التى فقدوها بالاضافة الى تعويضات مالية مقبولة .

                              ولكن كيف للمرء ان يفهم ان تقوم سلطات الأستثمار بسن قانون يمنحك الارض بيد وينزعها منك بيد اخرى ليمنحها لآخر عرضة لأن تنتزع منه ايضا بموجب ذات القانون الذى منحه ذات الارض ، ويفقد بموجب هذا النزع المحمى بنص القانون اضافة للأرض التى رمى عليها آماله ، امواله التى ادخرها بعرق جبينه وصرفها على هذه الارض التى اصبحت استثمارا مضاعف الارباح لسلطة اراضى الاستثمار دون ان تكلفها هذه الارض الحلوب مليما واحدا ، فكل التكاليف التى ترتبت عليها منذ لحظة مسحها وحتى لحظة عرضها ، يدفعها المواطن الذى خصصت له  ، لا شك ان العقلية التى انتجت مثل هذا القانون قد تفوقت على عقلية  صناع صالات القمار بلاس فيجاس .

                    ما اشدّ سذاجتنا حين نأخذ القانون فى تفكيرنا جسما حاميا للحق والعدل ، وما اصدق عمر الطيب الدوش حين قال ( الحق فى ساحة مجزرة ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...