الثلاثاء، 21 يونيو 2011

( مصالحنا فى قيمنا )


                   الجدل الذى دار فى الكونجرس الامريكى حول مشروعية الحرب على نظام القذافى ، لم ينف ان المصالح هى العامل الرئيس الواقف خلف المواقف المؤيدة والرافضة للدور الامريكى فى هذه الحرب ، واللافت للنظر فى هذا الجدل ، هو المنظور الاخلاقى لهذه المصالح كباعث على الحرب والذى جسّدته عبارة السناتور الجمهورى جون ماكين المنافس السابق للرئيس اوباما فى سباق الرئاسة والتى تقول ( مصالحنا فى قيمنا ) ، ولأن امريكا هى وطن الديمقراطية والحريات والحقوق وسيادة حكم القانون ، تبدو العبارة متسقة تماما مع وجهة اى حرب تدور لبسط هذه القيم ، ولا يهمنى هنا مدى تطابقها مع واقع الحرب المعقد فى ليبيا بقدر ما يهمنى مصداقيتها العالية - اعنى العبارة مجردة من سياقها -  فالى اى مدى تنطبق على حالنا ؟ .



                  واقع الحال لا يحتاج الى شرح او تفسير ، فهو معلوم بحكم تاريخ طويل حافل بهدر فظيع لأنسانية الفرد هنا ، ولكن ما يحتاج فعلا للشرح والتفسير والتحقيق والبحث ، هذا الهروب التاريخى  لمعظم أولى الامر فينا من قيم تواطأ عليها العالم من حولنا ولم تخرج عن قيم ديننا وثقافتنا سواء على صعيد الحريات او الحقوق او العدالة وحفظت لأصحابها مصالحهم ، بينما هروبنا منها جرّ علينا الحروب والفتن من كل حدب وصوب واهدر دماءنا ومصالحنا ، مالذى دفعهم للهروب منها بديلا عن تنزيلها على ارض الواقع ولهم فى التاريخ تجربتين رائدتين فى عهدى العمرين ؟

                   ينسب لعبد الملك بن مروان احد ابرز خلفاء بنى امية قوله ( اسعد الناس رجل له زوج وولد لا يعرفنا ولا نعرفه فأذا عرفناه افسدنا عليه دنياه وآخرته ) تدهشنى هذه الشجاعة التى اسرّت فى كلمات بسيطة عن عقيدة الحكم والحكام فى منطقتنا منذ ايامه تلك وحتى ايامنا هذه ، ولكن تدهشنى اكثر قدرة هذه العقيدة على الاستمرار طيلة هذا الزمن الطويل هادية للعواصم العربية والاسلامية ، الثائرة منها والكامنة والخاملة  .

                  امل دنقل قال ( لا تحلموا بعالم سعيد فخلف كل قيصر يموت قيصر جديد ) ومحمود درويش قال ( لا فجر يحمله فارس قادم من نواحى الآذان الأخير ) فكل فارس هنا ( يغمد فى صدر اخيه خنجرا بأسم الوطن ويصلى لينال المغفرة ) واقول قولى هذا واستغفر الله لأمل دنقل ولمحمود درويش ولكل شهيد ومظلوم وعودوا الى قيمكم يرحمكم الله ويحمى مصالحكم .   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...