
ولكن اعداء هذه الحضارة لم يكتفوا بسيل الهجرات التى تدفقت على ارضنا من كل صوب آلية وحيدة لطمس هذه الحضارة وانما لجأوا الى التهجير اداة جديدة ترمى بهم اقلية مجردة من وسائل كسب العيش التى الفوها على ضفاف النيل منذ عصور سحيقة ، فكانت البداية مع خزان اسوان وطريده السد العالى الذى اغرق كثيرا من الارض التى شهدت ميلاد اولى حضارات البشر ولم تقف النهاية عند سد مروى ، فصار السد فى حياتنا مخزنا يستحيل الوصول بفضله الى اسرار الحضارة النوبية بدلا من ان يكون خزانا لعصب الحياة ، فاصبحت أولى حضارات الدنيا تغوص عميقا تحت الماء بين الحين والحين على مرأى ومسمع من عالم يدين لها بالكثير الكثير ومع ذلك لا يحرك ساكنا امام منهجية هذا الغرق المتعمد فى الوقت الذى تبحث فيه اليونسكو سبل حماية لكهوف لم يساكنها حتى البوم .
ونوبيو الشمال فى السودان بأرض السدود ظلوا يعيشون ويعتاشون على هذه الارض منذ ان وطأتها اقدام اول انسان و يقدرها البعض بمليون سنة ، وتشهد عليها بينات آثارية يعرفها علماء الآثار من مختلف ملل الارض ، والبينة الآثارية كما يقول عالم الآثار الامريكى ( وليامز ى آدم ) اصدق وثيقة ثبوتية للتأريخ ، فبأى حق تنتهك السلطات حقوق اقدم ملكية خصوصية فى التاريخ البشرى ؟
لا يخفى على احد ان المياه العذبة هى حرب هذا القرن ، ولا يخفى على احد ان دولة الجنوب القادمة ستكون مهبطا لمستثمرين لن يتركوا هذا النيل يظل كما كان ( لمجراه امينا ) ، فربما صار خورا هزيلا ينتظر خريفا فتيا يستعيد به شبابه شهرا او شهرين ويعنى السد هنا ، امنا وامانا للحياة بواديه ، ولكنه لا يعنى ان يستبدل حياة عمرها آلاف السنين بحياة اخرى بحق البناء او التمويل او غيرها
الحق يستوجب ويقتضى ويستدعى قرارا وطنيا شجاعا يحفظ ويعيد الحق لأصحابه ، وموقفا وطنيا شجاعا مؤآزرا لهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق