الجمعة، 20 أغسطس 2010

قراءة فى آليات الجهود الامريكية من اجل السلام فى السودان

                      يبدو العقل السياسى الامريكى فى تعاطيه مع مشاكل السودان مسكونا بخيار وحيد يتمثل فى العقوبات والحوافز كآلية وحيدة للضغط على السلطات للأستجابة لمتطلبات السلام وفق المنظور الامريكى وكانت هذه الآلية قد صاحبت رحلة المفاوضات الطويلة من ابوجا الى نيفاشا التى تمخضت عن اتفاقية السلام الشامل الموقعة فى 2005 والتى ما زالت جهود تطبيقها تمر بدروب وعرة وقاتلة احيانا وتنذر بحرب اشد ضراوة وبشاعة من الحرب التى ظلت تدور من قبل ،الا ان ما حققته الاتفاقية على الصعيد السياسى من انفراج على هامش الحريات اغرى الواقفين خلف آلية العقوبات والحوافز بأعتمادها خيارا وحيدا، اذ ظلت تشكل  لدى المؤسسات الامريكية الرسمية منها والمستقلة  حلا مضمونا متى اصتطدمت جهودهم بعقبة كؤود امام المفاوضات الجارية لأستكمال تنفيذ بنود الاتفاقية.
                    ولكن هذه الآلية تبدو فى ظل الاطار الضيق الذى تدور فيه المفاوضات بين المؤتمر الوطنى وحكومته مع الحركة الشعبية لتحرير السودان عقبة كؤود فى نظر القوى السياسية التى اقصيت من المشاركة فى المفاوضات والتى تدرك تماما ان نتائجها الاخيرة تحدد مصير الوطن ومصيرها داخله فالعقوبات المطبقة وتلك التى تلّوح بها الادارة الامريكية وتسندها فى ذلك بعض المؤسسات المستقلة المهتمة بالشأن السودانى يتسع مداها ليطال معظم السودانيين بأستثناء الجنوب بينما تبدو الحوافز قاصرة على صناع القرار فى المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية وحكومتيهما كأنما بقية مكونات الشعب السودانى اسقطت تماما من حسابات الواقفين وراء هذه الآلية .وبوعى من الادارة الامريكية او بغير وعى استقطبت هذه القوى فى صفوف اعداء اتفاقية نيفاشا او على الاقل فى صفوف الرافضين  لحجر مخرجاتها على طرفيها وهى قوى لها وزنها سواء بالشمال او بالجنوب .
                    قد يتفهم المرء حاجة الجهود الامريكية لقوى داخلية على قناعة بجدوى توجهاتها على صعيد السودان وعلى الصعيد الاقليمى والدولى وقد يبدو مفهوما ان تبذل الادارة الامريكية ما فى وسعها لتمكين هذه القوى لتصبح مصدر القرار النافذ ولكن لكى تنجز ذلك لا بد لها من توفير الشروط الذاتية والموضوعية لهذه القوى ودفع كامل مستحقاتها لتضمن شرعيتها واستدامتها واستدامة اسهامها فى توجهاتها تجاه السودان والاقليم والعالم من حوله ،اما ما لا يستطيع  المرء ان يتفهمه هو ان يعاقب شعب بأكمله نتيجة فشلها فى تحقيق هذا الهدف؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...