الخميس، 5 أغسطس 2010

حضارة غريقة تحت الماء


                       لعل المهتمين بالحضارة النوبية لاحظوا  ان معظم مواقعها من الشمال فى مصر الى الجنوب فى السودان اصبحت غارقة تحت المياه ، فمنذ بناء خزان اسوان اولا ثم السد العالى ثانيا ورغم الحملة العالمية التى قادتها اليونسكو لأنقاذ آثار النوبة الا ان جزءا كبيرا وحميما من هذه الحضارة اصبح حبيسا تحت مياه هذين السدين .

                      اما فى السودان فأن بناء خزان جبل اولياء العقيم ( بدون مشاريع زراعية او كهربائية ) اصبح مصدر تساؤل كبير عن جدواه فى هذه المنطقة التى يعود اسمها الى قرون بعيدة  ، بل يرى بعض المهتمين بتأريخ الاديان ، ان رحلة نبى الله وسيدنا موسى عليه السلام مع سيدنا الخضر ، كانت محطتها الاخيرة جبل اولياء ، فالخزان فى هذه المنطقة فيما يبدو لى ، يقوم بذات الوظيفة التى قام بها خزان اسوان من قبل والسد العالى لاحقا ، وهى غمر مواقع الحضارة النوبية بالمياه .

                   وشهدنا خلال هذا العقد الجدل الذى صاحب بناء سد مروى والذى لم تنته فصوله بعد ، ولكنه لم يتناول من قريب او بعيد اثره على احد اهم مراكز الحضارة النوبية ، وهو مركز حضارة مروى التى كانت من الاهمية بمكان ، ان خصص لها مؤتمر عالمى يأتيه العلماء المختصون فى كل ما يتعلق بالآثار والتاريخ وغيرهما ، عرف بمؤتمر روما لدراسة الحضارة المروية ، والذى ظل يعقد كل اربع سنوات الى ان انقطع عن الانعقاد مثلما انقطعت نتائج ابحاثه بشكل يدعو الى التساؤل ، عما اذا كانت خلاصة ابحاثه التوصية باقامة سد مروى ، ليبدأ حلقة جديدة فى مشروع دفن الحضارة النوبية تحت المياه فى مواقعها بالسودان ؟

                  ومع تقديرى لضرورة سد مروى و السدود المزمع بناؤها على هذا الخط ، واهميتها لحياة السودانيين خاصة مع ارهاصات حرب المياه العذبة القادمة ، الا ان مثل هذه المشاريع تقتضى الضرورة ان تسبقها حفريات آثارية مكثفة ، مصحوبة بعون فنى خارجى تحت رعاية اليونسكو ، والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة: هل تمت تغطية منطقة سد مروى ومناطق السدود المزمع بناؤها بمسح آثارى شامل وما هى نتائج هذا المسح ؟

                لكن السؤال الاهم والاكثر اثارة هو : ما الذى يخشاه العالم من هذه الحضارة حتى يسعى جاهدا لدفنها تحت المياه ؟
لا املك اجابة ولكن يبدو لى ان ان ثمة تعالى عرقى فى هذا العالم ، ينكر على الآخرين قدرتهم على صنع حضارة امتدت آثارها عبر القرون ، وستمتد الى الابد ، فالحهل ما زال يغطى مساحات واسعة من عقل الانسان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...