الاثنين، 9 أغسطس 2010

ظل لا يموت ( الجزء الثانى )

الموقف الثانى :
الاعتراف والقبول :
                    لا يستطيع المرء ان يحسب اعتراف مصر وقبولها بأسرائيل والدخول معها فى اتفاقية سلام موقفا مقابلا للموقف العربى والاسلامى الرافض لقرار التقسيم وقيام دولة اسرائيل ، فالقضية الفلسطينية لا تزال قائمة ولكن معطيات اعتراف مصر وقبولها باسرائيل اضاءت زوايا هامة فى هذا الطريق الذى تدفع المنطقة للسير فيه وشكلت فى مجملها اسئلة محرجة اجبرت العقل الوقوف عندها طويلا برغم الصعاب والمخاطر التى تحيط بها ولكن لأن هذه الصعاب والمخاطر لم تعد تعنى شيئا مع ما يدبر للمنطقة من سيناريوهات شهدنا بعضها وبدت نذر الاخرى تلوح قريبا من كل شبر فى اراضيها فأن تناولها يصبح امرا واجبا وملحا .
اضاءة اولى :
                 لقد شكل خروج مصر من منظومة الرفض العربى والاسلامى صدمة شبيهة بالصدمة التى احدثها قرار التقسيم وشغل عقل المنطقة ردحا طويلا من الزمن ومع ذلك لم يكن خروجها فى تقديرى خصما على تلك المنظومة فقد كان خروجا من جبهة عسكرية رأتها مصر بحكم تجاربها المريرة جبهة محاصرة ومكلفة وخاسرة فتركت الظل لتواجه الفيل او جبهة الشرعية التى صنعت اسرائيل ، الجبهة التى تملك القدرة الكافية لحسم الصراع الذى صنعته. وهى خطوة جريئة تنم اما عن وعى دقيق بطبيعة واطراف الصراع وبقدرتها على مواجهة تحدياته بادواته الجديدة السياسية والدبلوماسية واما ان تكون قد اعياها الصراع فودعت السلاح كارهة او طائعة وما يهمنى هنا هل حققت خطوتها هذه اى مكاسب خدمت القضية الفلسطينية وقضايا المنطقة؟
               تبدو الاجابة محاطة بقدر كبير من الصعوبة والتعقيد خاصة مع استمرار القضية الفلسطينية فى اشكالها المتفجرة ولكن المؤكد فيها ان مصر وبحكم موقعها الجديد داخل هذه الجبهة اصبحت محطة رئيسة ملمة بكل المشاريع المستهدفة المنطقة سواء اكانت حربا تلك المشاريع ام سلما وظلت تتعاطى معها بأدواتها السياسية والدبلوماسية بنهج حافظ للمصالح العربية والاسلامية وكان عطاؤها فى هذا الجانب هو الذى اعادها ثانية لموقعها القيادى وسط الامة بالرغم من علاقاتها القائمة مع اسرائيل وبالرغم من استمرار القضية الفلسطينية فى اشكالها المتفجرة.
              فأذا كانت العلاقات مع اسرائيل لم تمنع استمرار علاقة العرب والمسلمين مع بعضهم البعض وان يتبادلوا المصالح فيما بينهم فهل بعد هذا يحتاج المرء لكبير عناء حتى يكتشف ان القضية الرئيسة متمركزة فى اجندة لا يمثل الوجود الاسرائيلى القائم فى قلب المنطقة سوى معبر لها .
اضاءة ثانية :
              بما ان الارض ظلت تلوح فى الافاق محورا رئيسا فى الصراع فقد شهدنا عودة الاراضى المصرية المحتلة لسيادتها مرة اخرى دون اى حشد عسكرى وبغض النظر عن دلالات عودة هذه الاراضى فأن الحقيقة الساطعة هنا ان الارض ليست محورا فى هذا الصراع طالما ان عودتها قائمة بشكل او بآخر وفقا لشروط بعينها ، فالشروط التى اعادت اراضى مصر المحتلة لسيادتها مرة اخرى قادرة على اعادة الاراضى العربية المحتلة للسيادة العربية وقادرة اذا اتسعت المصالح التى تنتجها ان تطال الوجود الاسرائيلى ايضا فلعبة الارض تبدو لدى الغرب لعبة ناجحة فى الضغط على الدول والشعوب التى لم تلحق بركب الغرب الحضارى كما بان ذلك جليا فى الحراك الدائر بين امريكا والصين حول تايوان.
اضاءة ثالثة :
ان التزام مصر باتفاقها مع اسرائيل على مدى اكثر من ربع قرن من الزمان دون اى خروقات تذكر يبدو فى احدى دلالاته انه لم يؤد الى اى تغيير فى شخصية مصر العربية الاسلامية بالقدر الذى جسدته مخاوف منظومة الرفض العربى والاسلامى وصعدت به كاحد محركات الصراع ، بمعنى آخر ان الوجود الاسرائيلى غير منتج دينيا وثقافيا فى وسط عربى اسلامى او بمعنى ادق ، هذه الامة محصنة بدينها الحق وبثقافاتها من اى اختراق وتكفى فترة الاستعمار بكل طولها وثقلها شاهدة على ذلك والحمد لله الذى تكفل بحفظ الدين.فاذا كانت مصر الدولة الاكثر حداثة من بين الدول العربية والاسلامية ظلت على مدى ربع قرن ويزيد محافظة على شخصيتها دون ان تتأثر بتبعات علاقاتها مع اسرائيل فى ظل العزلة  العربية والاسلامية التى فرضت عليها نتيجة لهذه العلاقة فأن المخاوف القائلة بخطر الاستلاب الدينى والثقافى غير واردة فى هذا الصراع ولا هى واردة فى نشاط هذه الامة عند تواصلها مع الاخرين وكان نبينا نبى الرحمة عندما اقام مدينته فى سنوات الدعوة الاولى جعل فضاءها العام متاحا للآخر المسيحى وللآخر اليهودى وللآخر المجوسى وللاخر اللادينى جنبا الى جنب مع المسلم  وظل ذلك المسلم رغم حداثة عهده بالاسلام يعيش فى فضاء يعج بمختلف الاديان و الاعراق والعادات والتقاليد ومع ذلك لم يستطع هذا الفضاء المتعدد والمتنوع ان يهز قناعته وايمانه فى صدق ما جاء به دينه ولم يستطع ان يحد من نموه وانتشاره فمن اين جاءت هذه المخاوف التى ظلت تتخذ موقفا ثابتا معاديا للآخر ؟ ايا كان مصدر هذه المخاوف فأن رفض الآخر يبدو علة هذه الامة القاتلة ويبدو المكمن الاساسى لأستهدافها لا كزريعة كما يبدو فى الظاهر ولكن لأن الاجندة التى تقف وراءه تكون فى حالة صدام مع اكثر وجوه الدين سماحة وتواضعا وهو وجه التعايش وبالتالى تكون فى حالة صدام مستمر مع انسانها المسلم المتمسك بدينه الحق ومع غير المسلم وتكون كذلك فى حالة صدام مستمر مع العالم المحيط بها لأن مصالحه تقتضى ان يكون الفضاء العام لأى بلد متاحا للاخر بكل محموله باعتباره الضامن الاقوى لتبادل المنافع ومن هنا تبدو هذه الاجندة مهددا رئيسا لشعوبها وللعالم لذلك يلحظ المرء ان محاولات استهدافها من الداخل تاتى مصحوبة دائما بعون خارجى ومحاولات استهدافها من الخارج تاتى مصحوبة دائما بعون داخلى بما فى ذلك قيام دولة اسرائيل، ويتجلى هنا عظم المأزق الذى تعيشه هذه الامة فمعظم الدول العربية والاسلامية ان لم تكن جميعها هى دول تعدد وتعانى فى داخلها من الصراعات الاثنية والعرقية والمذهبية الا انها عجزت فى ادارة تنوعها رغم ارثها فى ذلك النهج العظيم فى ادارة التنوع الذى تركه نبى الرحمة حينما كان قائما على المدينة وظل هذا العجز يتجسد فى سلسلة طويلة متكررة لصراع دموى حول السلطة خلف مجازرا وحروبا وصمت تاريخها بالعنف والانتهاكات حتى قبل قيام دولة اسرائيل.
اضاءة رابعة :
                ان اكثر ما يشغل عقل المرء انه وبالرغم من وجود علاقات شاملة مع منظمة الامم المتحدة وعلاقات واسعة مع الغرب وعلاقات هنا وهناك مع اسرائيل الا ان القضية الفلسطينية لم تراوح مكانها فكيف اخفقت هذه الارادة العريضة المجتمعة فى هذه العلاقات ان توجد حلا للقضية الفلسطينية ؟ تحتاج الاجابة النظر فى ثنايا هذه العلاقات وهى مهمة شديدة الصعوبة والتعقيد لما يحيط  جوانبها كثير من دواعى الخصوصية وان شئت السرية ولكن المؤشرات الخاصة بقضية فلسطين يمكن تبينها بوضوح فى :.
(أ) منظمة الامم المتحدة :
ان اكثر ما يثير السخرية فى تاريخ العلاقات مع منظمة الامم المتحدة ان الدول العربية والاسلامية بما فيها دول الرفض ارتضت ان يجمعها مبنى واحد باسرائيل بأعتبارها دولة قائمة ذات سيادة ومعترف بها من الاسرة الدولية وحملوا فى ذات الوقت موقفهم الرافض لوجودها على الارض او بمعنى ادق موقفهم الرافض لشرعية قرارات المنظمة التى ارتضوا الانضمام اليها ليحتموا بشرعية قراراتها لذا لم تخرج مساعيهم منذ تأريخ انضمامهم اليها وحتى يومنا هذا عن حدود ما خطه قرار التقسيم وعجزوا لاحقا وحتى الآن عن تحقيق ما خطه قرار التقسيم .
              فاذا كان فى علم الدول العربية والاسلامية ان منظمة الامم المتحدة هى التى اصدرت قرار التقسيم وقيام دولة اسرائيل وقامت بمنحها العضوية الكاملة باعتبارها دولة مستقلة ذات سيادة يرفرف علمها فى سارية متساوية مع ساريات اعلام الدول الاعضاء وتحظى بكافة الحقوق الواردة فى مبادىء المنظمة ومع ذلك ارتضوا الانضمام اليها ليكونوا بذلك ملتزمين بكافة مبادئها التى من ضمنها الالتزام بحق اسرائيل فى الوجود ضمن حدود آمنة واذا كان قد ثبت لهم من خلال حراكهم حول هذا الامر داخل المنظمة  ان الوجود الاسرائيلى اصبح شرعية دولية يحظى بكافة الحقوق والمساندة ومع ذلك استمروا بها ، فأذا كان علمهم السابق بموقف المنظمة من الوجود الاسرائيلى وعلمهم اللاحق بثبات موقفها مع هذا الوجود لم يمنع النخب العربية والاسلامية الحاكمة من الاستمرار بها فما هى القناعة التى تجعلهم يقبلون بشرعية الوجود الاسرائيلى خارج نطاق المنطقة كما نشاهد مظاهره فى منظمة الامم المتحدة حيث تصاحبهم فى المقاعد وفى عواصم العالم حيث تصاحبهم فى السفارات ومع ذلك تابى عليهم قبولها على الارض ؟ ما الذى جعل الوجود الاسرائيلى يحظى بنصف القبول او بنصف الرفض ؟ فاذا افترضنا ان قبولها فى الخارج امر اقتضته مصالح المنطقة فكيف يكون قبولها فى الداخل امرا مهددا لهذه المصالح ؟ او بمعنى آخر اذا كان القبول بشرعية الوجود الاسرائيلى فى فضاء العالم امر يحقق المصالح فلماذا اكتفوا بنصف المصالح وحرموا المنطقة من نصفها الآخر؟ الا تشى ازدواجية المعايير هنا تجاه الوجود الاسرائيلى ان الاجندة التى تقف وراء الرفض او القبول تتخذ من رفض او قبول الوجود الاسرائيلى زريعة كافية لأستمرار وجودها هى ؟ الا يبدو هذا الامر برمته حلقة مفرغة من حلقات متاهة المصيدة المنصوبة بدقة وعناية متناهية ؟ فهل تنتج مثل هذه العلاقة ما يخدم القضية الفلسطينية ؟
(ب) العلاقات مع الدول الغربية :
شهدت المنطقة علاقات وثيقة مع العديد من الدول الغربية النافذة امتدت لعقود طويلة واثمرت مصالحا كبرى ولكنها على صعيد القضية الفلسطينية لم تثمر شيئا فلماذا ؟ لست هنا فى حاجة للبحث فى طبيعة هذه العلاقات للوصول الى اجابة بقدر ما اسعى لتبيين حقيقة هامة تتلخص فى ان انظمة الدول الغربية محكومة بقانون هو ثمرة لأتفاقيات ومعاهدات ومواثيق وعهود لم تقف عند تنظيم اوجه الحياة داخل شعوبهم واراضيهم فحسب وانما امتدت مع نشاطهم الممتد فى العالم كله واكتسبت شرعية دولية داخل منظمة الامم المتحدة وان اى علاقة مع هذه الدول يفتقد طرفها الآخر فى داخله بنيات نظامهم القائم التى قادتهم ليصبحوا اكثر الدول استقرارا وقوة ويفتقد فى داخله علاقات وثيقة مع تلك الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق والعهود التى اخذت تنظم شكل الحياة فى هذا العالم ستتصادم مطالبه مع روح وشكل قانونهم او بمعنى ادق سيكون مفتقدا للشرط القانونى والاخلاقى الذى يدفع مصادر قرارهم للتجاوب مع مطالبه مهما كانت عدالتها فقط يأتى تجاوبهم بالقدر الذى يخدم مصالحهم القائمة لديه فثمة معادلة هنا يبدو فيها غياب الوازع الاخلاقى عاملا مشتركا بين الطرفين وليس هذا المهم انما المهم هو ان معظم الدول الغربية صاحبة المصالح الكبرى اذا استثنينا امريكا قبل حربى العراق وافغانستان كانت قد انتهكت حرمة اراضى المنطقة مرة بأستعمارها الطويل لها واستنزاف مواردها ومرة ثانية بخلق الوجود الاسرائيلى داخلها اضافة لموقفها الثابت والمعلن والمعضد لهذا الوجود ، فاذا كان كل هذا التاريخ العدائى لم يمنع قدرة النخب العربية والاسلامية الحاكمة من اقامة علاقات مع هذه الدول الغربية فما الذى يمنع ان تستوف هذه العلاقات كافة شروطها لتستقيم اخلاقيا وقانونيا وفق المنظور الغربى حتى تتسع دائرة المصالح التى تنتجها وتسد الزرائع امام هذا الاستنزاف المريع لأنسان وثروات المنطقة ؟ ألا تبدو فى اطارها القائم هذا مجرد علاقات انتهازية تتقاسم فيها الدول الغربية مع نخب حاكمة غصبا عن ارادة شعوبهم ثروات المنطقة التى يرزح انسانها تحت وطأة القهر والفقر؟ ألا يبدو هذا الوضع منبتا خصبا للكراهية التى نشأت تجاه الغرب واتخذت اشكالها العنيفة التى شهدناها واصبحت مهددا رئيسا يواجهه العالم الآن ؟ ومع ذلك يبقى السؤال الاكبر وهو هل يلحظ المرء داخل هذه العلاقات اى وجود للقضية الفلسطينية؟ انها علاقات قائمة على معادلة السلطة مقابل الموارد ولا تستطيع على الاقل فى الجانب العربى والاسلامى ان تؤثر فى سياسة الغرب تجاه المنطقة .
(ج) اسرائيل : 
اما على سبيل العلاقات العربية والاسلامية مع اسرائيل فتبدو فى طورها الراهن مجرد هدنة لن تصمد طويلا لشرط الاعتراف والقبول حتى لو نجحت فى دفع كافة الدول العربية والاسلامية بالاعتراف والقبول باسرائيل وحتى لو نجحت فى اقامة الدولة الفلسطينية داخل الحدود التى خطها قرار التقسيم وذلك لأن الاجندة المهيمنة على سماء المنطقة تمثل حدود الدين الذى تواضعت عليه شعوبها قرونا طويلة وهذه الاجندة بقدر ما تبدو فى ظاهرها اكثر تشددا فى تعاملها مع الآخر الدينى فهى فى باطنها اكثر تشددا فى تعاملها مع الآخر المسلم من قبل مقتل الحلاج والى ما بعد مقتل محمود محمد طه وهى ذات الاجندة التى خشى معها الفاروق عمر بن الخطاب وهو فى رحاب القدس ان تصير كنيستها مسجدا اذا صلى داخلها فأختار كى يحافظ على استمراريتها كنيسة قائمة ان يصلى خارجها فهذه الاجندة التى لم تتراءى بعد فى افق العلاقات القائمة لا يعنى انها سلمت بالامر ولكن لأن حدود العلاقات القائمة لم تصل بعد الى مكامنها فوجود سفارة اسرائيلية فى الارض العربية والاسلامية فى اطار العلاقات القائمة الآن لا يختلف عن وجودها المصاحب فى الامم المتحدة ولا عن وجودها المصاحب فى عواصم العالم وهو وجود قد تم اختباره مليا ولكن حين يبدأ الآخر فى التعاطى مع محموله تبدا اشباح الحرب فى التجمع لأن المحمول الاسرائيلى يتداخل فى شقه الدينى مع مناطق اسلامية مقدسة وهنا تكمن نقطة الصدام فهذه الاجندة لن تعترف بأى حقوق تاريخية فى ارض غطاها الاسلام فهى وان كانت ترى فى الدين عقيدتها التى تفر بها الى الله مثلها فى ذلك مثل سائر منسوبى الاديان الا ان الاسلام يحظى عندها بخاصية فريدة لا نظير لها فى الاديان المصاحبة بالمنطقة ، فمنذ ان آل الامر الى ما آل اليه فى سقيفة بنى ساعدة حتى صار عرشها الذى حملها الى مرافىء العزة والمجد والرفعة والعلو وانبسط بها فى مساحات واسعة من الارض ووسط جموع غفيرة من الشعوب وتمثل المناطق المقدسة تاج هذا العرش الذى لا يزال قائما بالمنطقة لذا فهى لن تسمح بتداول هذا التاج ، بمعنى آخر لن تسمح بأن تصير المناطق المقدسة التى ظلت وقفا على المسلمين قرونا طويلة فضاءا متاحا حتى وان كان لدين غايته التوجه لله رب العالمين لأن السماح بمثل هذا الامر من شانه ان يعود بفضاءات جميع المناطق المقدسة للحالة التى كانت عليها قبل فتح مكة وقبل الفتوحات الاسلامية فالعودة لتأريخ هذه الحالة يعنى ان المنطقة قد طوت سجلها التاريخى القائم فى قلب المنطقة قرونا عديدة . فهل تستطيع الدول التى اقامت علاقات مع اسرائيل ان تعبر نقطة صدام بهذا الاتساع الخطير وهى التى لم تستطع ان تعبر مجرد رواية محدودة الافكار ومحدودة القراء ؟ 
                   فاذا كانت تفتقد للارادة اللازمة لتعبر مجرد رواية فكيف تستطيع ان تعبر بالعالم العربى والاسلامى الى دائرة تتسع فضاءاتها لكل شىء ؟
                    هنا تبدو ازمة هذه الامة بشقيها الرافض والمعترف معلقة فى افق علاقاتها القائمة مع منظمة الامم المتحدة ومع الدول الغربية ومع اسرائيل راية بيضاء ، وتبدو هذه العلاقات القائمة مجرد مناورة قصيرة الامد تسعى خجلة لتدارى عورة هروب كلا الموقفين من مواجهة معركتهما الفاصلة سواء تلك المنتظرة على صعيد القضية الفلسطينية او تلك المنتظرة على الصعيد الداخلى ويبدو بجلاء ان كلا الموقفين لم يستوفيا شروط قيامهما فالرفض قام بلا ادراك وبلا نظام وبلا قوة ودعاة الاعتراف والقبول يفتقدون للارادة اللازمة والبنيات اللازمة للمضى لآخر الطريق وكلاهما قام وهو يحمل فى داخله علات واقعه الممزق والمحاصر ، واصبح وجودهما فى الشارع العربى والاسلامى اداة ناجعة للانقسام ومتاهة اخرى من متاهات المصيدة المنصوبة بدقة وعناية متناهية امتدت الى الانسان الفلسطينى فشقت وحدة هدفه ووحدة صفه وجرفته معها لدائرة جديدة من دوائر العنف التى ظل يرزح تحت ويلاتها عقودا طويلة من الزمن.
خاتمة : 
              ان من صنعوا هذه القضية يعلمون جيدا قدرة محركاتها العديدة القادرة على ابقائها حية ومتقدة ازمانا طويلة تظل معها شعوب المنطقة فى حالة رعب مستمر من تبعات الحرب وفى حالة رعب مستمر من تبعات السلام وهى حالة تبدو تجسيدا حيا لمعنى الحصار وقصد من وراء كل ذلك ان تعى هذه الامة عاجلا ام آجلا ان خيارها الوحيد المتاح امامها للنجاة هو العودة لأنتهاج ثقافة ( للكعبة رب يحميها اما انا فرب الأبل )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...