الخميس، 16 يونيو 2011

عصر امنى


جماهير الثورة المصرية فى حماية المتحف المصرى
                        ( فليعبدوا رب هذا البيت الذى اطعمهم من جوع وامنهم من خوف. الآية ) نص صريح بأولوية الأمن فى حياتنا ، ولكن هذه الاولوية اصبحت مسئولية خاصة بالدولة ، لها مؤسساتها واجهزتها وسلسلة طويلة من روابط مرئية وغير مرئية تقوم بمهامها ، فتعطلّت الوظيفة الامنية لدى المجتمعات اعتمادا على منظومات الدولة القائمة ، بأعتبار ان تكوين هذه المنظومات جزء من مكوناتها ، وعلى هذا تقتضى العلاقة بينهما ان تكون نوافذها مفتوحة على بعضهما البعض ، ولكن واقع الحال يعكس صورة محتشدة بالمخاوف والتوجس والكراهية وصولا الى عداء قاتل بينهما ، فأصبح المعنى بالامن والحماية هدفا لهذه الاجهزة واصبحت الاجهزة المعنية بتوفير الامن والحماية جسما مكروها ان لم تكن اشبه بعدو لدى هذه المجتمعات ، فأين تكمن العلّة؟

                       سؤال غاية فى التعقيد والصعوبة ، وتبدو الاجابة عليه اشبه ببحث عن طريق مشاة فى غابة مظلمة ، ولكن المؤكد ان العلة كامنة فى نظام الحكم ومدى فعالية اوصاله السياسية والاقتصادية والثقافية مع تاريخ وجغرافيا المجتمعات المكونة لأقليم الدولة ، والتى تبدو مظاهر تقطعها جلية فى الثورات التى اندلعت فى البلدان العربية من تونس الى سوريا ، وما يهمنى هنا هو مدى حاجة المجتمعات الى العودة للأضطلاع بوظيفتها الأمنية بوجود او بمعزل عن المنظومات الامنية الرسمية القائمة ، فى ظل الأختراقات التى شهدتها الثورات العربية ، ونجاح كل من ثورتى تونس ومصر فى استعادة هذه الوظيفة فى اوج غليان الثورة ، وكيف حافظت بذلك على سلمية الثورة التى اجبرت الجيش فى البلدين للوقوف الى جانبها .

                        يبدو المشروع مدعاة لكثير من الهواجس والأسئلة ولكن الأمن اصبح السمة الغالبة لعصرنا الحالى ، فأذا كانت التجارة والصناعة والخدمات وغيرها من النشاط الانسانى قد ادركت فى وقت مبكر قيمة الأمن العالية ، واعتمدت بجانب الأمن الرسمى على امنها الخاص حماية لنشاطها و وقاية له من اخطار خارجية وداخلية ، فالمجتمعات اولى بتأسيس امنها ، وكل المطلوب هو الوصول الى صيغة سلمية فعالة تحظى برضا وقبول مكوناتها و تنأى بها عن السلاح حتى لا تتحول الى مليشيا مهددة للأمن والسلم ، صيغة تنأى بها عن اى مخاضات سياسية وتقصر مهام العملية الأمنية فى تأمين المكان بأنسانه ايا كان واعراضه اضافة الى امواله ومكتسباته المشروعة .

                        مشروع يبدو حالما ولكن تطبيقه على ارض الواقع بدأت اولى مراحله فى المدن المسوّرة التى اخذت ظاهرتها تنتشر فى بلادنا ، وهى ظاهرة تشى بأن امن الدولة وحده لا يكفى ، فأذا كان لابد من سور يحمى ، فعلى غالبية شعبنا الذى يعيش فى مدن مفتوحة تعج شوارعها بالغرباء على مدار اليوم ، ان يبنوا سورهم الخاص بعيون رجالهم ونسائهم واطفالهم ، ويمدوا قلوبهم واياديهم لكل بيت وكل شارع سورا متماسكا يحمى حياتهم واحياءهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...